تويت
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله المذكور بكل لسان، المشكور على كل إحسان، المعبود في كل مكان، مدبر الأمور ، ومقدر الدهور، والعالم بما تكنه الصدور ، ويخفيه الظلام ، ويبديه النور الذي حار في علمه العلماء، وسَلّم لِحكمته الحكماء، وتواضع لعزته العظماء، وفاق بسعة فضله الكرماء و صلوات الله وسلامه على صاحب المقام المحمود والحوض المورود و الشفاعة و السجود للرب المعبود أشرف أهل الاصطفاء محمد بن عبد الله سيد الأنبياء، وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم الى يوم الدين . {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَالله بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة: 32] لطالما أشكل المخالفون على سجود الشيعة على التراب متخذين من ذلك ذريعة لكيل الاتهامات الباطلة نتيجة لجهلهم بحقائق الأمور, ولتدليس علمائهم عليهم , لذا ننقل لهم فتوى ابن تيمية حين سُئِلَ عَمَّنْ يَبْسُطُ سَجَّادَةً فِي الْجَامِعِ وَيُصَلِّي عَلَيْهَا : هَلْ مَا فَعَلَهُ بِدْعَةٌ أَمْ لَا ؟
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ . أَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى السَّجَّادَةِ بِحَيْثُ يَتَحَرَّى الْمُصَلِّي ذَلِكَ فَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ سُنَّةَ السَّلَفِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بَلْ كَانُوا يُصَلُّونَ فِي مَسْجِدِهِ عَلَى الْأَرْضِ لَا يَتَّخِذُ أَحَدُهُمْ سَجَّادَةً يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا . وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَسَطَ سَجَّادَةً فَأَمَرَ مَالِكٌ بِحَبْسِهِ فَقِيلَ لَهُ : إنَّهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فَقَالَ : أَمَا عَلِمْت أَنَّ بَسْطَ السَّجَّادَةِ فِي مَسْجِدِنَا بِدْعَةٌ .( 1 )
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري فِي حَدِيثِ اعْتِكَافِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله قَالَ : { اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وآله } فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - وَفِيهِ قَالَ :
مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ، فَلْيَرْجِعْ إِلَى مُعْتَكَفِهِ، فَإِنِّي رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَرَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ. وَفِي آخِرِهِ : { فَلَقَدْ رَأَيْت يَعْنِي صَبِيحَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ عَلَى أَنْفِهِ وَأَرْنَبَتِهِ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّينِ } . فَهَذَا يُبَيَّنَ أَنَّ سُجُودَهُ كَانَ عَلَى الطِّينِ . ( 2 )
وَكَانَ مَسْجِدُهُ مَسْقُوفًا بِجَرِيدِ النَّخْلِ يَنْزِلُ مِنْهُ الْمَطَرُ فَكَانَ مَسْجِدُهُ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ . وَرُبَّمَا وَضَعُوا فِيهِ الْحَصَى كَمَا فِي سُنَنِ أَبِي داود عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الْحَارِثِ قَالَ : { سَأَلْت ابْنَ عُمَرَ عَنْ الْحَصَى الَّذِي كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ : مُطِرْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ فَأَصْبَحَتْ الْأَرْضُ مُبْتَلَّةً فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَأْتِي بِالْحَصَى فِي ثَوْبِهِ فَيَبْسُطُهُ تَحْتَهُ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ . قَالَ : مَا أَحْسَنَ هَذَا ؟ . } .. وَلِهَذَا فِي السُّنَنِ وَالْمُسْنَدِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم { إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَمْسَحْ الْحَصَى ؛ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ } . وَفِي لَفْظٍ فِي مُسْنَدِ أَحْمَد قَالَ : { سَأَلْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلمعَنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى سَأَلْته عَنْ مَسْحِ الْحَصَى فَقَالَ : وَاحِدَةٌ أَوْ دَعْ } . وَفِي الْمُسْنَدِ أَيْضًا عَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم { لَأَنْ يُمْسِكَ أَحَدُكُمْ يَدَهُ عَنْ الْحَصَى خَيْرٌ لَهُ مِنْ مِائَةِ نَاقَةٍ كُلِّهَا سُودُ الْحَدَقِ فَإِنْ غَلَب أَحَدَكُمْ الشَّيْطَانُ فَلْيَمْسَحْ وَاحِدَةً } .. .
من هذا يتضح أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْجُدُونَ عَلَى التُّرَابِ وَالْحَصَى
فَكَانَ أَحَدُهُمْ يُسَوِّي بِيَدِهِ مَوْضِعَ سُجُودِهِ فَكَرِهَ لَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله ذَلِكَ الْعَبَثَ وَرَخَّصَ فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ لِلْحَاجَةِ وَإِنْ تَرَكَهَا كَانَ أَحْسَنَ . وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : { كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَهُ مِنْ الْأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ } أَخْرَجَهُ أصَحاِبُ الصِّحَاحِ : كَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَأَهْلُ السُّنَنِ وَغَيْرُهُمْ . وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ : بَيَانُ أَنَّ أَحَدَهُمْ إنَّمَا كَانَ يَتَّقِي شِدَّةَ الْحَرِّ بِأَنْ يَبْسُطَ ثَوْبَهُ الْمُتَّصِلَ . كَإِزَارِهِ وَرِدَائِهِ وَقَمِيصِهِ فَيَسْجُدُ عَلَيْهِ .
وَبذلك يثبت أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَ عَلَى سَجَّادَاتٍ أو فرش؛ بَلْ وَلَا عَلَى حَائِلٍ .
تُرى أما آن للمخالفين أن يلتحقوا بسفينة النجاة ويتمسكوا بالعروة الوثقى , ويقتدون بالشيعة بسجودهم على التراب ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 5 / ص 134)
( 2 ) صحيح البخاري (3/ 50)
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ . أَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى السَّجَّادَةِ بِحَيْثُ يَتَحَرَّى الْمُصَلِّي ذَلِكَ فَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ سُنَّةَ السَّلَفِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بَلْ كَانُوا يُصَلُّونَ فِي مَسْجِدِهِ عَلَى الْأَرْضِ لَا يَتَّخِذُ أَحَدُهُمْ سَجَّادَةً يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا . وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَسَطَ سَجَّادَةً فَأَمَرَ مَالِكٌ بِحَبْسِهِ فَقِيلَ لَهُ : إنَّهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فَقَالَ : أَمَا عَلِمْت أَنَّ بَسْطَ السَّجَّادَةِ فِي مَسْجِدِنَا بِدْعَةٌ .( 1 )
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري فِي حَدِيثِ اعْتِكَافِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله قَالَ : { اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وآله } فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - وَفِيهِ قَالَ :
مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ، فَلْيَرْجِعْ إِلَى مُعْتَكَفِهِ، فَإِنِّي رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَرَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ. وَفِي آخِرِهِ : { فَلَقَدْ رَأَيْت يَعْنِي صَبِيحَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ عَلَى أَنْفِهِ وَأَرْنَبَتِهِ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّينِ } . فَهَذَا يُبَيَّنَ أَنَّ سُجُودَهُ كَانَ عَلَى الطِّينِ . ( 2 )
وَكَانَ مَسْجِدُهُ مَسْقُوفًا بِجَرِيدِ النَّخْلِ يَنْزِلُ مِنْهُ الْمَطَرُ فَكَانَ مَسْجِدُهُ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ . وَرُبَّمَا وَضَعُوا فِيهِ الْحَصَى كَمَا فِي سُنَنِ أَبِي داود عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الْحَارِثِ قَالَ : { سَأَلْت ابْنَ عُمَرَ عَنْ الْحَصَى الَّذِي كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ : مُطِرْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ فَأَصْبَحَتْ الْأَرْضُ مُبْتَلَّةً فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَأْتِي بِالْحَصَى فِي ثَوْبِهِ فَيَبْسُطُهُ تَحْتَهُ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ . قَالَ : مَا أَحْسَنَ هَذَا ؟ . } .. وَلِهَذَا فِي السُّنَنِ وَالْمُسْنَدِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم { إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَمْسَحْ الْحَصَى ؛ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ } . وَفِي لَفْظٍ فِي مُسْنَدِ أَحْمَد قَالَ : { سَأَلْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلمعَنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى سَأَلْته عَنْ مَسْحِ الْحَصَى فَقَالَ : وَاحِدَةٌ أَوْ دَعْ } . وَفِي الْمُسْنَدِ أَيْضًا عَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم { لَأَنْ يُمْسِكَ أَحَدُكُمْ يَدَهُ عَنْ الْحَصَى خَيْرٌ لَهُ مِنْ مِائَةِ نَاقَةٍ كُلِّهَا سُودُ الْحَدَقِ فَإِنْ غَلَب أَحَدَكُمْ الشَّيْطَانُ فَلْيَمْسَحْ وَاحِدَةً } .. .
من هذا يتضح أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْجُدُونَ عَلَى التُّرَابِ وَالْحَصَى
فَكَانَ أَحَدُهُمْ يُسَوِّي بِيَدِهِ مَوْضِعَ سُجُودِهِ فَكَرِهَ لَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله ذَلِكَ الْعَبَثَ وَرَخَّصَ فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ لِلْحَاجَةِ وَإِنْ تَرَكَهَا كَانَ أَحْسَنَ . وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : { كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَهُ مِنْ الْأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ } أَخْرَجَهُ أصَحاِبُ الصِّحَاحِ : كَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَأَهْلُ السُّنَنِ وَغَيْرُهُمْ . وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ : بَيَانُ أَنَّ أَحَدَهُمْ إنَّمَا كَانَ يَتَّقِي شِدَّةَ الْحَرِّ بِأَنْ يَبْسُطَ ثَوْبَهُ الْمُتَّصِلَ . كَإِزَارِهِ وَرِدَائِهِ وَقَمِيصِهِ فَيَسْجُدُ عَلَيْهِ .
وَبذلك يثبت أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَ عَلَى سَجَّادَاتٍ أو فرش؛ بَلْ وَلَا عَلَى حَائِلٍ .
تُرى أما آن للمخالفين أن يلتحقوا بسفينة النجاة ويتمسكوا بالعروة الوثقى , ويقتدون بالشيعة بسجودهم على التراب ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 5 / ص 134)
( 2 ) صحيح البخاري (3/ 50)