إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

العناية بالجانب الديني والأخلاقي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العناية بالجانب الديني والأخلاقي

    العناية بالجانب الديني والأخلاقي


    لا يمكن للتربية أن تكتفي بتنمية القدرات الفكرية وحسب ، بل لا بد من أن يرادف ذلك السعي من أجل إعداد الأشخاص خصوصا الفتيات أخلاقيا ودينيا أيضا . والمحيط الطبيعي لنمو الفتيات دينيا وأخلاقيا هو الأسرة ، أولا والمدرسة ثانيا والمجتمع بشكل عام ثالثا . ويجب خلال ذلك فرض نوع من الوصاية والإشراف المباشرين على طبيعة علاقات أعضاء هذه الفئة الى نهاية مرحلة المراهقة ، وحتى بعد ذلك بدرجات أخف .
    إن للدين والأخلاق تأثير إيجابي مهم جدا في حياة الفتيات الىدرجة يقول فيها أحد المشتغلين بأمر التربية : أن الكثير من الأشخاص البالغين قد برئوا من حالة الإستمناء أو الإرضاء النفسي ن حتى من النوع النفسي الخطير منها ، على أثر الإقبال على الدين الذي أحدث إنقلابا عاطفيا في حياتهم وجعلهم يبدلون حب (الأنا) بحب الله والمقدسات.
    الإرشاد الديني

    يوصي الباري تعالى في القرآن الكريم أولياء الأمور بقوله : «قوا أنفسكم وأهليكم نارا ... »(1) أي قوا انفسكم النار بالصبر على طاعة الله وعن معصيته وعن إتباع الشهوات ، وإحفظوا اهليكم من النار بدعائهم الى الطاعة وتعليمهم الفرائض ونهيهم عن القبائح وحثهم على افعال الخير .
    1) راجع مجمع البيان للطبرسي ، تفسير الآية 6 /، سورة التحريم ، ص 477 .


    ويجب أن يبتني الإرشاد والتعليم في هذا المجال على اللطف والمحبة والحوار الإقناعي ، بإعتبار إن القوة والإجبار غسلوب غير مجد في عملية التربية والإرشاد .
    الفتيات مهيئات فطريا ونفسيا ، في هذه السن لإستقبال الإرشادات والتوجيهات المعنوية والالتزام بتعاليم وواجبات الدين ، ويبدو أنه ليست هناك صعوبات كثيرة في العمل معهن في هذا المجال . يقول هاوفيلد بأنهن مهيئات بشكل اكبر لتقبل القضايا المعنوية في سني 14 ـ 16 عاما ، لأنهن أفضل إدراكا في هذه السن لمعاني الحب والعاطفة.
    رغم ما يمكن أن تنطوي عليه حالةالفتاة في هذه السن من مشاكل نفسية وإبتعاد عاطفي عن الأسرة ، الا أنها تبقى ميالة الى تقليد الأسرة في العادات والتقاليد والى الالتزام بما تلتزم به من سلوكيات وتصرفات في الحياة . ومن هنا فإذا كان الوالدان مؤمنين وملتزمين بالتعاليم الدينية ، فإن الفتاة أيضا تتبعهما في الإيمان والالتزام .
    غير أنها تميل في الوقت ذاته الى أن يكون تدينها مبنيا على فلسفة واضحة تدركها وتفهم تفاصيلها بوضوح ، لأن ذلك يثبت إيمانها ويجذره في نفسها ، ويولد لديها حالة من الإطمئنان والإستقرار النفسي ، ومن شأن الإستجابة لهذا الميل والرغبة ، بالإرشاد والتوجيه الواعيين ، أن يجعلها ينطبق عليها قول الرسول صلى الله عليه واله الذي يفيد بأن (الإيمان يخالط لحمه ودمه)(1).
    في الإستفهامات الديني

    ذكرنا إن سن المراهقة هي سن الشك والترد والإستفهام حول كل شيء،
    (1) كتاب تحف العقول عن ال الرسول .


    حتى حول القضايا العقائدية والدينية . فالفتاة تشك في هذه السن فيما إذا كانت المعلومات ، التي تلقتها من أولياء الأمور أو من الآخرين ، حول المسائل العقائدية صحيحة أم لا ؟ كما وتراودها إستفهامات عديدة حول مسائل من قبيل الجبر والتفويض ، والعقاب والثواب ، وسؤال القبر ، والحشر والحساب و ... الخ . ويجب عل أولياء الأمور والمربين المبادرة الى توضيح مثل هذه المسائل وإزالة الإبهام والغش في ذهن الفتاة بشأنها .
    ليس ضروريا في توعية أعضاء هذه الفئة دينيا ، شرح جميع القضايا العقائدية لهم على أساس البرهان والدليل المنطقي المعمق ، بل المطلوب هو الإجابة على الأسئلة والإستفهامات ، التي تدور في أذهانهم ، بإسلوب إقناعي معقول بحيث لا يبقى لديهم مجال للإبهام والغموض في هذا المجال . ومن المفيد فيإغناء المراهقين عقائديا مبادرة أولياء الأمور والمربين الى طرح الأسئلة التي يفترض أنها تراود أذهانهن ، في أوساطهم والإجابة عليها ، أو العمل على توعيتهم وإرشادهم من خلال عقد جلسات إسبوعية داخل الأسرة.
    في الأخلاق

    الأخلاق عامل لحفظ وصيانة السلوك ووسيلة لضبط العلاقات الإجتماعية . والتربية الأخلاقية تلعب دورا مهما جدا في الحفاظ عل عفاف وشرف الفتيات المراهقات من عوامل الإنحراف والجنوح ، ويزداد تأثير التربية الأخلاقية إذا كانت مقرونة ، بالالفة والإنسجام وبالإنفتاح غير المقيد على الفتاة من قبل أولياء الأمور والمربين .
    فهذه السن هي سن القلق والإضطراب السلوكي . ومن الممكن أن تتعرض فيها بعض الفتيات للجنوح الأخلاقي والسلوكي . إذن فإن الواجب يحتم على

    أولياء الأمور والمربين بذل مزيد من الرعاية والإهتمام بهن والعمل على إصلاح شؤونهن . ومن الضروري الإشراف على الفتاة وتوجيهها بغستمرار في سلوكها ، وطريقة كلامها ، ونوع لباسها ، وطبيعة علاقاتها بصديقاتها وزميلاتها وبالآخرين .
    التدليل على الثقة بهن

    قد لا يوجد عامل أكثر تأثيرا وأهمية في نمو الفتيات أخلاقيا من الإيحاء لهن بالثقة في سلامة سلوكهن وتصرفاتهن في علاقاتهن مع الآخرين . فمن الضروري بمكان أن ندلل لهن بأننا نثق بهن ونعتبر أقوالهن وافعالهن صادقة مائة بالمائة ولا تشوبها أي شائبة . إن هذه الثقة أو الشعور بها يجعلهن يترددن أكثر من مرة قبل الإقدام على ما يمكن أن يكون معيبا في السلوك والخلق السويين ،ويعد أرضية مناسبة للعمل على إصلاح سلوكهن ونربيتهن تربية صالحة .
    فبوجود الثقة المتبادلة يمكن الإشراف على شؤون الفتيات وتوجيههن في علاقاتهن الإجتماعية الوجهة الصحيحة ، والحيلولة بينهن وبين السلوك والتصرفات الخاطئة في مختلف جوانب حياتهن . وبإمكان الوالدين أن يكونا قدوة وأسوة للفتيات بأخلاقهما ، وسلوكهما ، وبقوة منطقهما ، ورزانة تصرفاتهما في البيت وفي علاقاتهما في المجتمع العام دون أن يثقلا عليهن بالأوامر والنواهي فقط . إن الحنو على الفتاة وإشعارها بأننا نريد خيرها وصلاحها يعد بحد ذاته باعثا على كسب ودها وثقتها ، وبالتالي تسهيل العمل على بنائها أخلاقيا وسلوكيا .
    ومن مظاهر ثقة الفتيات بأولياء الأمور والمربين التعامل الصادق معهم ، وتجنب حالات الحساسية والخصومة والجفاء معهم ، وعدم التردد في مفاتحتهم بمسائلهن ومشكلاتهن الخاصة وطلب العون والإستشارة بشأنها .
    الحرية المشروطة

    يمكن إفهام الفتيات عن طريق الكلام والحوار الإقناعي بأن حرياتهن

    ليست مطلقة بل محدودة بإطار مشروط ، ولا يحق لهن التحلل من الالتزامات والتصرف كما يحلو لهن ودون أي ضوابط . كما ويجب العمل على إعدادهن وتدريبهن بالتدريج على ممارسة حرياتهن والإعتماد على ذواتهن في الحياة بشكل كامل . ومن وجهة النظر الإسلامية ، يوصى بإعطاء الفتاة إعتبارا من سن ما بعد الرابعة عشر عاما مجالا أوسع في ممارسة الحرية ، وغشراكها في الأعمال والنشاطات ، وتكليفها ببعض الواجبات والمسؤوليات في الحياة ، وهذا هو معنى الوزارة في السبع الثالث من الحياة ( ... ووزير سبع سنين) .
    إن تقييد الفتيات بشدة أمر غير مستحسن ومن شأنه أن يولد لديهن صدمات نفسية ، ويؤدي بهن الى الإضطراب والعور بأنهن شخصيات مهزوزة وغير موثوق بقدراتها . ومن هنا فإن الحرية مطلوبة بالنسبة لهن ولكن ليس الى حد العصيان والتمرد ، والإستقلال بالنفس ضرورة ولكن بحسب شروط وضوابط معينة ووعي بما ينفعهن وما يضرهن .
    يكتسب الجو العائلي والأسري أهمية إستثنائية في التربية الأخلاقية ، حيث إن الكثير من حالات الإختلال والجنوح السلوكي إنما تحصل بسبب تأثير الأجواء المشحونة بالأخطاء والمشاكل . إن التوجيه الأخلاقي في ظل الأجواء القلقة والمضطربة عمل غير مجد وخاطئ بالمرة . فالفتيات عادة يقارن بين ما يتلقينه من توجيهات أخلاقية في الأسرة وبين سلوك وتصرفات الوالدين في البيت ، وإذا لاحظن أنها تتناقض مع أقوالهما وتوجيهاتهما ،فإنهن يتمردن عليها ولا يلتزمن بها !
    يجب السعي الى تعزيز إيمانهن بالأصول والضوابط الأخلاقية وتجذيرها في أنفسهن أكثر فأكثر وبالشكل الذي لا يتزلزلن أمام دواعي وعوامل الإنحراف والسقوط . وفي حال الشعور بضعفهن أمام إيحاءات جو معين ، يجب المبادرة الى

    إبعادهن من ذلك الجو ومن المفيد ، في بعض الحالات ، حتى الهجرة الى منطقة أخرى حفظا للفتاة وصيانة لعرضها وعفافها ، وهو ما يوصي به القرآن الكريم(1).
    (1) سورة النحل ، الآية 28 .

    التدريب على الحياة


    إن الهدف من جميع البحوث والدراسات والآراء والتوصيات حول ظروف النمو وكيفية التعامل مع حالاته ، إنما هي من أجل الحفاظ على سلامة الفتاة وإعدادها نفسيا وفكريا في سبيل الدخول الى معترك الحياة والعيش السليم الهادف والمتطلع نحو السمو والرفعة في ظل ظروف طبيعية.
    ومن هنا فمن الواجب تركيز جانب من الجهود والمساعي التربوية على توضيح معاني الحياة للفتاة ، وشرح الأبعاد التي تساهم في نموها وتكامل شخصيتها ، وتجنيبها مشاعر اليأس والإحباط في الحياة ،والعمل على توعيتها وتثقيفها بالواجبات والمسؤوليات التي تنتظرها في المستقبل .
    فالفتاة في هذه السن لا هي طفلة كي تبقى منغمسة في دنيا اللهو وملاعب الصبا ، ولا هي إمرأة كبيرة وناضجة كي تترك لحالها تدبر شؤونها وتعتمد على نفسها في التعامل مع مسائل الحياة. ومن هنا فإنها بحاجة الى توجيه أولياء الأمور والمربين ورعايتهم لكي تنمو نموا طبيعيا ، كما تحتاج النبتة في سبيل نموها الى نور الشمي والرعاية الدائمة لكي تنضج وتعطي ثمارها في نهاية المطاف .
    الإعداد للحياة

    من حسن الطالع إن الفتاة في هذه السن هي في وضع تميل فيه ذاتيا غلى التوصل لمستوى معقول ومنطقي في الحياة ، وأن تتمكن من تحمل مسؤولياتها الفردية والإجتماعية بنفسها في الحياة ، وأن تدرك دورها وواجباتها الجنسية في معترك الحياة الأسرية والإجتماعية.

    فهي ترغب في أن تعرف لماذا وكيف يجب أن تبادر الى تشكيل الأسرة ، وما هي الطريقة المثلى في التعامل مع الحياة الزوجية والأمومة ، وبالتالي هي تميل الى إستجلاء أجوبة كل هذه المسائل ومايشابهها ومعرفة ما يحيط بها من أسرار وملابسات ، وهي فرصة طيبة يجب إستثمارها ، على الوجه الصحيح ، في سبيل تنمية قابليات الفتاة ، نفسيا ، وفكريا ، وإجتماعيا ، وإقتصاديا ، بالشكل الذي ينضج شخصيتها ويؤهلها للعب دور إيجابي في الحياة الإجتماعية . كما إن النساء والفتايت يملن ذاتيا الى الأعمال والمهن النسائية أكثر من الأعمال الخاصة بالرجال.
    تنمية الأنوثة

    من المهم الإنتباه الى هذه المسالة وهي أننا نريد أن تكون الفتاة أنثى وتعتز بأنوثتها ، وأن تحمل في شخصيتها جميع صفات الأنوثة عن رضى وطيب خاطر ، وأن لا تنبذ أنوثتها بحيث تتمنى لوكانت ذكرا ، أو أن تتصرف على أساس الميل والرغبة بالإسترجال والذكورة.
    وينبغي عدم إغفال حقيقة إن كل من الذكور والإناث نوع حياتي خاص به بحسب طبيعتهم والدور الذي ينتظر أن يلعبوه في الحياة مستقبلا كأعضاء في المجتمع الإنساني . ويجب إحترام هذه الطبيعة والدور وتنميتهما في مجاليهما المختلفين .
    ففي سني ما بعد البلوغ ، يجب أن يتجه التركيز على التثقيف العملي ، وتكتسب مسائل الأسرة وفنون الحياة الزوجية وتربية الأطفال أهمية متزايدة في هذا المجال . إننا لا نعترض على مواصلة الفتيات لتحصيلهن الدراسي ، لكننا نعتقد ، كما يعتقد المتخصصون بشؤون المرأة ، إن الدور الأساس والواجب الأهم

    للفتيات هو تربية الأجيال وإدارة شؤون الأسرة . يقول (لامبروزو) بأن الدراسات العلمية المعمقة في مجالات الفلسفة ، والراياضيات ، والإقتصاد ، والسياسات ، والتي تصفي ذهن الرجل ، تساهم في إضعاف فراسة المرأة .
    التدريب على العمل

    يجب تجريب الفتاة ، منذ سني المراهقة على العمل ، وتشجيعها على القيام ببعض الأعمال البيتية كالطبخ ورعاية الأخوة والأخوات الصغر سنا ، وذلك من أجل أن تتمرس بالتدريج على تحمل الواجبات والمسؤوليات العملية في الحياة ،حيث إن هذه الطريقة تحمل تأثيرات إيجابية كبيرة جدا في تنمية قابليات الفتاة وإكتسابها للمهارات الضرورية التي تحتاجها مستقبلا .
    فأحيانا نجد الأمهات يتصورن خطأ أنه يجب إشغال الفتاة بالأعمال الهامشية الروتينية ومنعها من القيام بالأعمال الأخرى المهمة كطهي الطعام وما الى ذلك ، خوفا من أن تلحق بالأسرة اضرارا مادية . في حين إن تعلم مثل هذه الأعمال يعد ضرورة لا غنى للفتاة عنها في حياتها الزوجية في المستقبل من الزمن .
    ولا بد أن نسجل هنا إستثناء بخصوص عمل الفتاة في هذه السن وهو وجوب عدم الإثقال على الفتاة بكثرة الأعمال والواجبات البيتية الى الدرجة التي تأخذ كل وقتها ، وترهقها وتخلق لديها من جهة طابعا سلبيا عن المسؤوليات التي تنتظرها في المستقبل ، ومن جهة أخرى تحول بينها وبين التمتع بملذات سن الشباب ، بل يجب الأخذ بنظر الإعتبار ، عند تكليفها بالأعمال والواجبات راحتها وعدم إجهادها كثيرا ، وكذلك إعطائها وقتا كافيا للتفرغ الى نفسها وممارسة هواياتها اليومية .

    التدريب على الإستقلال

    يجب على أولياء الأمور أن يخففوا من وصايتهم على الفتاة في سني المراهقة بالتدريج ، وأن يتعاملوا معها بالشكل الذي يتيح لها المجال كي تنمو وتتطور شيئا فشيئا بالإعتماد على نفسها بعيدا عن أوامر وتوجيهات الأوبين . إن الفتاة في هذه السن هي في مرحلة الفطام النفسي ، الذي يستتبعه الإستقلال الذاتي ، ويوجب أن تتحول فيها سلطة الوالدين المباشرة الى سلطة ظل وتوجيه غير مباشرين .
    ومن المهم جدا العمل على إعداد الفتاة لكي تستقل بشؤونها بالتدريج بشكل كامل ، حيث أنه ليس من الصحيح أن تبقى متعلقة بالوالدين كالأطفال أو تنتظر أن يحلا لها جميع مشاكلها ويستجيبا لكل ما تريده وتطلبه .
    وطبيعي أنه يجب على أولياء الأمور ، وهم يعملون على تنمية إستقلال فتياتهم وتشجيع إعتمادهن على أنفسهن ، أن يشرفوا على أوضاعهن بشكل غير مباشر ليعرفوا بمن يلتقين خارج إطار الأسرة ، ومن يعاشرن ، وما هي نوع العلاقات والروابط التر تربطهن بالآخرين ، ويراقبوا سلوكهن وتصرفاتهن في المجتمع ، خصوصا نوع العلاقات العاطفية التي يمكن أن تربطهن بالأقران والمعلمات .
    وهناك بعض المشكلات يمكن أن تعترض سبيل تنمية إستقلال التفيات يجب معرفتها والعمل على تذليلها ، ومنها التعلقات العاطفية الشديدة بين الأولياء والبنات ، التي تمد بجذورها لسنوات الطفولة ، والجهل بما يدور داخل الفتاة من ميول وإنفعالات تنعكس على سلوكها وتصرفاتها رغم حرصها على إخفائها ، وبساطة البنت وسرعة تصديقها الأمر الذي يمكن أن يعرضها لمخاطر النصب والإحتيال و ...

    معالجة المعضلات

    هناك الكثير من المشاكل والصعوبات التي تعترض سبل نمو وإستقلال ونضوج الفتيات يتطلب العمل على تذليلها وحلها مزيدا من الوعي والتحمل . وبإمكان الأولياء ، خصوصا الأمهات ، الذين يتطلعون لخير وسعادة بناتهم ، ان يتواصلوا معهن بالإرشاد والتوجيه وغبداء العون والمساعدة على تجاوز مثل هذه المعضلات بنجاح . وذلك بحاجة الى جد ومثابرة وسعة صدر .
    تتاح في بعض الحالات داخل الأسرة فرص مناسبة ينبغي إستغلالها للحديث مع الأبناء ، بما فيهم البنات حول شؤون الحياة ومشاكلها وكيفية التعامل معها من خلال شرح حيثياتها وملابساتها ، وبالتالي تزويدهم بخبرات عن طرق وكيفية التعامل مع معضلات الحياة وصعوباتها ، وإفهامهم بأنه يجب عليهم من الآن فصاعدا الإعتماد على أنفسهم في إدارة شؤونهم وحل مشاكلهم .
    إن الصدمات النفسية ، التي يمكن أن تتعرض لها الفتيات في هذه السن أو في مراحل لاحقة منحياتهن ، لو بحثنا عن أسبابها فإننا سنجدها في غالب الأحوال تعود الى قلةالخبرة وعدم إكتسبا المهارات اللازمةفي التعامل مع مشكلات الحياة وصعوباتها ، لأنهن كن ببساطة فتيات عاطلات في البيت دون أي نشاط أو فعالية عملية ، وكانت الأمهات هن اللاتي يقضين حاداتهن ويتصرفن في شؤونهن على الدوام ، ولم يكن ليخطر في بال الأمهات بأن فتياتهن لابد أن يستعدن عمليا للعب دور الزوجة والأم وإدارة شؤون الأسرة في المستقبل من حياتهن الإجتماعية.
    الإعداد للزواج

    قد يعتبر بعض أولياء الأمور الحديث عن الزواج في هذه المرحلة من العمر سابقا لأوانه ، وينزعجون من سماعه أو التداول حوله ، في حين إن مثل هذا

    التصور ـ كما نعتقد ـ خاطئ بالمرة وليس في محله ، فالملاحظ إن بعض الفتيات ، في سني 14 و 15 و16 عاما ، تحصل لديهن ميول وتصرفات جنسية منحرفة بما يدل على أنهذه المسالة ليست سابقة لأوانها ومن هنا فإن التفكير بتزويج الفتاة في هذه السن وإعدادها نفسيا لقبوله ضرورة لا غنى عنها وتزداد أهمية ذلك إذا عرفنا إن الإسلام يعتبر «من سعادة المرء أن لا تطمث إبنته في بيته» (1).
    ولا ننسى أن نشير في هذا المجال أيضا الى نقطتين هامتين وهما أولا إن الفتيات في هذه السن ، رغم مايتمتعن به نمو عضوي ونفسي ، غلا انهن لسن في وضع يسمح لهن بإنتخاب الزوج المناسب لوحدهن بسهولة ، أعني أنهن لم يبلغن النضج الفكري في هذا المجال تماما ، ولابد أن يكون غلى جنبهن من يرشدهن ويساعدهن على إتخاذ القرار الذي يصب في مصلحتهن ، وثانيا إن سن التأهل للزواج هوسن بلوغ الحيض ...
    وأحيانا يحصل فاصل بين الإثنين ، ويوصف ذلك يفترةتأخر البلوغ .
    قثد تتزوج الفتاة من دون أن يحصل لديها حمل . لذا فإن النضوج الجنسي شيء جد مهم في أمر الزواج والحمل .
    إن المشكلة التي تواجه فتياتنا في هذا المجال هي طول مرحلة الدراسة في عصرنا الحاضر ، وإزدياد تعلقهن العاطفي بالوالدين ، الأمر الذي يؤدي الى تأخر زواجهن ، ويفترض عليهن تحمل كثير من المعاناة والحرمان الجنسي . وتزداد هذه المشكلة تفاقما في الحالات التي لا يلتفت فيها الأولياء لحاجة الفتاة للزواج ، ولا تجد الأخيرة فرصة مناسبة لمفاتحتهم والتعبير عن رغبتها .
    (1) النبي (ص) عن كتاب مكارم الأخلاق .


    الإقتداء بالوالدين

    إن أفضل أسلوب في التربية هو إسلوب الإقتداء . فالوالدان والمربون يجب أن يكونوا قدوة للفتيات في المعايير والمسائل السلوكية التي يدعونهن غلى الالتزام بها في حياتهن . والواقع هو أن الفتيات المراهقات ينظرن للحيان في هذه السن وكأنها نهر متلاطم الأمواج يصعب العبور منه الى الضفة الأخرى بنجاح ، ولعل واحدا من الأسباب النفسية التي تدفع بعض الفتايت الى الإنتحار أو التفكير به هو شعورهن بالعجز عن مواصلة الحياة ومواجهة مشاكلها وصعوباتها بشجاعة وإقتدار .
    وهكذا فإنهن بحاجة الى من يوجههن ويعينهن على مواجهة مجريات الحياة . فقد لا يسمح لهن غرورهن وإعتدادهن بأنفسهن طلب العون والمساعدة من الآخرين ، وحتى من الوالدين ، وهو ما يفرض على أولياء الأمور والمربين أن يبادروا بأنفسهم الى عرض خدماتهم ومساعداتهم لهن دون إنتظار أن يطلبن ذلك مهم بأنفسهن ، وإن يشجعونهن على خوض غمار الحياة بشجاعة وتفاؤل خال من الخوف والوجل .
    التوجيه وليس الفرض

    قلنا فيما مر من البحث إن شروط التربية تتغير في سني المراهقة خصوصا في المرحلة التر تلي البلوغ الجنسي . فمن الخطأ بعد الآن أن يعتبر الأولياء فتياتهم صغيرات ويتعاملون معهن إنطلاقا من مثل هذا التصور ، فيركزون جل إهتماماتهم على توجيه الأوامر والنواهي لهن ومراقبتهن فيما إذا كن يلتزمن بها أم لا .

    لابد من معرفة إن الفتيات في هذه السن لم يعدن تلك الفتيات الصغيرات اللاتي كنيخضعن في مرحلة الطفولة لأوامر ونواهي الوالدين دون أي نقاش أو إبداء للرأي . فهن الآن يعتبرن أنفسهن قد كبرن ولهن الحق في أن يبدين آرائهن بشأن جميع شؤونهن وأن يعملن يما يقتنعن به ويرينه معقولا ويصب في صالحهن ، وليس الذي يفرضع عليهن الاخرون بالقوة على شكل أوامر غير قابلة للنقاش ، وهو المر الذي يفرض على الأولياء أن يغيروا إسلوب تعاملهم معهن ويجعلوه منسجما مع أوضاعهن الجديدة ويساعدونهن ويوجهونهن بواسطة الإنفتاح الودي عليهن وبناء علاقات مبنية على الإحترام والتفاهم المتبادل معهن .
يعمل...
X