إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هل جبن علي ! _ عن المطالبة بحقه ؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل جبن علي ! _ عن المطالبة بحقه ؟

    هل جبن علي !
    ــــــــــــــــــــــ

    قد يتسائل البعض ممن يقرا التاريخ الاسلامي هل جبن علي في المطالبة بحقه وارثه بعد ان اغتصبت الخلافة منه عنوة ؟ وهل ان شجاعته الاسطورية تنسجم مع سكوته عن هذا الحق المزعوم و ان قضية امتناع امير المؤمنين ( عليه السلام ) عن اللجوء الى السيف في حسم نزاعه مع القوم من المسلمات التاريخية . فيدل ذلك حسب زعم البعض منهم على ان حقه ( عليه السلام ) كان من قبيل اعتقاد الانسان بأنه افضل القوم واولى منهم بذلك ، فيغتاض من تأخيره وتقديم غيره ممن دونه في الفضل ، ولا يصل الامر الى المناجزة والاحتكام للسيف . ولو كان هناك وصية ونص لما ترك حقه ، ولما امتنع عن تجريد السلاح في وجوههم ، وهو لا تنقصه الشجاعة والقوة ، كما تشهد له الحروب التي خاضها مع رسول الله ( صلى الله عليه واله ) ، والاقران الذين جندلهم .

    والحق ان هذا الاسلوب من التفكير والتحليل التاريخي للحدث ، يدل على قصور في النظر ، وتقصير في التتبع ، وملاحظة الامور من جهة واحدة ، وقياس الانسان الذي يعيش من اجل المبدأ ولا يتحرك الا في سبيل الدنيا ، ويستخدم كل وسيلة في سبيل الوصول الى السلطان .فأمير المؤمنين ( عليه السلام ) كان شجاعا ، الا انه لم يستخدم شجاعته في سبيل المارب الشخصية والاطماع الدنيوية ، بل كانت شجاعته في سبيل الله ، وعلى اعداء الله ، كان قويا ليستخدم قوته في سبيل اعزاز الدين واذلال الكافرين .

    لقد تميزت شجاعة علي ( عليه السلام ) وبطولته بأنها لم تستخدم ابدا لتحقيق غاية دنيوية ولا شخصية ، كان ( عليه السلام ) يملك عنان شجاعته ويتحكم بزمام قدرته ، ويحركها باتجاه رضى الله ، ونصرة دينه .
    يروى انه ( عليه السلام ) لما صرع عمرو بن عبد ود يوم الخندق تباطأ في احتزاز راسه وتوقف قبل ان يضربه ، فلما جاء سأله النبي ( صلى الله عليه واله ) عن ذلك فقال : ( قد كان شتم امي وتفل في وجهي ، فخشيت ان اضربه لحظ نفسي ، فتركته حتى سكن ما بي ثم قتلته في الله ) . (ابن شهرآشوب : مناقب آل ابي طالب 2: 132 ( ط. بيروت ) ، المجلسي : بحار الانوار 41 : 51 .)
    لقد كان امير المؤمنين ( عليه السلام ) ابرز مصداق للاية الشريفة : ( محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم ) (سورة الفتح : 29) ، وقد وصفه تعالى في آية اخرى فقال : ( يا ايها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه اذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم ) (سورة المائدة : 54) . فقد روى الثعلبي وغيره انها نزلت في علي وان لم تكن مختصة به فهو من ابرز المقصودين فيها .
    وقد أوضح ( عليه السلام ) فلسفة قعودة عن مناجزتهم في عدة مواقف نذكر بعضا منها :

    1ـ في كتابه الى اهل مصر : (... فوالله ما كان يلقى في روعي ولا يخطر ببالي ، ان العرب تزعج هذا الامر من بعده ( صلى الله عليه واله ) عن اهل بيته ، ولا انهم منحوه عني من بعده على فلان يبايعونه ، فأمسكت يدي حتى رايت راجعة الناس قد رجعت عن الاسلام ، يدعون الى محق دين محمد ( صلى الله عليه واله ) فخشيت ان لم انصر الاسلام واهله ان ارى فيه ثلما او هدما تكون المصيبة به علي اعظم من فوت ولايتكم ) (نهج البلاغة / الكتاب : 62 ..

    2ـ وقال ( عليه السلام ) بعد ان عزموا على بيعة عثمان : ( لقد علمتم اني احق الناس بها من غيري ، ووالله لاسلمن ما سلمت امور المسلمين ولم يكن فيها جور الا علي خاصة .. ) (الشريف الرضي : نهج البلاغة / الخطبة 74 .

    3ـ وقال ( عليه السلام ) في خطبته المعروفة بالشقشقية : ( لولا حضور الحاضر ، وقيام الحجة بوجود الناصر ، وما اخذ الله على العلماء الا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم ، لالقيت حبلها على غاربها ، ولسقيت آخرها بكأس اولها ، ولالفيتم دنياكم هذه ازهد عندي من عفطة عنز ) (نهج البلاغة / الخطبة 3.

    فالذي دعاه ( عليه السلام ) الى العدول عن مناجزتهم وقتالهم امور عدة :

    1ـ انه ( عليه السلام ) لم يجد من المسلمين عددا كافيا للقيام بالسيف ، وان كان يمتلك من الشجاعة ما يجعله قادرا على الوقوف لوحده ، الا ان للناصر في مثل هذا المقام موضوعية ، فان المسألة ليست مسألة انتقام ، وانما هي امارة يراد بها سياسة الناس تدبير امورهم ، فاذا عدلت الامة عن اميرها ، ولم تقف الى جانبه ولم تنصره على عدوه ، سقطت الحجة عنه وكان له القعود والاعتزال . وقد وردت نصوص عديدة تدل على انه ( عليه السلام ) قد حمل فاطمة والحسنين ( عليه السلام ) ودار بهم ليلا على بيوت المهاجرين والانصار واستنصرهم في محاولة لاستطلاع الوضع واحصاء القدرات المتاحة ، فما استجاب له الا القليل ممن لم تقم بهم الحجة .

    2ـ انه ( عليه السلام ) نظر بعينه الثاقبة الى مستقبل الاسلام ، وراى ان المجتمع الاسلامي حديث عهد بالدين ، وان الحرب الداخلية ستأتي على الاسلام من الجذور ، ولن تبقي له اثرا ، وامير المؤمنين ( عليه السلام ) يعيش هم الاسلام ، وقد رعى بذرته منذ نشوئها ، وشارك في انمائها جنبا الى جنب مع الرسول الاكرم ( صلى الله عليه واله ) ، فلا يتصور منه ان يقدم على ما يؤدي الى القضاء على الاسلام ، واي فائدة تعود عليه اذا اقدم على ذلك ؟ لاجل هذا لجأ ( عليه السلام ) الى المسالمة ، وتخلى عن حقه في الامارة والخلافة .

    3ـ واخيرا فهو ( عليه السلام ) ليس له رغبة شخصية في الامارة ولا يحرص عليها، واذا طلبها فانما يطلبها لغيرها ، يطلبها ليقيم قواعد العدل ويكرس احكام الدين ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وهذه هي مهمة الانبياء والاوصياء واهدافهم ، فاذا امكنهم ذلك قاموا بالامر وتحملوا اعباء المسؤولية ، واذا حالت دونهم الظروف وقامت امامهم الموانع والعقبات ، لم يأسوا على مافاتهم من الامارة والسلطان ، بل اعتبروا ذلك من قبيل التكليف الذي اسقطه الله بالعجز وعدم القدرة . هذا حاله ( عليه السلام ) مع قومه .

    الخلاصة
    فقد تبين ان موقف امير المؤمنين ( عليه السلام ) عندما عدل عن السيف ولجأ الى السلم لم يكن اقرار او اعترافا بشرعية الاخرين ،ولا جبننا منه وهو اشجع الخلق بعد الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم ولا يدل ابدا على بطلان حقه وسقوط اولويته وتقدمه ، ولم يكن ذلك تقصيرا في وظيفته التي حمله الله اياها. وحاله كان كحال الانبياء العظام الذين ارسلهم الله رحمة للناس ، فخذلوهم وكذبوهم ، فعاد ذلك على الناس بالسوء والضلال ونجى الله انبياءه ورفع منازلهم عنده بما صبروا وجاهدوا .والمسلمون اليوم بلا شك يعيشون ما يعيشون من الفرقة والتشتت والوهن والضياع ، لانهم لم يتمسكوا بالثقلين اللذين امرهم الرسـول ( صلى الله عليه واله ) بالتمسك بهما، كتاب الله وعتـــرة رسوله ( صلى الله عليه واله ) .
    وحالوا دونه ودون ان يكتب لهم كتابا لن يضلوا بعده ابدا ، وليت شعري هل كان سيكتب ( صلى الله عليه واله ) لهم الا الوصية بالكتاب والعترة اللذين لم يفتأ يوصي بهما في مواضع عدة حتى وافته المنية ؟

    والحمد لله رب العالمين

    قال الأمام علي بن ابي طالب عليه السلام :
    كن على حذر ... من الكريم إذا أهنته، ومن العاقل إذا أحرجته،
    ومن اللئيم إذا أكرمته، ومن الأحمق إذا مازحته، ومنالفاجر إذا عاشرته ...
    إنني ذقت الطيبات كلها، ولم أجد أطيب من العافية،
    وذقت المرارات كلها، فلم أجد أمر من الحاجة إلى الناس ،
    ونقلت الحديد والحجر، فلم أجد أثقل من الدين ...
    اعلم أن الدهر يومان، يوم لك ويوم عليك،
    فإن كان لك فلا تبطر،
    وإن كان عليك فاصبر،
    فكلاهما ‘’سينحسر’’
يعمل...
X