طريق لمعرفة المنعم : الشكر
معنى الشكر وحقيقتهقال تعالى ((قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ)) النمل : 40
الشكر عبارة عن تقدير نعمة المنعم وتظهر اثار هذا التقدير في القلب في صورة , بان يعرف الانسان ان النعم كلها من الله تعالى وانه هو المنعم وهو مسبب اسباب النعم والارزاق وهذا هو شكر بالقلب لواهب النعم , وعلى الللسان في صورة اخرى , وفي الافعال والاعمال بصورة ثالثة و تظهر بالتذلل والخضوع لهذا المنعم العظيم الذي تفضل على المخلوقات كلها وقسم ارزاقها , فالشكر هو عرفان النعمة و اظهارها و الثناء بها . وبهذا الشكر يزداد الانسان قربا الى المعطي النعم فلا يفرح بالدنيا وما فيها لان عطايا هذا الخالق الكريم اعظم و اعظم .
وتعرف حقيقة الشكر من خلال معرفة ما يقابله وهو الكفر فقابل تعالى بين الشكر والكفر , يقول السيد أبو القاسم الخوئي في تفسيره : ((والشكر مقابل الكفران , وهو لا يكون الا للانعام و الاحسان )) البيان 453
اما حقيقة الكفر هي الستر و الاخفاء على النعمة لذا قال العلامة الطباطبائي : حقيقة الشكر اظهار النعمة كما ان الكفر الذي يقابله هو اخفائها والستر عليها و اظهار النعمة يتم من خلال امرين :
1- ذكر المنعم بها لسانا وهو الثناء و قلبا من غير نسيان
من ذلك ما حكاه الله من ثناء داود وسليمان ( عليهما السلام ) بقوله تعالى : ((وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ )) النمل15
وهنا نفهم الارتباط بين الشكر و الذكر و الوجه بامره تعالى بالشكر بان لا مؤثر في الوجود غيره تعالى وان الامر كله لله و غيره لا يملك لنفسه ولا لغيره ضرا ولا نفعا حين قال تعالى (( فاذكروني اذكركم و اشكروا لي ولا تكفرون )) البقرة 152
2- أستعمال النعمة في المحل الذي اراده المنعم منها
فمن نعمه تعالى شانه على عبيده نعمة البصر وشكرها بالاضافة الى الثناء باللسان ان تصرف هذه النعمة فيما اراده تعالى منها بالاضافة الى كل النعم الاخرى كالسمع والنطق وكافة الاعضاء والحواس . قال الجرجاني ((الشكر صرف العبد جميع ما انعمه الله تعالى فيما خلق لاجله )) التعريفات ج 1 : 168
ومن هنا نفهم قوله تعالى ((فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) ال عمران : 123
وقول الامام الصادق ( عليه السلام ) : شكر النعمة اجتناب المحارم وتمام الشكر قول الرجل : الحمد لله رب العالمين )) اصول الكافي :باب الشكر
الشكر يقضي زيادة النعمة و الكفر – الجحود – يقتضي زوالها
ان البشر لو صرفوا النعم الالهية في هدفها الحقيقي , فسوف يثبتون عمليا استحقاقهم لها و تكون سببا في زيادة الفيوضات الالهية عليهم قال تعالى(لئن شكرتم لازيدنكم ) ابراهيم : 7
فلسان حاله يقول الهي , انا مناسب ولائق فزد نعمتك علي ! , واما لو صرفوا النعم الالهية في خلاف التشريع الالهي ومن يستخدم نعمة القوة في الظلم تكون سببا في الحرمان من الفيوضات الالهية فلسان حاله يقول الهي انا غير لائق لهذه النعمة قال تعالى : ((فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)) الزمر49
قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : (( اذا وصلت اليكم اطراف النعم فلا تنفروا اقصاها بقلة الشكر )) نهج البلاغة الكلمات القصار رقم 13
الشكر يفتقر الى شكر
هناك حقيقة وهي اننا في كل مرحلة من مراحل الشكر الالهي _ ان كان باللسان او العمل _سوف نحتاج الى شكر جديد لمواهب و عطايا جديدة ولذى نحن لسنا قادرين ان نؤدي حق شكره تعالى , ولذا نقرا على لسان الامام زين العابدين عليه السلام (( كيف لي بتحصيل الشكر وشكري أياك يفتقر الى شكر فكلما قلت لك الحمد وجب علي ذلك ان اقول لك الحمد )) !
وان من أثار الشكر زيادة النعمة وفورها , كما صرح بذلك القران ((لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ )) في سورة أبراهيم اية 7
وان حمد لله سبحانه من افضل مصاديق الشكر باللسان كما ورد عن ابي عبد الله (( تمام الشكر قول الرجل : الحمد لله رب العالمين ))
والحمد لله رب العالمين
عمار الشمري
المصادر
ـــــــــــ
1- الحكمة من البلاء والموقف منه للشيخ مقداد الربيعي
2- الاربعون حديثا لروح الله الموسوي الخميني قدس سره
3- الأخلاق والاداب الأسلامية لعبد الله الهاشمي