بسم الله الرحمن الرحيم
السيدة شهر بانويه بنت يزدجر
أُم الإمام السجاد زين العابدين عليهالسلام السيدة شهربانويه بنت يزدجرد بن شاهنشاه آخر ملوك الفرس (1) ، كانت معروفة النسب ، ومن خير النساء ، ومن ربّات البرّ والصلاح والعبادة والتقى ، ويكفيها فخراً أنها زوجة سيد الشهداء خامس أصحاب الكساء الإمام السبط الحسين بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام.
وقد وردت لهذه السيدة الجليلة والمخدّرة المنيفة عدّة أسماء ، منها : شاه زنان ، سلافة ، غزالة ، جهانشاه ، بَرّة ، سلامة ، خولة ، مريم (2).
السيدة شهر بانويه بنت يزدجر
أُم الإمام السجاد زين العابدين عليهالسلام السيدة شهربانويه بنت يزدجرد بن شاهنشاه آخر ملوك الفرس (1) ، كانت معروفة النسب ، ومن خير النساء ، ومن ربّات البرّ والصلاح والعبادة والتقى ، ويكفيها فخراً أنها زوجة سيد الشهداء خامس أصحاب الكساء الإمام السبط الحسين بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام.
وقد وردت لهذه السيدة الجليلة والمخدّرة المنيفة عدّة أسماء ، منها : شاه زنان ، سلافة ، غزالة ، جهانشاه ، بَرّة ، سلامة ، خولة ، مريم (2).
وقد ورد اسمها ونسبها في أُرجوزة الحرّ العاملي رحمهالله ، قال :
ويذهب بعض المؤرخين إلى أن الإمام أمير المؤمين عليهالسلام أبدل اسمها (شاه زنان) إلى (شهربانو) لئلّا تشارك الصدّيقة الزهراء بنت محمّد صلىاللهعليهوآله لقبها (4) ، لأنّ (شاه زنان) تعني سيدة النساء ، ولأن الرسالة الإلهية قد خصّت الصدّيقة فاطمة عليهاالسلام بلقب سيدة النساء وفقاً لمؤهّلات ومواصفات إلهية توفّرت فيها دون غيرها ، ولهذا قال رسول الله صلىاللهعليهوآله مخاطباً فاطمة الزهراء عليهاالسلام : « يا بنية أما ترضين أنّك سيدة نساء العالمين ؟ » قالت : يا أبت ، فأين مريم عليهالسلام ؟ قال صلىاللهعليهوآله : « تلك سيدة نساء عالمها » (5).
ويذكر بعض المؤرّخين أنّ الإمام علي عليهالسلام قد أسماها مريم تيمّناً بالصدّيقة مريم عليهاالسلام ، وهو آخر أسمائها حتىظ° تُوفّيت رضوان الله عليها (6).
تاريخ وصولها إلى المدينة المنورة :
لا خلاف بين الرواة والمؤرخين في أن أُم الإمام السجاد عليهالسلام من بنات ملوك فارس ، وأنّها وصلت إلى الإمام الحسين عليهالسلام مع أختيها ، ولكن الخلاف هو في زمن وصولها إلى المدينة المنورة ، ويمكن حصره بثلاثة أقوال ، وهي :
أوّلاً : انها وصلت إلى المدينة في زمان عمر :
ويدلُّ عليه ما رواه ثقة الإسلام الكليني طاب ثراه بسنده عن الإمام الباقر عليهالسلام ، قال : « لما اُقدمت بنت يزدجرد على عمر ، أشرف لها عذارى المدينة ، وأشرق المسجد بضوئها لما دخلته ، فلما نظر إليها عمر غطّت وجهها وقالت : أف بيروج بادا هرمز (7) ، فقال عمر : أتشتمني هذه ؟ وهمَّ بها ، فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : ليس ذلك لك ، خيرها رجلاً من المسلمين واحسبها بفيئه ، فخيرها فجاءت حتى وضعت يدها على رأس الحسين عليهالسلام ، فقال لها أمير المؤمنين عليهالسلام : ما اسمك ؟ فقالت : جهان شاه ، فقال لها أمير المؤمنين عليهالسلام : بل شهربانويه ، ثم قال للحسين عليهالسلام : يا أبا عبد الله ، لتلدن لك منها خير أهل الأرض ، فولدت علي بن الحسين عليهماالسلام ، وكان يقال لعلي بن الحسين عليهماالسلام : ابن الخيرتين ؛ فخيرة الله من العرب هاشم ، ومن العجم فارس ».
وروي أنّ أبا الأسود الدئلي قال فيه عليهالسلام :
ثانياً : أنها وصلت إلى المدينة في زمان عثمان :
ويدلّ على ذلك ما رواه الشيخ الصدوق بالإسناد عن سهل بن قاسم ، قال : قال لي الإمام الرضا عليهالسلام بخراسان : « إن بيننا وبينكم نسب » ، قلت : وما هو أيها الأمير ؟ قال : « إن عبد الله بن عامر بن كريز لمّا افتتح خراسان أصاب ابنتين ليزدجرد بن شهريار ملك الأعاجم ، فبعث بهما إلى عثمان بن عفّان ، فوهب إحداهما للحسن عليهالسلام ، والاُخرى للحسين عليهالسلام ، فماتتا عندهما نفساوين » (9).
ثالثاً : أنها وصلت المدينة في خلافة أمير المؤمنين الإمام علي صلوات الله عليه وسلامه :
ويدلُّ عليه ما رواه الشيخ المفيد رحمهالله بسنده عن أمير المؤمنين عليهالسلام من أنه ولّى حريث بن جابر الجعفي جانباً من المشرق ، فبعث إليه ابنتي ملك فارس ، يزدجرد بن شهريار بن كسرى ، فنحل الإمام علي عليهالسلام الاُولى شاه زنان إلى ابنه الحسين عليهالسلام فأولدها زين العابدين عليهالسلام ، ونحل الاُخرى إلى محمّد بن أبي بكر رضوان الله على محمد فولدت له القاسم ـ جدّ الإمام الصادق عليهالسلام لاُمّه ـ وعلى هذا فإن القاسم والإمام السجاد عليهالسلام ابنا خالة (10). والمشهور هو القول الأول ، ورجّح بعضهم القول الثاني (11).
خطوبتها عليهاالسلام :
ورد في حديث الطبري الإمامي بالإسناد عن المسيّب بن نُجبة أنّه لمّا ورد سبي الفرس إلى المدينة ، أراد عمر بن الخطّاب بيع النساء ، وأن يجعل الرجال عبيداً ... فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : « إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : أكرموا كريم كلّ قوم ... وإنّ هؤلاء قوم قد ألقوا إليكم السلم ، ورغبوا في الإسلام ، ولابدّ أن يكون لي منهم ذريّة ».
ثمّ أنّه عليهالسلام وهب نصيبه منهم لوجه الله ، وتابعه جميع بني هاشم والمهاجرون والأنصار. فرغبت جماعة من قريش في أن يستنكحوا النساء ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : « هؤلاء لا يُكرَهن على ذلك ، ولكن يخيّرن ، فما اخترنه عُمل به » ، فأشار جماعة إلى شهربانويه بنت كسرى ، فخيّرت وخوطبت من وراء حجاب ، فقيل لها : من تختارين من خطّابك ، وهل تريدين بعلاً ؟ فسكتت. فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : « قد أرادت ، وبقي الاختيار » ، فأُريت شهربانويه الخطّاب وأومأت بيدها مشيرة إلى الحسين عليهالسلام ، فأُعيد القول عليها في التخيير ، فأشارت إليه وقالت بلغتها : هذا إن كنت مخيّرة. وجعلت علياً عليهالسلام وليّها ، فأوكل حذيفة ، فتكلّم بالخطبة (12).
وقد روي عنها رضي الله عنها أنها قالت : رأيت في النوم قبل ورود عسكر المسلمين ، كأن محمّداً رسول الله صلىاللهعليهوآله دخل دارنا ، فقعد مع الحسين عليهالسلام ، وخطبني له وزوّجني منه ، فلما أصبحت كان ذلك يؤثّر في قلبي ، وما كان لي خاطر غير هذا.
فلمّا كان في الليلة الثانية رأيت أُمّه فاطمة بنت محمّد صلىاللهعليهوآله قد أتتني وعرضت عليّ الإسلام فأسلمتُ ، ثمّ قالت : إنّ الغلبة تكون للمسلمين ، وإنّك تصلين عن قريب إلى ابني الحسين عليهالسلام سالمة لا يصيبك بسوء أحد. قالت : وكان من الحال أنّي خرجت إلى المدينة وما مسّ يدي إنسان ! (13).
وعندها زوَّجَ الإمام علي عليهالسلام شهربانويه من ولده السبط الإمام الحسين عليهالسلام قائلاً له : « يا بني احتفظ بها ، وأحسن إليها ، فستلد لك خير أهل الأرض في زمانه بعدك ، وهي أُمّ الأوصياء الذرّية الطيّبة » (14).
وأُمّه ذات العلا والمجد |
شاه زنان بنت يزدجرد | |
وهو ابن شهريار ابن كسرى | ذو سؤدد ليس بخافٍ كسرى (3) |
ويذكر بعض المؤرّخين أنّ الإمام علي عليهالسلام قد أسماها مريم تيمّناً بالصدّيقة مريم عليهاالسلام ، وهو آخر أسمائها حتىظ° تُوفّيت رضوان الله عليها (6).
تاريخ وصولها إلى المدينة المنورة :
لا خلاف بين الرواة والمؤرخين في أن أُم الإمام السجاد عليهالسلام من بنات ملوك فارس ، وأنّها وصلت إلى الإمام الحسين عليهالسلام مع أختيها ، ولكن الخلاف هو في زمن وصولها إلى المدينة المنورة ، ويمكن حصره بثلاثة أقوال ، وهي :
أوّلاً : انها وصلت إلى المدينة في زمان عمر :
ويدلُّ عليه ما رواه ثقة الإسلام الكليني طاب ثراه بسنده عن الإمام الباقر عليهالسلام ، قال : « لما اُقدمت بنت يزدجرد على عمر ، أشرف لها عذارى المدينة ، وأشرق المسجد بضوئها لما دخلته ، فلما نظر إليها عمر غطّت وجهها وقالت : أف بيروج بادا هرمز (7) ، فقال عمر : أتشتمني هذه ؟ وهمَّ بها ، فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : ليس ذلك لك ، خيرها رجلاً من المسلمين واحسبها بفيئه ، فخيرها فجاءت حتى وضعت يدها على رأس الحسين عليهالسلام ، فقال لها أمير المؤمنين عليهالسلام : ما اسمك ؟ فقالت : جهان شاه ، فقال لها أمير المؤمنين عليهالسلام : بل شهربانويه ، ثم قال للحسين عليهالسلام : يا أبا عبد الله ، لتلدن لك منها خير أهل الأرض ، فولدت علي بن الحسين عليهماالسلام ، وكان يقال لعلي بن الحسين عليهماالسلام : ابن الخيرتين ؛ فخيرة الله من العرب هاشم ، ومن العجم فارس ».
وروي أنّ أبا الأسود الدئلي قال فيه عليهالسلام :
وإنّ غلاماً بين كسرى وهاشم |
لأكرم من نيطت عليه التمائم(8) |
ثانياً : أنها وصلت إلى المدينة في زمان عثمان :
ويدلّ على ذلك ما رواه الشيخ الصدوق بالإسناد عن سهل بن قاسم ، قال : قال لي الإمام الرضا عليهالسلام بخراسان : « إن بيننا وبينكم نسب » ، قلت : وما هو أيها الأمير ؟ قال : « إن عبد الله بن عامر بن كريز لمّا افتتح خراسان أصاب ابنتين ليزدجرد بن شهريار ملك الأعاجم ، فبعث بهما إلى عثمان بن عفّان ، فوهب إحداهما للحسن عليهالسلام ، والاُخرى للحسين عليهالسلام ، فماتتا عندهما نفساوين » (9).
ثالثاً : أنها وصلت المدينة في خلافة أمير المؤمنين الإمام علي صلوات الله عليه وسلامه :
ويدلُّ عليه ما رواه الشيخ المفيد رحمهالله بسنده عن أمير المؤمنين عليهالسلام من أنه ولّى حريث بن جابر الجعفي جانباً من المشرق ، فبعث إليه ابنتي ملك فارس ، يزدجرد بن شهريار بن كسرى ، فنحل الإمام علي عليهالسلام الاُولى شاه زنان إلى ابنه الحسين عليهالسلام فأولدها زين العابدين عليهالسلام ، ونحل الاُخرى إلى محمّد بن أبي بكر رضوان الله على محمد فولدت له القاسم ـ جدّ الإمام الصادق عليهالسلام لاُمّه ـ وعلى هذا فإن القاسم والإمام السجاد عليهالسلام ابنا خالة (10). والمشهور هو القول الأول ، ورجّح بعضهم القول الثاني (11).
خطوبتها عليهاالسلام :
ورد في حديث الطبري الإمامي بالإسناد عن المسيّب بن نُجبة أنّه لمّا ورد سبي الفرس إلى المدينة ، أراد عمر بن الخطّاب بيع النساء ، وأن يجعل الرجال عبيداً ... فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : « إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : أكرموا كريم كلّ قوم ... وإنّ هؤلاء قوم قد ألقوا إليكم السلم ، ورغبوا في الإسلام ، ولابدّ أن يكون لي منهم ذريّة ».
ثمّ أنّه عليهالسلام وهب نصيبه منهم لوجه الله ، وتابعه جميع بني هاشم والمهاجرون والأنصار. فرغبت جماعة من قريش في أن يستنكحوا النساء ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : « هؤلاء لا يُكرَهن على ذلك ، ولكن يخيّرن ، فما اخترنه عُمل به » ، فأشار جماعة إلى شهربانويه بنت كسرى ، فخيّرت وخوطبت من وراء حجاب ، فقيل لها : من تختارين من خطّابك ، وهل تريدين بعلاً ؟ فسكتت. فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : « قد أرادت ، وبقي الاختيار » ، فأُريت شهربانويه الخطّاب وأومأت بيدها مشيرة إلى الحسين عليهالسلام ، فأُعيد القول عليها في التخيير ، فأشارت إليه وقالت بلغتها : هذا إن كنت مخيّرة. وجعلت علياً عليهالسلام وليّها ، فأوكل حذيفة ، فتكلّم بالخطبة (12).
وقد روي عنها رضي الله عنها أنها قالت : رأيت في النوم قبل ورود عسكر المسلمين ، كأن محمّداً رسول الله صلىاللهعليهوآله دخل دارنا ، فقعد مع الحسين عليهالسلام ، وخطبني له وزوّجني منه ، فلما أصبحت كان ذلك يؤثّر في قلبي ، وما كان لي خاطر غير هذا.
فلمّا كان في الليلة الثانية رأيت أُمّه فاطمة بنت محمّد صلىاللهعليهوآله قد أتتني وعرضت عليّ الإسلام فأسلمتُ ، ثمّ قالت : إنّ الغلبة تكون للمسلمين ، وإنّك تصلين عن قريب إلى ابني الحسين عليهالسلام سالمة لا يصيبك بسوء أحد. قالت : وكان من الحال أنّي خرجت إلى المدينة وما مسّ يدي إنسان ! (13).
وعندها زوَّجَ الإمام علي عليهالسلام شهربانويه من ولده السبط الإمام الحسين عليهالسلام قائلاً له : « يا بني احتفظ بها ، وأحسن إليها ، فستلد لك خير أهل الأرض في زمانه بعدك ، وهي أُمّ الأوصياء الذرّية الطيّبة » (14).
(1) إكمال الدين وإتمام النعمة / الصدوق 1 :307.
(2) دلائل الإمامة : 196، فرق الشيعة / النوبختي : 66، المعارف / ابن قتيبة : 214، الكافي 1 : 466 باب مولد الإمام علي بن الحسين عليهماالسلام ، إثبات الوصيّة / المسعودي : 167 ، كشف الغمّة / الاربلي 2 : 101، بحار الأنوار 46 :7/ 18 ، و13 / 24.
(3) أرجوزة الحرّ العاملي عن منتهىظ° الآمال / عباس القمي 2:7.
(4) الإمام زين العابدين عليهالسلام / السيد عبد الرزاق المقرم : 14 عن دلائل الإمامة / الطبري الإمامي : 196.
(5) السيرة الحلبية / الحلبي الشافعي 2 : 6.
(6) بحار الأنوار 46 : 13 / 24.
(7) كلام فارسي : مشتمل على تأفيف ودعاء على أبيها هرمز ، تعني لا كان لهرمز يوم ، فإنّ ابنته اسرت بصغر ونظر إليها الرجال.
(8) الكافي 1 : 466 / 1 باب مولد علي بن الحسين عليهماالسلام من كتاب الحجّة.
(9) عيون أخبار الرضا عليهالسلام 2: 128 / 6 ، بحار الأنوار 36: 8/ 19.
(10) الإرشاد / المفيد 2: 138 وروىظ° الشيخ المفيد رضياللهعنه نحوه في الاختصاص : 151.
(11) اُنظر : مجلة رسالة الإمام الحسين عليهالسلام نشر مركز دراسات نهضة الإمام الحسين عليهالسلام العدد / 2 سنة 1412 5ص 246 ويتضمّن بحثا بهذا الموضوع للشيخ محمّد هادي اليوسفي الغروي.
(12) دلائل الإمامة : 194 /111.
(13) بحار الأنوار / المجلسي 46 : 11 / 21.
(14) الخرائج والجرائح / القطب الرواندي 1: 196 ، بحار الأنوار 46 :11 / 21.
عبد العزيز كاظم البهادلي