إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

السيدة شهربانويه بنت يزدجرد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السيدة شهربانويه بنت يزدجرد

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السيدة شهر بانويه بنت يزدجر


    أُم الإمام السجاد زين العابدين عليه‌السلام السيدة شهربانويه بنت يزدجرد بن شاهنشاه آخر ملوك الفرس (1) ، كانت معروفة النسب ، ومن خير النساء ، ومن ربّات البرّ والصلاح والعبادة والتقى ، ويكفيها فخراً أنها زوجة سيد الشهداء خامس أصحاب الكساء الإمام السبط الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما‌السلام.


    وقد وردت لهذه السيدة الجليلة والمخدّرة المنيفة عدّة أسماء ، منها : شاه زنان ، سلافة ، غزالة ، جهانشاه ، بَرّة ، سلامة ، خولة ، مريم (2).
    وقد ورد اسمها ونسبها في أُرجوزة الحرّ العاملي رحمه‌الله ، قال :

    وأُمّه ذات العلا والمجد

    شاه زنان بنت يزدجرد
    وهو ابن شهريار ابن كسرى
    ذو سؤدد ليس بخافٍ كسرى (3)
    ويذهب بعض المؤرخين إلى أن الإمام أمير المؤمين عليه‌السلام أبدل اسمها (شاه زنان) إلى (شهربانو) لئلّا تشارك الصدّيقة الزهراء بنت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله لقبها (4) ، لأنّ (شاه زنان) تعني سيدة النساء ، ولأن الرسالة الإلهية قد خصّت الصدّيقة فاطمة عليها‌السلام بلقب سيدة النساء وفقاً لمؤهّلات ومواصفات إلهية توفّرت فيها دون غيرها ، ولهذا قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مخاطباً فاطمة الزهراء عليها‌السلام : « يا بنية أما ترضين أنّك سيدة نساء العالمين ؟ » قالت : يا أبت ، فأين مريم عليه‌السلام ؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « تلك سيدة نساء عالمها » (5).

    ويذكر بعض المؤرّخين أنّ الإمام علي عليه‌السلام قد أسماها مريم تيمّناً بالصدّيقة مريم عليها‌السلام ، وهو آخر أسمائها حتىظ° تُوفّيت رضوان الله عليها (6).

    تاريخ وصولها إلى المدينة المنورة :


    لا خلاف بين الرواة والمؤرخين في أن أُم الإمام السجاد عليه‌السلام من بنات ملوك فارس ، وأنّها وصلت إلى الإمام الحسين عليه‌السلام مع أختيها ، ولكن الخلاف هو في زمن وصولها إلى المدينة المنورة ، ويمكن حصره بثلاثة أقوال ، وهي :

    أوّلاً : انها وصلت إلى المدينة في زمان عمر :

    ويدلُّ عليه ما رواه ثقة الإسلام الكليني طاب ثراه بسنده عن الإمام الباقر عليه‌السلام ، قال : « لما اُقدمت بنت يزدجرد على عمر ، أشرف لها عذارى المدينة ، وأشرق المسجد بضوئها لما دخلته ، فلما نظر إليها عمر غطّت وجهها وقالت : أف بيروج بادا هرمز (7) ، فقال عمر : أتشتمني هذه ؟ وهمَّ بها ، فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : ليس ذلك لك ، خيرها رجلاً من المسلمين واحسبها بفيئه ، فخيرها فجاءت حتى وضعت يدها على رأس الحسين عليه‌السلام ، فقال لها أمير المؤمنين عليه‌السلام : ما اسمك ؟ فقالت : جهان شاه ، فقال لها أمير المؤمنين عليه‌السلام : بل شهربانويه ، ثم قال للحسين عليه‌السلام : يا أبا عبد الله ، لتلدن لك منها خير أهل الأرض ، فولدت علي بن الحسين عليهما‌السلام ، وكان يقال لعلي بن الحسين عليهما‌السلام : ابن الخيرتين ؛ فخيرة الله من العرب هاشم ، ومن العجم فارس ».

    وروي أنّ أبا الأسود الدئلي قال فيه عليه‌السلام :

    وإنّ غلاماً بين كسرى وهاشم

    لأكرم من نيطت عليه التمائم(8)

    ثانياً : أنها وصلت إلى المدينة في زمان عثمان :

    ويدلّ على ذلك ما رواه الشيخ الصدوق بالإسناد عن سهل بن قاسم ، قال : قال لي الإمام الرضا عليه‌السلام بخراسان : « إن بيننا وبينكم نسب » ، قلت : وما هو أيها الأمير ؟ قال : « إن عبد الله بن عامر بن كريز لمّا افتتح خراسان أصاب ابنتين ليزدجرد بن شهريار ملك الأعاجم ، فبعث بهما إلى عثمان بن عفّان ، فوهب إحداهما للحسن عليه‌السلام ، والاُخرى للحسين عليه‌السلام ، فماتتا عندهما نفساوين » (9).

    ثالثاً : أنها وصلت المدينة في خلافة أمير المؤمنين الإمام علي صلوات الله عليه وسلامه :
    ويدلُّ عليه ما رواه الشيخ المفيد رحمه‌الله بسنده عن أمير المؤمنين عليه‌السلام من أنه ولّى حريث بن جابر الجعفي جانباً من المشرق ، فبعث إليه ابنتي ملك فارس ، يزدجرد بن شهريار بن كسرى ، فنحل الإمام علي عليه‌السلام الاُولى شاه زنان إلى ابنه الحسين عليه‌السلام فأولدها زين العابدين عليه‌السلام ، ونحل الاُخرى إلى محمّد بن أبي بكر رضوان الله على محمد فولدت له القاسم ـ جدّ الإمام الصادق عليه‌السلام لاُمّه ـ وعلى هذا فإن القاسم والإمام السجاد عليه‌السلام ابنا خالة (10). والمشهور هو القول الأول ، ورجّح بعضهم القول الثاني (11).

    خطوبتها عليها‌السلام :


    ورد في حديث الطبري الإمامي بالإسناد عن المسيّب بن نُجبة أنّه لمّا ورد سبي الفرس إلى المدينة ، أراد عمر بن الخطّاب بيع النساء ، وأن يجعل الرجال عبيداً ... فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أكرموا كريم كلّ قوم ... وإنّ هؤلاء قوم قد ألقوا إليكم السلم ، ورغبوا في الإسلام ، ولابدّ أن يكون لي منهم ذريّة ».

    ثمّ أنّه عليه‌السلام وهب نصيبه منهم لوجه الله ، وتابعه جميع بني هاشم والمهاجرون والأنصار. فرغبت جماعة من قريش في أن يستنكحوا النساء ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « هؤلاء لا يُكرَهن على ذلك ، ولكن يخيّرن ، فما اخترنه عُمل به » ، فأشار جماعة إلى شهربانويه بنت كسرى ، فخيّرت وخوطبت من وراء حجاب ، فقيل لها : من تختارين من خطّابك ، وهل تريدين بعلاً ؟ فسكتت. فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « قد أرادت ، وبقي الاختيار » ، فأُريت شهربانويه الخطّاب وأومأت بيدها مشيرة إلى الحسين عليه‌السلام ، فأُعيد القول عليها في التخيير ، فأشارت إليه وقالت بلغتها : هذا إن كنت مخيّرة. وجعلت علياً عليه‌السلام وليّها ، فأوكل حذيفة ، فتكلّم بالخطبة (12).

    وقد روي عنها رضي الله عنها أنها قالت : رأيت في النوم قبل ورود عسكر المسلمين ، كأن محمّداً رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دخل دارنا ، فقعد مع الحسين عليه‌السلام ، وخطبني له وزوّجني منه ، فلما أصبحت كان ذلك يؤثّر في قلبي ، وما كان لي خاطر غير هذا.

    فلمّا كان في الليلة الثانية رأيت أُمّه فاطمة بنت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله قد أتتني وعرضت عليّ الإسلام فأسلمتُ ، ثمّ قالت : إنّ الغلبة تكون للمسلمين ، وإنّك تصلين عن قريب إلى ابني الحسين عليه‌السلام سالمة لا يصيبك بسوء أحد. قالت : وكان من الحال أنّي خرجت إلى المدينة وما مسّ يدي إنسان ! (13).

    وعندها زوَّجَ الإمام علي عليه‌السلام شهربانويه من ولده السبط الإمام الحسين عليه‌السلام قائلاً له : « يا بني احتفظ بها ، وأحسن إليها ، فستلد لك خير أهل الأرض في زمانه بعدك ، وهي أُمّ الأوصياء الذرّية الطيّبة » (14).




    -----------------------------
    (1) إكمال الدين وإتمام النعمة / الصدوق 1 :307.

    (2) دلائل الإمامة : 196، فرق الشيعة / النوبختي : 66، المعارف / ابن قتيبة : 214، الكافي 1 : 466 باب مولد الإمام علي بن الحسين عليهما‌السلام ، إثبات الوصيّة / المسعودي : 167 ، كشف الغمّة / الاربلي 2 : 101، بحار الأنوار 46 :7/ 18 ، و13 / 24.

    (3) أرجوزة الحرّ العاملي عن منتهىظ° الآمال / عباس القمي 2:7.

    (4) الإمام زين العابدين عليه‌السلام / السيد عبد الرزاق المقرم : 14 عن دلائل الإمامة / الطبري الإمامي : 196.

    (5) السيرة الحلبية / الحلبي الشافعي 2 : 6.

    (6) بحار الأنوار 46 : 13 / 24.

    (7) كلام فارسي : مشتمل على تأفيف ودعاء على أبيها هرمز ، تعني لا كان لهرمز يوم ، فإنّ ابنته اسرت بصغر ونظر إليها الرجال.

    (8) الكافي 1 : 466 / 1 باب مولد علي بن الحسين عليهما‌السلام من كتاب الحجّة.

    (9) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام 2: 128 / 6 ، بحار الأنوار 36: 8/ 19.

    (10) الإرشاد / المفيد 2: 138 وروىظ° الشيخ المفيد رضي‌الله‌عنه نحوه في الاختصاص : 151.

    (11) اُنظر : مجلة رسالة الإمام الحسين عليه‌السلام نشر مركز دراسات نهضة الإمام الحسين عليه‌السلام العدد / 2 سنة 1412 5ص 246 ويتضمّن بحثا بهذا الموضوع للشيخ محمّد هادي اليوسفي الغروي.

    (12) دلائل الإمامة : 194 /111.

    (13) بحار الأنوار / المجلسي 46 : 11 / 21.

    (14) الخرائج والجرائح / القطب الرواندي 1: 196 ، بحار الأنوار 46 :11 / 21.

    عبد العزيز كاظم البهادلي
يعمل...
X