بسم الله الرحمن الرحيم
صفات التى ينبغى ان يكون الداعي عليها
روى سعيد بن يسار قال قال الصادق عليه السلام هكذا الرغبة وابرز راحتيه إلى السماء وهكذا الرهبة وجعل ظهر كفيه إلى السماء وهكذا التضرع وحرك اصابعه يمينا وشمالا وهكذا التبتل يرفع اصبعه مرة ويضعها مرة وهكذا الابتهال ومد يده تلقاء وجهه إلى القبلة وقال لا تبتهل حتى تجرى الدمعة.
صفات التى ينبغى ان يكون الداعي عليها
روى سعيد بن يسار قال قال الصادق عليه السلام هكذا الرغبة وابرز راحتيه إلى السماء وهكذا الرهبة وجعل ظهر كفيه إلى السماء وهكذا التضرع وحرك اصابعه يمينا وشمالا وهكذا التبتل يرفع اصبعه مرة ويضعها مرة وهكذا الابتهال ومد يده تلقاء وجهه إلى القبلة وقال لا تبتهل حتى تجرى الدمعة.
وفى حديث آخر عن الصادق صلوات الله عليه الاستكانة في الدعاء ان يضع يديه على منكبيه حين دعائه.
يقول السيد الامام العالم العامل الفقيه العلامة الورع رضى الدين ركن الاسلام جمال العارفين أبو القاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس متعه الله ببلوغ المارب وادراك المطالب.
ومما لعله يمكن ان يكون المراد بهذه الاشارات ان بسط اليد في الرغبة اقرب إلى حال من يكون رجاؤه لله جل جلاله وحسن ظنه بافضاله يزيد على خوفه من جلاله فالراغب يسئل الامان فيبسط كفه لما ينزل فيها من الاحسان واما الرهبة وكون ظهر الكفين إلى السماء فلعل المراد بذلك ان العبد يقول بلسان حال الذلة لمالك دار الفناء ودار البقاء انا ما اقدم على بسط كفى اليك فقد جعلت وجه كفى إلى الارض ذلا وخجلا بين يديك.
ولعل المراد بتحريك الاصابع يمينا وشمالا في المتضرع انه على عادة الثاكل عند المصاب الهلل تقلب يديه وتنوح بها ادبارا واقبالا ويمينا وشمالا.
ولعل المراد بالتبتل يرفع اصبعه مرة ويضعها مرة ان معنى التبتل الانقطاع فكأنه يريد قد انقطعت اليك وحدك لما انت اهله من الالهية ويشير باصبعه وحدها من دون الاصابع على سبيل الوحدانية وهذا مقام جليل فلا يدعيه العبد الا عند العبرة ووقوفه موقف العبد الذليل واشتغاله بصاحب الجلال عن طلب الامال والتعرض للسؤال ولعل المراد بالابتهال ومد يده تلقاء وجهه إلى القبلة نوع من انواع العبودية والذلة ولعل المراد بالاستكانة وترك يديه على منكبيه اننى قد غللت يدى إلى عنقي كما يفعل العبد الجاني إذا حمل إلى مولاه تحت الاسر
في القيود والاغلال ووضع بين يديه.
ومن صفات الداعي بالمنقول ان يبدء بمدح الله جل جلاله والثناء عليه قبل عرض الحوائج عليه.
روى الحسين بن سعيد عن صفوان عن العيص بن القسم عن ابي عبد الله عليه السلام قال إذا طلب احدكم الحاجة فليثن على ربه وليمدحه فان الرجل إذا طلب الحاجة من السلطان هيا له من الكلام احسن ما يقدر فإذا طلبتم الحاجة فمجدوا الله وامدحوه واثنوا عليه تمام الخير.
وعن الحسين بن سعيد عن ابن بكير عن محمد بن مسلم قال قال أبو عبد الله عليه السلام ان في كتاب على عليه السلام ان المدحة قبل المسألة فإذا دعوتم الله فمجدوه قال قلت كيف نمجده قال تقول يامن هو اقرب إلى من حبل الوريد يامن يحول بين المرء وقلبه يامن هو بالمنظر الاعلى يامن ليس كمثله شئ.
وعن الحسين بن سعيد عن محمد بن سنان عن معوية بن عمار قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول انما هي المدحة ثم الاقرار بالذنب ثم المسألة انه والله ما خرج عبد من ذنب باصرار وما خرج عبد من ذنب الا بالاقرار.
وعن الحسين بن سعيد بن يسار قال قال الحلبي لابي عبد الله عليه السلام ان لى جارية تعجبني فليس يكاد يبقى لى منها ولد ولى غلام وهو يبكى ويفزع بالليل واتخوف عليه ان لا يبقى فقال أبو عبد الله عليه السلام واين انت من الدعاء قم من آخر الليل وتوضأ واسبغ الوضوء وصل واحسن صلوتك فإذا قضيت صلوتك فاحمد الله واياك ان تسئله حتى تمدحه ردد ذلك عليه مرارا يأمره بالمدحة فإذا فرغت من مدحة ربك فصل على نبيك صلى الله عليه وآله ثم سله يعطيك اما بلغك ان رسول الله صلى الله عليه وآله اتى على رجل وهو يصلى فلما قضى الرجل الصلوة اقبل يسئل ربه حاجته فقال النبي صلى الله عليه وآله عجل العبد على ربه واتى على اخر وهو يصلى فلما قضى صلوته مدح ربه فلما فرغ من مدحة ربه صلى على نبيه صلى الله عليه وآله فقال له النبي صلى الله عليه وآله سل تعط سل تعط.
ومن صفات الداعي ان تكون رغبته في الدعاء في السر افضل من رغبته في الدعاء على الجهر إذا كان في حال دعائه غير مفوض إلى مالك امره فيما يقتضيه عل سره من اخفائه أو جهره فانه إذا كان على صفات التفويض على الكمال الهمه الله جل جلاله ما يرضاه له من فعال ومقال وهذا امر عرفناه وجدانا وتحققناه عيانا.
عن الحسين بن سعيد عن اسمعيل بن همام عن ابى الحسن عليه السلام قال دعوة العبد سرا دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية وعن محمد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن يزيد عن ابن ابى عمير عن بعض اصحابنا عن ابي عبد الله عليه السلام قال ما يعلم عظم ثواب الدعاء وتسبيح العبد فيما بينه وبين نفسه الا الله تبارك وتعالى.
وعن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن عيسى عن على بن اسباط عن رجل عن صفوان الجمال عن ابي عبد الله عليه السلام قال ان الله تبارك وتعالى فرض هذا الامر على اهل هذه العصابة سرا ولن يقبله علانية قال صفوان قال أبو عبد الله عليه السلام إذا كان يوم القيمة نظر رضوان خازن الجنة إلى قوم لم يمروا به فيقول من انتم ومن اين دخلتم قال يقولون ايها (1) عنا فانا قوم عبدنا الله سرا فادخلنا الله الجنة سرا.
ومن صفات الداعي ان يكون عند دعائه طاهرا من مظالم العباد كما رواه محمد بن الحسن الصفار عن ايوب بن نوح عن العباس بن عامر القصبابى عن ربيع بن محمد المسلمى عن عبد الاعلى السهمى عن نوف عن امير المؤمنين عليه السلام قال ان الله تبارك وتعالى اوحى إلى عيسى بن مريم عليهما السلام قل للملاء من بنى اسرائيل لا تدخلوا بيتا من بيوتي الا بقلوب طاهرة وابصار خاشعة واكف نقية وقل لهم انى غير مستجيب لاحد منكم دعوة ولاحد من خلقي قبله مظلمة.
ومن صفات الداعي ان لا يكون جبارا لما رواه محمد بن الحسن عن احمد بن ادريس عن سلمة بن الخطاب عن القاسم بن يجيى الراشدي عن جده الحسن عن داود الرقى عن ابى عبد الله عليه السلام قال اوحى الله تبارك وتعالى إلى داود عليه السلام قل للجبارين لا يذكرنى عبد الا ذكرته وان ذكروني ذكرتهم فلعنتهم.
ومن صفات الداعي ان يكون قلبه عند الدعاء نقيا ونيته صادقة لما رواه محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن ابى الخطاب عن الحسن بن محبوب عن عمر بن مزيد قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول ان رجلا كان في بنى اسرائيل فدعى الله ان يرزقه غلاما ثلث سنين فلما راى ان الله لا يجيبه قال يا رب ابعيد انا منك فلا تسمعني ام قريب انت منى فلم لا تجيبني قال فاتاه آت في منامه فقال له انك تدعو الله منذ ثلث سنين بلسان بذى وقلب عات غير نقى ونية غير صادقة فاقلع عن ذلك وليتق الله قلبك وليحسن نيتك قال ففعل الرجل ذلك ثم دعا الله فولد له غلام.
ومن صفات الداعي ان لا يكون داعيا في دفع مظلمة عنه قد ظلم هو عبدا اخر بمثلها لما رواه محمد بن الحسن الصفار عن ابى طالب عن عثمان بن عيسى عن على بن سالم قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول قال الله تبارك وتعالى وعزتي وجلالى لا اجيب دعوة مظلوم في مظلمة ظلمها ولاحد عنده مثل تلك المظلمة.
ومن صفات الداعي ان يجتنب الذنوب بعد دعائه لئلا تمنعه ذنوبه من بلوغ رجائه.
لما رواه محمد بن الحسن بن احمد عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن ابى الخطاب عن الحسن بن محبوب عن ابى ايوب عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام قال ان العبد يسئل الله تبارك وتعالى الحاجة من حوائج الدنيا قال فيكون من شأن الله قضاؤها إلى اجل قريب أو وقت بطى قال فيذنب العبد عند ذلك الوقت ذنبا قال فيقول الله للمالك الموكل بحاجته لا تنجز له حاجته واحرمه اياها فانه قد تعرض لسخطى واستوجب الحرمان منى.
ومن صفات الداعي ان يكون عند دعائه آئبا تائبا صالحا صادقا لما رواه محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن احمد بن محمد بن عيسى عن موسى بن القاسم عن عثمان بن عيسى عن بعض اصحابنا عن ابى عبد الله عليه السلام قال قلت له آيتان في كتاب الله لاادرى ما تأويلهما فقال وماهما قال قلت قوله تعالى ادعوني استجب لكم ثم ادعو فلا ارى الاجابة قال فقال لى افترى الله تبارك وتعالى اخلف وعده قال قلت لا فقال الاية الاخرى قال قوله تعالى وما انفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين فانفق فلا ارى خلفا قال افترى الله اخلف وعده قال قلت لا قال فمه قلت لا ادرى لكنى اخبرك ان شاء الله تعالى ما انكم لو اطعتموه فيما امركم به ثم دعوتموه لاجابكم ولكن تخالفونه وتعصونه فلا يجيبكم.
واما قولك تنفقون فلا ترون خلفا اما انكم لو كسبتم المال من حله ثم انفقتموه في حقه لم ينفق رجل درهما الا اخلفه الله عليه ولو دعتموه من جهة الدعاء لاجابكم وان كنتم عاصين قال قلت وما جهة الدعاء قال إذا اديت الفريضة مجدت الله وعظمته وتمدحه بكل ما تقدر عليه وتصلى على النبي صلى الله عليه وآله وتجتهد في الصلوة عليه وتشهد له بتبليغ الرسالة وتصلى على ائمة الهدى عليهم السلام ثم تذكر بعد التحميد لله والثناء عليه والصلوة على النبي صلى الله عليه وآله ما ابلاك واولاك وتذكر نعمه عندك وعليك وما صنع بك فتحمده وتشكره على ذلك ثم تعترف بذنوبك ذنب ذنب وتقر بها أو بما ذكرت منها وتجمل ما خفى عليك منها فتتوب إلى الله من جميع معاصيك وانت تنوى ان لاتعود وتستغفر منها بندامة وصدق نية وخوف ورجاء ويكون من قولك اللهم انى اعتذر اليك من ذنوبي واستغفرك واتوب اليك فاعنى على طاعتك ووفقني لما اوجبت على من كل ما يرضيك فانى لم ار احدا بلغ شيئا من طاعتك الا بنعمتك عليه قبل طاعتك فانعم على بنعمة انال بها رضوانك والجنة ثم تسئل بعد ذلك حاجتك فانى ارجو ان لا يخيبك انشاء الله تعالى.
واما قولك تنفقون فلا ترون خلفا اما انكم لو كسبتم المال من حله ثم انفقتموه في حقه لم ينفق رجل درهما الا اخلفه الله عليه ولو دعتموه من جهة الدعاء لاجابكم وان كنتم عاصين قال قلت وما جهة الدعاء قال إذا اديت الفريضة مجدت الله وعظمته وتمدحه بكل ما تقدر عليه وتصلى على النبي صلى الله عليه وآله وتجتهد في الصلوة عليه وتشهد له بتبليغ الرسالة وتصلى على ائمة الهدى عليهم السلام ثم تذكر بعد التحميد لله والثناء عليه والصلوة على النبي صلى الله عليه وآله ما ابلاك واولاك وتذكر نعمه عندك وعليك وما صنع بك فتحمده وتشكره على ذلك ثم تعترف بذنوبك ذنب ذنب وتقر بها أو بما ذكرت منها وتجمل ما خفى عليك منها فتتوب إلى الله من جميع معاصيك وانت تنوى ان لاتعود وتستغفر منها بندامة وصدق نية وخوف ورجاء ويكون من قولك اللهم انى اعتذر اليك من ذنوبي واستغفرك واتوب اليك فاعنى على طاعتك ووفقني لما اوجبت على من كل ما يرضيك فانى لم ار احدا بلغ شيئا من طاعتك الا بنعمتك عليه قبل طاعتك فانعم على بنعمة انال بها رضوانك والجنة ثم تسئل بعد ذلك حاجتك فانى ارجو ان لا يخيبك انشاء الله تعالى.
يقول السيد الامام العالم العامل الفقيه العلامة رضى الدين ركن الاسلام أبو القاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس وفقه الله لما يريد منه ويرضى به عنه.
وبيان قول مولينا الصادق صلوات الله عليه إذا دعى الله جل جلاله وهو عاص له وتتاخر اجابة دعائه فان الله جل جلاله يطالبه بالتوبه وترك المعاصي والعبد يطلب من الله ما يدعوه وإذا كان الامركك فان لسان الحال يقول للعبد عن الله جل جلاله انا اطالبك بما هو لى وهو التوبة وانت تطالبني بما ليس لك في دعائك فإذا كان ما تعطيني ما اطلب منك وهو لى فكيف تتعجب إذا منعتك ما تطلبه منى في دعائك مما ليس لك عقوبة على منعك ما طلبته منك.
وبيان قول الصادق عليه السلام عن قول الله جل جلاله لو كسبتم من حله وانفقتم في حقه لاخلفه عليكم لان العبد إذا كسب لاجل شهوة نفسه ولم يكن قصد ذلك معاملة الله جل جلاله بالكسب ولا الانفاق فليس العبد خلص من عقوبة ذلك وانما لو كان قد كسب لله جل جلاله وانفق لله جل جلاله كان ضمانه على الله جل جلاله.
السيّد بن طاووس__________________
(1) (أي كف عنا).