مع عاشوراء..

[علي الخفاجي]

مع عاشوراءتختنق الأنفاس، ويحتضر القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الرب..أعظم الله لكم الأجر بأحزانكم على بطل ملحمة كربلاء ونحن نشهد ذكرى عاشوراء ونستذكر ليلتها، كيف قضى فيها سيد الملحمة ورجاله وعياله منقطعين إلى الله تعالى يتلون كتابه بحزن كالنحل لا يهجعون وكملائكة الله لا يفترون..نستذكر في يوم عاشوراء فجره الذي انبلج عن فتح امتد في عمق الزمان ولم يحده مكان، ونستذكر أخوة أبي الفضل العباس كيف جسدها أمام سيده، سيد الموقف، عجز البليغ عن وصفها والأبطال عن تقليدها..كما نستذكر موقف العقيلة الطاهرة زينب الكبرى التي جسدت فيه موقف المرأة الحرة، وقد استحت الشمس أن تصنع لها ظلاً والرجال أن ترفع رؤوسها إجلالاً..ثم نستذكر مواقف رجال عاشوراء، مواقف لا تقبل التبديل كآيات الله البينات، تتكسر الأقلام عاجزة عن تغييرها..مع الملحمة الفريدة التي أبت الاستنساخ إلا أن تكون فريدة الدهر، وفاجعة الزمان التي جفت لها شفاه الوالهين ورقت لها دموع العاشقين..سننصت خاشعين إلى صوت الحسين عليه السلام وهو يحكي قصة الأنبياء بحزن يقطع نياط القلب، سنكون معه في جلالة الموقف وعظمة الآية وقدسية الهدف، وفي وعيه القرآني وعقله النبوي، وهو يقطع مناسك حجه إلى البيت العتيق ليسير إلى كربلاء ويبدأ درسه الإنساني الأول في العتق ونيل الكرامة، بخطوات أحكمتها آيات الكتاب بإتقان، وألفت معانيها حروف القرآن، ليحارب الشرك والشيطان ويضع لمدرسة التوحيد منهجاً عملياً للسالكين، ويكتب قصة عاشوراء ليس بالكلمة فقط، إنما بدمه الذي حمل ميراث الأنبياء والصديقين..