بسم الله الرحمن الرحيم
عقبة من اختار الدنيا
ورد عن الامام الصادق-ع- انه قال(مرّ عيسى بن مريم -ع- على قرية قد مات اهلها وطيرها ودوابها فقال-ع- أما انهم لم يموتوا إلا بسخطه ولو ماتوا متفرقين لتدافنوا!! فقال الحواريون: ياروح الله وكلمته ادع الله بان يحييهم لنا فيخبرونا ما كانت اعمالهم فنتجنبها.عقبة من اختار الدنيا
فدعا عيسى-ع- ربه فنودي من الجو ان نادهم فقام عيسى-ع- بالليل على شرف من الارض فقال-ع-:يا أهل هذه القرية فأجابه منهم مجيب: لبيك ياروج اله وكلمته.
فقال-ع-: ويحكم ماكانت أعمالكم؟
فقال: عبادة الطاغوت وحب الدنيا مع خوف قليل وامل بعيد وغفلة في لهو ولعب.
فقال-ع-: كيف كان حبكم للدنيا؟
قال: كحب الصبي لأمه إذا أقبلت علينا فرحنا وسررنا واذا أدبرت عنّا بكينا وحزنا!
فقال-ع-: كيف كانت عبادتكم للطاغوت؟
فقال: الطاعة لأهل المعاصي.
قال-ع-: كيف كان عاقبة امركم؟
قال: بتنا ليلة في عافية وأصبحنا في الهاوية.
فقال-ع- :وما هي الهاوية؟
فقال: سجيّن.
قال-ع-:وما سجيّن؟
قال: جبال من جمر توقد علينا الى يوم القيامة.
قال-ع-:فما قلتم وما قيل لكم؟
قلنا: ردنا الى الدنيا فنزهد فيها!
فقيل لنا:كذبتم
فقال-ع-: ويحك كيف لم يكللمني غيرك من بينهم.
قال: ياروح الله انهم ملجمون بلجام من نار بأيدي ملائكة غلاظ شداد واني كنت معهم ولم اكن منهم فلما نزل العذاب عمنّي معهم فانا معلق بشعرة على شفير جهنم لا ادري أكبكب فيها ام انجو منها.
فالتفت عيسى -ع- الى الحواريين وقال: يا اولياء الله اكل الخبز اليابس بالملح الجريش والنوم على المزابل خير كثير مع عافية الدنيا والاخرة.(اصول الكافي ج2ص318)
لنتعظ!!
وروي ان بهلول شوهد في المقابر ذات مرة وهو يخاطب الاموات قائلا: ايّ كذبة!اي كذبة!
فقيل له: هل تجدّد جنونك يابهلول؟
قال: كلا, إنهم كانوا يفتخرون ويقولون لنا قصور ولنا بساتين ومراكب وأموال وأولاد وقوة وسلطة و..
وأراهم اليوم وليس عندهم شيء!
إنهم كانوا كاذبين حيث كانوا يدعون ما لم يكن لهم.
عجبا من هذه الدنيا ما انكرها؟ ما اخدعها؟ ما اجورها؟ ما اقل نفعها؟ما اكثر ضرها؟ومع ذلك نحن متعلقون بها!
ألا ينبغي ان نتوجه الى الله ليساعدنا كي نخرجها من قلوبنا وندعوه بلسان أئمتنا-ع-:
وانع من قلبي حي دنيا دنية تنهى عما عندك وتصد عن ابتغاء الوسيلة اليك وتذهل عن التقرب منك...)
ويحكى:
ان احد الاغنياء كان يملك اراض زراعية كثيرة وواسعة جدا فقال ذات يوم لاحد الفقراء من المزارعين:
اركض حول هذا المكان وبقدر ما ركضت وقطعت المسافات تكون تلك الاراضي لك فجعل الرجل الفقير يركض ويركض من الصبح الى الظهر حتى اصابه التعب والارهاق فاخذ قسطا من الراحة ثم عاود الركض طمعا منه في الحصول على اكبر مساحة ممكنة من الاراضي الى ان شارف الليل فوقع ميتا ولم يحصل على شبر واحد من هذه الاراضي.
وهذه النتيجة شبيهة بكل انسان يسعى وراء الدنيا للدنيا فقط ويترك الاخرة.
افلا نتعض ونحمي انفسنا من الوقوع في بؤرة العصيان ونتقي سلطنة الدنيا المغرية وسبيلنا الى ذلك الدعاء:
(اللهم..ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا برحمتك يا ارحم الراحمين)