بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين. اما بعد:
اعلم ان الهمزة تستعمل في موضعين:
الاول: في النداء
كقول دعبل الخزاعي -رحمه الله-
أفاطم لو خلت الحسين مجدلا------وقد مات عطشانا بشط فرات.
وكقول امرئ القيس في معلقته:
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل------وان كنت قد ازمعت صرمي فأجملي.
فاذا استعملت في النداء فلا ينادى بها الا القريب دون البعيد لان مناداة البعيد تحتاج الى مد الصوت وليس في الهمزة مد.
الثاني:ان تكون للاستفهام وحقيقته طلب الفهم -اي جهل المستفهم-نحو (أقام زيد؟ أزيد عندك ام عمرو؟)
وقد تخرج الهمزة عن الاستفهام الحقيقي فتأتي لمعانٍ منها:
الاول: الانكار الابطالي
وهذه تقتضي ان ما بعدها غير واقع وان مدعي وقوعه كاذب. نحو(أزيد أمرك بهذا؟ أمثلُ عمرو يقول ذلك؟ وكقوله تعالى { قُلْ ءآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس : 59] وكقوله تعالى {قُلْ ءآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ} [الأنعام : 143]. وكقوله {فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ} [الصافات : 149], ومنه قول فاطمة عليها السلام في الاحتجاج على فدك(أفي كتاب الله ان ترث اباك ولا ارث ابي) اي ليس الامر كذلك.بدليل استشاهدها-عليها السلام-بعد تلك العبارة بقوله تعالى {لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} [مريم : 27]ونحو قول الطباطبائي الحائري:
أ يخلف النبي من تمثلا----في(لعبت هاشم بالملك فلا)
وحيث افادة هذه الهمزة نفي ما بعدها لزم ثبوته ان كان منفيا لان نفي النفي اثبات ومنه قوله تعالى {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر : 36] اي الله كافٍ عبده.
الثاني: الانكار التوبيخي
فتقتضي ان ما بعدها واقع وان فاعله ملوم كقوله تعالى { أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ } [الأنعام : 40] وكقوله تعالى {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} [الصافات : 95]
الثالث: التعجب
كقوله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} [الفرقان : 45] وكقول ابن العرندس:
أيقتل ظمآناً حسينٌ بكربلا------وفي كل عضو من انامله بحر
وكقولك (أيكون مثل هذا)؟
الرابع: التقرير
ومعناه حملك المخاطب على الاقرار والاعتراف بامر قد استقر عنده ثبوته او نفيه ويجب ان يليها الشيء الذي تقرره بها. (أما احسنت اليك؟ ألم اكرمك؟ ألست بخير من زيد؟)
تقول في التقرير بالفعل (أضربت زيداً؟)وبالفاعل(أأنت ضربت زيداً؟)وبالمفعول(أزيداً ضربتَ؟)
والهمزة في قوله تعالى {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء : 62] محتملة لارادة الاستفهام الحقيقي بان لم يكونوا يعلموا انه الفاعل ولارادة التقرير بان يكونوا قد علموا.
ولا يكون استفهاما عن الفعل ولا تقريرا به لان اصل وقوع الفعل كان معلوما لهم ولهذا لم تدخل الهمزة عليه.
الخامس: التهكم
أي الاستهزاء والطعن كقوله تعالى {قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} [هود : 87]
السادس: الامر
نحو قوله تعالى {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ} [آل عمران : 20] أي (أسلموا).
السابع: الاستبطاء
كقوله تعالى {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} [الحديد : 16].
الثامن: التسوية
وتقع بعد كلمة (سواء) نحو(سواء علي أغضبت ام رضيت؟ قال الله تعالى {قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ} [الشعراء : 136]
وبعد كلمة(ما ابالي) ما أبالي أقمت أم قعدت؟
وبعد كلمة(ما ادري) وما ادري أأذن ام أقام؟
وبعد كلمة (ليت شعري) وليت شعري أخرج ام ادخل؟
ونحوهن. ووقوعها بعد (سواء) اكثر. والضابط في معرفتها انها الهمزة الداخلة على جملة يصح حلول المصدر محلها نحو قوله تعالى {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [المنافقون : 6] و(ما أبالي أقمت ام قعدت) الا ترى انه يصح ان يقال(سواءٌ عليهم استغفارك لهم وعدمه) و(ما ابالي بقيامك وقعودك).
ملاحظات:
الاولى: ان كانت همزة الوصل مع لام المعرفة مدَّت ولم تحذف لئلا يشتبه الاستفهام بالخبر, وذلك كقولك (آلرجل قال ذلك ام المرأة؟ قال الله تعالى {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل : 59]. واذا دخلت همزة الاستفهام على همزة الوصل ثبتت وسقطت همزة الوصل.
الثانية: واذا دخلت على همزة القطع جاز لك اربعة اوجه:
احدها: ان تحقق الهمزتين كقولك: (أأنت قلت ذاك؟).
والثاني: ان تحقق الاولى وتلين الثانية كقول ذي الرمة:
أإن ترسَّمت من خرقاء منزلة ماء الصبابة من عينيك مسجوم
والثالث: ان تحقق الهمزتين وتدخل بينهما الفا كقول ذي الرمة:
أيا ظبية الوعساء بين جلاجل وبين النقا آأنت أم أُمّ سالم.
والرابع: ان من العرب من يفضل بالالف ويلين الهمزة الثانية فهؤلاء خففوا من جهتين:
وقد قرأت القراء بالاوجه الاربعة.
الثالثة: انما لم تعمل الهمزة شيئا وكانت من الهوامل لانها تدخل على الاسم والفعل وما كان بهذه الصفة لم يعمل شيئا وانما يعمل الحرف اذا اختص باحد القبيلين دون الاخر.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين. اما بعد:
اعلم ان الهمزة تستعمل في موضعين:
الاول: في النداء
كقول دعبل الخزاعي -رحمه الله-
أفاطم لو خلت الحسين مجدلا------وقد مات عطشانا بشط فرات.
وكقول امرئ القيس في معلقته:
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل------وان كنت قد ازمعت صرمي فأجملي.
فاذا استعملت في النداء فلا ينادى بها الا القريب دون البعيد لان مناداة البعيد تحتاج الى مد الصوت وليس في الهمزة مد.
الثاني:ان تكون للاستفهام وحقيقته طلب الفهم -اي جهل المستفهم-نحو (أقام زيد؟ أزيد عندك ام عمرو؟)
وقد تخرج الهمزة عن الاستفهام الحقيقي فتأتي لمعانٍ منها:
الاول: الانكار الابطالي
وهذه تقتضي ان ما بعدها غير واقع وان مدعي وقوعه كاذب. نحو(أزيد أمرك بهذا؟ أمثلُ عمرو يقول ذلك؟ وكقوله تعالى { قُلْ ءآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس : 59] وكقوله تعالى {قُلْ ءآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ} [الأنعام : 143]. وكقوله {فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ} [الصافات : 149], ومنه قول فاطمة عليها السلام في الاحتجاج على فدك(أفي كتاب الله ان ترث اباك ولا ارث ابي) اي ليس الامر كذلك.بدليل استشاهدها-عليها السلام-بعد تلك العبارة بقوله تعالى {لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} [مريم : 27]ونحو قول الطباطبائي الحائري:
أ يخلف النبي من تمثلا----في(لعبت هاشم بالملك فلا)
وحيث افادة هذه الهمزة نفي ما بعدها لزم ثبوته ان كان منفيا لان نفي النفي اثبات ومنه قوله تعالى {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر : 36] اي الله كافٍ عبده.
الثاني: الانكار التوبيخي
فتقتضي ان ما بعدها واقع وان فاعله ملوم كقوله تعالى { أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ } [الأنعام : 40] وكقوله تعالى {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} [الصافات : 95]
الثالث: التعجب
كقوله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} [الفرقان : 45] وكقول ابن العرندس:
أيقتل ظمآناً حسينٌ بكربلا------وفي كل عضو من انامله بحر
وكقولك (أيكون مثل هذا)؟
الرابع: التقرير
ومعناه حملك المخاطب على الاقرار والاعتراف بامر قد استقر عنده ثبوته او نفيه ويجب ان يليها الشيء الذي تقرره بها. (أما احسنت اليك؟ ألم اكرمك؟ ألست بخير من زيد؟)
تقول في التقرير بالفعل (أضربت زيداً؟)وبالفاعل(أأنت ضربت زيداً؟)وبالمفعول(أزيداً ضربتَ؟)
والهمزة في قوله تعالى {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء : 62] محتملة لارادة الاستفهام الحقيقي بان لم يكونوا يعلموا انه الفاعل ولارادة التقرير بان يكونوا قد علموا.
ولا يكون استفهاما عن الفعل ولا تقريرا به لان اصل وقوع الفعل كان معلوما لهم ولهذا لم تدخل الهمزة عليه.
الخامس: التهكم
أي الاستهزاء والطعن كقوله تعالى {قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} [هود : 87]
السادس: الامر
نحو قوله تعالى {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ} [آل عمران : 20] أي (أسلموا).
السابع: الاستبطاء
كقوله تعالى {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} [الحديد : 16].
الثامن: التسوية
وتقع بعد كلمة (سواء) نحو(سواء علي أغضبت ام رضيت؟ قال الله تعالى {قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ} [الشعراء : 136]
وبعد كلمة(ما ابالي) ما أبالي أقمت أم قعدت؟
وبعد كلمة(ما ادري) وما ادري أأذن ام أقام؟
وبعد كلمة (ليت شعري) وليت شعري أخرج ام ادخل؟
ونحوهن. ووقوعها بعد (سواء) اكثر. والضابط في معرفتها انها الهمزة الداخلة على جملة يصح حلول المصدر محلها نحو قوله تعالى {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [المنافقون : 6] و(ما أبالي أقمت ام قعدت) الا ترى انه يصح ان يقال(سواءٌ عليهم استغفارك لهم وعدمه) و(ما ابالي بقيامك وقعودك).
ملاحظات:
الاولى: ان كانت همزة الوصل مع لام المعرفة مدَّت ولم تحذف لئلا يشتبه الاستفهام بالخبر, وذلك كقولك (آلرجل قال ذلك ام المرأة؟ قال الله تعالى {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل : 59]. واذا دخلت همزة الاستفهام على همزة الوصل ثبتت وسقطت همزة الوصل.
الثانية: واذا دخلت على همزة القطع جاز لك اربعة اوجه:
احدها: ان تحقق الهمزتين كقولك: (أأنت قلت ذاك؟).
والثاني: ان تحقق الاولى وتلين الثانية كقول ذي الرمة:
أإن ترسَّمت من خرقاء منزلة ماء الصبابة من عينيك مسجوم
والثالث: ان تحقق الهمزتين وتدخل بينهما الفا كقول ذي الرمة:
أيا ظبية الوعساء بين جلاجل وبين النقا آأنت أم أُمّ سالم.
والرابع: ان من العرب من يفضل بالالف ويلين الهمزة الثانية فهؤلاء خففوا من جهتين:
وقد قرأت القراء بالاوجه الاربعة.
الثالثة: انما لم تعمل الهمزة شيئا وكانت من الهوامل لانها تدخل على الاسم والفعل وما كان بهذه الصفة لم يعمل شيئا وانما يعمل الحرف اذا اختص باحد القبيلين دون الاخر.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين