بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين إلى قيام يوم الدين .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين إلى قيام يوم الدين .
ان الشريعة المحمدية قد ابتنت على اسس ومقومات جعلت في مقدمة واولويات هذه الشريعة بحيث وجودها يكون بعض الاحيان مقارناً لأعظم ركائزها التي ترتكز عليه هذه الشريعة المعطاة اذ نلاحظ ان القرآن الكريم و النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) يقومون على عمل أو يحثون اتباعهم على حقوق وواجبات لا تقل شأناً عن كثير من الحقوق التي يبتني عليها الدين الحنيف الذي جاء به النبي (صلى الله عليه وآله) لذا لو لاحظنا القرآن الكريم و النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام) لوجدناهم يجعلوا لتلك الاولويات والحقوق قداسة عظيمة ومن تلك الاولويات والحقوق حق الوالدين فأننا نلاحظ القرآن حيث قرن هذا الحق مع حق عبادة وطاعة الله جل شأنه حيث قال في عدة من آياته البينات :
(وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً * إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً *وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) سورة الإسراء: 23
(واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً) سورة النساء: الآية 35.
(وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا) 83 البقرة: 83.
ولكلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) واهل البيت (عليه السلام) في برهما شأن حيث تذكر لنا الروايات بذلك الشأن جملة منها نذكرها على نحو الاختصار :
قال ابن مسعود : سألت النبي ( صلى الله عليه وآله ) : أي الأعمال أفضل ؟ قال : ( الصلاة لوقتها ) قلت : ثم أي ؟ قال : ( بر الوالدين ) قلت : ثم أي ؟ قال : ( الجهاد في سبيل الله ) .
قال الرسول الأعظم(ص): (حق الوالد أن تطيعه ما عاش، وأما حق الوالدة فهيهات هيهات.. لو أنه عدد رمل عالج وقطر المطر أيام الدنيا قام بين يديها ما عدل ذلك يوم حملته في بطنها) القبانجي، حسن السيد علي/ شرح رسالة الحقوق، مصدر سابق، ص549.
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): (إن للولد على الوالد حقاً؛ وإن للوالد على الولد حقاً؛ فحق الوالد على الولد أن يطيعه في كل شيء إلاّ في معصية الله سبحانه، وحق الولد على الوالد أن يحسن اسمه، ويحسن أدبه، ويعلمه القرآن) بيضون، لبيب/تصنيف نهج البلاغة، مصدر سابق، المبحث259 ص664.
وقال الإمام السجاد (ع): (وحق أبيك أن تعلم أنه أصلك وأنه لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك ما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ولا قوة إلاّ بالله).
قال الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع) لبعض بنيه: (يا بني إن الله رضيني لك ولم يرضك لي فأوصاك بي ولم يوصني بك، عليك بالبر فإنه تحفة كبيرة) القبانجي، حسن السيد علي/ شرح رسالة الحقوق، مصدر سابق، ص14.
قال الإمام زين العابدين (ع): (فحق أمك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد أحداً وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحداً، وأنها وقتك بسمعها وبصرها ويدها ورجلها وشعرها وبشرها وجميع جوارحها مستبشرة فرحة، محتملة لما فيه مكروهها وألمها وثقلها وغمها، حتى دفعتها عنك يد القدرة وأخرجتك إلى الأرض. فرضيت أن تشبع وتجوع هي، وتكسوك وتعرى، وترويك وتظمى، وتظلك وتضحى، وتنعمك ببؤسها وتلذذك بالنوم بأرقها، وكان بطنها لك وعاء وحجرها لك حواء، وثديها لك سقاء، ونفسها لك وقاء، تباشر حر الدنيا وبردها لك ودونك، فتشكرها على قدر ذلك، ولا تقدر عليه إلاّ بعون الله وتوفيقه).
كما اننا نلاحظ ان الامام زين العابدين يروي لنا عن حالة في كيفية بر الوالدين والكون لهما كينونة الذل والطاعة حيث نلاحظه يقف بين يدي الله عز وجل وهو خاض ذليل يدعو الله بفنون دعواته وهو الامام المفترض الطاعة ان يجعل الله له من النصيب في اطاعة الوالدين كما ورد عنه (عليه السلام) في دعاءه في الصحيفة السجادية قوله : (اللهم اجعلني أهابهما هيبة السلطان العسوف، وأبرّهما برّ الأم الرؤوف، واجعل طاعتي وبرّي بهما أقرّ لعيني من رقدة الوسنان، وأثلج لصدري من شربة الظمآن حتى أؤثر على هواي هواهما، وأقدم على رضاي رضاهما، واستكثر برّهما بي وإن قلّ، واستقل برّي بهما وإن كثر) من أدعية الصحيفة السجادية (دعاء الإمام لوالديه).
قال أبو جعفر عليه السلام : ثلاثة مع ثوابهن في الآخرة : الحج ينفي الفقر ، والصدقة تدفع البلية ، والبر يزيد في العمر . عنه البحار : 74 / 85 و ج 99 / 15 ح 51 والمستدرك : 2 / 9 ح 31 .
وفي القوي عن عبد الله بن مسكان عمن رواه عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال - وأنا عنده لعبد الواحد الأنصاري - في بر الوالدين في قول الله عز وجل : « وبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً » فظننا أنها الآية التي في بني إسرائيل ، : « وقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ » ( أي إلى آخره ) فلما كان بعد سألته فقال هي التي في لقمان ؟ ، : « ووَصَّيْنَا الإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما » ( أي إلى آخره من قوله تعالى : « وصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً » ) فقال إن ذلك أعظم من أن يأمر بصلتهما وحقهما على كل حال : ( وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) فقال : لا بل يأمر بصلتهما وإن جاهداه على الشرك ، ما زاد حقهما إلا عظما .
وقال الرضا عليه السّلام : برّ الوالدين واجب وإن كانا مشركين ، ولا طاعة لهما في معصية الخالق عزّ وجلّ ولا لغير هما ، فإنّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
تعليق