إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حامي الظعينه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حامي الظعينه

    اللهم صل على محمد وآل محمد
    حامي الظعينةِ أينَ منهُ ربيعةٌii ii أم أيـنَ مـن عليا أبيهِ مكدّمُ
    فـي iiكتفهِ اليسرى السقاءُ يُقلّهُ وبكفّهِ iiاليمنى الحسامُ المخذّمُ
    مـثـلُ السحابةِ للفواطمِ ريّهُii ويصيبُ حاصبهُ العدوّ فيرجمُ
    الظعينة هي المرأة في الهودج ، وجمع الظعينة هو : ظعائن وظُعُن . وأبو الفضل العبّاس (عليه السّلام) هو حامي الظعينة ، وحامي الظعن ، وحامي ظعينة كربلاء ، وحامي ظعينة الإمام الحسين (عليه السّلام) ، بل حامي ظعن الرسالة والنبوّة ، كما كان أخوه الإمام أبو عبد الله الحسين حامي الشريعة وأحكامها ، وحافظ الكتاب وحدوده ، ومن أحكام الشريعة وحدود الكتاب حماية الظعن وكفالة الظعينة .
    فكان الإمام الحسين (عليه السّلام) كباقي الأئمّة من أهل البيت (عليهم السّلام) هو حافظ أساس هذا الحكم الإنساني والإسلامي ، وحامي أصله وفرعه ، وقد وكّل أبا الفضل العبّاس (عليه السّلام) لهذه المهمّة الإنسانية والإسلاميّة وهي حماية الظعن ، حتّى يقوم أبو الفضل العبّاس (عليه السّلام) بحماية موكب النساء والأطفال ذراري رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وحريمه الذين اصطحبهم معه في سفره إلى العراق ، فقام بها أحسن قيام ، وأدّاها أجمل أداء حتّى عُرف منها بهذا اللقب الكريم ، ووسم بهذا الوسام العظيم حامي الظعينة .
    إنّ الغيرة الإسلاميّة والإنسانية ، والكرامة النفسية والاجتماعية تحثّ الإنسان إلى حماية نسائه وأطفاله ، وتحضّه على توفير الأمن والأمان لهم ، وتدعوه إلى حياطتهم ورعايتهم ، وذلك في كلّ مكان وزمان ، في السفر والحضر ، وفي الحلّ والترحال ، وفي النزول والركوب .
    ومَنْ أولى برعاية هذا الخلق النبيل من مؤسس الأخلاق ومهذّبه ، ومعلم الإنسانية ومزكّيها ، ومبلّغ الإسلام وحاميه الرسول الكريم (صلّى الله عليه وآله) والأئمة من أهل بيته (عليهم السّلام) ؟
    ولذلك كانوا (عليهم السّلام) إذا أرادوا بنسائهم وأطفالهم السفر أركبوهم في هوادج مغطّاة بأغطية ومسدلة بستور حتّى يأمنوا من نظر الأجانب ، ويحفظوا من الحرّ والبرد ، وكذلك فعل الإمام الحسين (عليه السّلام) حين خرج بنسائه وأطفاله من مدينة جدّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) متّجهاً نحو مكّة المكرّمة ومنها إلى العراق ، وأوكل بذلك أخاه الأغر وعضيده الوفي أبا الفضل العبّاس (عليه السّلام) .
    وكان موكب النساء على إثر ذلك قرير العين هادئ البال ، مطمئن النفس والقلب ، إذ على رأسه سيّده الإمام الحسين (عليه السّلام) ، وفي حمايته أبو الفضل العبّاس (عليه السّلام) وسائر أبطال بني هاشم .
    مع ربيعة بن مكدم
    وفي البيت الأول الذي جعلناه مطلع هذه الخصّيصة يقول ناظمها السّيد جعفر الحلّي وهو يخاطب أبا الفضل العبّاس (عليه السّلام) : لقد نال أبو الفضل العبّاس (عليه السّلام) وبكلّ جدارة لقب حامي الظعينة ، وتفوّق في تضحيته من أجل ظعائن الرسالة والإمامة على جميع أقرانه ممّنْ ضرب به المثل في هذا المجال ، كربيعة بن مكدم الكناني .
    وكان ربيعة واحداً من بني فراس بن غنم ، حيث عُرف بحامي الظعن حيّاً وميّتاً ، وأثنى عليه الشعراء وتغنّوا بموقفه الشجاع فخراً واعتزازاً ، وترنّموا بكبير
    شهامته وشدّة غيرته على ظعنه في كلّ موطن وموقف .
    وكان من قصته على ما حكي من مجمع الأمثال عن أبي عبيدة : إنّ نبيشة بن حبيب السلمي خرج غازياً ، فلقي ظعناً من كنانة بالكديد فأراد أن يحتويها ، فمانعه ربيعة بن مكدم في فوارس ، وكان غلاماً له ذؤابة ، فشدّ نبيشة فطعنه في عضده ، فأتى ربيعة اُمّه فقال:
    شدّي عليَّ العصبَ اُمَّ سيّارْ فـقد رُزئتُ فارساً iiكالدينارْ
    فأجابته اُمّه قائلة :
    إنّـا بنو ربيعة بنِ iiمالكِ نُـزرأُ في خيارنا iiكذلكِ
    ما بينَ مقتولٍ وبينَ هالكِ

    ثمّ ضمّدت له جراحه وعصّبته ، فلمّا أراد أن يذهب إلى القوم استسقاها ماءً ، فقالت له اُمّه : اذهب فقاتل القوم ، فإنّ الماء لا يفوتك .
    فرجع فكرّ على القوم فكشفهم ، ورجع إلى الظعن وقال لهنّ : إنّي ميّت من هذه الطعنة ، ولكن سأحميكنّ ميّتاً كما حميتكنّ حيّاً ؛ وذلك بأن أقف بفرسي على العقبة وأتّكئ على رمحي ، فإذا فاضت نفسي كان الرمح عمادي ، فالنجاء النجاء ؛ فإنّي أردّ بعملي هذا وجوه القوم ساعة من النهار .
    فقطعت الظعن العقبة ، ووقف هو بإزاء القوم على فرسه متّكئاً على رمحه ، ونزف من الدم إلى أن فاضت روحه ، ومات وهو يتمنّى أن يأتي إليه مَنْ يحمله إلى أهله ويجعله بينهم ، ولكن خاب أمله ومات وهو معتمد على رمحه كأنّه حي ، والقوم بإزائه يحجمون عن الإقدام عليه .
    فلمّا طال وقوفه في مكانه ورأوه لا يزول عنه رموا فرسه , فقمص الفرس وسقط ربيعة لوجهه على الأرض فعلموا أنّه ميّت ، فتوجّه القوم عندها لطلب الظعن فلم يلحقوهنّ . ومن هذه القصّة اشتهر أنّه لم يعرف قتيل حمى الظعائن مثل ربيعة بن مكدم .
    بين ربيعة والعبّاس (عليه السّلام)
    ولكن أين ربيعة بن مكدم من أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) ؟ إنّ ربيعة لو كان حيّاً لافتخر بغيرة العبّاس على ظعائنه ، ولاندهش من شدّة غيرته ، وعظيم حيطته ورعايته لظعائنه ، إنّ ربيعة لمّا طعن راح يلتجئ إلى اُمّه كي تضمّد جرحه وتعصّبه ، فتقوم اُمّه بتشجيعه وبعث الحمية فيه ، بينما العبّاس (عليه السّلام) لمّا قطعوا يمينه أخذ يرتجز ويقول ما يبعث الغيرة في نفس كلّ سامع ، والحمية في قلب كلّ إنسان حرٍّ ، إنّه كان يقول : يمناي لديني ولإمامي ـ اللذين علّماني حماية الظعن والغيرة على الأهل والعيال ، وخاصّةً على مثل ربيبات الرسالة والإمامة ـ الفداء والوقاء .
    نعم ، إنّ ربيعة بن مكدم يطلب الماء من اُمّه ليروي به عطشه فتصرفه اُمّه عن شرب الماء ، وتوقفه على أنّ حماية الظعن أهمّ من انشغالك بشرب الماء وهنّ معرّضات للخطر ، بينما أبو الفضل العبّاس (عليه السّلام) يدخل العلقمي فاتحاً للماء ، ويقتحمه مستولياً عليه ، ويدني الماء من فمه ويقرّبه إلى فيه بلا أي مانع ولا رادع ، ودون أي انشغال به ، وتثبّط له على الأمر الأهم الذي هو حماية ظعائن الرسالة والإمامة .
    فإنّه (عليه السّلام) مع أنّ الماء في متناوله ورحابه ، والشرب جائزاً له ومباحاً عليه ، أعرض عن شرب الماء مواساةً لأخيه وسيّده الإمام الحسين (عليه السّلام) ولظعائن النبوّة والولاية ، وصرف نفسه عن الالتذاذ بشرب الماء مع شدّة العطش وعظيم ظمأه ؛ ليشتغل بالأهم من ذلك ألا وهو حماية الظعن والسّقاية لهنّ .
    إنّ ربيعة يقف بفرسه على العقبة ويتّكئ على رمحه حتّى إذا نزف دمه ومات يبقى معتمداً على رمحه ؛ إنّه أراد بذلك ردّ وجوه القوم عن الظعائن ساعة من النهار ، ثمّ لمّا رموا فرسه ، قمص الفرس ، سقط على وجهه إلى الأرض ميّتاً .
    فعل ربيعة كلّ ذلك ولكنه كان يتمنّى عند سقوطه أن يأتي إليه مَنْ يحمله إلى أهله ، ويجعله بين أسرته وينقذه من غربته ووحدته ، بينما أبو الفضل العبّاس (عليه السّلام) لمّا سقط من على ظهر جواده وأتاه أخوه الإمام الحسين (عليه السّلام) كالصقر المنقض ، وأراد أن يحمله إلى المخيّم يأبى عليه أبو الفضل العبّاس (عليه السّلام) ذلك ، ويقسمه بحقّ جدّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أن يدعه في مكانه ؛ حتّى لا تندهش الظعائن بقتله , ولا تنذعر ربيبات الرسالة والإمامة بنبأ استشهاده ، وحتّى لا يستسبع العدو لفقده ، ولا يتجاسر على اقتحام المخيّم بعد موته ولو ساعة من النهار ، أي بمقدار ما بقي خبر شهادته مخفيّاً عليهنّ وعليهم .
    sigpic
يعمل...
X