


عندما ننظر إلى دور السيدة زينب ( عليها السلام ) نجد إنها قد قامت بواجبها الرسالي ، امتداداً للنهضة الحسينيّة ، وتجسيداً رائعاً لقيمها الراقية وأهدافها السامية . إذ إنّها بنت علي وفاطمة . إنّها أُخت الحسنين . إنّها التي تغذَّت في حِضن النبوّة ، وتربّت في كَنف الولاية . وهي التي رأت مصائب لم ولن يرى مثلها أحد ! لقد رأت بالأمس مظلوميّة جدّها رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) في آخر أيّام حياته . ثمّ رأت مظلوميّة أُمّها الصدّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) وكيف كُسِر ضلعها (1) ، وأُحِرق باب دارها (2) ، وهي التي حضرت المسجد مع أُمّها ونقلت تلك الخُطبة الغرَّاء التي ألقتها أُمّها
(عليها السلام)(3) وبذلك تعلّمت كيف تواجه الحُكّام الظلمة ، بقوّة البيان ، وصلابة الإيمان ، وإذا أردْتَ أن تعلم جذور خُطب زينب ، فارجِع البصر إلى ما بعد وفاة الرسول ، تجدها ترجع إلى خُطبة أُمّها الزهراء البتول (سلام الله عليها) . ثمّ رأت غربة أبيها المظلوم عليّ بن أبي طالب واستشهاده ، ثمّ الحسن (عليهم سلام الله جميعاً) . أمّا اليوم ، فقد أصبحت هذه المرأة بطلة المعركة الكبرى ، وعبر مواقف ؛ منها :
1 ـ متابعتها لإمام زمانها وابن أخيها عليّ بن الحسين (عليه السلام) ، الذي عرّفته أمام يزيد بقولها هو المُتكلِّم (4)2 ـ وقوفها الصلب أمام الطاغية يزيد .3 ـ تأثير كلامها في أوساط المجتمع الشامي ، وخاصّة في مجلس يزيد .4 ـ تأثيرها البالغ في قلب العاصمة وفي بيت يزيد .5 ـ موقفها العاطفي أمام رأس أخيها الحسين ، بحيث قلبت المجلس ، إلى حدٍّ قالوا :
فأبكت ـ والله ـ كلّ مَن كان (5)6 ـ إلقاء خطبتها الغرّاء في مجلس يزيد ، التي تضمّنت معاني عالية ، ومضامين راقية ، وبراهين مُتقنة . .................................................. ........................(1) كتاب سليم بن قيس الهلالي : 40؛ الاحتجاج 11/ 212 ، ولقد أخبر رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) بوقوع ذلك ، اُنظُر أمالي الصدوق : 176 ح178؛ إرشاد القلوب : 295؛ فرائد السمطين 2/ 35؛ نوادر الأخبار : 161 .(2) إثبات الوصيّة : 124 .(3) الاحتجاج 1/ 253 ، وانظر : بلاغات النساء : 19؛ معاني الأخبار : 354؛ أمالي الطوسي : 238؛ كشف الغمّة 2/ 114؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16/ 233؛ أعلام النساء 4/ 128؛ إحقاق الحقّ 10/ 306؛ بحار الأنوار 43/ 159 .(4) المناقب 4/ 173 .(5) الاحتجاج 2/ 123 .
تعليق