الشبهة الخامسة: حول التوسل بالأنبياء والأولياء
يشكل بعضهم على الشيعة بأنهم يتوسلون بالأنبياء والأئمة عليهم السلام، وبالأولياء والصالحين، وأنهم يقسمون على الله تعالى بحقهم، ويعتقدون بأن ذلك مؤثر في استجابة الدعاء. الجواب
إن تحريم التوسل بالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله، وبسائر الأنبياء والأئمة عليهم السلام وكذا بالأولياء الصالحين، هو من مبتدعات الوهابيين. قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة) المائدة ـ 35
قال السمهودي الشافعي في كتابه: وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى (قد يكون التوسل به صلى الله عليه (وآله) وسلم بطلب ذلك الأمر منه بمعنى أنه صلى الله عليه (وآله) وسلم قادر على التسبب فيه بسؤاله وشفاعته إلى ربه، فيعود إلى طلب دعائه، وإن اختلفت العبارة، ومنه قول القائل له أسألك مرافقتك في الجنة... الحديث، ولا يقصد به إلا كونه صلى الله عليه (وآله) وسلم سبباً وشافعاً). وفي كتاب كشف الارتياب ص 252 روى النسائي والترمذي وغيرهما إنه صلى الله عليه (وآله) وسلم علم بعض أصحابه أن يدعو ويقول
(هم إني أسئلك وأتوسل إليك بنبيك نبي الرحمة، يا محمد يا رسول الله، إني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها لي، أللهم فشفعه لي) ونقل السمهودي في وفاء الوفا ج 2 ص 422 عن القاضي عياض في الشفاء بسند جيد عن أبي حميد، قال (ناظر أبوجعفر أمير المؤمنين مالكاً في مسجد رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم فقال مالك: يا أمير المؤمنين، لا ترفع صوتك في هذا المسجد، فإن الله تعالى أدب قوماً فقال (ا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي... الآية) ومدح قوماً فقال (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله... الآية) وذم قوماً فقال (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات... الآية) وإن حرمته ميتاً كحرمته حياً، فاستكان لها أبوجعفر، فقال يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم. فقال: لم تصرف وجهك عنه، وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله يوم القيامة ؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعك الله، قال الله تعالى (ولو أنهم اذ ظلموا أنفسهم... الآية) انتهى.
وذكر صاحب كتاب خلاصة الكلام أن هذا الحديث أورده السبكي في كتابه شفاء السقام في زيارة خير الأنام، والسمهودي في كتابه خلاصة الوفا، والقسطلاني في المواهب اللدنية، وابن حجر في تحفة الزوار والجوهر المنظم، وذكر كثيره من مؤلفي كتب المناسك في آداب زيارة النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم.
قال ابن حجر في كتابه الجوهر المنظم (رواية ذلك عن الإمام مالك جاءت بالسند الصحيح الذي لا مطعن فيه.
وقال الزرقاني في شرح المواهب: ورواها ابن فهد بإسناد جيد، ورواها القاضي عياض في الشفا بإسناد صحيح رجاله ثقات، ليس في إسنادها وضاع ولا كذاب. وقال: ومراده بذلك الرد على من نسب إلى مالك كراهية استقبال القبر)
وفي الصواعق المحرقة لابن حجر أن الإمام الشافعي توسل بأهل البيت النبوي حيث قال:
آل النبـــي ذريعتـــي وهــم إليـــه وسيـلـتي
أرجو بهم أعطى غداً بيـدي اليمين صحيفتي
وزاد في كشف الإرتياب ص260 (ا أئمة أهل البيت الطاهر النبوي فأدعيتهم المأثورة عنهم التي تبلغ حد التواترطافحة بالتوسل بجدهم صلى الله عليه وآله وسلم وبآله وبحقه وحقهم، والأقسام عليه تعالى بهم، وهم أعرف بسنة جدهم وبأحكام ربهم، من ابن تيمية وابن عبدالوهاب وأتباعهما من أعراب نجد، فهم باب مدينةعلم المصطفى، وورثة علمه الذين أمرنا بأن
نتعلم منهم).
وقال في كشف الإرتياب ص 260 (ومن أنواع التوسل به صلى الله عليه وآله وسلم استقبال قبره الشريف وقت الدعاء، فإنه في الحقيقة توسل به صلى الله عليه وآله وسلم وبقبره الشريف، وقد جرت عليه سنة المسلمين خلفاً عن سلف وقرناً بعد قرن وجيلاً بعد جيل، وأفتى باستحبابه الإمام مالك إمام دار الهجرة في قوله للمنصور: لم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله تعالى، بل استقبله واستشفع به.
قال في كتاب خلاصة الكلام: ذكر علماء المناسك أن استقبال قبره الشريف صلى الله عليه وآله وسلم وقت الزيارة والدعاء أفضل من استقبال القبلة.
قال في الجوهر المنظم: ويستدل لاستقبال القبر أيضاً بأنا متفقون على أنه صلى الله عليه (وآله) وسلم حي في قبره يعلم زائره، وهو صلى الله عليه (وآله) وسلم لو كان حياً لم يسع الزائر إلا استقباله واستدبار القبلة، فكذا يكون الأمر حين زيارته في قبره الشريف. ثم نقل قول مالك للمنصور المشار اليه آنفاً. ثم قال: قال العلامة الزرقاني في شرح المواهب: إن كتب المالكية طافحة باستحباب الدعاء عند القبر مستقبلاً له مستدبراً للقبلة.
ثم نقل عن مذهب أبي حنيفة والشافعي والجمهور مثل
ذلك وقال: وأما مذهب الإمام أحمد ففيه اختلاف بين علماء مذهبه، والراجح عند المحققين منهم أنه يستقبل القبر الشريف كبقية المذاهب)
وقال في ص 258 (قال السمهودي: ذكر كثير من علماء المذاهب الأربعة في كتب المناسك عند ذكرهم زيارة النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم أنه يسن للزائر أن يستقبل القبر الشريف ويتوسل إلى الله تعالى في غفران ذنوبه وقضاء حاجاته ويستشفع به صلى الله عليه (وآله) وسلم.
وفي ص 263: روى أبو حنيفة في مسنده عن ابن عمر قال من السنة أن تأتي قبر رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم من قبل القبلة، وتجعل ظهرك الى القبلة وتستقبل القبر وتسلم.
وقال ابن جماعة في منسكه الكبير: ومذهب الحنفية... إلى أن قال: ثم يدور إلى أن يقف قبالة الوجه المقدس مستدبر القبلة فيسلم).
و الله و لي التوفيق .