بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الميامين
الصحبة ومشتقاتها من القرآن الكريم كثيرة ولم تقتصر على صفة او معنى بل جائت للذم والصحبة والرفقة وغيرها ، فانها استعملت في معان عديدة مختلفة.وصلى الله على محمد وآله الميامين
يقول تعالى في كتابه المجيد مخاطباً مشركي قريش: (مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّة) سورة سبأ: 46.، فأنت ترى أن الله جعل عتاة قريش الذين اتهموا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)بالجنون، تراه يخاطبهم بأنهم أصحابه، وهذا المعنى لا يخفى على كل فطن، إذ معناه رسولكم الذي أُرسل إليكم. نفس هذا المعنى تجده في قوله تعالى: (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى). سورة النجم: 2. ويتكرّر هذا المعنى في قوله تعالى: (وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُون) . سورة التكوير: 22. كذلك يطلق لفظ الصاحب أو الصحابي في القرآن على النسبة إلى مكان، كقوله تعالى: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ) سورة يوسف: 39.) ، فبالرغم من أنّ رفيقي يوسف (عليه السلام)كانا كافرين بدليل قوله تعالى: (أَ أَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الوَاحِدُ القَهَّارُ) سورة يوسف: 39.. لكن لانّه جمعهما مكان واحد مع يوسف، صارا صاحبين له نسبة إلى المكان الذي اجتمعوا فيه. هذا المعنى موجود أيضاً في قوله تعالى: (وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) سورة البقرة: 275.، وأصحاب النار كما هو معلوم بالبداهة أهلها وساكنوها. ونفس المعنى أيضاً موجود في الايات التالية: (أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذ خَيْرٌ مُسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) سورة الفرقان: 24.. (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً) سورة الكهف: 9. (وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ) سورة التوبة: 70. (وَنَادَى أَصْحَابُ الاَعْرَافِ) سورة الاعراف: 48. (وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الاَيْكَةِ لَظَالِمِينَ) سورة الحجر: 78. (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ المُرْسَلِينَسورة الحجر: 80. (وَأَصْحَابَ مَدْيَنَ). سورة الحج: 44. (أَصْحَابَ القَرْيَةِ) . سورة يس: 13. (أَصْحَابِ القُبُورِ) سورة الممتحنة: 13. (أَصْحَابُ الاُخْدُودِ) سورة البروج: 4. هذا وقد تُطلق كلمة الصاحب أو الصحابي أو الاصحاب نسبة إلى زمان كقوله تعالى: (... كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ). سورة النساء: 47. وقد يطلق لفظ الصحبة نسبة إلى حيوان كقوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الفِيلِ) سورة الفيل: 1.و: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الحُوتِ) سورة القلم: 48. كذلك يطلق لفظ الصحبة نسبة إلى آلة كقوله تعالى: (وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ). سورة العنكبوت: 15. كما يطلق لفظ الصحبة أو الصاحبة على الزوجة كما في قوله تعالى: (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ) سورة الانعام: 101.، و: (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً) سورة الجن: 3.، و: (يَوَدُّ المُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمَئِذ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيِهِ). سورة المعارج: 12. وقد يطلق معنى الصحبة على رجل يحاور آخر بغض النظر عن كفر أو إيمان الصاحب كقوله تعالى: (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذي خَلَقَكَ مِنْ تُرَاب ثُمَّ مِنْ نُطْفَة ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً). سورة الكهف: 37. كذلك يُطلق لفظ الصحبة نسبة إلى الحق أو الباطل كقوله تعالى: (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنْ اهْتَدَى). سورة طه: 135. (فَأَصْحَابُ المَيْمَنَةِ). سورة الواقعة: 8. (وَأَصْحَابُ المَشْئَمَةِ). سورة الواقعة: 9. (وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ) سورة الواقعة: 41. ويطلق لفظ الصحبة كذلك نسبة إلى شخص كقوله تعالى: (قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى) سورة الشعراء: 61. (فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطى فَعَقَرَ) سورة القمر: 29. وهكذا ترى أن لفظ الصحبة ومشتقاتها ليس له أىّ فضل في ذاته ولا أىّ مزيّة، بل نستطيع أن نقول إنّه لفظ محايد. بعد هذا الاستعراض لهذه الايات القرآنية نأتي إلى تعريف الصحابي لغة: يقول الخليل بن أحمد الفراهيدي في مادة «صحب»: «الصحاب يُجمع بالصَّحب والصحبان والصحبة والصحاب. والاصحاب: جماعة الصحب والصحابة مصدر قولك: صاحبك الله وأحسن صِحابتك. ويقال عند الوداع: مصاحباً معافى... إلى أن يقول: «وكلّ شيء لاءم شيئاً فقد استصحبه» . فلا فضل فيها ولا تفضيل
نسألكم الدعاء
تعليق