بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وسلام على عباده الذين اصطفى
يقول ابن تيمية: فإن بناء المساجد على القبور ليس من دين المسلمين بل هو منهي عنه بالنصوص الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم واتفاق أئمة الدين بل لا يجوز اتخاذ القبور مساجد سواء كان ذلك ببناء المسجد عليها أو بقصد الصلاة عندها بل أئمة الدين متفقون على النهي عن ذلك وأنه ليس لأحد أن يقصد الصلاة عند قبر أحد لا نبي ولا غير نبي وكل من قال: إن قصد الصلاة عند قبر أحد أو عند مسجد بني على قبر أو مشهد أو غير ذلك: أمر مشروع بحيث يستحب ذلك ويكون أفضل من الصلاة في المسجد الذي لا قبر فيه: فقد مرق من الدين . وخالف إجماع المسلمين . والواجب أن يستتاب قائل هذا ومعتقده فإن تاب وإلا قتل.
بل ليس لأحد أن يصلي في المساجد التي بنيت على القبور ولو لم يقصد الصلاة عندها . فلا يقبل ذلك لا اتفاقا ولا ابتغاء لما في ذلك من التشبه بالمشركين والذريعة إلى الشرك ووجوب التنبيه عليه وعلى غيره كما قد نص على ذلك أئمة الإسلام من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم . منهم من صرح بالتحريم . ومنهم من أطلق الكراهة . وليست هذه المسألة عندهم مسألة الصلاة في المقبرة العامة . فإن تلك منهم من يعلل النهي عنها بنجاسة التراب ومنهم من يعلله بالتشبه بالمشركين . وأما المساجد المبنية على القبور فقد نهوا عنه . معللين بخوف الفتنة بتعظيم المخلوق كما ذكر ذلك الشافعي وغيره من سائر أئمة المسلمين . وقد { نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها وعند وجودها في كبد السماء وقال إنه حينئذ يسجد لها الكفار } فنهى عن ذلك لما فيه من المشابهة لهم وإن لم يقصد المصلي السجود إلا للواحد المعبود . فكيف بالصلاة في المساجد التي بنيت لتعظيم القبور ؟ اذن حرمة البناء على القبور معللة بخوف الفتنة بتعظيم المخلوق :لأنه إذا وقع في المسجد وكان قبر ولي مشهور بالخير والصلاح لا يؤمن مع طول المدة أن يزيد اعتقاد الجهلة فيه ويؤدي بهم فرط التعظيم إلى قصد الصلاة إليه إذا كان في قبلة المسجد فيؤدي بهم ذلك إلى الكفر والإشراك .
والجواب :وإذا ثبت ذلك فالعلة المذكورة قد انتفت برسوخ الإيمان في نفوس المؤمنين وتنشئتهم على التوحيد الخالص واعتقاد نفي الشريك مع الله تعالى ، وأنه سبحانه وتعالى المنفرد بالخلق والإيجاد والتدبير والتصريف . لا فاعل غيره ولا مؤثر في ملكه سواه وأن المخلوق الحي لا قدرة له على جلب منفعة لنفسه زلا دفع مضرة عنها إلا بخلق الله تعالى وإيجاده فضلاً عن الميت المقبور ، وبانتفاء العلة ينتفي الحكم المترتب عليها ، وهو كراهة اتخاذ المساجد والقباب على قبور الأولياء والصالحين ، فإن من يتخذها عليهم لا يفعل ذلك لأجل أن يعبدهم ويتخذ قبورهم مساجد يسجد إليها من دون الله تعالى ، أو يجعلها قبلة يصلى إليها ، بل هذا ما سمع في هذه الأمة ولا وجد قط من مسلم يدين بدين الإسلام . وإنما قصد بتلك القباب مجرد الاحترام وتعظيم قبور الصالحين وحفظها من الامتهان والاندراس الذي ينعدم به الانتفاع بزيارتهم والتبرك بهم ، فإذا فرض وجود من بنى قبة أو مسجداً على قبر ليعبده ويتخذه قبلة فهذا كافر مرتد يجب قتله وهدم ما بناه ، لأنه لم يبن مسجداً بل بنى كنيسة في صورة مسجد مع أن شيئاً من هذا لم يقع في هذه الأمة والحمد لله . وان كانت حرمة البناء معلله ومبنية على الخوف من عبادة الشخص فيحرم احترامه وتعظيمه ابتداء وفي حياته لانه قد يكون مدعاة لهذا الامر بل ايضا يمكن ان يقع ذلك على القبر الذي لم يبنى عليه شئ بل الغريب في الامر ان هذا قد وقع في الخارج فقد نقل الشيخ أحمد عبد الله الصديق الغماري في كتابه إحياء المقبور من أدلة جواز بناء المساجد والقباب على القبور(وكذلك نرى بعضهم يفعل ذلك مع من يعتقده من الأحياء فيسجد له ويقبل الأرض بين يديه في حال سجوده ويجعل يديه من ورائه علامة على التسليم وفرط التضرع والإلتجاء ويطلب منه في تلك الحال الشفاء والغنى والذرية ونحو ذلك مما لا يطلب إلا من الله تعالى . بل رأيت أنا من يفعل هذا بقبور الأولياء ورأيت من يفعله مع الأحياء منهم فلو كان جهلهم هذا يوجب تحريم البناء على القبر لأوجب تحريم الصلاح والولاية وتقوى الله تعالى التي ينشأ عنها اعتقادهم المؤدي إلى افتنان الجهلة بهم . ان الكلام الذي اطلقه بن تيمية في اهدار دم من شيد على القبور البناء في اضريحة الائمة المعصومين والانبياء لادليل عليه في الحرمة من القران والسنة فالسنة قائمة على تعظيم الانبياء والائمة المعصومين اننا نقول لابن تيمية وامثاله ان صاحب الرسالة عليه افضل الصلاة والسلام وعلى اله الكرام قال :وإنى والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدى ولكن أخاف عليكم أن تتنافسوا فيها(1). ففي الصحيحين من المتفق عليه في باب الحرص على الامارة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: انكم ستحرصون على الامارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة(2)
--------------
(1). شرح اصول الكافي محمد مولى صالح،الجزء،21، ص179.
(2). رجال الكشي،الجزء52،ص1.
الحمدلله وسلام على عباده الذين اصطفى
يقول ابن تيمية: فإن بناء المساجد على القبور ليس من دين المسلمين بل هو منهي عنه بالنصوص الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم واتفاق أئمة الدين بل لا يجوز اتخاذ القبور مساجد سواء كان ذلك ببناء المسجد عليها أو بقصد الصلاة عندها بل أئمة الدين متفقون على النهي عن ذلك وأنه ليس لأحد أن يقصد الصلاة عند قبر أحد لا نبي ولا غير نبي وكل من قال: إن قصد الصلاة عند قبر أحد أو عند مسجد بني على قبر أو مشهد أو غير ذلك: أمر مشروع بحيث يستحب ذلك ويكون أفضل من الصلاة في المسجد الذي لا قبر فيه: فقد مرق من الدين . وخالف إجماع المسلمين . والواجب أن يستتاب قائل هذا ومعتقده فإن تاب وإلا قتل.
بل ليس لأحد أن يصلي في المساجد التي بنيت على القبور ولو لم يقصد الصلاة عندها . فلا يقبل ذلك لا اتفاقا ولا ابتغاء لما في ذلك من التشبه بالمشركين والذريعة إلى الشرك ووجوب التنبيه عليه وعلى غيره كما قد نص على ذلك أئمة الإسلام من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم . منهم من صرح بالتحريم . ومنهم من أطلق الكراهة . وليست هذه المسألة عندهم مسألة الصلاة في المقبرة العامة . فإن تلك منهم من يعلل النهي عنها بنجاسة التراب ومنهم من يعلله بالتشبه بالمشركين . وأما المساجد المبنية على القبور فقد نهوا عنه . معللين بخوف الفتنة بتعظيم المخلوق كما ذكر ذلك الشافعي وغيره من سائر أئمة المسلمين . وقد { نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها وعند وجودها في كبد السماء وقال إنه حينئذ يسجد لها الكفار } فنهى عن ذلك لما فيه من المشابهة لهم وإن لم يقصد المصلي السجود إلا للواحد المعبود . فكيف بالصلاة في المساجد التي بنيت لتعظيم القبور ؟ اذن حرمة البناء على القبور معللة بخوف الفتنة بتعظيم المخلوق :لأنه إذا وقع في المسجد وكان قبر ولي مشهور بالخير والصلاح لا يؤمن مع طول المدة أن يزيد اعتقاد الجهلة فيه ويؤدي بهم فرط التعظيم إلى قصد الصلاة إليه إذا كان في قبلة المسجد فيؤدي بهم ذلك إلى الكفر والإشراك .
والجواب :وإذا ثبت ذلك فالعلة المذكورة قد انتفت برسوخ الإيمان في نفوس المؤمنين وتنشئتهم على التوحيد الخالص واعتقاد نفي الشريك مع الله تعالى ، وأنه سبحانه وتعالى المنفرد بالخلق والإيجاد والتدبير والتصريف . لا فاعل غيره ولا مؤثر في ملكه سواه وأن المخلوق الحي لا قدرة له على جلب منفعة لنفسه زلا دفع مضرة عنها إلا بخلق الله تعالى وإيجاده فضلاً عن الميت المقبور ، وبانتفاء العلة ينتفي الحكم المترتب عليها ، وهو كراهة اتخاذ المساجد والقباب على قبور الأولياء والصالحين ، فإن من يتخذها عليهم لا يفعل ذلك لأجل أن يعبدهم ويتخذ قبورهم مساجد يسجد إليها من دون الله تعالى ، أو يجعلها قبلة يصلى إليها ، بل هذا ما سمع في هذه الأمة ولا وجد قط من مسلم يدين بدين الإسلام . وإنما قصد بتلك القباب مجرد الاحترام وتعظيم قبور الصالحين وحفظها من الامتهان والاندراس الذي ينعدم به الانتفاع بزيارتهم والتبرك بهم ، فإذا فرض وجود من بنى قبة أو مسجداً على قبر ليعبده ويتخذه قبلة فهذا كافر مرتد يجب قتله وهدم ما بناه ، لأنه لم يبن مسجداً بل بنى كنيسة في صورة مسجد مع أن شيئاً من هذا لم يقع في هذه الأمة والحمد لله . وان كانت حرمة البناء معلله ومبنية على الخوف من عبادة الشخص فيحرم احترامه وتعظيمه ابتداء وفي حياته لانه قد يكون مدعاة لهذا الامر بل ايضا يمكن ان يقع ذلك على القبر الذي لم يبنى عليه شئ بل الغريب في الامر ان هذا قد وقع في الخارج فقد نقل الشيخ أحمد عبد الله الصديق الغماري في كتابه إحياء المقبور من أدلة جواز بناء المساجد والقباب على القبور(وكذلك نرى بعضهم يفعل ذلك مع من يعتقده من الأحياء فيسجد له ويقبل الأرض بين يديه في حال سجوده ويجعل يديه من ورائه علامة على التسليم وفرط التضرع والإلتجاء ويطلب منه في تلك الحال الشفاء والغنى والذرية ونحو ذلك مما لا يطلب إلا من الله تعالى . بل رأيت أنا من يفعل هذا بقبور الأولياء ورأيت من يفعله مع الأحياء منهم فلو كان جهلهم هذا يوجب تحريم البناء على القبر لأوجب تحريم الصلاح والولاية وتقوى الله تعالى التي ينشأ عنها اعتقادهم المؤدي إلى افتنان الجهلة بهم . ان الكلام الذي اطلقه بن تيمية في اهدار دم من شيد على القبور البناء في اضريحة الائمة المعصومين والانبياء لادليل عليه في الحرمة من القران والسنة فالسنة قائمة على تعظيم الانبياء والائمة المعصومين اننا نقول لابن تيمية وامثاله ان صاحب الرسالة عليه افضل الصلاة والسلام وعلى اله الكرام قال :وإنى والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدى ولكن أخاف عليكم أن تتنافسوا فيها(1). ففي الصحيحين من المتفق عليه في باب الحرص على الامارة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: انكم ستحرصون على الامارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة(2)
--------------
(1). شرح اصول الكافي محمد مولى صالح،الجزء،21، ص179.
(2). رجال الكشي،الجزء52،ص1.
تعليق