إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

وصيّة الإمام الكاظم عليه السلام لهشام بن الحكم رضوان الله عليه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • وصيّة الإمام الكاظم عليه السلام لهشام بن الحكم رضوان الله عليه



    اللهم صل على محمد وآل محمد



    إن الله تبارك وتعالى بشّر أهل العقل والفهم في كتابه العزيز فقال سبحانه: (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الألْبَابِ)(14).

    استدل (عليه السلام) بهذه الآية لترغيب الناس على اتباع القول الحسن، وهذه الفئة من الناس يبشرهم الله انهم على هداية منه وهم أصحاب العقول الراجحة، يميزون بنور عقولهم بين الكلام الخبيث فيتجنبونه والكلام الحسن فيتبعونه.

    ثم تابع (عليه السلام) القول لهشام (يا هشام، قد وعظ أهل العقل ورغبهم في الآخرة فقال عزّ وجلّ: (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ)(15).

    وهنا أيضاً يرغّب الله تعالى عباده العقلاء في دار الخلود والنعيم، ويذم دار الدنيا لأنّها محصورة على الأكثر في اللهو واللعب، فالعقلاء يزهدون فيها، ويجتنبون شرّها وحرامها، ويعملون للدار الباقية التي أعدت للمتقين، والعباد الصالحين.

    يا هشام: ثم خوف الذين لا يعقلون عذابه فقال عزّ وجلّ:

    (ثُمَّ دَمَّرْنَا الآَخَرِينَ * وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ)(16) استدل (عليه السلام) بهذه الآية وما شابهها على تدميره تعالى للذين لا يعقلون من الأمم السالفة التي كفرت بالله وقد نزلت في قوم لوط حينما جحدوا الله وكفروا بآياته، فأنزل تعالى بهم عقابه، وجعل موطنهم قبيح المنظر منتناً يمر بها المارون ليلاً نهاراً ساخرين من أهلها حيث جعلهم عبرة للذين يعقلون، وقد حذّرهم من مخالفة المرسلين،الصالحين، فإن عاقبة المخالفة والعصيان الدمار والهلاك.

    ثم بين أن العقل مع العلم فقال سبحانه:

    (وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَ الْعَالِمُونَ)(17).

    استدل (عليه السلام) بالآية الكريمة على ملازمة العقل للعلم فإن العقل بجميع مراتبه لا يفترق عن العلم فكلاهما صنوان متلازمان.

    قال المفسرون عن سبب نزول هذه الآية: إن الكافرين انتقدوا ضرب الأمثال بالحشرات والهوام كالذباب والبعوض والعنكبوت...

    وفي نظرهم أن الأمثال يجب أن تضرب بغير ذلك من الأمور الهامة وفي نظرنا أن منطقهم هذا هزيل للغاية لأن التشبيه إنما يكون بليغاً فيما إذا كان مؤثراً في النفس.

    ثم ذم الذين لا يعقلون في فصل آخر لأن معرفة حقيقة الاشياء لا يميزها إلا العالمون الذين حصل لهم العلم والمعرفة (وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَ الْعَالِمُونَ).

    يا هشـــام: (وَإِذَا قِـــيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مــــَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا بــــَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ)(18).

    وقال سبحانه: (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ)(19).

    ثم تابع في سرد الآيات الشبيهة بهذه وكلها تذم الذين لا يعقلون(20) استدل الإمام (عليه السلام) بهذه الآيات الكريمة على ذم من لا يعقل، ففي الآية الأولى من هذا الفصل يقول الطبرسي:

    لقد اتبع القوم أسلافهم ومشايخهم في الأمور الدينية من غير بصيرة ولا دليل، والذي حفزهم إلى اتباعهم الجهل والتعصب والغباوة وهذه الآية حسب رأي المفسرين نزلت في اليهود حينما دعاهم الرسول الأكرم إلى الإسلام فرفضوا ذلك، وقالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا فانهم كانوا خيراً منا(21). ولو كانت لهم عقول سليمة، وأفكار ناضجة لفقهوا أن التقليد في العقائد لا يقرّه العقل السليم، لأن العقيدة لا تؤخذ إلا من الدليل العلمي الصحيح، وهي أساس ثابت لحياة الإنسان وسلوكه. إذ ما من عاقل إلا وهو عرضة للخطأ في فكره، ولا ثقة في الدين إلا بما أنزل الله، ولا معصوم إلا من عصم الله، فكيف يرغب العاقل عما أنزل الله في اتباع الآباء مع دعواه الإيمان بالتنزيل؟؟!

    والآية الثانية متممة للآية الأولى:

    فإنّه تعالى لما وصف حالة الكفّار في إصرارهم على التقليد الأعمى عند دعوتهم إلى الإسلام، ضرب لهم مثلاً للسامعين عن حالم بأنهم كالأنعام والبهائم التي لا تعي دعاء الداعي لها سوى سماع الصوت منه دون أن تفهم المعنى، فكذلك حال هؤلاء لا يتأملون دعة الحق ولا يعونها، فهم بمنزلة الجاهلين لا يعقلون، وهذا أعظم قدح وذم للذين لا يعقلون. لأن الإنسان إذا اتهم بعقله فقد دنياه وآخرته.

    وفي الآية الثالثة: وصف سبحانه منتهى القسوة وجمود الطبع وخمول الذهن لبعض الكفار فهم يستمعون ما يتلى عليهم من الآيات والأدلة على صحة دعوة النبي (صلّى الله عليه وآله) ولكنهم صم بكم لا يسمعون ولا يفقهون، وبذلك لا جدوى ولا فائدة في دعوتهم إلى اعتناق هذا الدين؛ لقد بلغوا الحد الأقصى في أمراضهم العقلية والنفسية، ولا يجدي معهم أي نصح أو إرشاد أو علاج.

    وسنكتفي بهذا القدر من الآيات التي استدل بها (عليه السلام) على ذم من لا يعقل من الناس. والآن إلى فصل آخر من كلامه، قال (عليه السلام): (يا هشام: لقد ذم الله الكثرة فقال: (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَ يَخْرُصُونَ)(22). وقال سبحانه أيضاً:

    (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ للهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ)(23).

    استدل (عليه السلام) بهاتين الآيتين على ذم أكثر الناس لأنهم قد حجبوا عن نفوسهم الحق، وتوغلوا في الباطل، وغرقوا في الشهوات، إلا من رحمه الله منهم. ففي الآية الأولى:

    خاطب تعالى نبيه (صلّى الله عليه وآله) وأراد به غيره، فإنه لو أطاع الجمهور من الناس وسار وفق أهواءهم وميولهم لأضلوه عن دين الله وصرفوه عن الحق. وفي الآية الثانية:

    دلت على أن أكثر الناس يقولون ما لا يعلمون، وأنهم لا يؤمنون بالله في قلوبهم، بل إنما يجري على ألسنتهم دون أن ينفذ إلى أعماق قلوبهم(24).

    ثم مدح القلّة فقال:

    (يا هشام: قال تعالى: (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)(25).

    وقال: (وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَ قَلِيلٌ)(26).

    وقال: (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ)(27).

    وقال: (وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ)(28).

    استدل (عليه السلام) من خلال هذه الآيات الكريمة على مدح قلة المؤمنين، وندرة وجودهم، كما صرحت الأحاديث النبوية والأخبار الواردة عن أهل البيت بذلك، فقد قال الإمام الصادق (عليه السلام):

    (المؤمنة أعز من المؤمن، والمؤمن أعز من الكبريت الأحمر فمن رأى منكم الكبريت الأحمر؟)

    والسبب في ندرة هذه الفئة من المؤمنين الصالحين يعود إلى أن الإيمان الحقيقي بالله يعد من أعظم مراتب الكمال التي يصل إليها الإنسان.

    لكن الوصول إلى هذا الإيمان يصطدم بموانع كثيرة تحول دون الوصول إليه مثل: التربية البيتية السيئة حيث يعتاد الفرد على الغش والخداع والكذب منذ الطفولة الأولى.

    إن التفاحة الفاسدة تفسد التفاح السليم، والرفيق المنحط أخلاقياً وسلوكياً يفسد غيره من الرفاق الصالحين، لأن الانزلاق نحو الرذائل أسهل من الصعود نحو الفضائل، والمثل العليا وهناك حواجز كثيرة تؤدّي إلى حجب الإنسان عن خالقه، وتماديه في الإثم والموبقات.

    (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) تعني صرف العبد جميع ما أنعم الله عليه فيما خلق لأجله. وهذه أعظم مرتبة لا تصدر إلا ممن عرف الله واعتقد بأن جميع الخيرات والنعم صادرة منه سبحانه وتعالى. فيعمل بكل طاقته على تحصيل الخير وردع نفسه عن الحرام وحينئذ يكون من الشاكرين، والشكر لله بهذا المعنى من المقامات العالية التي لا يتصف بها إلا القليل من عباد الله.





    التعديل الأخير تم بواسطة ام فاطمة الزهراء ; الساعة 20-02-2013, 06:22 PM. سبب آخر:
    http://im13.gulfup.com/jTFe2.jpg

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد

    الاخت الفاضلة والمشرفة المبدعة (( ام فاطمة الزهراء ))
    وفقكم الله وحفظكم ومتعكم بصحة وعافية
    دعائي لكم بالتوفيق
    دمتم سالمين
    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد
    وارحمنا بهم واجعل عواقب امورنا الى خير

    تعليق


    • #3



      يشرفني مروركم أخي الكريم رافد الخزرجي اشكركم على مروركم على الموضوع اسأل الله لكم الموفقية ودوام العافية .
      http://im13.gulfup.com/jTFe2.jpg

      تعليق


      • #4
        بسم الله الرحمن الرحيم
        اللهم صل على محمد وآل محمد

        سلمت يداك أختي الفاضلة
        (أم فاطمة الزهراء)
        لما طرحت من موضوع رائع ومفيد.


        أثابكِ الله عز وجل وجعلكِ من أهل الجنة
        اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلوآتك عليه و على آبآئه الطاهرين
        في هذه السآعه و في كل سآعه ولياً وحآفظاً وقآئداً وناصراً ودليلاً وعينآ
        حتى تسكنه أرضك طوعآ و تمتعه فيهآ طويلآ برحمتك يآ أرحم الرآحمين..

        العجل العجل يامولاي يا صاحب الزمان

        تعليق


        • #5
          سلمت الايادي مشرفتنا الغالية ام فاطمة الزهراء
          تحياتي



          تعليق


          • #6





            شكرا لكما أختاي العزيزتان كل التقدير والامتنان لك عزيزتي
            ** سجدة الشكر** وكذلك شكري لك ياغالية **نداء الكفيل** نورتما الموضوع رحم الله والديكما اسأل الله بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين أن يوفقكما وينور طريقكم انه سميع مجيب .
            http://im13.gulfup.com/jTFe2.jpg

            تعليق


            • #7
              بسم الله الرحمن الرحيــــــــــــــــم

              اللهم صلّ على محمد وآل محمـــد



              السلام عليكم
              أختي أم فاطمة الزهراء ورحمة الله وبركاته


              كل الشكر والإمتنان لحضرتكم الكريمة على موضوعكم

              الغني بالحكمة وثراء المعرفة ونعمة الموعظة...

              فكلامهم نور

              وهذه شذرات من حكم الإمام موسى الكاظم باب الحوائج إلى الله تعالى عليه الآف التحية والسلام :

              روي عن الكاظم(عليه السلام) أنه قال: «صلاة النوافل قربانٌ الى الله لكل مؤمن».
              والحج جهاد كل ضعيف.
              ولكل شيء زكاة، وزكاة الجسد صيام النوافل.
              وأفضل العبادة بعد المعرفة انتظار الفرج.
              ومن دعا قبل الثناء على الله والصلاة على النبي(صلى الله عليه وآله) كان كمن رمى بسهم بلا وتر.
              ومن أيقن بالخلف جاد بالعطية، وما عال امرىً اقتصد.
              والتدبير نصف العيش.
              والتودّد الى الناس نصف العقل.
              وكثرة الهم يورث الهرم، والعجلة هي الخرق.
              وقلة العيال أحد اليسارين.
              ومن أحزن والديه فقد عقّهما.
              ومن ضرب بيده على فخذه، أو ضرب بيده الواحدة على الاُخرى عند المصيبة فقد حبط أجره، والمصيبة لا تكون مصيبة يستوجب صاحبها أجرها إلاّ بالصبر. والاسترجاع عند الصدمة.
              والصنيعة لا تكون صنيعة إلاّ عند ذي دين أو حسب.
              والله ينزل المعونة على قدر المؤونة، وينزل الصبر على قدر المصيبة.
              ومن اقتصد وقنع بقيت عليه النعمة، ومن بدر وأسرف زالت عنه النعمة.
              وأداء الأمانة والصدق يجلبان الرزق، والخيانة والكذب يجلبان الفقر والنفاق.
              واذا أراد الله بالذرة شراً أنبت لها جناحين فطارت فأكلها الطير.
              والصنيعة لا تتم صنيعة عند المؤمن لصاحبها إلاّ بثلاثة أشياء: تصغيرها وسترها وتعجيلها، فمن صغّر الصنيعة عند المؤمن فقد عظّم أخاه، ومن عظّم الصنيعة عنده فقد صغّر أخاه، ومن كتم ما أولاه من صنيعة فقد كرم فعاله.
              «ومن عجّل ما وعد فقد هنئ العطيّة»

              ومن الأفضل إذا كان لكم متسع من الوقت أن تذكروا مصدر الوصية إتماما للفائدة وكمالا للموضوع




              اتمنى لكم الخير والتوفيق الدائم .

              التعديل الأخير تم بواسطة مهند السهلاني ; الساعة 24-02-2013, 07:58 PM. سبب آخر:

              وقـــــــــــــل ربِّ زدني عــِـــــــــــلماً







              تعليق

              يعمل...
              X