بسـم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين .
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين .
مدلول لفظة «باب الحوائج» ربّمـا يكون حالة نفسية يتحلّى بها الشخص الموسوم بهذه الصفـة. فبعض الأنفس حسب الخلقة تناسب شيئاً، بينما الأنفس الأخـرى لا تناسب ذلك الشـيء، كالصفات الظاهـرة من الجمال والفصاحـة والحساسية، والصفـات الباطنة كالشجاعـة والكرم والسماحة.. بينما البعض الآخر لها أضداد تلك الصفات كالقبح والسفاهة والبلادة والجبـن والبخل والتعصّب.
فإنّ لكلّ صفة عرضاً عريضاً، حتّى إنّ حسّان بن ثابت كان يخاف حتّى من لمس الميّت فكيف بالخروج إلـى الحـرب وشهـر السلاح بوجه الأعداء(1).
وقد قال الإمام علي (عليه السلام) (والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما ولّيت عنها) (2)، و(العـرب) هنا كناية عن شجعان الدنيا، وإنّما جاء بهذه اللفظة، لأنّ العرب في ذلك اليوم كانوا مظهر الشجاعة.
والأنفس كالأودية حيث نجد في الآية الكريمة: )أَنَزَلَ مِنَ السّمَآءِ مَآءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا…)(3)، وهكذا هي الأنفس البشرية مثلها مثل الأودية.
ولعلّ الآية الكريـمة جاءت علـى ذكر ذلك من باب المثال لكلّ مخلوق منه سبحانه، فإنّه قـد ينـزّل المعقول بمنـزلة المحسوس، أو بالعكس، أو المحسوس بعضه بمنـزلة بعض آخر، وهكذا المعقولات، قال تعالى: (كسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحسَبُهُ الظَّمئان ماءً( (4)، وقال أيضاً: )كَرَمادٍ اشتَدَّت بهِ الرِّيحُ …((5)..
ويمكن أن يكون لعمل استحقّ ) به ذلك عرضاً، مثل مواساته أخاه ( فـي العطش بعد أن لـم يكن على شربه يلومه العقل أو الشرع أو العرف.
لا يقال: إنّ الله غير محتاج إلـى الواسطة بل هو أقرب من حبل الوريد، ويحول بين المرء وقلبه.
لأنّه يقال: الأمـر كذلك لكنّ الله سبحانه خلـق الكـون بهذه الكيفية؛ لأنّه ممكن يتطلب الوجود، كمـا قـال الحكماء في كلّ موجودات الكون.
وعلى أيّ حال فهو (عليه السلام) يقضي حوائج المحتاجين ـ بإذن الله تعالى ـ لكن الأمر بحسب المقرّر من وجود المقتضي وعدم المانع(6).
ــــــــــــــــــــ
([1]) راجع قصته مع نساء المدينة المنورة عند ما بقي فيها وخرج المسلمون للقتال.
(2) نهج البلاغة: الكتاب 45. والأمالي للشيخ الصدوق: ص513.
(3) سورة الرعد: 17.
(4) سورة النور: 39.
(5) سورة إبراهيم: 18.
(6) يقول الشاعر في وصف العباس (عليه السلام):
بابُ الحوائـج مــــــا دعته مروعة في حاجـــــــة إلاّ و يقضي سؤلها
بأبي أبو الفضل الذي من فضله السامي تعلّمت الورى منهاجها
تعليق