( في ميراث الأجداد)
المبحث الثاني: في ميراث الأجداد إذا لم يكن معهم الإخوة،
وفيه مسائل:
الأولى: لا يتقدم على الجد في الإرث أحد غير الأبوين والأولاد وان نزلوا إجماعا ويشهد به مضافا إلى ذلك والى الآية والنصوص الدالة على تقديم الأقرب وانه يمنع الأبعد النصوص الخاصة الواردة في الموارد الجزئية وستمر عليك جملة منها.
الثانية: ليس في مرتبة الأجداد من الانسباء أحد إلا الإخوة وهذا ايضا ثابت بالإجماع والأخبار
الثالثة: وللجد إذا انفرد عمن في مرتبته المال كله وكذا الجدة من غير فرق بين أن يكون لأب او لأم بلا خلاف.
ويشهد به مضافا إلى الإجماع والأقربية خبر سالم بن أبي الجعد ان عليا (ع): اعطى الجدة المال كله.
قال الصدوق والشيخ: انما اعطاها المال كله لأنه لم يكن للميت وارث غيره وهو وان كان في الجدة إلا أنه يثبت الحكم في الجد بعدم القول بالفصل وبما دل من النصوص على أنه لا يكون نصيب المرأة اكثر من نصيب الرجل لو كان مكانها مع انه يدل على ذلك في الجد في الجملة صحيح أبي عبيدة عن أبي جعفر (ع): عن ابن عم وجد قال (ع): المال للجد.
الرابعة: ولو اجتمعا فإن كانا لأب كان المال لهما فللذكر ضعف حظ الأنثى وان كانا لأم فيقتسمون المال بينهم بالسوية،
بلا خلاف ويشهد لكون المال في الصورتين لهما: ما تقدم ولانهما يقتسمان في الصورة الأولى بالتفاوت النصوص الدالة على تفضيل الرجال على النساء وان علة ذلك ان ليس عليهن جهاد ولا نفقة ولا معقلة وانما ذلك على الرجال ولذلك جعل الله تعالى للمرأة سهما وللرجل سهمين كما في صحيح الاحول وغيره.
وفي ثالث: ان الله تبارك وتعالى فضّل الرجال على النساء بدرجة لأن النساء يرجعون عيالا على الرجال، إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة.
وهذه النصوص عامة من حيث التعليل اولا ومن حيث الإطلاق أو العموم ثانيا ولا وجه لتقييده أو تخصيصه ببيان علة تفضيل الأولاد والكلالة الذين تضمنتهم الآية الكريمة والمرسل المروي عن مجمع البيان.
ومتى اجتمع قرابة الأب مع قرابة الأم مع استوائهم في الدرج كان لقرابة الأم الثلث بالسوية والباقي لقرابة الأب للذكر مثل حظ الأنثيين.
ولو اجتمع المختلفون فللمتقرب بالام الثلث وان كان واحدا والباقي للمتقرب بالاب
واستدل له بالنصوص الآتية الدالة على تنزيل الأجداد منزلة الإخوة الثابت لهم هذا الحكم ويشهد لاقتسامهما بالسوية في الصورة الثانية ما تقدم من أنه الظاهر من ادلة الشركة حيث اطلقت ومرسل المجمع والإجماع فلا اشكال في الحكم اصلا.
الخامسة: ولو اجتمع المختلفون كما لو كان جدا أو جدة اوهما لأب وجدا أو جدة أو هما لأم فللمتقرب بالام الثلث وان كان واحدا والباقي للمتقرب بالاب إجماعا في بعض الصور وعلى المشهور في بعضها الاخر.
توضيحه: ان الصور المتصورة الحاصلة من ضرب ثلاث صور من صور وجود المتقرب بالاب وهي وجود الجد أو الجدة أو هما معا في ثلاث صور من صور وجود المتقرب بالام تسع صور.
وقد اتفقوا على هذا الحكم في ثلاث صور منها وهي صورة اجتماع الجدين للأم مع الجدين للأب أو الجد له أو الجدة له.
واختلفوا في غيرها من الصور فعن على بن بابويه والنهاية والقاضي والحلي وابن حمزة وعامة المتأخرين: ثبوت هذا الحكم فيها ايضا بل عن الخلاف الإجماع عليه.
وعن الفضل والعماني: انه في صورة اجتماع الجدتين يكون للجدة للأم السدس وللجدة للأب النصف ويرد الباقي عليهما بالنسبة.
وعن الصدوق: انه في صورة اجتماع الجد للأب مع الجد للأم يكون السدس للجد للأم.
وعن التقي والسيد ابن زهرة والكيدري انه في جميع
الصور غير الإجماعية يكون السدس للمتقرب بالام والباقي للمتقرب بالاب.
وقد استدل لما هو المشهور في جميع الصور التسع: الأخبار الدالة على أنه لكل قريب نصيب من يتقرب به إلى الميت وسهمه كصحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (ع): كان علي (ع) يجعل العمة بمنزلة الأب والخالة بمنزلة الأم وابن الأخ بمنزلة الأخ قال: وكل ذي رحم لم يستحق له فريضة فهو على هذا النحو.
وصحيح أبي أيوب عنه (ع): ان في كتاب علي: ان العمة بمنزلة الأم وبنت الأخ بمنزلته قال: وكل ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجر به إلا أن يكون وارث أقرب إلى الميت منه فيحجبه.
ومرسل يونس عنه (ع): إذا التفت القرابات فالسابق أحق بميراث قريبه فإن استوت قام كل واحد منهم مقام قريبه وتقريب الاستدلال بها انها تدل على أنه يرث كل قريب نصيب من يتقرب به إلى الميت وحيث ان نصيب الأب الثلثان فالمتقرب بالاب يرث نصيبه وهو الثلثان والمتقرب بالام نصيبها وهو الثلث.
واورد على الاستدلال بها بايرادات.
1- انها في مقام بيان اصل الإرث لا مقداره.
وفيه: مضافا إلى أن مقتضى إطلاق التنزيل كونه مثله في مقدار الإرث انه لو كان المقصود خصوص الإرث لما كان للتفصيل الذى في النصوص وجه.
2- انها تدل على أنه لكل واحد من ذوى الأرحام نصيب من يتقرب به ولازم ذلك ثبوت الثلث لكل واحد من الجد والجدة للأم لا الثلث لهما.
وفيه: ان مفادها ان كل نوع بمنزلة من يتقرب به لا كل شخص والقرينة عليه الإجماع وفهم العلماء الاخيار وعدم صحة ارادة الشخص في كثير من الموارد كما إذا اجتمع مائة من كلالة الأم مع مثلهم من كلالة الأب.
3- ان للأم نصيبين الثلث والسدس فترجيح الأول على الثاني يحتاج إلى مرجح وهو مفقود.
واجاب عنه السيد في الرياض بمنع كون السدس فريضتها الأصلية بل هي الثلث مطلقا وانما السدس فريضتها بالحاجب واللازمثبوت فريضتها الأصلية.
وفيه: ان كلا منهما نصيبها الأصلي غاية الأمر أحدهما مع عدم الإخوة الحاجبة والاخر مع وجودها.
فالحق في الجواب ان يقال: ان السدس نصيبها مع فرض وجود الأب لما مر من أنه من شرائط الحجب والاب هيهنا ليس بموجود فشرط هذا النصيب مفقود فالمورد متمحض في كون نصيبها الثلث.
فإن قيل: ان الجد منزل منزلة الأب ومقتضى إطلاق التنزيل كونه كالاب في الشرطية للحجب.
قلنا: ان الأب وجوده شرط في حجب الإخوة عن النصيب الاعلى للأم فعموم التنزيل لو ثبت كان لازمه كونه كافيا في الحجب بالنسبة إلى الأم مع عدم الأب وهذا واضح البطلان ولم يقل به أحد حتى ان النصوص الدالة على أن الجد يرث مع الأم والأولاد المتقدمة التي قد عرفت لزوم طرحها تدل على عدم كفايته في الشرط للحجب ولذا حكم فيها بأن للأم الثلث.
وبالجملة: لا اشكال في عدم كفايته في حجب الإخوة للأب عن نصيب الأم وليس البناء على حجب الإخوة للأب عن نصيب الإخوة للأم مع وجود الجد مقتضى عموم التنزيل كما لا يخفى،فتدبر فإنه دقيق جدا.
ويشهد للحكم في بعض الصور: موثق محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع): إذا لم يترك الميت إلا جدة- ابا ابيه- وجدته- أم أمه- فإن للجدة الثلث وللجد الباقي قال: واذا ترك جدة من قبل ابيه وجد ابيه وجدته من قبل أمه وجدة أمه كان للجدة من قبل الأم الثلث وسقط جدة الأم والباقي للجد من قبل الأب وسقط جد الأب.
وعن النكت الاستدلال للمخالف بخبر محمد بن حمران عن زرارة قال: اراني أبو عبد الله (ع) صحيفة الفرائض فاذا فيها: لا ينقص الجد من السدس شيئا ورايت سهم الجد فيها مثبتا، قال في وجه الاستدلال به وهو غير محمول على الجد للأب لأن النص انه إذا كان مع إخوة كان كاحدهم انتهى.
وفيه: اولا: انه يدل على أن سهم الجد لا ينقص عن السدس ولا يدل على أنه لا يزيد عليه نعم يدل على أنه ربما يكون نصيبه السدس وهو كذلك فإنه إذا كان الجد للأم مع الجدة لها يرث كل منهما السدس فإن الثلث لهما.
وثانيا: ان موثق محمد صريح في انه يرث الثلث مع اعتضاده بالعمومات وعمل الأصحاب.
وقد انتصر بعضهم للمخالف بالأخبار الآتية المنزلة للأجداد منزلة الإخوة ومقتضاها ما ذكروه لأن الواحد من كلالة الأم نصيبه السدس فليكن ايضا نصيب الجد المنزل منزلته عملا بعموم المنزلة.
وفيه: أولا: ما أفاده الصدوق (رحمة الله عليه) من أنه نزل فيها الجد منزلة الإخوة لا مطلقا بل في صورة كونه مع الكلالة.
وثانيا: انه نزل الجد للأب منزلة الأخ له ولا يلازم ذلك تنزيل الجد للأم منزلة كلالتها.
وثالثا: ان موثق محمد اخص منها ثم ان هذين الوجهين لو تمّا يثبت بهما مذهب التقي وتابعيه واما القولان الاخران فلم اعثر لهما على دليل.
السادسة: ولو دخل الزوج أو الزوجة كان له نصيبه الاعلى
ويشهد له مضافا إلى الإجماع: ان الجدودة بمنزلة الأب والأم فكما ان لهما الباقي بعد نصيب الزوج أو الزوجة فكذلك للجدودة وحينئذ ان كان الباقي من الفريقين اي المتقرب بالام والمتقربدخل النقص على المتقرب بالاب، والأقرب يمنع الأبعد، ولو اجتمع الإخوة والأجداد كان الجد كالاخ والجدة كالاختبالاب كان الثلث للمتقرب بالام والباقي وهو السدس للمتقرب بالاب في دخل النقص على المتقرب بالاب بلا خلاف والدليل عليه غير الإجماع ان المتقرب بالام بمنزلة الأم والمتقرب بالاب بمنزلة الأب على ما هو مفاد النصوص المتقدمة.
و السابعة: الجد الأقرب يمنع الأبعد بلا خلاف ولا اشكال.
ويشهد به مضافا إلى الإجماع والى قاعدة الأقربية المستفادة من الكتاب والسنة موثق محمد بن مسلم المتقدم .