السر في ايجاب الزكاة، بل فضيلة مطلق انفاق المال، ثلاثة أمور:
الأول ـ أن التوحيد العام ألا يبقى للموحد محبوب سوى الواحد الفرد، إذ المحبة لا تقبل الشركة، والتوحيد باللسان قليل الجدوى، وانما تمتحن درجة الحب بمفارقة سائر المحاب، والأموال محبوبة عند الناس، لأنها آلة تمتعهم بالدنيا، ولاجلها يأنسون بهذا العالم، ويخافون من الموت ويتوحشون منه، مع أن فيه لقاء المحبوب، فامتحنوا في صدق دعواهم الحب التام لله تعالى بمفارقتهم عن بعض محابهم، اعنى المال، ولذلك قال الله سبحانه:
" إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة "التوبة 111.
ولفهم هذا السر في بذل الأموال، انقسم الناس بحسب درجاتهم في التوحيد والمحبة ثلاثة أقسام: (قسم) صدقوا التوحيد ووفوا بعهده، ولم يجعلوا قلوبهم إلا محلا لحب واحد. فنزلوا عن جميع أموالهم، ولم يدخروا شيئاً من الدرهم والدينار وغيرهما من أنواع المال، ولم يتعرضوا لوجوب الزكاة عليهم، حتى قيل لبعضهم: كم يجب من الزكاة في مائتي درهم؟ فقال: أما على العوام ـ بحكم الشرع ـ فخمسة دراهم، وأما نحن، فيجب علينا بذل الجميع. وسئل الصادق (عليه السلام) " في كم تجب الزكاة من المال؟ فقال: أما الزكاة الظاهرة، ففي كل الف خمسة وعشرون، وأما الباطنة، فلا تستأثر على أخيك بما هو أحوج إليه منك ". و(قسم) درجتهم دون هذا، وهم الذين أمسكوا اموالهم، ولكنهم راقبوا مواقيت الحاجات ومراسم الخيرات، ويكون قصدهم من الإمساك الأنفاق على قدر الحاجة، دون التنعم، وصرف الفاضل عن قدر الحاجة إلى وجوه البر. وهؤلاء لا يقتصرون على اعطاء مجرد ما يجب عليهم من الزكاة والخمس، بل يؤدون جميع أنواع البر والمعروف أو اكثرها و(قسم) اقتصروا على اداء الواجب، فلا يزيدون عليه ولا ينقصون منه. وهو أدون الدرجات وأقل المراتب، وهو درجة العوام الراغبين إلى المال، لجهلهم بحقيقته وفائدته، وضعف حبهم للآخرة.
الثاني ـ تطهير النفس عن رذيلة البخل، فانه من المهلكات ـ كما تقدم ـ، وإنما تزول هذه الرذيلة ببذل المال مرة بعد أخرى حتى يتعود إذ حب الشيء لا ينقطع إلا بقهر النفس على مفارقته، حتى يصير ذلك اعياداً. وعلى هذا، فالإنفاق يطهر صاحبه من خبث البخل المهلك، وإنما طهارته بقدر بذله، وبقدر فرحه باخراجه واستبشاره بصرفه إلى الله تعالى.
الثالث ـ شكر النعمة، فان لله سبحانه على عبده نعمة في نفسه ونعمة في مال فالعبادات البدنية شكر لنعمة البدن، والمالية شكر لنعمة المال. وما أقبح بالغني المسلم أن ينظر إلى فقير مسلم، وقد ضيق الرزق عليه واحوج إليه، ثم لا تسمح نفسه بأن يؤدى شكر الله تعالى على اغنائه عن السؤال، واحواج غيره إليه، باعطاء عشر أو ربع عشر من ماله.
الأول ـ أن التوحيد العام ألا يبقى للموحد محبوب سوى الواحد الفرد، إذ المحبة لا تقبل الشركة، والتوحيد باللسان قليل الجدوى، وانما تمتحن درجة الحب بمفارقة سائر المحاب، والأموال محبوبة عند الناس، لأنها آلة تمتعهم بالدنيا، ولاجلها يأنسون بهذا العالم، ويخافون من الموت ويتوحشون منه، مع أن فيه لقاء المحبوب، فامتحنوا في صدق دعواهم الحب التام لله تعالى بمفارقتهم عن بعض محابهم، اعنى المال، ولذلك قال الله سبحانه:
" إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة "التوبة 111.
ولفهم هذا السر في بذل الأموال، انقسم الناس بحسب درجاتهم في التوحيد والمحبة ثلاثة أقسام: (قسم) صدقوا التوحيد ووفوا بعهده، ولم يجعلوا قلوبهم إلا محلا لحب واحد. فنزلوا عن جميع أموالهم، ولم يدخروا شيئاً من الدرهم والدينار وغيرهما من أنواع المال، ولم يتعرضوا لوجوب الزكاة عليهم، حتى قيل لبعضهم: كم يجب من الزكاة في مائتي درهم؟ فقال: أما على العوام ـ بحكم الشرع ـ فخمسة دراهم، وأما نحن، فيجب علينا بذل الجميع. وسئل الصادق (عليه السلام) " في كم تجب الزكاة من المال؟ فقال: أما الزكاة الظاهرة، ففي كل الف خمسة وعشرون، وأما الباطنة، فلا تستأثر على أخيك بما هو أحوج إليه منك ". و(قسم) درجتهم دون هذا، وهم الذين أمسكوا اموالهم، ولكنهم راقبوا مواقيت الحاجات ومراسم الخيرات، ويكون قصدهم من الإمساك الأنفاق على قدر الحاجة، دون التنعم، وصرف الفاضل عن قدر الحاجة إلى وجوه البر. وهؤلاء لا يقتصرون على اعطاء مجرد ما يجب عليهم من الزكاة والخمس، بل يؤدون جميع أنواع البر والمعروف أو اكثرها و(قسم) اقتصروا على اداء الواجب، فلا يزيدون عليه ولا ينقصون منه. وهو أدون الدرجات وأقل المراتب، وهو درجة العوام الراغبين إلى المال، لجهلهم بحقيقته وفائدته، وضعف حبهم للآخرة.
الثاني ـ تطهير النفس عن رذيلة البخل، فانه من المهلكات ـ كما تقدم ـ، وإنما تزول هذه الرذيلة ببذل المال مرة بعد أخرى حتى يتعود إذ حب الشيء لا ينقطع إلا بقهر النفس على مفارقته، حتى يصير ذلك اعياداً. وعلى هذا، فالإنفاق يطهر صاحبه من خبث البخل المهلك، وإنما طهارته بقدر بذله، وبقدر فرحه باخراجه واستبشاره بصرفه إلى الله تعالى.
الثالث ـ شكر النعمة، فان لله سبحانه على عبده نعمة في نفسه ونعمة في مال فالعبادات البدنية شكر لنعمة البدن، والمالية شكر لنعمة المال. وما أقبح بالغني المسلم أن ينظر إلى فقير مسلم، وقد ضيق الرزق عليه واحوج إليه، ثم لا تسمح نفسه بأن يؤدى شكر الله تعالى على اغنائه عن السؤال، واحواج غيره إليه، باعطاء عشر أو ربع عشر من ماله.
تعليق