إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

خدعة ولاية العهد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خدعة ولاية العهد

    بسم الله الرحمن الرحيــــــــــــــــم

    اللهم صلّ على محمد وآل محمـــد
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




    نتيجة الجهود العظيمة التي بذلها الأئمة السابقون على الإمام الرضا(عليه السلام) وصلت المسيرة الإسلامية اثناء إمامة الامام الرضا(عليه السلام) الى مرحلة متقدمة وهذا ما جعل السلطة العباسية بزعامة المأمون مضطرة للدخول فيما دخلت فيه من لعبة تولية الإمام الرضا (عليه السلام) لولاية العهد والإيحاء المزيف بتحويل الخلافة من العباسيين لأهل البيت (عليهم السلام) ....

    وأما الحالة التي كانت تعيشها الأمة بلحاظ القيادة الشرعية
    فيبدو
    ان الاُمة كانت تؤيّد قيادة أهل البيت (عليهم السلام) وتعتقد بها ولكن ضمن محاور معينة منها عموم الاُمة التي اصبحت مؤمنة بقيادة أهل البيت (عليهم السلام) ، دون ارتباطها بهم برباط عميق واع .

    ومنها أن المعارضين للدولة الذين يعتمدون الكفاح المسلّح لاسقاطها واقامة الحكم الإسلامي ، وثورة أبي السرايا نموذج لذلك .


    ومنها أن المؤمنين الواعين بالقيادة الشرعية وهم أصحاب الإمام الرضا (عليه السلام) وانصاره.

    واما بالنسبة لتحرك المأمون على واقع تللك المحاور فقد
    انتهج سياسة
    تمكن بها من اجهاضها بحنكة ودهاء
    فقام بالتصدي لمواجهة الثوّار الموالين لأهل البيت(عليهم السلام) وتصفيتهم عسكرياً، ففي أيامه خرج أبو السرايا وقويت شوكته ودعا الى بعض أهل البيت (عليهم السلام) ، فقاتله الحسن بن سهل ، فكانت الغلبة لجيش المأمون وقتل أبو السرايا .



    وقام باحتواء التوجه الشعبي لأهل البيت (عليهم السلام) و ابتكر
    وسيلة سياسية بارعة لاحتواء هذا التوجه وذلك بخدعة بيعة الإمام الرضا (عليه السلام) ولياً للعهد والتظاهر بموالاة أهل البيت (عليهم السلام) لتشويه هذا التوجه وامتصاصه .



    وكان المأمون قد أنفذ إلى جماعة من آل أبي طالب ، فحملهم اليه من المدينة وفيهم الإمام الرضا علي بن موسى(عليهما السلام) ، فأخذ بهم على طريق البصرة حتى جاؤوا بهم إليه، وكان المتولي لإشخاصهم المعروف بالجَلودي
    فقدم بهم على المأمون فانزلهم داراً ، وانزل الامام الرضا عليّ بن موسى (عليهما السلام) داراً ، وأكرمه وعظّم أمره ، ثم أنفذ اليه بقوله:


    (أني أريد ان اخلع نفسي من الخلافة واُقلدك اياها فما رأيك في ذلك ؟)


    فأنكر الامام (عليه السلام) هذا الأمر وقال له :


    « اعيذك بالله يا أمير المؤمنين من هذا الكلام ، وأن يسمع به أحد »
    فرد عليه الرسالة :
    (فإذا ابيت ما عرضت عليك فلا بد من ولاية العهد من بعدي) .

    فأبى عليه الامام الرضا عليه آلاف التحية والسلام إباءً شديداً ، فاستدعاه اليه وخلا به ومعه الفضل بن سهل ذو الرئاستين ، ليس في المجلس غيرهم ، وقال له : (اني قد رأيت ان اقلدك أمر المسلمين ، وأفسخ ما في رقبتي وأضعه في رقبتك )

    فقال له الرضا (عليه السلام) :

    «الله الله ـ يا أمير المؤمنين ـ انه لا طاقة لي بذلك ولا قوة لي عليه»

    قال له :

    (فإني موليك العهد من بعدي)

    فقال له : ((أعفني من ذلك يا أمير المؤمنين ))


    فقال له المأمون كلاماً فيه كالتهديد له على الامتناع عليه ، وقال له في كلامه: (إن عمر بن الخطاب جعل الشورى في ستة أحدهم جدك أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب وشرط فيمن خالف منهم ان تُضرب عنقه ، ولا بد من قبولك ما اُريده منك ، فإنني لا أجد محيصاً عنه)

    فقال له الرضا (عليه السلام) :

    ((فإني اجيبك إلى ما تريد من ولاية العهد ، على انني لا آمر ولا أنهى ولا اُفتي ولا أقضي ولا اُوَلّي ولا اعزل ولا أغيّر شيئاً مما هو قائم» فأجابه المأمون إلى ذلك كله))
    .



    وقد كان الإمام (عليه السلام) مرغَماً على قبول ولاية العهد أي أنه لم يكن له الخيار في رفضها فقد كان المأمون جادّاً في قتله لو تخلف عن قبول البيعة

    فعن الريان بن الصلت أنه قال :
    دخلت على علي بن موسى الرضا (عليه السلام) فقلت له : يا ابن رسول الله ، ان الناس يقولون انك قبلت ولاية العهد مع إظهارك الزهد في الدنيا ؟!

    فقال (عليه السلام) :


    «قد علم الله كراهتي لذلك فلمّا خيّرت بين قبول ذلك وبين القتل اخترت القبول على القتل ، ويحهم أما علموا ان يوسف(عليه السلام) كان نبياً رسولاً فلما دفعته الضرورة إلى تولّي خزائن العزيز قال له : ( اجعلني على خزائن الأرض أني حفيظ عليم ) ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على اكراه وإجبار بعد الاشراف على الهلاك ، على اني ما دخلت في هذا الأمر إلاّ دخول خارج منه ، فإلى الله المشتكى وهو المستعان» (1)


    وروي عن أبي الصلت الهروي أنه قال :
    «إن المأمون قال للرضا علي بن موسى (عليه السلام) يا ابن رسول الله قد عرفت فضلك وعلمك وزهدك وورعك وعبادتك وأراك احقّ بالخلافة منّي ، فقال الرضا (عليه السلام) : ((بالعبودية لله عزّوجل افتخر وبالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شرّ الدنيا ، وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم ، وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله عزّوجلّ )).


    فقال له المأمون : فإني قد رأيت ان اعزل نفسي عن الخلافة ، وأجعلها لك وابايعك ، فقال له الرضا (عليه السلام) : إن كانت هذه الخلافة لك وجعلها الله لك فلا يجوز ان تخلع لباساً ألبسكه الله وتجعله لغيرك ، وان كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز لك ان تجعل لي ما ليس لك.

    فقال المأمون : يا ابن رسول الله لا بدّ لك من قبول هذا الأمر ، فقال : «لست أفعل ذلك طائعاً أبداً» . فما زال يجهد به أياماً حتى يئس من قبوله ، فقال له : فان لم تقبل الخلافة ولم تحبّ مبايعتي لك فكن وليّ عهدي لتكون لك الخلافة بعدي .

    فقال الرضا (عليه السلام) : والله لقد حدّثني أبي عن آبائه عن أمير المؤمنين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أني أخرج من الدنيا قبلك مقتولاً بالسم ، مظلوماً تبكي عليّ ملائكة السماء وملائكة الأرض ، وأدفن في أرض غربة إلى جنب هارون الرشيد .

    فبكى المأمون( بكاء التماسيح) ثم قال له : يا ابن رسول الله ومن الذي يقتلك أو يقدر على الإساءة اليك وأنا حيّ ؟!! فقال الرضا (عليه السلام) : ((أما اني لو أشاء أن أقول من الذي يقتلني لقلت)) .


    فقال المأمون : يا ابن رسول الله إنما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك ، ودفع هذا الأمر عنك ، ليقول الناس إنك زاهد في الدنيا .


    فقال الرضا (عليه السلام) : (( والله ما كذبت منذ خلقني ربّي عزّوجلّ وما زهدت في الدنيا للدنيا وإني لأعلم ما تريد ))


    فقال المأمون : وما اُريد ؟ قال : الأمان على الصدق ؟ قال : لك الأمان . قال عليه السلام: تريد بذلك أن يقول الناس : إنّ علي بن موسى لم يزهد في الدنيا بل زهدت الدنيا فيه ، ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعاً في الخلافة ؟!!!!!



    فغضب المأمون ثم قال : إنّك تتلقّاني أبداً بما أكرهه . وقد أمنت سطوتي ، فبالله اُقسم لئن قبلت ولاية العهد وإلاّ أجبرتك على ذلك فإن فعلت وإلاّ ضربت عنقك .

    فقال الرضا (عليه السلام) : (( قد نهاني الله عزّوجلّ ان اُلقي بيدي إلى التهلكة ، فإن كان الأمر على هذا ، فافعل ما بدا لك ، وأنا أقبل ذلك على أنّي لا اُوَلّي أحداً ولا أعزل أحداً ولا أنقض رسماً ولا سُنّة ، وأكون في الأمر من بعيد مشيراً )).

    فرضي منه بذلك وجعله وليّ عهد على كراهة منه (عليه السلام) لذلك» (2)



    وقد كان المأمون حذراً من الإمام الرضا (عليه السلام) يتحيّن الفرص لاغتياله ، وقد فعل ذلك في أول فرصة مناسبة فأوعز لعملائه باغتياله ، وذلك بعد نحو عامين من ولاية العهد . ففي أول شهر رمضان سنة إحدى ومائتين كانت البيعة للرضا صلوات الله عليه (3)

    وقبض الرضا (عليه السلام) بطوس من أرض خراسان في صفر سنة ثلاث ومائتين وله يومئذ خمس وخمسون سنة.. (4)


    عن أحمد بن علي الانصاري قال : سألت أبا الصلت الهروي فقلت له: كيف طابت نفس المأمون بقتل الرضا (عليه السلام) مع اكرامه ومحبته له وما جعل له من ولاية العهد بعده ؟
    فقال : ان المأمون انما كان يكرمه ويحبه لمعرفته بفضله وجعل له ولاية العهد من بعده ليرى الناس انه راغب في الدنيا فيسقط محله من نفوسهم ، فلما لم يظهر منه في ذلك للناس إلاّ ما ازداد به فضلاً عندهم ومحلاً في نفوسهم جلب عليه المتكلمين من البلدان طمعاً في ان يقطعه واحد منهم فيسقط محله عند العلماء ، وبسببهم يشتهر نقصه عند العامة فكان لا يكلمه خصم من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين والبراهمة والملحدين والدهرية ولا خصم من فرق المسلمين المخالفين إلاّ قطعه وألزمه الحجة ، وكان الناس يقولون : والله إنه أولى بالخلافة من المأمون ، وكان أصحاب الاخبار يرفعون ذلك اليه فيغتاظ من ذلك ويشتد حسده له ، وكان الرضا (عليه السلام) لا يحابي المأمون في حق وكان يجيبه بما يكره في أكثر احواله فيغيظه ذلك ويحقده عليه ولا يظهره له ، فلما أعيته الحيلة في أمره اغتاله فقتله بالسم (5)



    وعن علي بن ابراهيم ، عن ياسر الخادم قال : «لمّا كان بيننا وبين طوس سبعة منازل اعتلّ أبو الحسن (عليه السلام) فدخلنا طوس وقد اشتدّت به العلّة ، فبقينا بطوس أياماً فكان المأمون يأتيه في كل يوم مرتين فلمّا كان في آخر يومه الذي قبض فيه كان ضعيفاً في ذلك اليوم فقال لي بعدما صلّى الظهر : يا ياسر أكل الناس شيئاً ؟!! قلت : يا سيدي من يأكل ههنا مع ما أنت فيه؟! !فانتصب (عليه السلام) ثم قال : هاتوا المائدة!!!، ولم يدع من حشمه أحداً إلاّ أقعده معه على المائدة يتفقد واحداً واحداً ، فلما اكلوا قال : ابعثوا إلى النساء بالطعام، فحمل الطعام إلى النساء فلمّا فرغوا من الأكل أغمي عليه وضعف ، فوقعت الصيحة وجاءت جواري المأمون ونساؤه حافيات حاسرات ، ووقعت الوصية (6) بطوس وجاء المأمون حافياً وحاسراً يضرب على رأسه ، ويقبض على لحيته ، ويتأسف ويبكي وتسيل الدموع على خديه (أشبه بدموع التماسيح) فوقف على الرضا (عليه السلام) وقد أفاق فقال : يا سيدي والله ما أدري أي المصيبتين أعظم عليّ ، فقدي لك وفراقي إياك؟ أو تهمة الناس لي أنا اغتلتك وقتلتك؟!!! قال : فرفع طرفه اليه ثم قال عليه آلاف التحية والسلام : ((أحسن يا أمير المؤمنين معاشرة أبي جعفر ، فإنّ عمرك وعمره هكذا وجمع سبّابتيه)) .



    قال : فلما كان من تلك الليلة قضى(عليه السلام) بعد ما ذهب من الليل بعضه ، فلمّا أصبح اجتمع الخلق وقالوا : هذا قتله واغتاله ـ يعني المأمون ـ وقالوا : قتل ابن رسول الله واكثروا القول والجلبة (7)، وكان محمد بن جعفر بن محمد(عليه السلام) استأمن إلى المأمون وجاء إلى خراسان وكان عمّ أبي الحسن فقال له المأمون : يا أبا جعفر أخرج إلى الناس وأعلمهم ان أبا الحسن لا يخرج اليوم، وكره ان يُخرِجه فتقع الفتنة فخرج محمد بن جعفر إلى الناس فقال : ايها الناس تفرقوا فإن أبا الحسن لا يخرج اليوم، فتفرق الناس وغسل أبو الحسن في الليل ودفن» (8).


    وقد استطاع المأمون ان يخدع الكثيرين عندما أظهر حزنه وجزعه على استشهاد الإمام الرضا (عليه السلام) وبصورة أثرت على العوام، لكنها لم تنطل على الخواص . حيث إنهم عرفوا دوافع المأمون وأساليبه وأهدافه ، كما اتضح ذلك في نصّ أبي الصلت


    المصادر والهــــــــــــــوامش :

    (1) الحياة السياسية للإمام الرضا (عليه السلام) : 141 .
    (2) الحياة السياسية للإمام الرضا(عليه السلام): 141 .
    (3) الحياة السياسية للإمام الرضا(عليه السلام): 141 .
    (4) الحياة السياسية للإمام الرضا(عليه السلام): 66 .
    (5) الحياة السياسية للإمام الرضا (عليه السلام) : 107 ـ 108 .
    (6) الوصية: الصوت يكون في الناس وغيرهم. الوصية: الرحمة .
    (7) الجلبة : اختلاط الأصوات والصياح .
    (8) الحياة السياسية للإمام الرضا(عليه السلام) : 108 ، عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 2/269، 270 .


    فسلام الله على الإمام الرؤوف غريب طوس الرضا عليه صلوات الله يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا,,,

    رزقنا الله وإياكم حسن اتباعه وزيارته وشفاعته...



    التعديل الأخير تم بواسطة مهند السهلاني ; الساعة 07-03-2013, 07:51 PM. سبب آخر:

    وقـــــــــــــل ربِّ زدني عــِـــــــــــلماً








  • #2
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اخ المشرف المحقق
    سلمت الايادي بارك الله بكم
    تــــــــحياتي



    تعليق


    • #3
      بسم الله الرحمن الرحيــــــــــــــــم

      اللهم صلّ على محمد وآله الغر الميامين


      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته





      كل الشكر والإمتنان لحضرتكم الكريمة أختي
      نداء الكفيل على تعليقكم الوضاء ...



      أتمنى لكم التوفيق الدائم ...

      التعديل الأخير تم بواسطة مهند السهلاني ; الساعة 07-03-2013, 08:31 PM. سبب آخر:

      وقـــــــــــــل ربِّ زدني عــِـــــــــــلماً







      تعليق

      يعمل...
      X