بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
قال الله تعالى ( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) المائدة (50)
بعض الصحابة مع وجود الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله يميلون الى عاداة الجاهلية
ففي أحد الاَيام قام أحد الكفّار بتذكير نفر من الصحابة من الاَوس والخزرج بقتلاهم في الجاهلية، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الاَشعار في يوم بعاث، وهو اليوم الذي اقتتل فيه الاَوس والخزرج، فهاجتهم تلك الاَشعار وتنازعوا وتفاخروا، وغضبوا جميعاً، فخرجوا إلى الحرّة ومعهم السلاح، وقبل بدء القتال خرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال:
«يا معشر المسلمين، الله الله، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله للاِسلام وأكرمكم به، وقطع به عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر، وألَّف به بين قلوبكم» فعرف القوم أنّها نزعة من الشيطان وكيد من عدّوهم، فبكوا وعانق الرجال من الاَوس والخزرج بعضهم بعضاً (1).
فلولا الاسراع في حل الاَزمة لحدث القتال ولبقيت آثاره قائمة، حدث ذلك ورسول الله بين أظهرهم، فكيف يكون الوضع لو لم يكن معهم كما حدث بعد رحيله !
وفي أحد الاَماكن ازدحم على الماء أحد المهاجرين وأحد الاَنصار، فصرخ أحدهم: يا معشر المهاجرين، وصرخ الآخر، يا معشر الاَنصار، وكادت تحدث الفتنة لولا تدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تجاوزها وإشغال المسلمين بالمسير لمدة يومين (2).
وقد خالف خالد بن الوليد المهمة التي كُلِّف بها، وهي الدعوة السلمية إلى الاِسلام، وقام بقتل جماعة من بني جذيمة ثأراً لعمّه المقتول في الجاهلية، وحينما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعمل خالد رفع يديه إلى السماء ثم قال: «اللّهمَّ إنّي أبرأُ إليك ممّا صنع خالد» (3).
(1) السيرة النبوية، لابن هشام 2: 204 ـ 205.
(2) السيرة النبوية، لابن هشام 3: 303. والطبقات الكبرى، لابن سعد 2: 65.
(3) صحيح البخاري 5: 203. وتاريخ اليعقوبي 2: 61. وتاريخ الطبري 3: 67. والكامل في التاريخ 2: 256.
تعليق