بسم الله الرحمن الرحيم
اللَهٌمَ صَل ِعَلى مُحَمْدٍ وَآل ِ مُحَمْدٍ الْطَيّبْينَ الْطَاهِرّيْنَ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللَهٌمَ صَل ِعَلى مُحَمْدٍ وَآل ِ مُحَمْدٍ الْطَيّبْينَ الْطَاهِرّيْنَ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما رأيت إلا جميلا
زينب، كيف رأيت صنع الله بأخيك الحسين وأهل بيتك؟
- ما رأيت إلا جميلاً.. هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم، فتحاج وتخاصم فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك امك يا بن مرجانة.
"زينب في مجلس ابن زياد"
لكل إنسان قَدَرَهُ من السعادة، كما له حصته من المعاناة، لكن التبصر في الأمور وجلاء حقائقها من خط المعاناة هو أمر يقتضي ما يشبه النبوءة.. النبوءة التي تختلف وتتباين من نفس لأخرى حسب عمق يقينها. بالطبع لن تفلتنا الحياة من خوض المعارك وتوابعها ولا من نظرات التشفي والتلظي حين تنهار علينا الأبنية فجأة وتضعنا الأقدار بدون مقدمات كما رفعتنا سابقا.. فجميعنا تقلبه الأقدار بمصائب تهده أحيانا، لتمايزه وترفع من قدره أو لتختبره، والمصائب إن أتت فهي لا تجيئنا فرادى.. ولن يبدو عجبا أن يطال الحُر شماتة الأعداء، ليس لأن خللا ألم به، بل لأن هذه حال الدنيا لا تصفو لأحد.
لو كانت الدنيا تدوم لأهلها... لكان رسول الله فيها مخلد
فالحياة تتلون من تلقاء نفسها، لذا ترينا تقلبات أهلها وغدرهم، وإن كان التشفي والتلظي له وقع مؤلم في النفس، فهو مع الذين لا إيمان لهم يبدو أمر محبط للغاية، فلا مرتكز تعتمده إنكساراتهم ولا متكأ يخفف عنهم مرارتها.. لكنما هو الإيمان وحده من يصلب المرء منا ويقوي عوده يصوغ النفوس بشخصيات قوية تضيئ فصول الحياة.. وهذا يحصل مع أولئك اللذين يتعلقون بالسماء ويؤمنون بتقاديرها، يوحون برؤيا تقدح في الناس اليقين، ويسجلون في صفحات التاريخ قفزات تمكنهم من تفعيل منطلق الإيمان والصبر، فيغيب الإحباط عن أرواحهم وسط الشماتات المتقاذفة، ويخبو الحزن عنهم وسط تضخم التعلق بالرسالة ومسارها، وتمتلئ نفوسهم بالثقة والعزيمة لأنهم في جنب الله.
ولتجربة السيدة زينب في معركة كربلاء ملحمة حقيقية تستعرض هذا المعنى، حيث كانت تمثل بُنيَة سليمة راحت تتنفس وتندرج في حضن الإيمان بالقضية رغم المعاناة التي عاشتها وهي تؤدي دورها البطولي العظيم، فبعض المعاناة تمايز الناس وبعضها تقوي عزائمهم بينما الآخر يجعلهم يقدمون على مجابهتها بجسارة أو ينهزموا منها، فلا أحد يعرف ما تجره الأقدار إليها.. أليست هذه تقلبات الدهر ومفاجأته.
كان الحسين في كامل الإقتناع أنه يخط الحقيقة، وكانت زينب على أثره تخطو خطواتها بثبات ورضا.. تعرضت لما هو أكبر من الاحتمال العادي لرجال أشداء، فضلا عن كونها ربيبة عز وفخر تحملها الأيام لمجلس أقل ما يقال فيه أنه مجلس فسق وفجور، ولأشخاص يملأهم الحقد ويغلفهم الكره بالسواد، ويجعلها تتلقى الصفعات واحدة تلو الأخرى ويشمت بها الشامت، سألوها تهكما في مجلس ابن زياد: كيف رأيت صنع الله بأخيك الحسين وأهل بيتك، فقالت أنها ما رأت إلا جميلاً.
كل المصائب قد تمر على الفتى... فتهون غير شماتة الأعداء
رباه.. كم هي تعيسة على الحُر لحظة الشماتة، وأتعس منها أن تكون بلا مقابل يخفف ألمها، ويهون وقعها من الإرتطام الذي يمزق النفس.. شماتة الأعداء مؤلمة، وتراقصهم على الجراح ينكأها ويزيدها نزيفا.. والتكاذب على الحقيقة أشد إيلاما على النفس حتى من فقد الأحبة ومن السبي لحُرة مثلها.
أيكون موقف الإنسان صعب الفهم أحياناً.. يعاني لكنه يقاوم كما فعلت زينب، حتى أننا نستغرب لها سعة الصبر وقدرتها على التجلد والتتلمذ على طاعة الله والرضا بقضائه. أولئك أشخاص نذروا أرواحهم لله، شعلة دافقة من الفكر والروح ترتقي لتحقيق الإنسانية وحفظ الحقيقة، تمثل أنموذج للطاعة والتسليم. لقد وصلت زينب لذاتها وهي تستعرض تاريخها وأهلها، في حين وجدت المعركة مجزرة تجرها لمجلس فاسق، ومن ثم لخربة تضيق بهم، ويكاد يسقط سقفها العاري وتتهاوى أشرعتها عليهم، وهي التي يعلمها الحسين كيف تتصرف وكيف تمايز بين خطوطها.. لكن الدسائس والنيل من عزة المرء أمر لا يطيقه كل حر، ولا يصبر عليه أي أحد، ولو لم يكن الإيمان يصلب عودها لما كان لمخلوق أن يحتمل ما تحتمل.
لقد وصلت المعاناة لمرحلة يضيق معها الكلام وتغص الدمعة في محجرها.. تلك هي مجالات النفس الإيمانية حين تتوحد مع ذات الله وتطلب منه العفو والعافية، تتعلم كيفية قراءة الأحداث بجدارة حتى تخدم الموقف.. فما كل صراخ يسمع حقيقة، وما كل ما يقال يصدق، وما كل شماتة نيل من صاحبها، وما كل هزيمة انكسار، ولا كل فوز نصر لصاحبه، ففي كربلاء مشاهد تجتر ملحمة النفس الإنسانية. وللحقيقة فإن المعاناة الطويلة انتهت بانفطار من نوع آخر شق كذبات العدو فارتطم بهم موقفها العظيم وهمش نصرهم المزعوم، فخلفت ثروات ضخمة تعمر النفس وتخلد الإنسان وتقوي عزيمته
زينب، كيف رأيت صنع الله بأخيك الحسين وأهل بيتك؟
- ما رأيت إلا جميلاً.. هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم، فتحاج وتخاصم فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك امك يا بن مرجانة.
"زينب في مجلس ابن زياد"
لكل إنسان قَدَرَهُ من السعادة، كما له حصته من المعاناة، لكن التبصر في الأمور وجلاء حقائقها من خط المعاناة هو أمر يقتضي ما يشبه النبوءة.. النبوءة التي تختلف وتتباين من نفس لأخرى حسب عمق يقينها. بالطبع لن تفلتنا الحياة من خوض المعارك وتوابعها ولا من نظرات التشفي والتلظي حين تنهار علينا الأبنية فجأة وتضعنا الأقدار بدون مقدمات كما رفعتنا سابقا.. فجميعنا تقلبه الأقدار بمصائب تهده أحيانا، لتمايزه وترفع من قدره أو لتختبره، والمصائب إن أتت فهي لا تجيئنا فرادى.. ولن يبدو عجبا أن يطال الحُر شماتة الأعداء، ليس لأن خللا ألم به، بل لأن هذه حال الدنيا لا تصفو لأحد.
لو كانت الدنيا تدوم لأهلها... لكان رسول الله فيها مخلد
فالحياة تتلون من تلقاء نفسها، لذا ترينا تقلبات أهلها وغدرهم، وإن كان التشفي والتلظي له وقع مؤلم في النفس، فهو مع الذين لا إيمان لهم يبدو أمر محبط للغاية، فلا مرتكز تعتمده إنكساراتهم ولا متكأ يخفف عنهم مرارتها.. لكنما هو الإيمان وحده من يصلب المرء منا ويقوي عوده يصوغ النفوس بشخصيات قوية تضيئ فصول الحياة.. وهذا يحصل مع أولئك اللذين يتعلقون بالسماء ويؤمنون بتقاديرها، يوحون برؤيا تقدح في الناس اليقين، ويسجلون في صفحات التاريخ قفزات تمكنهم من تفعيل منطلق الإيمان والصبر، فيغيب الإحباط عن أرواحهم وسط الشماتات المتقاذفة، ويخبو الحزن عنهم وسط تضخم التعلق بالرسالة ومسارها، وتمتلئ نفوسهم بالثقة والعزيمة لأنهم في جنب الله.
ولتجربة السيدة زينب في معركة كربلاء ملحمة حقيقية تستعرض هذا المعنى، حيث كانت تمثل بُنيَة سليمة راحت تتنفس وتندرج في حضن الإيمان بالقضية رغم المعاناة التي عاشتها وهي تؤدي دورها البطولي العظيم، فبعض المعاناة تمايز الناس وبعضها تقوي عزائمهم بينما الآخر يجعلهم يقدمون على مجابهتها بجسارة أو ينهزموا منها، فلا أحد يعرف ما تجره الأقدار إليها.. أليست هذه تقلبات الدهر ومفاجأته.
كان الحسين في كامل الإقتناع أنه يخط الحقيقة، وكانت زينب على أثره تخطو خطواتها بثبات ورضا.. تعرضت لما هو أكبر من الاحتمال العادي لرجال أشداء، فضلا عن كونها ربيبة عز وفخر تحملها الأيام لمجلس أقل ما يقال فيه أنه مجلس فسق وفجور، ولأشخاص يملأهم الحقد ويغلفهم الكره بالسواد، ويجعلها تتلقى الصفعات واحدة تلو الأخرى ويشمت بها الشامت، سألوها تهكما في مجلس ابن زياد: كيف رأيت صنع الله بأخيك الحسين وأهل بيتك، فقالت أنها ما رأت إلا جميلاً.
كل المصائب قد تمر على الفتى... فتهون غير شماتة الأعداء
رباه.. كم هي تعيسة على الحُر لحظة الشماتة، وأتعس منها أن تكون بلا مقابل يخفف ألمها، ويهون وقعها من الإرتطام الذي يمزق النفس.. شماتة الأعداء مؤلمة، وتراقصهم على الجراح ينكأها ويزيدها نزيفا.. والتكاذب على الحقيقة أشد إيلاما على النفس حتى من فقد الأحبة ومن السبي لحُرة مثلها.
أيكون موقف الإنسان صعب الفهم أحياناً.. يعاني لكنه يقاوم كما فعلت زينب، حتى أننا نستغرب لها سعة الصبر وقدرتها على التجلد والتتلمذ على طاعة الله والرضا بقضائه. أولئك أشخاص نذروا أرواحهم لله، شعلة دافقة من الفكر والروح ترتقي لتحقيق الإنسانية وحفظ الحقيقة، تمثل أنموذج للطاعة والتسليم. لقد وصلت زينب لذاتها وهي تستعرض تاريخها وأهلها، في حين وجدت المعركة مجزرة تجرها لمجلس فاسق، ومن ثم لخربة تضيق بهم، ويكاد يسقط سقفها العاري وتتهاوى أشرعتها عليهم، وهي التي يعلمها الحسين كيف تتصرف وكيف تمايز بين خطوطها.. لكن الدسائس والنيل من عزة المرء أمر لا يطيقه كل حر، ولا يصبر عليه أي أحد، ولو لم يكن الإيمان يصلب عودها لما كان لمخلوق أن يحتمل ما تحتمل.
لقد وصلت المعاناة لمرحلة يضيق معها الكلام وتغص الدمعة في محجرها.. تلك هي مجالات النفس الإيمانية حين تتوحد مع ذات الله وتطلب منه العفو والعافية، تتعلم كيفية قراءة الأحداث بجدارة حتى تخدم الموقف.. فما كل صراخ يسمع حقيقة، وما كل ما يقال يصدق، وما كل شماتة نيل من صاحبها، وما كل هزيمة انكسار، ولا كل فوز نصر لصاحبه، ففي كربلاء مشاهد تجتر ملحمة النفس الإنسانية. وللحقيقة فإن المعاناة الطويلة انتهت بانفطار من نوع آخر شق كذبات العدو فارتطم بهم موقفها العظيم وهمش نصرهم المزعوم، فخلفت ثروات ضخمة تعمر النفس وتخلد الإنسان وتقوي عزيمته
تعليق