الجن في ظل الامامة -3-
اختيار العمال والولاة
اختيار العمال والولاة
إن عمل الولاة في نظر الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) هو باب يلجه المسؤول فيها وعنها إلى انصاف الناس ولإقامة أقصى ما يمكن إقامته من أسباب المساواة بينهم ، والإنابة على البلاء بقدر البلاء ، والاستغلال جهد ما يحتمل الزمان ، والمنع من الاحتكار وملازمة الحق ، ثم توجيه الضمائر والعقول الى الخير توجيهاً له أصول وقواعد ثابته في خُلق الوالي المسؤول وفي مسلكه . فهذا الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) نراه كما ورد في كتب التاريخ أنه يعين وينصب ولاة عادلين يمثلون شخصيته سواء أكانوا من الإنس أو الجن ، فورد في ( بحار الانوار 60/66 ) بإسناده عن جابر عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : بينما أمير المؤمنين ( عليه السلام ) على المنبر إذ أقبل ثعبان من ناحية باب من أبواب المسجد ، فهمَّ الناس أن يقتلوه ، فأرسل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أن كفوا ، فكفوا .
وأقبل الثعبان ينساب حتى انتهى الى المنبر فتطاول فسلم على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فأشار أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إليه أن يقف حتى يفرغ من خطبته ، ولما فرغ من خطبته أقبل عليه ، فقال : من أنت ؟ فقال : أنا عمرو بن عثمان خليفتك على الجن ، وإن أبي مات وأوصاني أن آتيك فأستطلع رأيك ، وقد أتيتك يا أمير المؤمنين ، فما تأمرني به ؟ وما ترى ؟
فقال له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أوصيك بتقوى الله ، وأن تنصرف فتقوم مقام أبيك في الجن ، فإنك خليفتي عليهم ، قال : فودع عمرو أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وانصرف فهو خليفته على الجن ، فقلت له : جعلت فداك فيأتيك عمرو ، وذاك الواجب عليه ؟ قال : نعم .
وقال تعالى في القرآن الكريم ( يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ ) ( الانعام – 130 - ) فالرسل من الإنس خاصة ، لكن لما جمعوا مع الجن في الخطاب صح ذلك ، وقيل : الرسل من الجن رسل الرسل إليهم لقوله ( وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ ) ( الأحقاف -29 -) .
غوث الملهوف
وورد في مفاتيح الجنان في زيارته ( عليه السلام ) المطلقة الأولى : ( وأشهد أن المتوسل بك غير خائف والطالب بك عن معرفةٍ غير مردود إلا بقضاء حوائجه ) فكان في زمانه مقصد المسلمين جميعاً سواء أكانوا من الجن أو إنس ، فما كانت تُعرض عليهم من مسألةٍ أو معضلةٍ إلا عرضوها على أبي الحسن ( عليه السلام ) فورد في ( بحار الأنوار 39/171-172/11 ) عن جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) عن ابية عن جده الشهيد ( عليه السلام ) قال : كان علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) يخطب بالناس يوم الجمعة على منبر الكوفة إذ سمع وجبة عظيمة ( الوجبة : السقطة مع الهدة أو صوت الساقط ) وعَدَوا الرجال يتواقعون بعضهم على بعض فقال لهم أمير المؤمنين ( عليهم السلام ) : ما بكم يا قوم ؟ قالوا : ثعبان عظيم قد دخل باب المسجد كأنه النخلة السحوق ( كالنخلة السحوق : أي الطويلة التي بعد ثمرها على المجتني ) ونحن نفزع منه ونريد أن نقتله فلا نقدر عليه ، فقال : لا تقربوه وطَرِّقُوا له ، فإنه رسول إلي قد جاءني في حاجة ، قال : فعند ذلك فرجوا له ، فما زال يخترق الصفوف الى أن وصل الى عيبة علم رسول الله ( صلى الله عليه واله ) ثم جعل ينق نقيقاً ، فجعل الإمام ( عليه السلام ) ينق مثل ما نق له ، ثم نزل عن المنبر وانسل ( فانسللتُ بين يديه : أي مضيت وخرجت بتأن وتدريج ) من الجماعة ، فما كان اسرع أن غاب فلم يروه ، فقالت الجماعة : يا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ما هذا الثعبان ؟ قال : هذا درجان بن مالك خليفتي على الجن المؤمنين ، وذلك أنهم اختلف عليهم شيء من أمر دينهم فأنفذوه إلي ليسألني عنه فأجبته ، فاستعلَمَ جوابها ثم رجع إليهم .
ولهذا الموقف ولعدة مواقف أخرى مشابهة وهي دخول الثعبان من باب مسجد الكوفة سمي أحد أبواب المسجد بباب الثعبان و قد اغتاظ معاوية من هذه التسمية للباب لأنها تدل على منقبة للإمام ( عليه السلام ) فبعد استشهاد الإمام بفترة من الزمن ، جاء بفيل وربطه على ذاك الباب لفترة من الزمن حتى عُدَّ ذلك الباب باب الفيل .
القضاء
الجن مع الإمام المهدي ( عليه السلام )
فرُوي في ( بحار الانوار 60/75-76) عن المفضل بن عمر ، في خبر طويل في الرجعة وأحوال القائم ( عليه السلام وعجل فرجه الشريف ) ، قال المفضل : قلت يا سيدي : فمن يخاطبه ؟ قال الملائكة والمؤمنون من الجن ، وساق إليَّ قوله ، قال المفضل : يا سيدي وتظهر الملائكة والجن للناس ؟ قال : إي والله يا مفضل ، ويخاطبونهم كما يكون الرجل مع حاشيته وأهله . قلت : يا سيدي ويسيرون معه ؟ قال : إي والله يا مفضل ، وَليَنزِلَنَّ أرضَ الهجرة ما بين الكوفة والنجف ، وعددُ أصحابه ( عليه السلام ) ستة وأربعون ألفاً من الملائكة ، وستة آلاف من الجن ، والنقباء ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً .
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من المنتظرين للإمام المهدي ( عليه السلام وعجل فرجه الشريف ) والقائمين بخدمته والمستشهدين بين يديه .
تعليق