إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كربلاء العزة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كربلاء العزة

    محاضرات السيد منيرالخباز





    الليلة الأولى : كربلاء مدرسة العزة


    قال تعالى:{يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ }
    القيم الإجمالية في مدرسة كربلاء , وأول هذه القيم الجمالية هي قيمة العزة التي تحدث عنها القرآن الكريم بقوله:{ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ },وتحدث عنهاالحسين(عليه السلام) في قوله:"واللهِ لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا افر فرارالعبيد", حديثنا عن العزة في محاور ثلاثة :
    1/
    مفهوم العزة وأقسامها.
    2/
    عزةالفرد وعزة الأمة.
    3/
    مظاهر العزة في مدرسة كربلاء.

    المحور الأول :مفهوم العزة وأقسامها.

    ما هي العزة ؟العزة لغة: بمعنى الصلابة ( أرض إعزاز) أي أرض صلبه , استعملت العزة في معاني , منها العزة بمعنى القاهرية والغلبة قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ } يعني يا أيها الشخص القاهر الذي لا يغلب قال تعالى:{ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ } , واستعملت العزةبمعنى الندرة قال تعالى: { وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ } أي نادر , واستعملت العزةبمعنى المشقة قال تعالى:{ لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌعَلَيْهِ( يعني يشق عليه) مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } نحن حديثنا عن العزة بمعنى الصلابة والقاهرية , الإنسان العزيزهو الإنسان الصلب الذي لا يقهر ولا يغلب .
    ما هي أقسام العزة ؟

    العزةمتفرعة على ملك القوة , من ملك قوة ومن ملك عزة ومن كان ضعيفاً فهو ذليل , العزةمتفرعة على ملك القوة ولذلك ترى القرآن الكريم يفرع العزة على الملك , يقول القرآن : { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } فرعت الآية العز على الملك لأن بيده الملك وبيده القوة إذن بيده العزة , بما أن العزة متفرعة على الملك ومتفرعةعلى القوة فهناك: 1/عزة ذاتية 2/وعزة اكتسابية .

    الخالق تبارك وتعالى لأنه يملك القوة بذاته فقوته نابعة من ذاته ومن خالقيته وليست مكتسبه من غيره لأنه يمتلك القوة بذاته وهو عزيز بذاته فعزته(عزة ذاتيه), بينما المخلوق يستوهب القوة ويكتسبها من الخالق فقوة المخلوق قوة اكتسابية إذن عزته (عزة اكتسابية ) قوله تعالى:{ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً } العزةالذاتية المفاضة من قبل الله تبارك وتعالى :{ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً } .
    علماء العرفان يقسمون العزة إلى :
    1/
    عزة ظليه.
    2/
    عزة حقيقة.
    3/
    عزة حقه.

    العزةالظليه :
    هي عزة المؤمن , عندما يكون المؤمن عزيز فالعزة ليست لشخص مؤمن , العزةلإيمانه , المؤمن ظل لإيمانه و العزة لإيمانه وليست له وليست لشخصه لذلك عزة المؤمن عزة ظلية .

    العزة الحقيقية :
    وهي عزة الرسول محمد ( صل الله عليه وآله ) فعزة الرسول عزة حقيقية لأن الرسول مظهراً لله العزيز في قدرته و حياته وعلمه وحكمته فعزة الرسول عزة حقيقية , وهناك عزة حقيقية حقا وهي عزة الله تبارك وتعالى لأنه مصدر القوة والقدرة قال تبارك وتعالى :{ يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ } من القائل ؟! عبد الله ابن أبي سلول رأس المنافقين { يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ } نحن الأعز والنبي الأذل نحن نخرجه , القرآن يرد عليه { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُوَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ } هنا نكته عقائديه القائل عبد الله ابن أبي سلول القرآن عبر عنه بصيغة الجمع وقال : { يَقُولُونَ } بينما القائل واحد وليس جماعة { َيقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَىالْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ } مع أن القائل واحد وعبر عنه بصيغة الجمع وقال:{ يَقُولُونَ } , لماذا؟!
    كل عمل تؤمن به جماعة يصح نسبته إلى الجماعة وإن كان الفاعل فرداً , عندما يقوم فرداً بعمل ما لكن هناك أمه تؤمن بهذا العمل وترضى بهذا العمل وتثق بهذا العمل يصح نسبة الفعل إلى الجماعة , مثلاً: عندما يشيد شخصاً مأتماً وعندما يشيد شخصاً مسجداً يصح لنا بأن نقول بأن أهلا لمنطقة الفلانيه شيدوا مأتماً و شيدوا مسجداً مع أن القائم به شخصاً واحد لماذا ؟!

    لأن الجميع كان مؤمناً به وراضياً به الفعل الواحد المرضي به لدى الجماعةيصح نسبته إلى الجماعة لذلك في زيارة الحسين " عليه السلام " وفي زيارة العباس(عليه السلام) تقول : ( لعن الله أمة قتلتك ولعن الله أمة ظلمتك ولعن الله أمة سمعت بذلك ورضيت به ) صحيح القاتلون أشخاص معدودون ولكن بما أن هذا القتل جريمة رضيت به أمه ورضي به مجتمع فالجميع يصح نسبة القتل إليه ( ولعن الله أمة سمعت بذلك فرضيت به ) .

    فعل الواحد يصح نسبته إلى الجماعة إذا كان فعلاً مرضياً , آية الولايةالواردة في الإمام علي(عليه السلام) قال :{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } هذا الفعل صدر من واحد وهو علي ابن أبي طالب لكن القرآن نسبه إلى الجماعة وقال:{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَوَهُمْ رَاكِعُونَ } لماذا نسب فعل الواحد إلى الجماعة ؟لأن المؤمنين مؤمنون بهذاالعمل وراضون بهذا العمل وهو إيتاء الزكاة حال الصلاة وحال الركوع بما أنه فعل مؤمنبه الجمع ومرضي لدى الجمع لذلك نسبه إلى الجماعة .

    نحن عندما نقول العزة صفةعظيمة , القرآن الكريم يقول:{ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} قد يتصور إنسان أن الاعتزاز بالنفس تكبر والتكبر مذموم فيخلط بين العزة وبين التكبر , هناك فرق بين العزة وبين التكبر ما هو الفرق بينهما ؟!

    التكبر:هو التعالي على الآخرين لعامل شخصياً كنسب أو عرق أو لغة أو ثقافة , أنا أتعالى عليه لأن نسبي أشرف منك نسباً , أو أتعالى عليك لأن عرقي بنظري أشرف منعرقك , أو أتعالى عليك لأن لي ثقافة لا تمتلكها أنت , التعالي على الغير لنسب أوثقافة أو عرق هذا تكبر و التكبر مذموم فالقرآن الكريم يقول:{ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً }وقال تعالى:{ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } هذا التكبر مذموم .

    العزة: العزة هي احترام صفة الإيمان , أنت أيها المؤمن أعطيك صفة الإيمان عليك أن تحترم صفة الإيمان التي أعطيت لك من قبل الله , احترام المؤمن لصفة الإيمان التي أعطيت لها من قبل الله هو العزة وهذا يختلف عن التكبر مثلاً: أنا إنسان مؤمن أدخل مجلس فسوق مجلس كله مجون تارة أدخل المجلس من أجل تغيره وهدايته هذه حركة مباركة أمراً بمعروف ونهي عن المنكر , وتارة ادخل للمجلس مجارة له , عندما أدخل المجلس مجارة له وأطر إلى أن أداريه وأجاريه كي لا أكون شخصاً شاذاً وكي لا أكون شخصاً منبوذاً هذه ذلة , لماذا؟!

    لأنني لم أحترم صفة الإيمان التي وهبت ليمن قبل الله , من احترم صفة إيمانه التي وهبت له وضعها في موضوعها اللائق بها ,مثلاً: ربما امرأة مؤمنة تقول أنا أذهب إلى حفلة كلها غناء ورقص وكلها لهو وطرب فإذا كان دخولها مستوجب للمجارة والخضوع فهذه ذلة , المؤمن لا يذل صفة الإيمان التي وهبت له من قبل الله تبارك وتعالى .

    إذن العزة تختلف عن التكبر العزة أن تحترم صفة الإيمان التي أعطيت لك فتضعها في موضعها اللائق بها هذا هو المحور الأول من حديثنا حول العزة وأقسامها .

    المحور الثاني :عزة الفرد وعز الأمة .
    أحياناً يتصف بالعزة الفرد و أحياناً يتصف بالعزة الأمة.
    عزة الفرد :عزةالفرد المؤمن لها مظاهر ثلاثة :
    1/
    العزة الإيمانية .
    2/
    العزة الفخرية .
    3/
    العزة السلوكية.

    المظهر الأول : العزة الإيمانية.
    ما معناها ؟معناها أن لا تذل إيمانك أمام السلطان , كيف لا أذل إيماني أمام السلطان ؟ كيف يتعامل الناس مع السلطان ؟هناك من يتعامل مع السلطان بلغة الانبطاح و بلغةالاستجداء , التعامل مع السلطان بلغة الاستجداء والانبطاح إذلالاً لصفة الإيمان وهناك من يتعامل مع السلطان بلغة الحوار , الحوار المؤدب المقتضي لجلب الحقوق هذا التعامل عزة , الأحاديث الشريفة تشير إلى كلا النوعين من التعامل , الإمام الكاظم يمدح علي ابن يقطين لأن لغته لغة الحوار العزيز يقول له : ( يا علي إن لله مع السلطان أولياء يدفع بهم عن أولياءه ) .

    ويقول الإمام الكاظم عمن يتعامل مع السلطان بلغة الاستجداء يقول: ( لئن أسقط من حالق فأتقطع قطعة قطعة أحب إليَّ من أن أطأ إليهم بساطه أو أتولى لهم عملا ) .

    العزة الإيمانية في موقف الإمام الصادق (عليه السلام ) الإمام الصادق لم يطلق ثورة شجع ثورة زيد ابن علي ابن الحسين ولكنه لم يتصدى لقيادة ثورة الإمام لم يطلق ثورة لكنه حافظ على مبدأ العزة , الإمام الصادق حافظ على مقام العزة .

    المنصور العباسي كسائر الخلفاء , الخلفاءالأمويون والعباسيون في كل سنة يأتون إلى الحج لكسب سمعه إعلاميه ويعبرون عن طريق المدينة المنورة إذا دخل الخليفة المدينة يخرج إليها أعيانها و وجهائها يستقبلونه ويرحبون به المنصور العباسي كذلك المنصور العباسي يفتقد الإمام الصادق (عليه السلام)الإمام الصادق لا يخرج ولا يستقبل ولا يرحب , كتب المنصور العباسي إلى الإمام الصادق(عليه السلام) كتب إليه ( يا جعفر لم لا تغشانا كما يغشانا الناس ) أجابه الإمام الصادق: ( ليس لنا من الدنيا ما نخافك عليه ) ليس لنا من عمارات وعقارات ونخاف أن تأخذها ونأتي لنسلم عليك ( ليس لنا من الدنيا ما نخافك عليه وليسلك من الآخرة ما نرجوه منك ) أنت لا تملك آخره حتى نأتي ونقول لك نسألك الدعاء , يعني لماذا نأتيك ؟ فكتب إليه المنصور : ( تصحبنا لتنصحنا ) فأجابه الإمام الصادق: (من أراد الآخرة لا يصحبك ومن أراد الدنيا لا ينصحك) هذا مظهر العزة , مظهر العزةفي الاستقلال وفي الصلابة هذا هو مظهر العزة الذي حافظ عليه الإمام الصادق(عليهالسلام).

    المظهر الثاني : العزة الفخرية.

    مثلاً: بعض أبنائنا عندمايذهبون إلى الغرب مثلاً يقول أنا لا أستطيع أن أعيش في أمريكا أو أوربا أن لا أصافح المرأة الأجنبية , لا أستطيع ويلزم أن أصافح المرأة الأجنبية , إذا دعيت إلى مائدةعليها خمراً لا أستطيع أنا أن لا اجلس , اعد منبوذاً وأعد شاذاً يأخذون عني فكرةبأني معقد فأن مطر إلى المجارة , هذه ذلة فالعزة الفخرية أن تعتز بمبادئك أن تعتزبقيمك , المجتمع الغربي يعظم الإنسان المبدئي الذي يقف عند مبادئه ويقف عند قيمه عندما أقول مبادئي لا تسمح لي بأن أصافح المرأة الأجنبية و مبادئي لا تسمح لي أن أجلس على مائدة فيها خمراً أو نبيذ مبادئي لا تسمح لي , المجتمع الغربي يرى الإنسان المبدئي شخصية مستقلة وشخصية ذات قرار وذات إرادة , الإنسان المبدئي محترم .
    وردعن الإمام الحسن الزكي( سلام الله عليه) :" من أراد عزاً بلا عشيرة وهيبة بلا سلطان فليخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعته" .

    المظهر الثالث:العزةالسلوكية.
    كيف يكون المؤمن منا عزيزاً في سلوكه , العزة السلوكية أن لا تدخل فيشيء تعتذر منه لاحظوا سماعة أبن مهران يروي عن الإمام الصادق عليه السلام:"إن الله فوض إلى المؤمن أموره كلها ولم يفوض إليه أن يذل نفسه"لماذا؟!

    لأن الإيمان ليس حقاً من حقوقك الشخصية حتى تتنازل عنه , تقول والله الإيمان حق شخصي ممكن أن أتنازل عنه ؟ لا ليس من حقك هذا الإيمان حتى تتنازل عنه هذا حق الله ( ولم يفوض إليه أن يذل نفسه إن المؤمن أشد من زبر الحديد ) إن الحديد إذا دخل النار لان والمؤمن لو قتل ثم نشرا ثم قتل لم يتغير قلبه .

    وقال في رواية أخرى المفضل ابن عمر عن الإمام الصادق( عليه السلام):"لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه , قلت : بماذا يذل نفسه ؟ , قال : أن يدخل فيما يعتذر منه" يدخل في أشياء ثم يطر إلى أن يعتذر منها ويختلق مبررات , المؤمن لا يدخل مجالس الفسوق إلا بغرض هدايتها والتأثيرفيها , المؤمن لا يجلس مجالس البطالين إلا بغرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيدعاء أبي حمزة : ( أم رأيتني ألف مجالس البطالين فبيني وبينهم خليتني ) المؤمن لايدخل مواطن التهم ويدخل في علاقات مريبة تجعل منه موضع غيبة وغمزاً ولمز ثم يعتذرعن ذلك , لا المؤمن يحتفظ بإيمانه بموضع العزة والمنعة والصلابة .

    إذن عزةالفرد لها مظاهر ثلاث :1/العزة الإيمانية 2/و العزة الفخرية 3/و العزة السلوكية .

    عزة الأمة :
    كما أن المؤمن عزيز ينبغي أن تكون الأمة امة عزيزة , كيف يعني أن الأمة امة عزيزة ؟ كيف تصير الأمة الإسلامية امة عزيزة ؟ وهل الأمةالإسلامية الآن امة عزيزة أم لا ؟العزة تتجلى في موردين :
    المورد الأول :
    الفقهاء يتناولون مسألة فقهيه هل يجوز تشريح بدن الإنسان المسلم ؟ بدن الإنسان الكافر بالعنوان الأولي يجوز تشريحه لا حرمة لبدنه , بدن الإنسان المسلم لا يجوزتشريحه بالعنوان الأول , لماذا؟!

    لأن الروايات المعتبرة تقول : ( إن حرمته ميتاً كحرمته حياً ) جسمه محترم مثلما كان في الحياة و تشريحه انتهاكاً لحرمته ( إن حرمته ميتاً كحرمته حياً ) , لو توقف تعلم الطب على تشريح بدن المسلم ولو توقف اكتشاف الجريمة على تشريح بدن المسلم ولو توقف اكتشاف وباء خطير على تشريح بدن المسلم ولو توقف تعلم الطب على تشريح بدن المسلم هل يجوز أم لا ؟هنا بعض الفقهاءيقول نعم يجوز , لماذا ؟!

    يقول نحن عندنا أمران :
    الأمر الأول : حرمة بدنالمسلم هذا له حرمة .
    الأمر الثاني: عزة المجتمع الإسلامي .

    إذا دارالأمر بين حرمة بدن المسلم وعزة المجتمع الإسلامي فعزة المجتمع الإسلامي أهم منحرمة البدن الميت المسلم , تقدم عزة المجتمع الإسلامي على حرمة البدن الميت المسلملماذا؟!

    لأن المسلمين لو منعناهم من تشريح أبدان المسلمين ولا يملكون أبدانكفار ليشرحوها قلنا لهم لا تتعلموا الطب من هذا المجال تعلموا غير هذا المجال , لوأن المسلمين منعوا من التشريح في فرض التوقف للزم أن يكون الطب لدى المسلمين علماًناقصاً , وإذا كان الطب لدى المسلمين علماً ناقصاً مع انه علم خطير يتوقف عليهإنقاذ النفوس المحترمة , لو كان علم الطب لدى المسلمين علماً ناقصاً لظل المجتمعالإسلامي محتاجاً إلى المجتمع الغربي في أمس الأشياء وأخطرها ألا وهو إنقاذ النفوسالمحترمة , واحتياج المجتمع الإسلامي إلى المجتمع الغربي في هذه الأمور الخطيرةجداً إذلالاً للمجتمع الإسلامي .

    إذن محافظة على عزة المجتمع الإسلاميلقوله تبارك وتعالى :{ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } ولقول النبي المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله) :"الإسلام يعلو ولا يعلى عليه", محافظة على عزة المجتمع الإسلامي لو توقف تعلم الطب على تشريح بدن المسلم لقلنا عزةالمجتمع الإسلامي أهم من حرمة بدن الإنسان المسلم فتتقدم عزة المجتمع الإسلامي , هذا هو المورد الأول .

    المورد الثاني :
    هناك فرق بين حوار الحضارات وخنوعالحضارات , ربما إنسان يقول أنت جالس وتقول المجتمع الإسلامي لازم أن يكون عزيزيعني لا نستفيد من الغرب ؟ لا استفيد من الغرب , وهذا يسمى حوار الحضارات القرآنالكريم يدعو إلى حوار الحضارات والقرآن الكريم يقول:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّاخَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَلِتَعَارَفُوا } التعارف هو حوار الحضارات , حوار الحضارات مطلوب , حوار الحضاراتاستفادة الحضارة الإسلامية من الحضارة الغربية في مجال العلم و التكنولوجيا مطلوب , لكن حوار الحضارات شيء وخنوع الحضارات شيء آخر , نحن نتكلم عن العزة , العزة ماهي؟!

    عزة المجتمع الإسلامي أن يكون مستقلاً في قراره ومستقلاً في إرادتهومعتمداً على كفاءات أبناءه وطاقاتهم , المجتمع الذي يعتمد على كفاءات أبنائهوقدراتهم ويكون ذا إرادة مستقلة وذا قرار مستقل هو المجتمع العزيز وأما المجتمعالذي ليس قراره بيده و إرادته ليست بيده حتى أبناءه لا يستطيع أن يعتمد عليهم لأنقراره ليس بيده هذا مجتمع ذليل إذن عزة الأمة عزة المجتمع في أن تكون إرادة المجتمعوقرار المجتمع بيده كي يعتمد على طاقات أبناءه وقدراتهم ومواهبهم الخلاقة الفعالة , هذا هو المراد بعزة الأمة.

    ولذلك اليابان خاضت حرب العالمية وخسر كل شيولكنه لم يخسر عزته خسر البنية التحتية كلها وتحطمت البنية كلها ولكنه لم يخسر عزتهلأنه شعب عزيز يمتلك إرادة ويتملك قرار ويمتلك الاعتماد على طاقات أبناءه انتفض وبني مجدة وحضارته من جديد .

    محمد إقبال المفكر الهندي المعروف ينقل عنموسوليني أحد علماء الاجتماع , موسوليني يقول : ( إذا امتلكت الحديد امتلكت الرغيف ) يعني لا يمكن أن تمتلك ثروة إلا إذا عندك قوة , الثروة فرع القوة , محمد إقباليرد عليه يقول له لا : ( إذا كنت كالحديد امتلكت الرغيف ) امتلاك الثروة يحتاج إلىعزة واستقلال , أنت إذن كالحديد يعني إنسان مستقل يعني مجتمع مستقل , إذا كنتمستقلاً ملكت كل شيء , المهم هو الاستقلال في الإرادة والاستقلال في القرار .

    إذن عزة المجتمع الإسلامي عزة يريدها الله , عزة من أهم المبادئ المقدسةولذلك لا يجوز لمسلم أن يسيء إلى سمعة المجتمع الإسلامي , نفترض مثلاً: مسلم يقومبعمل إرهابي في الغرب ومن خلاله يسيء إلى سمعه المجتمع الإسلامي وينتهك عزة المجتمعالإسلامي هذا عمل محرم لأن عزة المجتمع الإسلامي مبدأ مقدس , لا يجوز إلى شيعياً أنينتهك حرمة التشيع , مع الأسف كثيراً منا يخرج على القنوات ويلقي أموراً تسيء إلىسمعة المذهب وتسيء إلى حرمة المذهب وتسيء إلى عزة المذهب , عزة المجتمع الإسلاميوعزة المذهب مبدأ مقدس ليس من حق أي شخصاً أن يسيء إليه وليس من حق أي شخص أنينتهكه ولست من حقك أن تطلق شعارات كيفما تشاء وتنسب أموراً كيفما تشاء , هناك مذهبله حرمة لا يخضع لهذه الآراء الشخصية ولا يخضع إلى هذه التوجهات الفردية , إذن عزةالمجتمع الإسلامي مبدأ مقدس .

    المحور الثالث : مظاهر العزة في مدرسةكربلاء.
    من أين نستجلب مظاهر العزة ؟ من خطابات الحسين(عليه السلام) أول خطابوأول تصريح صرح به الحسين(عليه السلام) وهو يفتتح حركته المباركة عندما عرضت عليهبيعة يزيد ابن أبي معاوية فنجه إلى أمير المدينة وقال: ( يا أمير إن أهل بيت النبوةوموضع الرسالة ومختلف الملائكة ويزيد رجل فاسق شارب للخمر قاتل للنفس المحترمةومثلي لا يبايع مثله ) ما معنى مثلي و مثله ؟

    لكل شخص مقام اجتماعي معين , رجل الدين له مقام اجتماعي و شيخ القبيلة له مقام اجتماعي و كل شخص له مقام اجتماعي , الشخص الذي يدوس على مقامة الاجتماعي يذل مقامة الاجتماعي هو لا يذل نفسه هو يذلالمقام , هذا إذلال للمقام .
    نقرب هذا المعنى برواية , زراره أحد أصحاب الأئمة (عليه السلام) يروي عن الإمام الصادق(عليه السلام ) يقول سمعت أبا عبد الله جعفرابن محمد(عليه السلام) يقول : ( ثلاثة لا أتقي فيهمن أحدا , شرب المسكر و المسح علىالخفين ومتعة الحج ) هذه الثلاثة أمور أنا لا اتقي فيها , زراره يعلق ويقول: ( قاللا اتقي ولم يقل لا تتقوا ) يعني موقع الإمام يختلف عن موقعكم , هناك أشياء يختلففيها الإمام عن الإنسان العادي كيف؟!

    الإنسان العادي مثلاً لو صار في مقامتقيه رأى أن هناك ضرر ولا يمكن أن يدفع الضرر عن نفسه إلا إذا مسح على الخفين مسحعلى الحذاء من حق الإنسان العادي أن يمسح على الخفين إذا كان في مقام التقية ورفعالضرر عن نفسه , لكن هل يمكن للإمام المعصوم أن يرتكب التقية بالمسح على الخفين ؟

    لا يختلف المقام , الإنسان العادي يمكن يستخدم التقية فيمسح على الخفينلأنه إنسان مغمور أما القيادة لو اتقت بالمسح على الخفين لكن ذلك إذلالاً لمقامالإمامة و إذلال لموقع القيادة يعني , ترى مثلاً: مرجعاً من المراجع الشيعة العظاميأتي مثلاً ويتكتف في الصلاة , تسأله لماذا يقول تقيه , لا لا يجوز , تقية هذاالإنسان العادي يمكن أن يرفع الخطر عن نفسه بأن يتكتف أما المرجع المعروف بين الناساستخدامه للتقية في مثل هذا المورد يعد إذلالاً لموقع القيادة وإذلالاً لموقعالزعامة , لأن مقامة مقام قيادة للأمة فالتقية تتناسب مع شخص ولا تتناسب مع شخص آخر , التقية تختلف بإخلاف الموارد وتختلف باختلاف المقامات وتختلف باختلافالمواقع.


    لذلك الإمام الصادق يقول أنا كإمام لا يناسبني أن أتقي بشرب المسكرأأتي وأشرب مسكر وأقول تقية ؟! لا يمكن هذا فمقامي لا يتناسب يصبح إذلال لموقفالإمامة : ( ثلاثة لا أتقي فيهن أحدا , شرب المسكر والمسح على الخفين و متعة الحج ) .

    إذن بالنتيجة: لكل شخص موقع فلو وطء موقعه وداس موقعة كان ذالك إذلالاًللموقع الذي فيه .

    الحسين يمثل موقع ويزيد يمثل موقع , موقع الحسين أنه إماممنصوص عليه وقيادة للإمام المسلم , أما موقعيه يزيد أنه قيادة للأسرار والظلمة وللمتمردين , إذن هناك موقعان الحسين قيادة ويزيد قيادة , الحسين يمثل خط ويزيد يمثلخط , خضوع الخط الأول للخط الثاني إذلال وليس عزة.

    معاوية بن أبي سفيانكتب للإمام الحسن الزكي( عليه السلام) : ( يا أبا محمد أنا خيراً منك ) لماذا ؟ ( لأن الناس أجمعت عليَّ ولم تجمع عليك ) أنا عندما أصبح الحكم بيدي الناس كلها أذعنتوأنت عندما كان الحكم بيدك كان خلافات وحروب فأنا خيراً منك , الإمام الحسن أجابهقالإن الذين أجمعوا عليك بين مكره ومطيع , فأماالمكره فهو معذوراً في كتاب الله { إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّبِالإِيمَانِ } وأما المطيع فهو عصى لله , وأنا لا أقول أنا خيراً منك لأنه لا خيرفيك , فلقد برأني الله من الرذائل كم برئك من الفضائل ) .

    إذن هناك خطان :1/خط فضائل 2/و خط رذائل , الحسن والحسين يقودان(خط الفضائل) و معاوية ويزيديقودون (خط الرذائل) كلاهما في موضع قيادة وكلاهما في موقع ريادة , الحسين يقول : ( بيعتي ليزيد وأنا في موقع الإمامة والقيادة لخط الفضائل إذلالاً لهذا الخط وإذلالاًلهذا المقام , إذن مثلي من هو في خطي ومن هو في موقعي موقع القيادة , مثلي لايبايعني أهل ) .

    الحسين عليه السلام يوم عاشوراء فرق بين الذلة الماديةوالذلة المبدأيه كيف ذلة مادية وذلة مبدأيه؟!

    الأئمة يمكن أن يذلوا ذلةمادية , الإمام زين العابدين أذل ذلة مادية , ربط الحبل في عنقه وجر بين الأعداءوهو الذي قال عن نفسه أقاد ذليلاً في دمشق كأنني , السيدة زينب أذلت ذلة مادية ضربتوسبيت لكن الذلة المادية شيء والذلة المبدأيه شيءً آخر , الذلة المادية ليست عيباًلأنة ذلة قهرية ليست باختيار الإنسان عندما يذل الإنسان فإنما يذل جسمه وتذل قوتهالمادية وهذه ذلة قهرية وليست اختاريه فهي ليست عيباً وليست مذمةً , العيب والعاروالمذمة في الذلة المبدأيه عندما يتنازل الإنسان عن بعض مبادئه وبعضقيمة.

    أما عندما يتحدى زين العابدين وهو في الأسر وهو في القيود وهو يتحدىيزيد بن معاوية ويصر على مبادئه فهذه عزة وليست ذلة , فكد كيدك وأسعى سعيك ونصارجهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا وإن رأيك إلا فند وجمعك إلا بدد وأيامكإلا عدد , عزة معنوية وعزة مبدأية وإن كانت هناك ذلة مادية , الحسين " عليه السلام" يقول : ( ألا وأن الدعية يا ابن الدعي عبيد الله ابن زياد , قد ركز بين اثنتينبين الثلة والذلة وهيهات منا الذلة , يأبى الله لنا ذلك و رسوله والمؤمنون وجذورطابت وجحور طهرت ونفوس وأنوف حمية ونفوس أبيه أن تأثر طاعة اللائم على مصارع الكرم ) .

    التعديل الأخير تم بواسطة ناظم الخفاجي ; الساعة 23-04-2013, 06:34 PM. سبب آخر:
    اميري حسين ونعم الامير
    سرور فؤاد البشير النذير
    علي وفاطمة والداه
    فهل تعلمون له من نظير

  • #2
    بوركت جهودكم اخي العزيز
    ناصر العترة
    وفقكم الله تعالى لكل خير

    ينام مطمئناً من كان له اب

    فكيف لاينام مطمئناً من كان له رب

    تعليق

    يعمل...
    X