إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لماذا قعد علي عليه السلام ولم يطالب بحقه؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لماذا قعد علي عليه السلام ولم يطالب بحقه؟


    بسم الله الرحمن الرحيم
    ان
    علي(عليه السلام ) كان متفانيا في الله سبحانه، فلا يريد شيئا لنفسه و لا يطلب ‏المصالح الشخصية، بل أثبت في حياته وسلوكه أنه (عليه السلام ) كان وراء المصالح ‏العامة، وكان يبتغي مرضات الله تعالى بالحفاظ على الدين، وإبقاء شريعة ‏سيد المرسلين، و لا يخفى أن الإسلام في ذلك الوقت كان بعد جديدا ولم ينفذ ‏في قلوب كثير من معتنقيه، فكانوا مسلمين بألسنتهم ولما يدخل الإيمان في ‏قلوبهم، لذا كان الإمام علي (عليه السلام) يخشى من حرب تقع بين ‏المسلمين إذا جرد السيف لمطالبة حقه بالخلافة التي كانت له لا لغيره، أو ‏مطالبة فدك لفاطمة الزهراء (عليه السلام) أو مطالبة إرثها من أبيها رسول الله (صلى ‏الله عليه وآله)، الذي منعها أبو بكر بحجة الحديث الذي افتراه على النبي ‏‏(صلى الله عليه وآله): " نحن معاشر الأنبياء لا نورث "!‏

    فسكت علي (عليه السلام) وسكن لكي لا تقع حرب داخلية، لأنه كان يرى ‏في المطالبة بحقه في تلك الظروف الزمنية زوال الدين ‏


    (صلى الله عليه وآله): أبكي لضغائن في صدر قوم لا يبدونها لك إلا بعدي قلت: في ‏سلامة من ديني؟ قال في سلامة من دينك.‏
    وإفناء الإسلام لو وقعت حرب بين المسلمين. وقد كان أكثرهم ينتظرون ‏الفرصة حتى يرتدوا إلى الكفر.‏لذلك جاء في روايات أهل البيت والعترة الطاهرة (عليهم السلام ) أن فاطمة الزهراء ‏سلام الله عليها لما رجعت من المسجد بعدما خطبت خطبتها العظيمة وألقت ‏الحجج على خصومها، خاطبت أبا الحسن (عليه السلام ) وهو جالس في البيت فقالت: ‏يا بن أبي طالب... اشتملت شملة الجنين، و قعدت حجرة الظنين، نقضت ‏قادمة الأجدل، وخانك ريش الأعزل! هذا ابن أبي قحافة يبتزّني نحلة أبي و ‏بلغة ابني، لقد أجهر في خصامي، و ألفيته الألدّ في كلامي... الخ.‏فأجابها علي (عليه السلام)‏: نهنهي عن نفسك يا ابنة الصفوة، و بقية النبوّة، ‏فما ونيت عن ديني، و لا أخطأت مقدوري، فإن كنت تريدين البُلْغةَ، فرزقك ‏مضمون، و كفيلك مأمون، و ما أعدّ لك أفضل ممّا قطع عنك.‏قالوا: فبينما علي (عليه السلام) يكلمها ويهدؤها وإذا بصوت المؤذن ارتفع ، ‏فقال لها علي (عليه السلام)‏: يا بنت رسول الله! إذا تحبين أن يبقى هذا ‏الصوت مرتفعا ويخلد ذكر أبيك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاحتسبي ‏الله واصبري.‏فقالت: حسبي الله. وأمسكت.‏فضحى علي (عليه السلام) بحقه وحق زوجته فاطمة وسكت عن ‏المغتصبين، حفظا للدين وشريعة سيد المرسلين من الضياع والانهيار.‏أسباب قعود علي (عليه السلام)‏نقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: ج1 / 307، ط. إحياء الكتب ‏العربية عن المدائني عن عبدالله بن جنادة، ونقله غير ابن أبي ‏
    الحديد أيضا، أنه (عليه السلام ) خطب في أول إمارته وخلافته بالمدينة المنورة:‏فحمد الله وأثنى عليه، و ذكر النبي وصلى عليه ثم قال: أما بعد ، فإنه لما ‏قبض الله نبيه (صلى الله عليه وآله)، قلنا: نحن أهله و ورثته و عترته و ‏أولياؤه دون الناس، لا ينازعنا سلطانه أحد، و لا يطمع في حقنا طامع، إذ ‏انبرى لنا قومنا فغصبونا سلطان نبينا، فصارت الإمرة لغيرنا و صرنا ‏سوقة، يطمع فينا الضعيف، و يتعزز علينا الذليل، فبكت الأعين منا لذلك، و ‏خشنت الصدور و جزعت النفوس، و ايمُ الله لو لا مخافة الفرقة بين ‏المسلمين، و أن يعود الكفر و يبور الدين، لكنا على غير ما كنا لهم عليه... ‏الخ.‏ونقل ابن أبي الحديد أيضا بعد هذه الخطبة في صفحة 308 تحت عنوان : ‏خطبته عند مسيره للبصرة، قال: و روى الكلبي أنه لما أراد علي (عليه ‏السلام) المسير إلى البصرة، قام فخطب الناس، فقال بعد أن حمد الله و ‏صلى على رسوله (صلى الله عليه وآله): إن الله لما قبض نبيه استأثرت ‏علينا قريش بالأمر و دفعتنا عن حق نحن أحق به من الناس كافة، فرأيت ‏أن الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين و سفك دمائهم، و ‏الدين يمخض مخض الوطب يفسده أدنى وهن، و يعكسه أقل خلف... الخ.‏ولعلي (عليه السلام) في نهج البلاغة كتاب إلى أهل مصر، بعثه مع مالك ‏الأشتر رحمه الله تعالى، جاء فيه:‏أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً (صلى الله عليه وآله) نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ وَ ‏مُهَيْمِناً عَلَى الْمُرْسَلِينَ، فَلَمَّا مَضَى (صلى الله عليه وآله)، تَنَازَعَ الْمُسْلِمُونَ ‏الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ، فَوَاللَّهِ مَا كَانَ يُلْقَى فِي رُوعِي وَ لا يَخْطُرُ بِبَالِي أَنَّ الْعَرَبَ ‏تُزْعِجُ ‏
    هَذَا الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ (صلى الله عليه وآله) عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَ لا أَنَّهُمْ مُنَحُّوهُ ‏عَنِّي مِنْ بَعْدِهِ (صلى الله عليه وآله)، فَمَا رَاعَنِي إِلا انْثِيَالُ النَّاسِ عَلَى فُلانٍ ‏يُبَايِعُونَهُ، فَأَمْسَكْتُ بِيَدِي حَتَّى رَأَيْتُ رَاجِعَةَ النَّاسِ قَدْ رَجَعَتْ عَنِ الْإِسْلامِ، ‏يَدْعُونَ إِلَى مَحْقِ دَيْنِ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله)، فَخَشِيتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرِ ‏الإسْلامَ وَ أَهْلَهُ أَنْ أَرَى فِيهِ ثَلْماً أَوْ هَدْماً، تَكُونُ الْمُصِيبَةُ بِهِ عَلَيَّ أَعْظَمَ مِنْ ‏فَوْتِ وِلايَتِكُمُ الَّتِي إِنَّمَا هِيَ مَتَاعُ أَيَّامٍ قَلائِلَ يَزُولُ مِنْهَا مَا كَانَ، كَمَا يَزُولُ ‏السَّرَابُ وَ كَمَا يَتَقَشَّعُ السَّحَابُ، فَنَهَضْتُ فِي تِلْكَ الْأَحْدَاثِ حَتَّى زَاحَ الْبَاطِلُ وَ ‏زَهَقَ وَ اطْمَأَنَّ الدِّينُ وَ تَنَهْنَهَ.‏ونقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج 6 / 94، ط. إحياء الكتب ‏العربي تحت عنوان: خطبة الامام علي (عليه السلام) بعد مقتل محمد بن ‏أبي بكر، قال: و روى إبراهيم ـ صاحب كتاب الغارات ـ عن رجاله عن ‏عبد الرحمن بن جندب عن أبيه قال: خطب الامام علي (عليه السلام) بعد ‏فتح مصر و قتل محمد بن أبي بكر. فنقل خطبة بليغة ذكر فيها وقائع أليمة ‏وقعت بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)، وذكر بعض ما كتبه لأهل ‏مصر الذي نقلته لكم قبل هذا، وأشار في خطبته إلى الشورى التي أمر بها ‏عمر بن الخطاب، وخرج بالنتيجة قائلا:‏فصرفوا الولاية إلى عثمان و أخرجوني منها... ثم قالوا: هلم فبايع و إلا ‏جاهدناك، فبايعت مستكرها و صبرت محتسبا، فقال قائلهم: يا ابن أبي ‏طالب، إنك على هذا الأمر لحريص، فقلت: أنتم أحرص مني و أبعد أينا ‏أحرص؟ أنا الذي طلبت ميراثي و حقي الذي جعلني الله و رسوله أولى به، ‏أم أنتم إذ تضربون وجهي دونه و تحولون بيني و بينه! فبهتوا، و الله لا ‏يهدي القوم الظالمين.‏
    فيحصل من هذه الكلمات والجملات أنه (ع) قعد عن حقه وسكت، رعاية ‏لما هو أهم، إذ أنه كان يعلم بأن المنافقين وأعداء الدين يترصدون ‏ويتربصون ليوقعوا بالمسلمين ويقضوا على الدين، وإذا كان الإمام علي ‏‏(عليه السلام) يقوم بمطالبة حقه ويجرد الصمصام، لاغتنم المنافقون واليهود ‏والنصارى الفرصة وقضوا على الإسلام. لذلك صبر وتحمل وسكت على ‏حقه وتنازل.‏بعدما احتج عليهم وأثبت حقه في الأشهر الست التي ما بايع فيها كما في ‏كتب أعلامكم، فكان (ع) يتكلم مع رؤوس المهاجرين والأنصار ويستدل ‏على حقوقه المغصوبة بالآيات البينات والسنن الواضحات والأمور ‏الظاهرات، فبعد ما بين لهم الحق وأتم عليهم الحجج بايع مكرها لا طائعا ‏فصبر على أمر من العلقم وأحر من الجمر، كما أشار إلى حاله في الخطبة ‏الشقشقية المروية في نهج البلاغة وهي معروفة قال (ع):‏أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ وَ إِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنْ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ ‏مِنَ الرَّحَى يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ وَلا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثَوْباً وَ ‏طَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً وَ طَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ أَوْ أَصْبِرَ عَلَى ‏طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ وَ يَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ وَ يَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى ‏يَلْقَى رَبَّهُ فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى فَصَبَرْتُ وَ فِي الْعَيْنِ قَذًى وَ فِي ‏الْحَلْقِ شَجًا أَرَى تُرَاثِي نَهْباً حتى إذا مضى الأول لسبيله فأدلى بها إلى عمر ‏من بعده... الخ.‏ولا أطيل عليكم أكثر من هذا، إنما ذكرت لكم بعض كلماته وخطبه (ع) ‏لنعرف آلامه القلبية من تلك الأحداث ثم نعرف علل قعوده وسكوته عن ‏حقه
    الله *يا دمعة *رقيه *
    *شفاعتكم سادتي يوم الورود *
يعمل...
X