بسم الله الرحمن الرحيم
عبد المطلب: وهو الجدّ الاَوّل للنبي العظيم ورئيس قريش وزعيمها. وأودعت يدُالمشيئة الربانية بين حنايا شخصيته نورَالنبي الاَكرم «صلى الله عليه وآله وسلم» ولذا كان إنساناً طاهر السلوك، نقيّ الجيب، منزّهاً عن أيّ نوع من أنواع الانحطاط والفساد، وأحد المعدودين الذين كانوا يوَمنون باللّه واليوم الآخر.
وقد اشتهر موقفه الاِيماني في عام الفيل، حينما أمر جماعته بالخروج من مكة إلى الجبال والشعاب، ونزل إلى الكعبة يدعو اللّه ويستنصره على أبرهة وجنوده مناجياً: «اللّهمّ أنت أنيسُ المستوحشين، ولا وحشة معك، فالبيت بيتُك والحرمُ حرمُك والدار دارُك، ونحن جيرانُك، تمنع عنه ما تشاء، وربّ الدار أولى بالدار».
وفي الصباح خرجت أسرابٌ من الطيور من جهة البحر يحمل كل واحد منها ثلاثة أحجار، حجر في منقاره،وحجر في كلّ من رجليه وحلّقت فوق روَوس الجند، ورجمتهم بالاَحجار بأمر من اللّه محطمة روَوسهم وممزقة لحومهم، وقد أصاب حجر منها رأس أبرهة القائد، فأمر جنوده بالتراجع والعودة إلى اليمن، إلاّ أنّهم أُهلكوا في الطريق، حتى أبرهة نفسه مات قبل وصوله صنعاء.(1)
وقد نتج من هذه العملية، أن تحطّم جيش أبرهة، وانهزم أعداء قريش، وعظم شأن المكيّين،وشأن الكعبة المشرفة في نظر العرب وغيرهم، فلم يجرأ أحد بعد ذلك على غزو مكة، أو الاِغارة على قريش، أو التطاول على الكعبة. كما أنّها من جانب آخر، أحدثت في نفوس القرشيين حالات جديدة خاصة، فقد زادت من غرورهم وعنجهيتهم واعتزازهم بعنصرهم، فقرروا تحديد شوَون الآخرين والتقليل من وزنهم، على أساس أنّهم فقط الطبقة الممتازة من العرب. كما دفعتهم
إلى التصور بأنّهم موضع عناية الاَصنام إذ أنّهم فقط الذين تحبهم تلك الاَصنام وتحميهم وتدافع عنهم!!
وقد دفعهم كلّ ذلك إلى التمادي في لهوهم ولعبهم، والتوسع في ممارسة الترف واللّذات، وإظهار الولع بشرب الخمر، حتى أنّهم مدّوا موائد الخمر في فناء الكعبة، وأقاموا مجالس أنسهم إلى جانب تلك الاَصنام، متصورين أنّ حياتهم الجميلة هذه هي من بركة تلك الاَصنام والاَوثان!!
كما أنّهذه الحالة جعلت قريش تقوم بإلغاء أيّ احترام وتقدير للغير فقالوا: إنّ جميع العرب محتاجون إلى معبدنا، فقد رأى العرب عامةً كيف اعتنى بنا آلهة الكعبة خاصةً، وكيف حَمَتنا من الاَعداء.
ومن ذلك بدأت قريش تضيّق على كلّ من يدخل مكة للعمرة أو الحجّ، وتعاملهم بخشونة وأسلوب ديكتاتوري، وفرضت عليهم ألا يصطحب أحد منهم طعاماً معه من خارج الحرم ولا يأكل منه، بل عليه أن يقتني من طعام أهل الحرم ويأكل منه، وأن يلبس عند الطواف بالبيت من ثياب أهل مكّة التقليدية القومية، أو يطوف عرياناً بالكعبة إذا لم يكن في مقدوره شراوَها. و من رفض الخضوع للاَمر من روَساء القبائل وزعمائها، كان عليه أن ينزع ثيابه بعد الانتهاء من الطواف ويلقيها جانباً، دون أن يكون لاَحد الحقّ في مسّها حتى صاحبها.
كما أنّه لم يكن يحق لاَي يهوديّ أو مسيحيّ أن يدخل مكة، إلاّ أن يكون أجيراً لمكيّ، وعليه ألاّ يتحدث في شيء من أمر دينه وكتابه.
بالاِضافة إلى ذلك، فإنّهم أنفوا منذ ذلك اليوم أن يأتوا بمناسك عرفة، كما يفعل بقية الناس، حيث تركوا الوقوف بها والاِفاضة منها، بالرغم من أنّآباءهم ـ من ولد إسماعيل ـ كانوا يقرّون أنّها من المشاعر والحج.
إنّ كلّذلك الانفلات الاَخلاقي والترف والانحراف، قد هيّأ الاَرضية وأعدها لظهور مصلح عالميّ.
أمّا بالنسبة لابن عبد المطلب، عبد اللّه، فقد سعى إلى أن يزوّجه، فاختار له: «آمنة بنت وهب بن عبد مناف» التي عُرِفت بالعفّة والطهر والنجابة والكمال. كما اختار لنفسه «دلالة» ابنة عم آمنة، فرزق منها حمزة، عمّ الرسول «صلى الله عليه وآله وسلم» الذي كان في نفس عمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و قد تمّ حفل الزفاف في منزل السيدة آمنة طبقاً لما كان عليه المتعارف في قريش، ثمّ بقي «عبداللّه» مع زوجته ردحاً من الزمن حتى سافر في تجارة إلى الشام، وتوفّي في أثناء الطريق.
ويرتبط بموضوع أسلاف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، طهارته «صلى الله عليه وآله وسلم» من دَنَس الآباء وعهر الاَُمّهات، إذ لم يكن في أجداده وجدّاته، سفاح وزنا، وهو ما اتّفق عليه المسلمون، وصرّح به الرسول «صلى الله عليه وآله وسلم» في أحاديث رواها السنة والشيعة. فقد جاء عنه «صلى الله عليه وآله وسلم» إنّه قال: «نُقلتُمن الاَصلاب الطاهرة إلى الاَرحام الطاهرة نكاحاً لا سِفاحاً».
وقال الاِمام علي (عليه السلام) :«وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله وسيد عباده كلّما نسخ اللّه الخلق فِرقتين، جعله في خيرهما، لم يسهِم فيه عاهرٌ ولا
ضربَ فيه فاجر».
كما ذكر الاِمام الصادق (عليه السلام) ذلك مفسراً الآية: (وتقلّبك في الساجدين) : «أي في أصلاب النبيّين، نبي بعد نبي، حتى أخرجه من صلبِ أبيه عن نكاحٍ غير سفاح من لدن آدم».
عبد المطلب: وهو الجدّ الاَوّل للنبي العظيم ورئيس قريش وزعيمها. وأودعت يدُالمشيئة الربانية بين حنايا شخصيته نورَالنبي الاَكرم «صلى الله عليه وآله وسلم» ولذا كان إنساناً طاهر السلوك، نقيّ الجيب، منزّهاً عن أيّ نوع من أنواع الانحطاط والفساد، وأحد المعدودين الذين كانوا يوَمنون باللّه واليوم الآخر.
وقد اشتهر موقفه الاِيماني في عام الفيل، حينما أمر جماعته بالخروج من مكة إلى الجبال والشعاب، ونزل إلى الكعبة يدعو اللّه ويستنصره على أبرهة وجنوده مناجياً: «اللّهمّ أنت أنيسُ المستوحشين، ولا وحشة معك، فالبيت بيتُك والحرمُ حرمُك والدار دارُك، ونحن جيرانُك، تمنع عنه ما تشاء، وربّ الدار أولى بالدار».
وفي الصباح خرجت أسرابٌ من الطيور من جهة البحر يحمل كل واحد منها ثلاثة أحجار، حجر في منقاره،وحجر في كلّ من رجليه وحلّقت فوق روَوس الجند، ورجمتهم بالاَحجار بأمر من اللّه محطمة روَوسهم وممزقة لحومهم، وقد أصاب حجر منها رأس أبرهة القائد، فأمر جنوده بالتراجع والعودة إلى اليمن، إلاّ أنّهم أُهلكوا في الطريق، حتى أبرهة نفسه مات قبل وصوله صنعاء.(1)
وقد نتج من هذه العملية، أن تحطّم جيش أبرهة، وانهزم أعداء قريش، وعظم شأن المكيّين،وشأن الكعبة المشرفة في نظر العرب وغيرهم، فلم يجرأ أحد بعد ذلك على غزو مكة، أو الاِغارة على قريش، أو التطاول على الكعبة. كما أنّها من جانب آخر، أحدثت في نفوس القرشيين حالات جديدة خاصة، فقد زادت من غرورهم وعنجهيتهم واعتزازهم بعنصرهم، فقرروا تحديد شوَون الآخرين والتقليل من وزنهم، على أساس أنّهم فقط الطبقة الممتازة من العرب. كما دفعتهم
إلى التصور بأنّهم موضع عناية الاَصنام إذ أنّهم فقط الذين تحبهم تلك الاَصنام وتحميهم وتدافع عنهم!!
وقد دفعهم كلّ ذلك إلى التمادي في لهوهم ولعبهم، والتوسع في ممارسة الترف واللّذات، وإظهار الولع بشرب الخمر، حتى أنّهم مدّوا موائد الخمر في فناء الكعبة، وأقاموا مجالس أنسهم إلى جانب تلك الاَصنام، متصورين أنّ حياتهم الجميلة هذه هي من بركة تلك الاَصنام والاَوثان!!
كما أنّهذه الحالة جعلت قريش تقوم بإلغاء أيّ احترام وتقدير للغير فقالوا: إنّ جميع العرب محتاجون إلى معبدنا، فقد رأى العرب عامةً كيف اعتنى بنا آلهة الكعبة خاصةً، وكيف حَمَتنا من الاَعداء.
ومن ذلك بدأت قريش تضيّق على كلّ من يدخل مكة للعمرة أو الحجّ، وتعاملهم بخشونة وأسلوب ديكتاتوري، وفرضت عليهم ألا يصطحب أحد منهم طعاماً معه من خارج الحرم ولا يأكل منه، بل عليه أن يقتني من طعام أهل الحرم ويأكل منه، وأن يلبس عند الطواف بالبيت من ثياب أهل مكّة التقليدية القومية، أو يطوف عرياناً بالكعبة إذا لم يكن في مقدوره شراوَها. و من رفض الخضوع للاَمر من روَساء القبائل وزعمائها، كان عليه أن ينزع ثيابه بعد الانتهاء من الطواف ويلقيها جانباً، دون أن يكون لاَحد الحقّ في مسّها حتى صاحبها.
كما أنّه لم يكن يحق لاَي يهوديّ أو مسيحيّ أن يدخل مكة، إلاّ أن يكون أجيراً لمكيّ، وعليه ألاّ يتحدث في شيء من أمر دينه وكتابه.
بالاِضافة إلى ذلك، فإنّهم أنفوا منذ ذلك اليوم أن يأتوا بمناسك عرفة، كما يفعل بقية الناس، حيث تركوا الوقوف بها والاِفاضة منها، بالرغم من أنّآباءهم ـ من ولد إسماعيل ـ كانوا يقرّون أنّها من المشاعر والحج.



وقال الاِمام علي (عليه السلام) :«وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله وسيد عباده كلّما نسخ اللّه الخلق فِرقتين، جعله في خيرهما، لم يسهِم فيه عاهرٌ ولا
ضربَ فيه فاجر».
كما ذكر الاِمام الصادق (عليه السلام) ذلك مفسراً الآية: (وتقلّبك في الساجدين) : «أي في أصلاب النبيّين، نبي بعد نبي، حتى أخرجه من صلبِ أبيه عن نكاحٍ غير سفاح من لدن آدم».
تعليق