إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الخمس في الشريعة الاسلامية - اعداد الشيخ ناظم الخفاجي والشيخ احمد عبد السلام

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الخمس في الشريعة الاسلامية - اعداد الشيخ ناظم الخفاجي والشيخ احمد عبد السلام

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مقدمة

    قال الله تعالى [وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الفُرْقَانِ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] الأنفال 41· فرض الله سبحانه وتعالى الخمس في كتابه العزيز كما ورد في الآية السابقة ليتأسس في ضوئه نظام اقتصادي متكامل بشروط معينه شأنه شأن بقية الفرائض ذات الإطار المحدد بما يمنحها يسرا وتنفيذا ولولا هذا لجعل من فريضة الخمس تعسرا وتضيقا في فهم هذه الفريضة التي أرادها الله تعالى كبقية التكاليف المفروضة على المكلف وقد يلزم التكليف بما لا يطاق وهذا واضح عند العقلاء لأن من أمر بشيء ولم يوضح للمأمور المراد يلزم قبحه عند العقلاء وعليه فأنا نرى جميع التكاليف واضحة بأسلوبها وطرحها وما إلى ذلك وذلك من خلال الأدلة التي تسالم عليها المسلمون(القران والسنة والعقل والإجماع) وان اختلفوا في فهمهم واستنباطاتهم من هذه الأصول الأربعة وعليه نقول ان من جملة الفرائض التي كتبها الله تعالى على كل مكلف ألا وهي فريضة الخمس ولبيانه ووجوبه كان من الواجب اولا وبالذات الرجوع الى كتاب الله تعالى المجيد لنعلم مدى فهم المسلمين لهذه الفريضة التي فرضها الله تعالى والى السنة النبوية التي أعطت للقران يسرا إلى فهم الدليل القرآني (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)الاية . وبالرغم من تسالم أهل الملة على حجية القران وقطعيه صدوره وانه الكتاب المنزل من الحق تعالى سنعرض تمهيدا بكيفية كونه حجه وصولا إلى غايتنا( الخمس) وموارده ومصرفه.
    (( حجية الاستدلال بالقران الكريم ))
    تمهيد
    قال تعالى : [وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ] {النحل:89}وقال تعالى : ولقد [وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا القُرْآَنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ] {الكهف:54} وعن النبي r ولأنه ( كتاب مهين على كل كتاب جامع لكل رشد وصواب فيه نبأ القرون وتفصيل الشؤون وفرض الصلاة والصيام والفرق بين الحلال والحرام ) { الصحيفة السجادية الامام زين العابدين u 438 } (( وفي القران نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم )) {نهج البلاغة الحاطبة 313 } وأما قطعية صدوره :- أ‌- فلتواتر نقله عن النبي الأعظمr بما أوجب العلم بصدوره عنه تعالى .ب‌- وإعجازه إسلوباً ومضمونا حيث عجز البلغاء عن مجاراته ولو بآية واحدة وأيضا اخبر عن المغيبات كما في سورة الروم وحصل ما اخبر به وكذلك فقد أشار لأسرار الخلق وسنن الكون مما لم يأت العلم به بدون الوحي . وبناء على قطعية صدوره فظواهر ألفاظه ـــ كما هو شان ألفاظ غيره ما لم تقترن بما يصرفها عن الظاهر ـــ حجة فلو دلت آية بل كلمة على مدلول معين كان معولا عليها معمولا بدلالتها ، التزاما بطريقة العقلاء في إذعانهم لدلالات الألفاظ على معانيها ، حيث كانت ظاهرة اجتماعية تعكس التزام العقلاء بذلك بغض النظر عن توجهاتهم الفكرية المتعددة فإنهم يتوحدون في كون الألفاظ قوالب لمعانيها مما يوجب ترتيب الآثار واللوازم على تلك المعاني حتى يثبت الخلاف وعندها يحكم العقل . ( يقبح ترك العمل بظواهر الألفاظ معتذرا باحتمال إرادة خلافها وبحسنه مالم يظهر خلافها فيرجع الى التقبيح والتحسين العقليين ) . (تقريرات في اصول الفقه بحث السيد البروجردي) فتلخص إن ظاهر القران الكريم يسند إليه ويحتج به وعليه فقوله تعالى [وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الفُرْقَانِ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] {الأنفال:41} يدل على ان لله تعالى وللرسولr ولذي القربى كما لليتامى وللمساكين ولأبناء السبيل خمس الغنيمة وذلك يقتضي التمليك. لان اللام في ( لله ) تفيد التمليك والعطف يقتضي التشريك بل ( الخمس ) ثابت بنص القران مع التأكيد في قوله ( واعلموا ) وتكرير لفظه ( أن ) وهي تزاد للتأكيد فكيف مع تكريرها وتصدير الحق بالله تعالى . وتشريكه فيه مع انه تعالى المالك لكل شيء ثم علق ذلك بقول تعالى [إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا] {الأنفال:41} ، فجعل الإقرار بالخمس جزء من الإيمان وركنا فيه (والإجماع ثابت على إن الآية غير منسوخة وان حكمها باق ) مختلف الشيعة – العلامة الحلي 3/344 – 345 . (( فهؤلاء ستة أجناس ، فيجب أن يقسم ستة أقسام فمن قسم على خمسة فقد ترك الظاهر وكذلك من قسم على ثلاثة )) الخلاف 4/211 م 37 . والا لزم ترك مقتضى العطف بدون دليل صارف ، ولذا ( ذهب أبو العالية الرياحي – من التابعين . ( إلى أن الخمس من الغنيمة والفيء مقسوم على ستة أسهم . سهم لله وسهم لرسوله وسهم لذي القربى وسهم لليتامى و سهم للمساكين وسهم لأبناء السبيل ) الخلاف 4/210 م 37. ويؤكده ما جاء(( عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس قال:سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول:نحن والله الذين عنى الله بذي القربى الذين قرنهم الله بنفسه ونبيه (صلى الله عليه واله) فقال:ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله والرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين منا خاصة ولم يجعل لنا سهما في الصدقة ، أكرم الله نبيه وأكرمنا أن يعطينا أوساخ ما في أيدي الناس)) وأيضا ((عن الحسين بن محمد عن أبان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تعالى واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى قال:هم قرابة رسول الله والخمس لله وللرسول ولنا)) (الكافي ج1 باب الفيء وتفسير الخمس وحدوده) ولما كان الخمس ملكا للمذكورين فيجب دفعه إليهم وعدم حجبه عنهم في جميع ما يسمى غنيمة حيث كان الخطاب بـ ( واعلمواإنما فانإن كنتمآمنتم ) متوجها للمسلمين مؤطرا بأدوات ملزمة ومؤكدة بما لايمكن التفكيك بين مرحلتي النظرية والتطبيق .
    (( الخمس لغويا وفقهيا ))

    الخمس في اللغة كما قال: صاحب ( المقاييس ) : ( والخمس واحد من خمسة يقال : خمس القوم ، أخذت خمس أموالهم ، اخمسهم ) .وفي الاصطلاح : فالخمس ضريبة مالية تعادل واحد من خمسة جعلت في الشرع على أمور..) (مجموعه الابحاث والمقالات العربيه والانكليزيه)ط1 ص91 او هو ( حق مالي فرضه الله مالك الملك بالأصالة على عباده في مال مخصص له ولبني هاشم الذين هم رؤساؤهم وسواهم وأهل الفضل والإحسان عليهم عوض إكرامه إياهم بمنع الصدقة والأوساخ عنهم ) (جواهر الكلام ج16 ص2)
    فيما يجري فيه الخمس

    1ـــالغنيمة : وهي لغة : ( الغين والنون والميم . اصل صحيح واحد يدل على إفادة شيء لم يملك من قبل ) مقاييس اللغة 4/397 .
    ولهذه المادة الثلاثية عدة مصادر وبهيئات متعددة ، منها : الغنم بضم الغين وسكون النون وبفتح الغين وسكون النون وبتحريكهما . ،والغنم هو الفوز بالشيء في غير مشقة .(ابن منضور لسان العرب ماده غنم)، وقال الراغب : ( الغنم معروف ، قال : [وَمِنَ البَقَرِ وَالغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا] {الأنعام:146} .
    ثم استعمل في كل مظمور به من جهة العدا وغيرهم قال تعالى [فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا] {الأنفال:69} . ومما يعضد الوضع اللغوي لهذه المفردة الاستعمال العربي سواء في الجاهلية أم في الإسلام وسواء في القران أم الحديث أم الحكم أم الشعر حيث وردت هذه المادة ( غنم ) ضمن هيئاتها وتشكيلاتها المتعددة في موارد لا تتصل بالحرب والقتال نحو النهب والإغارة وكل ما يرتبط بالحالة العدوانية المنافية للسلم بل في موضوعات سلمية أخرى بما يؤكد بان هذه المادة كما تصلح لإدارة الموارد المالية الحربية كذلك ما يحصله الإنسان مستشعرا فوزه حيث حاز امرا ، سواء ماديا أم معنويا مما له، ولكون الموضوع مما كثر فيه الجدل يحسن استعراض ما يكون التوافر عليه من استعمالات عربية ولو طالت القائمة ما إذ طبيعة البحث التخصصي تسوغ ذلك 0 (( من موارد استعمال الغنيمة في غير الحرب))1. قال تعالى : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا * ] {النساء:94} 2. ما روي عن النبي ص ( سافروا وتغنموا وصوموا تصحوا واغزوا تغنموا وحجوا تستغنوا ) جامع أحاديث الشيعة ، 13 / ص16 ، ح 37 .3. ما روي عنه أيضا ( الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة ) المجازات النبوية ، ص236 / 191 .4. وروي عنه أيضا ( الأمانة غنيمة ) علل الدار قطني ، 10 / 371 ، ح 2059 .5. ما روي عن عمر بن الخطاب انه قال : في السرية أسرعت الكرة وغنمت ( أعظم منها غنيمة قوم صلوا الصبح فعدوا حتى طلعت الشمس ثم صلوا سجدتين وانصرفوا ) لسان الميزان ،ج3 / 416 6. ما روي عن عبد الله بن مسعود ( إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة .. فبأي غنيمة يفرح أو أي ميراث يقاسم ) مسند احمد ، ج2 / ح 135 . وصحيح مسلم والبخاري ح 1215 باب إقبال الروم .7. ما روي عن أبي حازم عن أبيه : العلماء كانوا فيما مضى من الزمان إذا لقي العالم من قومه في العلم كان ذلك يوم غنيمة ... ) تهذيب التهذيب ج 1 / ص 21 .
    من نتائج استعمال الغنيمة في غير الحرب
    اولا – ان الغنيمة لم ترتبط في واقعها التأسيسي وفي مرحلة الوضع بواردات الحرب وان كان ورود هذه المادة قرآنيا كان في اغلب مواقعه حربيا حيث إن مجرد الاستعمال لا يهدد الهوية ويلغي غيرها بناءا على إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب . ثانيا :- كما توضح أن ما قيل من إن (( الاتفاق حاصل على ان المراد بقوله تعالى (غنمتم من شيء) (( مال الكفار إذا ظفر به المسلمون على وجه الغلبة والقهر ولا تقتضي اللغة هذا التخصيص على ما بيناه ولكن الشرع قيد اللفظ بهذا النوع ))(تفسير القرطبي ج8 ص3 ) فالتبادر يؤصل العموم ويؤكده حيث إن الموصول ((ما)) يتسع بقدر ما يتسع له ((شيء)) فإنهما ممحضان في التنكير المفيد للعموم ولذا روي (( عن مجاهد تفسيره([1]) ((من شيء)) بالمخيط للدلالة على سعة مدار التطبيق إذا ففي الخمس دلاله على الشمولية الواسعة لكل ما يحاز ويستولي عليه الإنسان سواء أكان بالطرق السليمة أم غيرها وعليه . فان الامامية لم يخصوا الغنيمة بواردات الحرب خاصة بل التزموا بعموم اللفظ . وعليه فأن الغنائم المأخوذة من دار الحرب يجب فيها الخمس باتفاق المسلمين 1- المعدن هو كل ما خرج من الأرض وكان من غير جنسها مما له قيمة كالذهب والفضة والنحاس والزئبق والنفط والكبريت وما إلى ذلك . قالت الامامية :- يجب إخراج الخمس (20 بالمائة ) من المعدن إذا بلغ ثمنه نصاب الذهب وهو عشرون دينارا أو نصاب الفضة وهو مائتا درهم ولا خمس فيما دون ذلك .وقال الحنفية :- لا يعتبر النصاب في المعدن بل يجب الخمس في قليلة وكثيرة .وقال المالكية :- والشافعي والحنابلة إذا كان المعدن دون النصاب فلاشيء فيه وإذا بلغ النصاب ففيه الزكاة ربع العشر أي اثنان ونصف بالمائة . 2- الركاز :- هو المال المدفون تحت الأرض وقد باد أهله ولم يعرف لهم من اثر كالآثار التي تنقب عنها اللجان المختصة لهذه الغاية .قال الأربعة يجب الخمس في الركاز ولا يعتبر فيه النصاب فقليلة وكثيرة سواء في وجوب الخمس .وقال الامامية :- الركاز كالمعدن في وجوب الخمس واعتبار النصاب 3- قال الامامية :- ما يخرج من البحر بالغوص كاللؤلؤ والمرجان فيه خمس اذا بلغ قيمته دينارا فصاعدا بعد إخراج التكاليف . ولاشيء فيه عند المذاهب الأربعة بالغا ما بلغ. 4- قال الامامية يجب الخمس في كل ما يفضل عن مؤنة سنة الإنسان وعياله مهما كانت مهنته ومن أي نحو حصل فائدته سواء أكان من تجارة أو الصناعة أو الزراعة أو الوظيفة أو العمل اليومي وما إلى ذلك . 5- قال الامامية :- إذا أصاب الإنسان مالا من حرام ثم اختلط بالمال الحلال ولم يعلم قدر الحرام ولا من هو صاحبه فعليه ان يخرج خمس ماله فإذا فعل حل له الباقي سواء أكان الحرام اقل من الخمس أو أكثر أما إذا علم الحرام بعينه فعليه أن يرده بالذات وإذا جهل عين الحرام وعلم مقداره ومبلغه فعليه إخراج المبلغ غير منقوص ولو استغرق جميع المال وإذا علم الأشخاص الذين اختلس منهم ولم يعلم مبلغ حقهم ومقداره فعليه أن يرضيهم بطريقة المصالحة والمسامحة وبكلمة إن إخراج خمس جميع المال إنما يجدي مع الجهل بمقدار المال الحرام وصاحبه . 6- قال الامامية :- إذا اشترى الذمي أرضا من مسلم وجب على الذمي بالذات ان يخرج خمسها (الفقه على راي المذاهب الخمسه )لمحمد جواد مغنيه ج1 ص294ط4 1427 ه ق واليك تعضدا لما جاء في الروايات من كلا الفريقين على هذه الموارد المذكوره 1- سئل أبو الحسن موسى بن جعفر عليها السلام (( عما يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد وعن المعادن وعن المعادن الذهب والفضة هل فيها زكاة ؟ فقال :- إذا بلغ قيمته دينارا فيه الخمس ))من لا يحضره الفقيه كتاب الخمس ج2.2- سأل عبيد الله بن علي الحلبي أبا عبد الله عليه السلام (( عن الكنز كم فيه ؟ قال :الخمس ، وعن المعادن كم فيه ؟ فقال : الخمس وعن الرصاص والصفر والحديد وما كان من المعدن كم فيما ؟ فقال :يؤخذ منها كما يؤخذ من معادن الذهب والفضة)) من لايحضره الفقيه ج2 . 3 روى أبو عبيده الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام انه قال (( أيما ذمي اشترى من مسلم أرضا فعليه الخمس )) المصدر نفسه4- روي عن يونس ابن يعقوب قال (( كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه رجل من القماطين فقال : جعلت فداك تقع في أيدينا الأرباح والأموال . وتجارات نعرف ان حقك فيها ثابت وأنا عن ذلك مقصّرون ؟ فقال عليه السلام ((ما أنصفناكم ذلك اليوم )) .5- وما جاء في مسند احمد ومسند ابن ماجة واللفظ للأول : عن ابن عباس قال : قضى رسول الله صلى الله عليه واله في الركاز الخمس 6- وفي صحيحي مسلم والبخاري واللفظ للأول : عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله (( العجماء جرحها جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس )) وفي بعض الروايات عن احمد : البهيمة عقلها جبار . 7ــــ لما وفد عبد القيس لرسول الله صلى الله عليه واله فقالوا : ( إن بيننا وبينك المشركين وإنا لا نصل إليك إلا في الأشهر الحرم فمرنا بجمل الأمر ، إن علمنا به دخلنا الجنة وندعوا إليه من وراءنا ) . فقال صلى الله عليه واله (( آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع آمركم بالإيمان بالله وهل تدرون ما الإيمان ، شهادة ان لا اله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وتعطوا الخمس من المغنم )) (الاعتصام بألكتاب والسنه )للسبحاني
    (( في مصرف الخمس وتقسيمه ))
    قال الشيخ الطوسي في كتاب الفيء من الخلاف ( المسألة 37) ( عندنا ان الخمس يقسم ستة أقسام : سهم لله وسهم لرسوله وسهم لذي القربى فهذه الثلاثة اسهم كانت للنبي ( صلى الله عليه واله ) وبعده لمن يقوم مقامه من الائمة عليهم السلام وسهم اليتامى وسهم المساكين وسهم لأبناء السبيل من آل محمد (صلى الله عليه واله) لا يشركهم فيه غيرهم ......) (( إن ما في كلام الشيخ وغيره من أصحابنا من كون الأسهم الثلاثة حتى سهم ذي القربى في عصر النبي ( صلى الله عليه واله ) للنبي( صلى الله عليه واله) و يشهد لما سنبينه من كون الأسهم الثلاثة بل الستة حقا للإمامة والإمارة حيث إن منصب الإمامة في عصر النبي ( صلى الله عليه واله ) كان له نفسه وكانت الإمامة قائمة به ولازم ذلك انتقال هذه السهام منه ( صلى الله عليه واله) إلى الإمام من بعده وهكذا وما أفتى به أبو حنيفة وأتباعه من سقوط السهام الثلاثة بموته (صلى الله عليه واله) إنما هو على أساس ماحكوه من عمل الخلفاء بعده ( صلى الله عليه واله) على يد السياسية قهرا وإلا فأي وجه لسقوط حق ذي القربى بموت النبي ( صلى الله عليه واله ) ؟ وعلى اي مبنى اجتهادي اعتمدوا عليه هل نسخت الايه بعده؟ أو هل هنالك رواية صحيحة صرحت بذلك ؟ غاية الأمر إن الإمام يسد به خلات الأصناف الثلاثة من بني هاشم باعتبارهم من بيت الوصي والإمامة . إذا لم يدل دليل قاطع على منعهم من اختصاصهم بالخمس فيجب حينئذ صرفه إليهم واليك بعض الأخبار الواردة بهذا المجال روي عن ابن عباس (( كان رسول الله( ص ) يقسم الخمس على ستة لله وللرسول سهمان وسهم للأقارب حتى قبض )) الحاكم النيسابوري 10/4 روي عن محمد ابن مسلم عن الإمام الباقر عليه السلام في قوله تعالى (( واعملوا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى )) قال :- هم قرابة رسول الله (ص) فالخمس لله وللرسول وأنا . الكافي ومن الواضح إن الإمام لم يذكر غير قرابة رسول الله ( ص) في حقه بأخذ الخمس لان قوله ((وانا)) على سبيل الاختصاص ولم يذكر ما إذا كان المستحقون الثلاثة البقية من مصرف الخمس أو لا لأنها من المسائل الواضحة في عدم استحقاق غيرهم وغير أصنافهم من المستحقين .وعلى فرض صحة العموم والشمول في ألآية المذكورة لهم ولغيرهم فيمكن أن يوجه بهذا التوجيه من إن مفاد الآية وان كان عاما فأن موردها غزوة بدر الواقعة في السنة الثانية للهجرة وفي ذلك الوقت لم يكن لمن اسلم من بني هاشم أيتام ومساكين وأبناء سبيل يوزع عليهم خمس الغنيمة ولكن الأصناف الثلاثة من غيرهم كثيرة ولاسيما من المهاجرين والذين اخرجوا من ديارهم .
    اللهم إلا أن يقول قائل إن التشريع وقع بلحاظ العصور اللاحقة لا عصر النزول . ولا قائل به .
    هذه مجموعة من الإشكالات على موضوع الخمس وأجوبتها
    السؤال الأول: كيف يكون الخمس أهمّ من الزكاة وقد تعرّض القرآن الكريم للخمس مرة واحدة مع أنه تعرّض لذكر الزكاة مرّات عديدة وكرّات كثيرة؟
    السؤال الثاني: لماذا لم يعطِ الرسول صلى الله عليه وآله وكذلك لم يعطِ أهل بيته الخمس، مع أنه ورد: «أشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة» ولم يرد أنهم أعطَوا الخمس؟
    السؤال الثالث: لماذا لم يروَ عن النبي صلى الله عليه وآله أنه أخذ في زمانه خمساً ـ غير خمس الغنيمة ـ أو أنه أمر بأخذ الخمس من غير غنائم الحرب في خبر ورواية؟ هذا ولا يخفى أنّ هذه الأسئلة وأمثالها إنما يطرحها من لم يراجع الرّوايات في باب الخمس، ولم يطّلع على المعارف الدينيّة عن كثب.
    أما الجواب عن السؤال الأول وهو (لماذا لم يتعرّض القرآن للخمس إلاّ مرة، بينما تعرّض للزكاة كثيراً؟) فنقضاً تارة وحلاً أخرى. أما نقضاً: فإن القرآن الحكيم قد ذكر اسم عيسى وموسى مراراً كثيرة بينما قد ذكر اسم النّبي الخاتم صلى الله عليه و آله ثلاث مرّات فقط، وقد ذكر اسم السيدة مريم مرات عديدة ولم يذكر اسم السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام ـ قط فإذا كان معيار الذكر وعدمه هو الأهمية وعدم الأهمية لزم ذكر النبي الخاتم صلى الله عليه وآله أكثر من ذكر غيره من الأنبياء لأنه أهمّهم وأشرفهم، ولزم ذكر السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام أكثر من ذكر السيدة مريم، لأن السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها كما قال في حقّها أبوها رسول الله صلى الله عليه و آله هي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، بينما السيدة مريم هي سيدة نساء عالمها فقط، فما كان جواب السائل عن هذا النقض نجيب به عن سؤاله أيضاً.
    وأمّا حلاً: فإن أصل ذكر الشيء في القرآن وعدم ذكره، أو تكرر ذكره وعدم تكراره، ليس تابعاً لأهمية الشيء وعدم أهميته فقط، وإنما ذكره وعدم ذكره تابع لمصالح كثيرة وحِكم بليغة، منها أهمية الشيء، وعليه: فذكر شيء في القرآن وتكرّر ذكره أو عدم ذكره وتكرره ليس دليلاً على أهمية الشيء وعدم أهميته، مثلاً: الصلاة هي عمود الدين، والتي إن قُبلت قُبل ما سواها وإن رُدّت ردّ ما سواها، ومع ذلك لم يتعرّض القرآن الحكيم لعدد ركعاتها للصبح ولا للظهرين ولا للعشاءين، بل لم يذكر صلاة الصبح التي يشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار إلاّ ذكراً عابراً بقوله تعالى «وقرآن الفجر إنّ قرآن الفجر كان مشهوداً» ممّا يكشف عن أن القرآن الحكيم كتاب خاص وقد اختار الله تعالى له أسلوباً خاصاً به في ذكر الأشياء وعدم ذكرها.
    وعليه، فلا يكون ذكر شيء في القرآن أو عدم ذكره، ولا تكراره أو عدم تكراره ملاكاً لأهمية الشيء وعدم أهميته، بل إن هذا السؤال من أصله وفي نفسه سؤال غير وارد وليس في محلّه، وذلك لعدم وجود ملاك منحصر لبيان أهمية شيء وعدم أهميته في القرآن الكريم.
    وأما الجواب عن السؤال الثاني: وهو أنّه لماذا لم يعطِ المعصومون عليهم السلام الخمس ولم يروَ عنهم ذلك مع أنهم كانوا يعطون الزكاة وقد روي عنهم ذلك فهو كما يلي:
    أولاً: إنّا لا نسلّم أنهم عليهم السلام لم يعطوا الخمس، وذلك لأنّ الزكاة في اللغة يشمل كل بذل وإنفاق للمال حتى مثل الخمس، مما يصحّح إعطاء الخمس تحت عنوان الزكاة أيضاً.
    ثانياً: إن في الروايات ما يفيد: إن على المعصومين عليهم السلام بأمر الله تعالى في مقابل السهم الذي خصّهم الله به من الخمس والمعروف بسهم الإمام، تسديد عوز المسلمين السادة وغيرهم والبذل عليهم من حصّتهم وسهمهم، كما أن لهم عليهم السلام ما زاد عن حاجات المسلمين السادة من السهم الخاص بالسادة.
    ثالثاً: إنهم عليهم السلام لم يبقوا في ملكهم مالاً حتى يجب عليهم خمسه، بل كانوا يتصدّقون بكلّ ما يملكون، أو يجعلونه وقفاً في سبيل الله، ثم كانوا يقترضون حتى لإمرار معاشهم.
    رابعاً: إنهم بأمر الله تعالى وتعيين الرسول صلى الله عليه وآله هم الولاة على المسلمين، وقد فسّر المعصومون عليهم السلام الولاية بأن الله قد جعلها لهم بإزاء بذلهم وإنفاقهم على المسلمين وسدّ عوزهم، فهم واسطة في الأخذ والعطاء وبذل الأموال وإنفاقها على المسلمين دون أن يخصّصوا شيئاً منها لأنفسهم.
    خامساً: ـ إنهم عليهم السلام كانوا يعيشون في زمان عصيب، وكانت التقية مفروضة عليهم، وكان حكّام الجور قد منعوهم حقّهم من الخمس وطاردوا السادة من ذرّية رسول الله صلى الله عليه وآله وكلّ من يمتّ إليهم بمحبّة وولاء، فكيف بمن يمدّهم بخمسهم، لذلك كتم الأئمّة المعصومون عليهم السلام ما كانوا يعطونه من الخمس وستروه بغطاء الزكاة ليسلموا على أنفسهم وشيعتهم.
    سادساً: سلّمنا أنهم لا يعطوا الخمس، لعدم ما يدلّ على إعطائهم مالاً باسم الخمس، ولقاعدة لو كان لبان، لكن نقول: إنه لم يمكن يجب عليهم الخمس لأن الله تعالى جعل الخمس لهم إما ملكاً وإما واسطة في التوزيع، فهم أرباب الخمس وأصحابه، و مَن هو مالك الخمس وصاحبه لا معنى لأن يعطي الخمس وإلى مَن يعطيه؟
    إنطلاقاً من التأكيدات الواردة في الخمس مع ما عليه من الأهمية الكبرى بحيث يزلزل الله تعالى موقف القيامة ويجعلها تضطرب بشدة ويضطرب كلّ ما فيها في فترة معيّنة ووقت معيّن. منها: من أجل الخمس ـ كما هو ظاهر بعض روايات الخمس في الوسائل ـ وذلك بقيام صاحب الخمس ومستحقّه في المحشر وعلى رؤوس الأشهاد ومسائلته عن حقّه، بقوله ياربّ خمسي، وروايات أخرى في هذا المجال.
    مع هذه الأهمية الكبيرة للخمس المؤكّد عليها في الروايات في غير غنائم دار الحرب، إذ غنائم دار الحرب مع شروطها ورد ذكرها في القرآن الكريم بالخصوص أو بالعموم، فإنّ «غنمتم» لاخصوصية له بما يحصل عليه في دار الحرب فقط، لأن المورد لا يخصص الوارد. ـ كما يقال ذلك في الموارد الأخرى أيضاً ـ وقد جاء في الروايات الشريفة في تعريف الغنيمة «هي الإفادة يوماً بيوم».
    وعليه: فإنّ غنائم دار الحرب هي مورد تسالم الأمّة وإجماع طوائف المسلمين كافّة ولا كلام فيه، وإنما الكلام في غير غنائم دار الحرب، فإنّ الخمس فيها لمّا كان بهذه الأهمية الكبرى، وخاصّة في أرباح المكاسب كما ورد في الروايات «ما أفاد الناس من قليل أو كثير» كان مثار أسئلة عديدة تطرح على النحو التالي.
    إن قلت: لعل عدم وجوب إعطائهم الخمس من باب ما جاء في الرواية التي هي مثار بحث العلماء: من إنه لو أعطى الخمس إلى أحد وزاد منه عند رأس سنته شيء، فهل في هذا الزائد من باب أرباح المكاسب خمسُ أم لا؟ قال بعض بوجوب الخمس فيه؛ استناداً إلى إطلاق قوله عليه السلام «إنما هي الفائدة يوماً بيوم»، وقال بعض بعدم وجوب الخمس فيه إستناداً إلى ما جاء في رواية تقول في جواب مَن سأل عن وجوب الخمس عليه فيما زاد عن رأس سنته ممّا كان قد حصل عليه من الخمس الذي أعطي إياه لاستحقاقه له: «لا خمس فيما سرّح إليك صاحب الخمس» فمن هذا الباب لم يجب عليهم عليهم السلام الخمس.
    قلت: إن هذا أخصّ من المدّعى ولا يكفي لرفع وجوب الخمس عنهم، وذلك لأن المعصومين عليهم السلام كانت لهم أموال شخصيّة غير أموال الخمس، إذ كانوا عليهم السلام يزرعون وينشئون المزارع والحوائط ويشغلون أموالهم بالتجارة وما أشبه ذلك، والكلام في الأعمّ.
    وأما الجواب عن السؤال الثالث: وهو أنه لماذا لم يروَ عن النبي صلى الله عليه وآله أنه أخذ خمس أرباح المكاسب، أو أنه أمر بأخذه في خبر ورواية؟ ولعل هذا الإشكال هو عمدة إشكالات المستشكلين هنا.
    فأوّلاً بالنقض تارةً وبالحل أخرى.
    أمّا نقضاً: فإنّ هناك كثيراً من الواجبات التي لم يتعرّض لها حتى القرآن الكريم، مثل عدد ركعات الصلاة ومثل مقدار نصاب الزكاة، فهل معناه وجوب الصلاة بلا ركعات، والزكاة بلا نصاب؟ فما يكون جواب المستشكل على هذا يكون جوابنا على ذلك.
    وأمّا حلاًًّ: فإنّ الواجبات بحاجة في إثباتها إلى ما هو حجّة فيها؛ من قرآن، أو حديث عن الرسول صلى الله عليه وآله ، أو رواية عن وُلاة الأمر من بعد الرسول صلى الله عليه وآله وهم الأئمة من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله فكما أن القرآن حجة، وأنّ ما جاء به الرسول صلى الله عليه وآله حجّة، فكذلك ما بيّنه ولاة الأمر بعده من الأئمة المعصومين من أهل بيته عليهم السلام حجّة أيضاً، قال الله تعالى: «أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم».
    وثانياً: ـ إنّه مضافاً إلى قول الله تعالى في كتابه الحكيم: «واعلموا أنما غنمتم من شيء فأنّ لله خمسه...» الذي لم يكن المغنم فيه مقيّداً بالحرب، وإنما مورده هو الحرب، والمورد ـ كما هو المعروف والمشهور ـ لا يخصّص الوارد، ومضافاً إلى اللغة، فإنّ المعنى اللغوي للغنيمة غير خاصّ بغنيمة الحرب، بل هو عامٌّ لكلّ غنيمة حتى أرباح المكاسب، مضافاً إلى كلّ ذلك ورد عن النبي صلى الله عليه وآله متواتراً عند الفريقين، عامة وخاصة أنه قال: «في الركاز الخمس» والركاز هو المال المدفون أي: الكنز.
    إن قلت: هذا خاص بالكنز وليس عاماً حتى يشمل أرباح المكاسب.
    قلت: هناك نصوص عامة منسوبة إلى النبي صلى الله عليه وآله قد رواها العامة والخاصة متواتراً، مثل ما جاء في كنز العمال، ج 3، ص 501 عن النبى صلى الله عليه وآله أنه كتب كتاباً مفصلاً إلى بني جهينة، وقد جاء فيه: «هذا كتاب من الله العزيز على لسان رسوله ـ إلى أن قال ـ صلى الله عليه وآله ـ : إن لكم بطون الأرض وسهولها وتلاع الأودية وظهورها، على أن تؤدّوا الخمس وتصلّوا الخَمس...» ولفظ الخمس هنا مطلق غير مقيّد بشيء، مما يعمّ أرباح المكاسب أيضاً.
    ومثل ما جاء في البخاري في عدة أمكنة منه، منها في ج 1، ص 133 عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لوفد عبدالقيس فيما قال لهم: «... آمركم بأربع، إلى أن قال صلى الله عليه وآله : وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأن تؤدّوا إليّ خمس ما غنمتم» ولفظ الغنيمة هنا مطلق وغير مقيّد بشيء مما يدلّ ولقرائن أخرى بأنّ الغنيمة هنا عامّة لكلّ شيء حتى أرباح المكاسب وليست خاصّة بأمر خاصّ.واليك نص الرواية(حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى جَمْرَةَ قَالَ كُنْتُ أَقْعُدُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ ، يجلسني عَلَى سَرِيرِهِ فَقَالَ أَقِمْ عندي حَتَّى أَجْعَلَ لَكَ سَهْمًا مِنْ مالي ، فَأَقَمْتُ مَعَهُ شَهْرَيْنِ ، ثُمَّ قَالَ إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا أَتَوُا النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَنِ الْقَوْمُ أَوْ مَنِ الْوَفْدُ » . قَالُوا رَبِيعَةُ . قَالَ « مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ - أَوْ بِالْوَفْدِ - غَيْرَ خَزَايَا وَلاَ نَدَامَى » . فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّا لاَ نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيَكَ إِلاَّ في شَهْرِ الْحَرَامِ ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا الحي مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ فَصْلٍ ، نُخْبِرْ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا ، وَنَدْخُلْ بِهِ الْجَنَّةَ . وَسَأَلُوهُ عَنِ الأَشْرِبَةِ . فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ ، وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ ، أَمَرَهُمْ بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ . قَالَ « أَتَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ » . قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ « شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ ، وَصِيَامُ رَمَضَانَ ، وَأَنْ تُعْطُوا مِنَ الْمَغْنَمِ الْخُمُسَ » . وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ عَنِ الْحَنْتَمِ وَالدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ والمز فت . وَرُبَّمَا قَالَ الْمُقَيَّرِ . وَقَالَ « احْفَظُوهُنَّ وَأَخْبِرُوا بِهِنَّ مَنْ وَرَاءَكُمْ »)
    هذا عن روايات العامة، وأما عن روايات الخاصة: فما ورد في الوسائل، الأنفال الباب 4 ح21 من أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لأبي‌ذر وسلمان والمقداد: «أشهدوني على أنفسكم بشهادة لا إله إلا الله... وإخراج الخمس من كلّ ما يملكه أحد من الناس، حتى يدفعه إلى وليّ المؤمنين وأميرهم».
    إذن: فالخمس وبشكلٍ عام يشمل حتى أرباح المكاسب، قد ورد في القرآن الكريم وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وعن أهل بيته الطاهرين عليهم السلام بلا شك ولا ريب، وإنما علينا أن نبحث عن الحجة الواردة في بيان موارد الخمس، ومصارفه ومسائله.
    هذا ولا يخفى أن العامة لهم اختلاف عظيم في الخمس وفي موارده ومسائله، كما يدل عليه: الفقه على المذاهب الأربعة وكذلك البحر الزخّار، رغم أنهم رووا ذلك في كتبهم عن النبي صلى الله عليه وآله .
    لماذا لم يطلب الإمام الحسن عليه السلام بالخمس ؟ كان الإمام الحسن عليه السلام بعد أبيه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وقد نهض بأعباء الخلافة فعلا بعد أبيه ولكنه لم يجد تبدلا في الموقف العام فيتسنى له تفعيل المطالبة بالخمس بعد ما نازعة معاوية بن ابي سفيان الخلافة مما أوجب اشترط الإمام الحسن عليه السلام على معاوية شروطا حفظا لمصالح المسلمين وإبقاء عليهم حتى قال الإمام الحسن عليه السلام ((ولو لا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض احد إلا قتل )) علل الشرائع 1/ج2 مما يحتم الصبر عن الخمس بعد ما قال معاوية (( إني منيت الحسن وأعطيته أشياء جعلتها تحت قدمي لا أفي بشيء منها له )) كشف الغمه للاردبيلي 2/138 حتى قد خطب معاوية أهل الكوفة فقال : يااهل الكوفة اتروني قاتلتكم على الصلاة والزكاة والحج وقد علمت إنكم تصلون وتزكون وتحجون ولكني قاتلتكم لأتأمر عليكم وعلى رقابكم وقد آتاني الله ذلك وانتم كارهون ألا إن كل مال أو دم أصيب من هذه الفتنة فمطلول وكل شرط شرطته فتحت قدمي هاتين )) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديدأما بالنسبة إلى عدم مطالبة الإمام الحسين عليه السلام بالخمس فبدا الأمر واضحا بعد استشهاد أخيه الإمام الحسن عليه السلام لما كانت الظروف الموضوعية المحيطة به ، بل التزام الإمام الحسين عليه السلام السير في إقامة الحجج على إمامته عليه السلام .حتى قام شاهرا سيفه الأمر الذي لم يؤهله للمطالبة بالخمس إزاء ما هيئه لقتاله في يوم عاشوراء .أما بالنسبة للإمام السجاد عليه السلام فان الأجواء بقيت متوترة بعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام وكان أهل البيت وشيعتهم في دائرة الخطر المتصاعد مما يهيئ الظروف إبان إمامة الإمام السجاد علي ابن الحسين عليهم السلام لتفعيل المطالبة بالخمس فقد كان مهتما بالمحافظة على بقية رسول الله (ص) ودفع المكاره عنهم ومع ذلك فقد روي عنه عليه السلام انه قال :- (( إن الخمس لنا ، فقيل له إن الله يقول (( واليتامى والمساكين وابن السبيل )) فقال :- يتامانا ومساكيننا وأبناء سبيلنا ))تفسير المنار ج10 / 17-18مما يدل على عدم الكف عن التذكير بالحق ما أمكن ذلك فان للإلحاح عواقب لابد من تفاديها والتحسب لها إذ لايتساوى المهم وهو المطالبة بالخمس مع الأهم وهو حفظ الإسلام والمسلمين.__________________________________________________ __________
    هذا تمام الكلام معتذر فيه عن الخطأ والنسيان ( قل إنما أنا بشر مثلكم ) وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصل اللهم على محمد واله الطاهرين



    [1] - الدر المشور ج 4/65




    ينام مطمئناً من كان له اب

    فكيف لاينام مطمئناً من كان له رب

  • #2
    بحث متميز وفقكم الله لكل خير بارك الله فيكما

    تعليق

    يعمل...
    X