بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
العصمة : ملكة اجتناب المعاصي مع التمكنمنها.
الجرجاني : التعريفات 1 /48 التعاريف للعلامة المناوي 1/ 516
العِصْمَة المَنْع يقال عَصَمَهُ الطَّعَام أي مَنَعَه من الجُوعِ. والعِصْمةأيضاً الحفْظ وقد عَصَمه يَعْصِمه بالكسر عِصْمةً فانْعَصَم. واعْتَصَم بالله أي امْتَنَعبلُطْفه من المَعْصِية. وقوله تعالى (لا عَاصِمَ اليَوْمَ من أمْرِ اللهِ) يجوز أن يُراد لا مَعْصومَ أي لا ذا عِصْمَةٍ فيكون فاعل بمعنى مفعول. والمِعْصَمُ موضعُ السِّوارمن السَّاعد. واعْتَصَمَ بكذا واسْتَعْصَم به إذا تَقَوَّى وامْتَنع.
زين الدين الرازي : مختار الصحاح 1 / 208
وأما عصم فبمعنى منع ومنه العصمة في الدين إنما هو المنع من المعاصي وقوله " لا عاصم اليوم من أمر الله " أي لا مانعويقال قد عصمه الطعام أي منعه من الجوع
غريب الحديث لإبن قتيبة 1/ 159
( عصم ) العِصْمة في كلام العرب عصم الله عَبْدَه أن يَعْصِمَه مما يُوبِقُه عَصَمه يَعْصِمُه عَصْماً منَعَه ووَقَاه وفي التنزيل لا عاصِمَ اليومَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إلا مَنْ رَحِمَ أي لا مَعْصومَإلا المَرْحومُ
لسان العرب 12 / 402
العصمة ملكة اجتناب المعاصي مع التمكن منهاوفي الصحاح العصمة المنع يقال عصمه الطعام أي منعه من الجوع
انيس الفقهاء للقونوي 1 /179 تحقيق احمد الكبيسي
وبعد ان بينا هذا الجانب لا بد من إثبات العصمة في ثلاثة امور :
1) إثبات العصمة في القران الكريم
قال تعالى ( وإذ إبتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين )البقرة 124
إن الامر الي نحتاج الى أثباته من خلال هذهالاية ؛ هو ان المعصية ظلم لأن الله تعالى يقول ( لا ينال عهدي الظالمين ) فالذي يرتكب المعصية هو ظالم ؛ ظالم لنفسه ؛ وظالم لربه ورسالته ؛ وظالم لأبناء أمته ؛فمن الطبيعي أن عهد الله لا يصل الى الشخص الذي يرتكب المعاصي ؛ والامامة والنبوةعهد من الله عز وجل الى بشر ما لأداء الرسالة ؛ اذا النبوة والامامة عهد والعهد لايناله الظالم ؛ والذي يرتكب المعاصي ظالم وبالتالي لاتصل النبوة ولا الامامة الىمن يرتكب الذنوب ؛ وبما أن الكلام مطلق لم يقيد بشيء ؛ غذ لاداعي لتقييده بالصغيرةوالكبيرة أو بالسهو والعمد
2) وقوله تعالى (أطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون ) آل عمران 132
فاننا لا نجد أثنين من المسلمين يختلفون في وجوب إطاعة الانبياء والرسل ؛ فلو كانوا غير معصومين لكان الامر بإتباعهم محال لأنه قبيح ؛ فالله عز وجل يريد أن يرشد الناس الى الهداية وطريق الصلاح لا الفساد فإذا كان النبي أو الرسول او الامام مرتكبا للمعصية ؛ ونحن بحكم العقل والنقلمطلوب منا إتباعهم ؛ فهذا معناه أننا لابد أن نتابعهم في فعل المعاصي وهذا ألامرمحال على الله
2 ) إثباتها في السنة الشريفة
فقد تواترت الاخبار في حث النبي على إتباع أهل بيته ووجوب الاقتداء بهم في كتب الفريقين ؛ ومن أجلى هذه الاحاديث دلالة
أ) حديث الثقلين : (إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ الثَّقَلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ الْآخَرِ كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنْ السَّمَاءِإِلَى الْأَرْضِ وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي وَإِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ ) مسند أحمد 22 /226
وقبل الخوض في دلالة هذا الحديث لابد وان نعرف من هم أهل بيته والكلام أيضا نتركه لأحمد بن حنبل
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ شَدَّادٍ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ
دَخَلْتُ عَلَى وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ فَذَكَرُوا عَلِيًّا فَلَمَّا قَامُوا قَالَ لِي أَلَا أُخْبِرُكَبِمَا رَأَيْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ بَلَى قَالَ أَتَيْتُ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَسْأَلُهَا عَنْ عَلِيّ ٍقَالَتْ تَوَجَّهَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسْتُأَنْتَظِرُهُ حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُعَلِيٌّ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ آخِذٌ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِيَدِهِ حَتَّى دَخَلَ فَأَدْنَى عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ فَأَجْلَسَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَجْلَسَ حَسَنًا وَحُسَيْنًا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى فَخِذِهِ ثُمَّ لَفَّ عَلَيْهِمْ ثَوْبَهُ أَوْ قَالَ كِسَاءً ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ
{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَعَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا }
وَقَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَأَهْلُ بَيْتِي أَحَقُّ
وهنا نعود الى الحديث فالنبي قرن اهل البيت بالقران وجعلهم عدلا لهومن المعلوم أن القران كلام الله و لا يمكن أن يرد عليه الخطأ ؛ والامر هنا بإتباع كلا الثقلين فلو كانت هناك إحتمال أن العترة غير معصومة لزم أجتماع الامر والنهيفي أمر واحد ؛ إذ أن غير المعصوم ممكن أن يرتكب المحرم ؛ ونحن منهيون عنه ومع ذلك يجب متابعته ؛ وهو محال
3 ) إثباتها عقلا :
وأما إثبات العصمة عقلآ فيمكننا الاستدلال
أ) بقياس استثنائي هو كالتالي :
لو لم يكن الانبياء معصومين لأنتفت فائدة البعثة
ومن المعلوم أن هذا الشكل من القياس لابد من أمرين وهما ؛ إثبات الملازمة وإثبات بطلان التالي
فأما بطلان اللازم وهو إنتفاء فائدة البعثة فباطل بلا إشكال للضرورةالقاضية بوجوب بعثة الانبياء ؛ وإثبات ذلك بقاعدة اللطف وقواعد أخرى ؛ فإذا أنتفتفائدة البعثة يكون نقضآ للغرض ونقصا لا يصدر من حكيم ؛ اذن عدم عصمة الانبياء ايضاباطل للتلازم بين المقدم والتالي في القضية الشرطية ؛ ولكن يجب اثبات الملازمة _ أي اذا لم يكن الانبياء معصومين كيف تنتفي فائدة البعثة ؟_ فنقول :
اذا جازت المعصية على الانبياء ؛ وقلنا أنه لا يوجد إمكان وإحتمال أن تصدر المعصية من النبي او الرسول يصدر منه الخطا و السهو ويذنب ويخالف ؛ فحينئذ لايحصل الوثوق بكلامه لجواز الكذب وإذا لم يحصل الوثوق لم يحصل الانقياد لأمرهم ونهيهم ؛ فما الفائدة من بعثة النبي إذا كان يبلغ و لا أحد يستمع إليه ويلتزم بتعاليمه ؛ فإن مثل ذلك يؤدي إلى إنتفاء الفائدة من البعثة والله عز وجل لا يفعل ما ينافي الغرض والحكمة لأنه حكيم عادل.
فعلى هذا الاساس لو لم يكن الانبياء معصومين لإنتفت فائدة البعثة ؛فلا بد أن يكونوا معصومين
ب)إننا يجب علينا إتباع النبي والائمة فكيف نتبع من يرتكب المعصية وهذا بديهي بحكم العقل
لن النبي هو المبلغ عن الله تبارك وتعالى وهو المرشد والهادي ؛ فإذاأراد الإنسان أن ينجو ويتسمك بخط الهداية ؛ فلا بد أن يطبق م يقول ويتبع ما يؤمربه من قبل الحكيم العادل الذي لا يريد به إلا خيرا
تعليق