
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
وكان أبوذر يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر روى الواقدي : أنّ أباذر لما دخل على عثمان ، قال له عثمان : لا أنعم الله بك عيناً ياجنيدب .
فقال أبو ذرّ : أنا جنيدب وسمّاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) عبدالله ، فاخترت اسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي سمّاني به على اسمي فقال عثمان أنت الذي تزعم : أنا نقول إن يد الله مغلولة ، وأن الله فقير ، ونحن الأغنياء ؟
فقال أبوذر : لو كنتم لا تزعمون لأنفقتم مال الله في عباده ، ولكني أشهد : لَسمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : «إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً ، جعلوا مال الله دُولاً ، وعباده خوَلاً ، ودين الله دخَلاً [ 1].
فقال عثمان : هل سمعتم من رسول الله ؟
فقال عليّ والحاضرون : سمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)يقول : «ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر» [ 2] ، فنفاه إلى ربذة .
وروى الواقدي : أن أبا الأسود الدؤلي قال : كنت أحب لقاء أبي ذر لأساله عن سبب خروجه ، فنزلت الربذة ، فقلت له : ألا تخبرني ، خرجت من المدينة طائعاً ، أم أخرجت ؟
فقال : كنت في ثغر من ثغور المسلمين ، أغني عنهم فأخرجت إلى المدينة ، فقلت : أصحابي ، ودار هجرتي ، فأخرجت منها إلى ماترى .
ثم قال : بينا أنا ذات ليلة نائم في المسجد ، إذ مر بي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فضربني برجله ، وقال : لا اراك نائماً في المسجد ، قلت : بأبي أنت وأمي ، غلبتني عيني فنمت فيه : فقال (صلى الله عليه وآله) : كيف تصنع إذا أخرجوك منه ؟
قلت : إذن ألحق بالشام فإنها أرض مقدسة ، وأرض بقية الإسلام ، وأرض الجهاد ، فقال (صلى الله عليه وآله) : كيف تصنع إذا أخرجوك منها ؟ قلت أرجع إلى المسجد فقال (صلى الله عليه وآله) : كيف إذا أخرجوك منه ؟ قلت : آخذ سيفي فأضربه .
فقال (صلى الله عليه وآله) : ألا أدلك على خير من ذلك ، إنسق معهم حيث ساقوك ، وتسمع وتطيع ، فسمعت وأطعت ، وأنا أسمع وأطيع ، والله ليقتلن اللهُ عثمانَ وهو آثم في جنبي [ 3] .
[ 1] مروج الذهب 2 / 341 ، وتاريخ الخميس 2 / 269 ، وشرح النهج 1 / 240 ، وتاريخ اليعقوبي 2 / 161 ، ومستدرك الحاكم 4 / 480 وكنز العمّال 6 / 29 و90 .
[ 2] الإصابة 4 / 64 ، وفي هامشها الاستيعاب 1 / 216 ، والمستدرك الحاكم 4 / 64 ، وأُسد الغابة 1 / 301 ، وتاريخ الخميس 2 / 258 ، والتاج الجامع للأُصول 3 / 404 ، وقال : رواه الترمذي بسند حسن .
[ 3] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 240 ، ومسند أحمد 5 / 156 ، نهج الحق 300 .
تعليق