تويت
النظام الرباني او القانون ( الذي ذكرناه في الموضوع السابق ومميزاته ) هو الذي سيُمكن الامام (عجل الله فرجه)
من مليء الارض قسطا وعدلا بعد ان فشلت المحاولات البشرية لوضعه ولانها لم تؤسس على اساس رصين ومتين .
وان الاسلام يرى بأن الحياة الانسانية لاتنحصر بحدود الحياة الدنيوية وانما تمتد الى ما بعد الموت وهي الحياة الحقيقية
والنافع في هذه الحياة هي المعارف الإلاهية من العقيدة واساسها التوحيد والمحافظة عليها يكون عن طريق التخلق بالاخلاق
الفاضلة اي تهذيب النفس وتزكيتها وهذه الاخلاق يتممها العدل الاجتماعي والعبادات .
وبذلك تنتج المعادلة :
العدل الاجتماعي + العبادات --------- الاخلاق --------- المعارف الالاهية وعلى رأسها التوحيد
وهي التي تنفع الانسان
وبالتالي فأن الاسلام على اساس هذه المعادلة قد وضع القانون الذي ينظم العلاقة بين الناس والمفترض ان ينتج العدل الاجتماعي
وعلى اساس رصين وهو التوحيد .
ولفهم اهمية المعادلة اكثر نقوم بالربط بين المعاني ، فالطالب المستوعب للدرس او للكتاب يقوم بالربط بين مواضيعه بعضها مع البعض ،
فمثلا ما هي العلاقة بين العدل الاجتماعي والاخلاق ومع بقية مفردات المعادلة ، وليس نتعاطى مع المفردات بشكل تجزيئي اي نفهم
العدل الاجتماعي لوحده والاخلاق لوحدها وكذلك بقية مفردات المعادلة وللفهم اكثر نقوم بالربط بين المفردات فنذهب الى القرآن لنرى
كامل الابعاد وهنا عدة نقاط تذكر :
1- العدل الاجتماعي الذي يتبين من خلال المعادلة انه ليس الهدف والغاية للامام (عجل الله فرجه ) ليس الهدف النهائي والجوهري
وانما هو وسيلة للاهداف اهم من العدل الاجتماعي ،
فالبعض يفكر بأن المهم هو الوصول الى العدل الاجتماعي بدون الاخلاق والعقيدة ،
فتارة نصل الى العدل من خلال العقيدة والاخلاق والعبادة وتارة نصل عن طريق اخر لايمر بهم فالبعض يفكر الاهم الوصول الى العدل
وليس الطريق المؤدي له ، وهذا فهم خاطئ للدين .
فالعدل الاجتماعي ليس هدفا وانما هدف مرحلي يمهد الطريق لهدف اعلى والذي يتمثل بالمعارف الالاهية .
2- القران الكريم يركز على كل مفردة في هذه المعادلة .
العدل الاجتماعي (هو عبارة عن علاقة الانسان مع اخيه الانسان ) والعبادة ( وهي علاقة الانسان مع الله ) وكلاهما عدل وكلاهما عبادة لان العدل الاجتماعي اذا كانت قُربة الى الله اصبح عبادة والعبادة بلحاظ اخر عدل وهو ان نعطي الله حقه في ان نعبده فتكون علاقتنا مع الله علاقة عادلة .
العدل الاجتماعي + العبادة كلاهما يعملان على تتميم الاخلاق .
القرن الكريم يركز على العدل الاجتماعي في الآيات :
(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ
إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25) سورة الحديد .
ويركز على العبادة :
( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ...........)
ويركز على الاخلاق :
(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) سورة الشمس
ويركز على العقيدة والمعارف الالاهية يأخذ نموذج وهو المعاد فالقران تناول 1400 آية فقط وفقط للمعاد اي ثلث او ربع القران
وهناك إحصاء آخر الى آيات تلوح الى المعاد اي بشكل غير صريح نحو 2000 آية ، مما يؤكد على التركيز الشديد على المعاد .
وبعد بيان كل مفردة نأتي على الربط بين المفردات :
1- العدل الاجتماعي + الاخلاق .
اذا اردنا مجتمعا خالي ومزكى من الرذائل فأول خطوة هي إشاعة القسط لانه متى ما شاع العدل والقسط تهيأت الارضية
المناسبة لشيوع الاخلاق الفاضلة وهي نتاج طبيعي للعدل .
اما الاخلاق الرذيلة فهي نتاج طبيعي للظلم ، وبتحقُق الظلم ينقسم المجتمع الى طبقتين :
1- طبقة تملك كل شيء وهي الطبقة المترفة .
2- طبقة لاتملك شيء وهي الطبقة المحرومة .
وكلا الطبقتين تنتج منهما الرذائل الاخلاقية لان :
الترف والتنعيم الشديد ينتج ------ الاستكبار
------ البطر
------- الاعتداء
-------- المشي بتبختر
-------- سلسلة من الرذائل الاخلاقية .
ونتيجة تلبسها بالرذائل تؤدي الى ابتعادها عن الفضائل الاخلاقية وبالتالي الى الكفر بالله . وآية 34 من سورة سبأ تؤكد ذلك
(وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ )
وفي هذه الآية توجد نقطتين ننوه اليهما :
1- الجبهة المعارضة للانبياء هي جبهة المترفين .
2- المعارضة هذه ليست في زمن الانبياء وانما على طول الخط ، فقضية النبي مع الذين عادوه هم من الطبقة المترفة سواء كانوا
من اليهود اومن قريش وهذا العداء سيكون اجلى واوضح مع الامام (عجل الله فرجه) فالطبقة الاولى التي تواجه الامام
ليس من الجياع في افريقيا ولا المحرومين في الهند ولا من الحفاة في امريكا الجنوبية لان هذه الطبقات من مصلحتها
ان يأتي الامام (عجل الله فرجه ) وانما الطبقة الاولى هي طبقة المترفين والرأسمالية ستكون اول الجبهات التي تواجه الامام (عجل الله فرجه ) .
واما الطبقة المحرومة تنشأ على الرذائل الاخلاقية واول من ينطلق من الرذائل الحسد نتيجة وجود الفوارق والحرمان .
يعمل الاسلام بضغط الطبقات الفوق وتصعيد الطبقات التحت وهذا ما يطلق عليه بالتوازن الاجتماعي وهذا غير التكافل الاجتماعي
اي رفع حاجات الطبقات المحرومة اي لايبقى فقر في الساحة الاجتماعية فالتوازن لايسمح ان يكون تفاوت فاحش في الطبقات في المجتمع الاسلامي .
2-العبادة + الاخلاق
كما العبادة تساهم في جعل الانسان من السعداء في الآخرة وتساهم ايضا مساهمة فعالة في جعل المجتمع يعيش الملكات الاخلاقية الفاضلة .
الصلاة من العبادات ومن اهم النقاط الاخلاقية التي تعمل الصلاة على تفعيلها هي مسألة الاستكبار والتكبر، فالصلاة تسحق هذه الجرعة
( الاستكبار والتكبر ) فالانسان يسحق جسمه ويجعل اعلى قمة من جسمه الرأس التي تكون رمز للاستكبار على التربة على الارض
وهذه العملية تمارس خمس مرات في اليوم
وتكون بمثابة الدواء الذي يساهم من تخفيف المرض ، وللاننا نعرف ان نزعة الاستكبار ماذا تولد من كوارث ، لذلك اول من يواجه
ويتصدى للامام (عجل الله فرجه) هم من يحملون هذا المرض .
تعليق