بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الإنبياء والمرسلين محمد واله الطاهرين.
وبالاسناد إلى أبي جعفر بن بابويه قال :
نبأنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق
نبأنا أحمد بن محمد الهمداني ، نبأنا الحسن بن القاسم قراءة
حدثنا علي بن إبراهيم بن المعلى
حدثنا أبوعبدالله محمد بن خالد
حدثنا عبدالله بن بكير المرادي ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده
عن علي بن الحسين ، عن أبيه عليه السلام قال :
بينا أميرالمؤمنين - صلوات الله عليه - ذات يوم جالس مع أصحابه يعبئهم
للحرب ، إذ أتاه شيخ عليه شحبة السفر فقال : أين أميرالمؤمنين ؟
فقيل : هو ذا فسلم عليه .
ثم قال : يا أميرالمؤمنين إني أتيتك من ناحية الشام وأنا شيخ كبير قد سمعت فيك من الفضل ما لا احصي وإني أظنك ستغتال ، فعلمني مما علمك الله .
قال : نعم يا شيخ ، من اعتدل يوماه فهو مغبون ، ومن كانت الدنيا همه
اشتدت حسرته عند فراقها ، ومن كان غده شرا من يومه فهو محروم ، ومن لم يبال
بما رزي عنه من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك ، ومن لم يتعاهد النقص من
نفسه غلب عليه الهوى ، ومن كان في نقص فالموت خير له .
ياشيخ إرض للناس ماترضى لنفسك ، وآت إلى الناس ماتحب أن يؤتى إليك
ثم أقبل على أصحابه ، فقال : يا أيها الناس أما ترون إلى أهل الدنيا يمسون و
يصبحون على أحوال شتى ، فبين صريع يتلوى وبين عائد ومعود ، وآخر بنفسه
يجود ، وآخر لايرجى ، وآخر مسجى وطالب الدنيا والموت يطلبه ، وغافل
وليس بمغفول ـ عنه ـ وعلى أثر الماضي يصير الباقي .
فقال له زيد بن صوحان العبدى :
ياأمير المؤمنين أي سلطان أغلب وأقوى ؟ قال : الهوى .
قال : فأي ذل أذل ؟ قال : الحرص على الدنيا .
قال : فأي فقر أشد ؟ قال : الكفر ـ بالله ـ بعد الايمان .
قال : فأي دعوة أضل ؟ قال : الداعي بما لايكون .
قال : فأي عمل أفضل ؟ قال : التقوى .
قال : فأي عمل أنجح : قال : طلب ما عند الله .
قال : فأي صاحب شر ؟ قال : المزين لك معصية الله .
قال : فأي الخلق أشقى ؟ قال : من باع دينه بدنيا غيره .
قال : فأي الخلق أقوى ؟ قال : الحكيم .
قال : فأي الخلق أشخ ؟ قال : من أخذالمال من غير حله ، فجعله في غير حقه .
قال : فأي الناس أكيس ؟ قال : من ابصر رشده من غيه ، ـ فمال إلى رشده ـ
قال : فمن أحلم الناس ؟ قال : الذي لايغضب .
قال : فأي الناس أثبت رأيا ؟
قال : من لم يغره الناس من نفسه ولم تغره الدنيا بتشوقها .
قال : فأي الناس أحمق ؟ قال : المغتر بالدنيا وهويرى مافيها من تقلب أحوالها .
قال : فأي الناس أشد حسرة ؟
قال : الذي حرم الدنيا والآخرة ، ذلك هوالخسران المبين .
قال : فأي الخلق أعمى ؟
قال : الذي عمل لغيرالله ، يطلب ـ بعلمه ـ الثواب من عندالله عزوجل .
قال : فأي القنوع أفضل ؟ قال : القانع بما أعطاه الله تعالى .
قال : فأي المصائب أشد ؟ قال : المصيبة في الدين .
قال ، فأي الاعمال أحب إلى الله عزوجل ؟ قال : انتظار الفرج .
قال : فأي الناس خير عندالله عزوجل ؟
قال : أخوفهم لله وأعملهم بالتقوى وأزهدهم في الدنيا .
قال : فأي الكلام أفضل عندالله عزوجل ؟
قال : كثرة ذكره والتضرع إليه والدعاء .
قال : فأي القول أصدق ؟ قال : شهادة أن لاإله إلالله .
قال : فأي الاعمال أعظم عندالله عزوجل ؟
قال : التسليم والورع .
قال : فأي الناس أصدق ؟ قال : من صدق في المواطن .
ثم أقبل على عليه السلام على الشيخ ، فقال : ياشيخ إن الله عزوجل خلق خلقا ضيق
الدنيا عليهم ، نظرا لهم وزهدهم فيها وفي حطامها ، فرغبوا في دارالسلام التي دعاهم
إليها فصبروا على ضيق المعشية وصبروا على المكروه ، واشتاقوا إلى ما عند الله من
الكرامة ، وبذلوا أنفسهم إبتغاء رضوان الله ، وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة ، فلقوا الله
عزوجل وهو عنهم راض ، وعلموا أن الموت سبيل من مضى ومن بقى فتزودوا
لآخرتهم غيرالذهب والفضة ، ولبسوا الخشن ، وصبروا على الذل ، وقدموا القوت
الفضل ، وأحبوا في الله ( ، وأبغضوا في الله ، ) أولئك المصابيح وأهل النعيم في
الآخرة والسلام .
فقال الشيخ : فأين أذهب ؟ وأدع الجنة ، وأنا أراها وأرى أهلها معك ، يا أمير
المؤمنين ، جهزني بقوة أتقوى بها على عدوك . فأعطاه أميرالمؤمنين سلاحا و
حمله ، وكان في الحرب بين يدي أميرالمؤمنين عليه السلام ـ يضرب ـ قدما وأميرالمؤمنين
يعجب مما يصنع ، فلما اشتدت الحرب أقدم فرسه حتى قتل ( رحمه الله ) .
ـ وأتبعه رجل من أصحاب أميرالمؤمنين عليه السلام فوجده صريعا ووجد دابته
ووجد سيفه في ذراعه فلما انقضت الحرب أتى أميرالمؤمنين عليه السلام بدابته وسلاحه
وصلى أميرالمؤمنين عليه السلام عليه ، وقال :
هذا والله السعيد حقا فترحموا على أخيكم ـ
تعليق