بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العامين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين
قد كتبت العديد من الشروح حول كتاب الشيخ المظفر((المنطق))لكن هذا لا يمنع من كتابة شرح جديد قد يختلف عن البواقي في بعض الامور كطريقة الطرح والبيان فأن من الواضح عند من مارس التدريس ان الاخوة الطلبة مختلفون في مؤهلاتهم مما يجعل البعض يستفيد من بعض الشروح دون غيرها لاختلاف اسلوب الطرح فيها وبيان الكاتب .
ونحن هنا نحاول ان شاء الله طرح المادة بطريقة وجدنا انها نافعة مع اغلب مستويات الطلبة؛فالملاحظ في بعض الكتب ان فيها اسهاب احيانا وفي بعض المواضيع بحيث يتوهم الطالب انه يدرس مواضيع متعددة وهي في الواقع مقدمات لموضوع واحد والطريقة هي ان نبين الموضوع مجملا وذكر هذه المواضيع على نحو الاجمال حتى يترابط البحث عند الطالب فنقلل من التفاصيل لدرجة يشعر الطالب ان هذه المقدمات هي ليست مواضيع مستقلة في الكتاب فاذا اتضح المطلب كاملا نأتي لشرح هذه المقدمات على نحو التفصيل فعدم ذكر التفاصيل في البداية يجعل الموضوع مترابطا وبسيطا قابلا للفهم من جميع المستويات وقد قالوا في الحكمة ((ان الشئ كلما كان اعم كان اتم))أي اذا كان بسيطا-أي اقل تفاصيلا-كان اقرب الى الذهن ولهذا يطلق البعض على المفاهيم الواضحة البديهية اسم المفاهيم العامة ويعلل الشيخ حسن زاده الاملي ذلك بان النفس لما كانت في ذاتها بسيطة خالية من التركيب فان الشئ الاقل تركيبا يكون اقرب اليها من الاكثر تركيبا .
والان نشرع بحول الله وقوته في بيان مطالب الكتاب :
عادة في بداية الكتب المنهجية توضع مقدمة تسمى((مقدمة العلم))في قبال ((مقدمة الكتاب))فما الفرق بينهما؟
مقدمة العلم :هي الامور التي يتوقف الشروع في دراسة ذلك العلم عليها وقد عدوها ثلاثة:تعريف العلم وبيان موضوعه وبيان وجه الحاجة اليه أي فائدته.
فان الشارع-أي المبتدأ- في دراسة أي علم لابد له قبل دراسته من تصور هذا العلم المدروس ولو اجمالا (1) ولهذا قيل :ان التوجه نحو المجهول المطلق محال؛لما سيأتي عند بيان وجه توقف الشروع على معرفة فائدة العمل من ان كل فعل اختياري يتوقف على امور اولها تصور الفعل المراد فانت اذا اردت ان تشرب الماء فلابد اولا من ان تتصوره قبل الشرب فكذا اذا اردت الشروع في دراسة علم ما فعليك اولا ان تتصور ذلك العلم من خلال معرفة تعريفه اولا.
اما وجه توقف الشروع في دراسة العلم على معرفة موضوعه فقبل ذلك نبين ما هو المراد من كلمة موضوع العلم ؟
موضوع العلم هو المحور الذي يدور حوله البحث كما لو قيل ان موضوع علم النحو هو الكلمة فانك تجد ميع ابحاث النحو تدور حول الكلمة من جهة الاعراب والبناء ولتوضيح ذلك اكثر :
انك لو كنت تتكلم مع اشخاص حول موضوع ما كأن يكون موضوع سياسي مثلا- فيأتي شخص ويسأل عن ما كنتم تتكلمون فيجاب كنا نتكلم في السياسة فالسياسة هي محور كلامكم فهي موضوع الكلام.
اذا عرفنا المراد من موضوع العلم نقول لابد للشارع في الدراسة من معرفة ما هو الشئ الذي يبحث عنه في هذا العلم لكي يعرف ماذا يدرس وللتميز عنده المسائل التي يجب عليه دراستها فمثلا اذا كان يريد ان يدرس النحو فيجب عليه ان يعرف انه يبحث عن الكلمة من جهة الاعراب والبناء فأذا عرضت عليه مسألة فقهية مثلا فانه يتركها ولا يبحث عنها لانها خارجة عن مدار بحثه فأذن لابد من معرفة ضابطة المسائل المبحوث عنها.
واما وجه توقف الشروع على معرفة فائدة العلم فلما قالوا ان كل فعل اختياري يتوقف على اربعة امور هي :
1-تصور الفعل ولو اجمالا.وهذا ما تقدم في بيان توقف الشروع على تصور العلم.
2-معرفة فائدته والمصلحة المتحققة من وراءه.
3-وجود الارادة لتحقيقه.
4-تحريك العضلات لتنفيذه ما اراده.
ولنضرب مثالا لتتضح هذه الامور الاربعة:مثلا لو نظرنا الى أي فعل من افعالنا مثلا اريد ان اسافر الى مدينة النجف فانا اولا اتصور سفري الى النجف وثانيا اتصور الفائدة المرجوة من سفري لها فتتحقق عندي الرغبة الشديدة والارادة الحقيقية للسفر ثم بعد ذلك احرك العضلات لتنفيذ ما اردته.
وكذا لو لاحظنا فعل البرلمان فانه اذا اراد ان يفعل فعلا فمثلا يريدوا ان يصدروا قرارا بمنع السفر فانهم اولا يتصورون الفعل وثانيا يتناقشون لمعرفة فائدة هذا القرار ثم تتحقق عندهم ارادة حقيقية لتنفيذه ثم يصدر الامر للجهات التنفيذية لفعله.
وبما ان الشروع في دراسة العلم هو فعل اختياري فلابد من وجود هذه الامور الاربعة فيه فلابد اولا من تصوره ثم معرفة فائدته ......الخ.
اذا علمت هذا فمقدمة العلم هي الامور التي يتوقف الشروع في دراسة العلم عليها وهي هذه الامور الثلاثة ؛وفي قبالها هناك مقدمة الكتاب وهي ما اعتاد المؤلفون كتابته في بداية كتبهم من تعريف بالمؤلف والموضوع الذي سيبحثه ورتبة العلم المبحوث عنه وتايخه ...الخ وقد يطلق عليها اسم الرؤوس الثمانية فهي تشتمل على الامور الثلاثة السابقة(تعريف العلم وموضوعة وفائدته)وامور اخرى.
فالمصنف بدأ كغيره ممن كتب في المنطق بمقدمة العلم ولكنه ذكر تعريف المنطق وفائدته ولم يذكر موضوعه فما السر في ذلك؟
الجواب :لانه قد وقع خلاف قديم بين العلماء عن ضرورة وجود موضوع لكل علم والاقوال فيه ثلاثة:
1-ضرورة وجود موضوع لكل علم.
2-لا ضرورة لوجود موضوع للعلم.
3-بعض العلوم لها موضوع وهي العلوم البرهانية وبعضها لا وهي العلوم الاعتبارية.
والمصنف من اتباع القول الثاني وقد بين هذا في كتابه (اصول الفقه)فأذن المصنف (رحمه الله)من القائلين بعدم ضرورة وجود موضوع للعلم وبالتالي لا موضوع لعلم المنطق ولهذا لم يذكره.
سؤال:بحسب ما تقدم نرى تقدم بحث تعريف العلم على بحث بيان فائدته لكننا نرى المصنف (رحمه الله)قد عكس الامر فقدم بحث الحاجة الى المنطق على تعريف المنطق فما وجه ذلك؟
الجواب:سيتضح ان شاء الله في طيات هذا الكتاب انهم يشترطون ان يتم التعريف بما يميز الشئ المراد تعريفه عن غيره ومما يميز الشئ هو فائدته فالفائدة الحاصلة من دراسة المنطق وهي(عصمة الذهن عن الوقوع في الخطأ)لا تحصل من غيره فأذن هي مما يميز علم المنطق وبالتالي يمكن تعريف المنطق بها وهذا ما حدث فقد عرفوا المنطق بانه (العلم الذي تعصم مراعاته الذهن عن الوقوع في الخطأ)هو تعريف له
بفائدته فلتوقف تعريفه على الفائدة فقدم بحث الفائدة على التعريف ضروره تقدم المتوقف عليه على المتوقف.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله والطاهرين.
ملاحظة:نستقبل اسألة الاخوة القراء في حقل الرد على الموضوع.
(1)المراد من الاجمال هنا العلم المبهم من بعض الجوانب كما لو قال لك شخص اعط هذا الكتاب لطالب في الحوزة فتحصل في ذهنك صورة ذهنية لكنها خالية من تفاصيل الشخص المراد اعطائه هل هو زيد او بكر مثلا.
والحمد لله رب العامين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين
قد كتبت العديد من الشروح حول كتاب الشيخ المظفر((المنطق))لكن هذا لا يمنع من كتابة شرح جديد قد يختلف عن البواقي في بعض الامور كطريقة الطرح والبيان فأن من الواضح عند من مارس التدريس ان الاخوة الطلبة مختلفون في مؤهلاتهم مما يجعل البعض يستفيد من بعض الشروح دون غيرها لاختلاف اسلوب الطرح فيها وبيان الكاتب .
ونحن هنا نحاول ان شاء الله طرح المادة بطريقة وجدنا انها نافعة مع اغلب مستويات الطلبة؛فالملاحظ في بعض الكتب ان فيها اسهاب احيانا وفي بعض المواضيع بحيث يتوهم الطالب انه يدرس مواضيع متعددة وهي في الواقع مقدمات لموضوع واحد والطريقة هي ان نبين الموضوع مجملا وذكر هذه المواضيع على نحو الاجمال حتى يترابط البحث عند الطالب فنقلل من التفاصيل لدرجة يشعر الطالب ان هذه المقدمات هي ليست مواضيع مستقلة في الكتاب فاذا اتضح المطلب كاملا نأتي لشرح هذه المقدمات على نحو التفصيل فعدم ذكر التفاصيل في البداية يجعل الموضوع مترابطا وبسيطا قابلا للفهم من جميع المستويات وقد قالوا في الحكمة ((ان الشئ كلما كان اعم كان اتم))أي اذا كان بسيطا-أي اقل تفاصيلا-كان اقرب الى الذهن ولهذا يطلق البعض على المفاهيم الواضحة البديهية اسم المفاهيم العامة ويعلل الشيخ حسن زاده الاملي ذلك بان النفس لما كانت في ذاتها بسيطة خالية من التركيب فان الشئ الاقل تركيبا يكون اقرب اليها من الاكثر تركيبا .
والان نشرع بحول الله وقوته في بيان مطالب الكتاب :
عادة في بداية الكتب المنهجية توضع مقدمة تسمى((مقدمة العلم))في قبال ((مقدمة الكتاب))فما الفرق بينهما؟
مقدمة العلم :هي الامور التي يتوقف الشروع في دراسة ذلك العلم عليها وقد عدوها ثلاثة:تعريف العلم وبيان موضوعه وبيان وجه الحاجة اليه أي فائدته.
فان الشارع-أي المبتدأ- في دراسة أي علم لابد له قبل دراسته من تصور هذا العلم المدروس ولو اجمالا (1) ولهذا قيل :ان التوجه نحو المجهول المطلق محال؛لما سيأتي عند بيان وجه توقف الشروع على معرفة فائدة العمل من ان كل فعل اختياري يتوقف على امور اولها تصور الفعل المراد فانت اذا اردت ان تشرب الماء فلابد اولا من ان تتصوره قبل الشرب فكذا اذا اردت الشروع في دراسة علم ما فعليك اولا ان تتصور ذلك العلم من خلال معرفة تعريفه اولا.
اما وجه توقف الشروع في دراسة العلم على معرفة موضوعه فقبل ذلك نبين ما هو المراد من كلمة موضوع العلم ؟
موضوع العلم هو المحور الذي يدور حوله البحث كما لو قيل ان موضوع علم النحو هو الكلمة فانك تجد ميع ابحاث النحو تدور حول الكلمة من جهة الاعراب والبناء ولتوضيح ذلك اكثر :
انك لو كنت تتكلم مع اشخاص حول موضوع ما كأن يكون موضوع سياسي مثلا- فيأتي شخص ويسأل عن ما كنتم تتكلمون فيجاب كنا نتكلم في السياسة فالسياسة هي محور كلامكم فهي موضوع الكلام.
اذا عرفنا المراد من موضوع العلم نقول لابد للشارع في الدراسة من معرفة ما هو الشئ الذي يبحث عنه في هذا العلم لكي يعرف ماذا يدرس وللتميز عنده المسائل التي يجب عليه دراستها فمثلا اذا كان يريد ان يدرس النحو فيجب عليه ان يعرف انه يبحث عن الكلمة من جهة الاعراب والبناء فأذا عرضت عليه مسألة فقهية مثلا فانه يتركها ولا يبحث عنها لانها خارجة عن مدار بحثه فأذن لابد من معرفة ضابطة المسائل المبحوث عنها.
واما وجه توقف الشروع على معرفة فائدة العلم فلما قالوا ان كل فعل اختياري يتوقف على اربعة امور هي :
1-تصور الفعل ولو اجمالا.وهذا ما تقدم في بيان توقف الشروع على تصور العلم.
2-معرفة فائدته والمصلحة المتحققة من وراءه.
3-وجود الارادة لتحقيقه.
4-تحريك العضلات لتنفيذه ما اراده.
ولنضرب مثالا لتتضح هذه الامور الاربعة:مثلا لو نظرنا الى أي فعل من افعالنا مثلا اريد ان اسافر الى مدينة النجف فانا اولا اتصور سفري الى النجف وثانيا اتصور الفائدة المرجوة من سفري لها فتتحقق عندي الرغبة الشديدة والارادة الحقيقية للسفر ثم بعد ذلك احرك العضلات لتنفيذ ما اردته.
وكذا لو لاحظنا فعل البرلمان فانه اذا اراد ان يفعل فعلا فمثلا يريدوا ان يصدروا قرارا بمنع السفر فانهم اولا يتصورون الفعل وثانيا يتناقشون لمعرفة فائدة هذا القرار ثم تتحقق عندهم ارادة حقيقية لتنفيذه ثم يصدر الامر للجهات التنفيذية لفعله.
وبما ان الشروع في دراسة العلم هو فعل اختياري فلابد من وجود هذه الامور الاربعة فيه فلابد اولا من تصوره ثم معرفة فائدته ......الخ.
اذا علمت هذا فمقدمة العلم هي الامور التي يتوقف الشروع في دراسة العلم عليها وهي هذه الامور الثلاثة ؛وفي قبالها هناك مقدمة الكتاب وهي ما اعتاد المؤلفون كتابته في بداية كتبهم من تعريف بالمؤلف والموضوع الذي سيبحثه ورتبة العلم المبحوث عنه وتايخه ...الخ وقد يطلق عليها اسم الرؤوس الثمانية فهي تشتمل على الامور الثلاثة السابقة(تعريف العلم وموضوعة وفائدته)وامور اخرى.
فالمصنف بدأ كغيره ممن كتب في المنطق بمقدمة العلم ولكنه ذكر تعريف المنطق وفائدته ولم يذكر موضوعه فما السر في ذلك؟
الجواب :لانه قد وقع خلاف قديم بين العلماء عن ضرورة وجود موضوع لكل علم والاقوال فيه ثلاثة:
1-ضرورة وجود موضوع لكل علم.
2-لا ضرورة لوجود موضوع للعلم.
3-بعض العلوم لها موضوع وهي العلوم البرهانية وبعضها لا وهي العلوم الاعتبارية.
والمصنف من اتباع القول الثاني وقد بين هذا في كتابه (اصول الفقه)فأذن المصنف (رحمه الله)من القائلين بعدم ضرورة وجود موضوع للعلم وبالتالي لا موضوع لعلم المنطق ولهذا لم يذكره.
سؤال:بحسب ما تقدم نرى تقدم بحث تعريف العلم على بحث بيان فائدته لكننا نرى المصنف (رحمه الله)قد عكس الامر فقدم بحث الحاجة الى المنطق على تعريف المنطق فما وجه ذلك؟
الجواب:سيتضح ان شاء الله في طيات هذا الكتاب انهم يشترطون ان يتم التعريف بما يميز الشئ المراد تعريفه عن غيره ومما يميز الشئ هو فائدته فالفائدة الحاصلة من دراسة المنطق وهي(عصمة الذهن عن الوقوع في الخطأ)لا تحصل من غيره فأذن هي مما يميز علم المنطق وبالتالي يمكن تعريف المنطق بها وهذا ما حدث فقد عرفوا المنطق بانه (العلم الذي تعصم مراعاته الذهن عن الوقوع في الخطأ)هو تعريف له
بفائدته فلتوقف تعريفه على الفائدة فقدم بحث الفائدة على التعريف ضروره تقدم المتوقف عليه على المتوقف.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله والطاهرين.
ملاحظة:نستقبل اسألة الاخوة القراء في حقل الرد على الموضوع.
(1)المراد من الاجمال هنا العلم المبهم من بعض الجوانب كما لو قال لك شخص اعط هذا الكتاب لطالب في الحوزة فتحصل في ذهنك صورة ذهنية لكنها خالية من تفاصيل الشخص المراد اعطائه هل هو زيد او بكر مثلا.
تعليق