بسم الله الرحمن الرحيم
يرى ارسطو ان الحركة تقع في انواع ثلاثة من الاعراض فقط وهي الكيفيات ، الكميات ، والاين ( والمقصود من الحركة في الاين هو الحركة المكانية ) ويعتقد ارسطو في المقابل ان التغيير في الجوهر لايمكن ان يكون تدريجيا بل هو بالضرورة دفعي . ومثال ذلك التبديل الجوهري لعنصر من الهيدروجين الى الهليوم فان ما يقع هو انعدام صورة الهيدروجين وحدوث صورة الهليوم وهذا النوع من التغيير هو الذي يطلق عليه الكون والفساد فالهيدروجين هو الجوهر الفاسد والهليوم هو الجوهر الكائن .كما نلاحظ فان الثبات في نظرية ارسطو هو الغالب واما التغيير ومن ذلك الحركة فهو امر نادر وذلك لان جوهر الاشياء امر ثابت بمرور الزمان لكنه في مقاطع خاصة من الزمان وبسبب استعدادات داخلية وظروف محيطة يتغير بنحو دفعي لا بنحو الحركة (التغير التدريجي) . واما في الاعراض فالحركة تقع فقط في ثلاثة انواع منها واما الستة الباقية فهي فاقدة للحركة .
وقد تبنى الفلاسفة السابقون على صدر المتالهين سواء المشاؤون منهم والاشراقيون نظرية الثبات والتغير الارسطية مع فارق يرجع الى ان الحركة تقع مضافا الى الانواع الثلاثة في نوع رابع هو الوضع.
واضافوا اليها الحركة في مقولة الوضع ، واما صدر المتالهين فقد غير هذا البناء تغيرا جذريا فلقد اجاب بناء على اصالة الوجود على كل الاشكالات المانعة من الحركة الجوهرية وتبعا لذلك اثبت ان التغير في الجوهر لا يمكن ان يكون دفعيا ومن نوع الكون والفساد بل هو بالضرورة تدريجي ومن نوع الحركة .وعلى اساس الحركة الجوهرية تكون كافة الاعراض متحركة اذ من غير الممكن ان يتبدل جوهر الشئ وتبقى صفاته واعراضه ثابتة فالحركة في الجوهر تستلزم الحركة في كافة الاعراض .
وبها يظهر ان صدر المتالهين رفع بساط السكون والثبات عن عالم الطبيعة ففي عالم الطبيعة لا يمكن لشئ سواء كان من الجواهر او الاعراض ثابتا بل هي في حالة حركة مستمرة .وهو بهذا يذكرنا بنظرية بارمنيدس .
مضافا الى ذلك وطبقا للتعميم المذكور اعلاه حيث ثبت ان كون الشئ ماديا يساوي السيلان وكونه مجردا يساوي الثبات فقد جعل من التقسيم الى الثابت والسيال موازيا للتقسيم الى مجرد ومادي وهو من تقسيمات الموجود بما هو موجود لا من تقسيمات الموجود بما هو جسم ولذا يتعلق بقسم الامور العامة من الالهيات لا بالطبيعات . ومن هنا نقل بحث الحركة من الطبيعيات الى الالهيات .