بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّْ على محمد وىله الطيبين الطاهرين
آخوتي ان القصص من الامور المفيدة في المجتمع وفي توصيل العلوم والفكرة للمقابل وقد اكد عليها القرآن الكريم حيث قال ان في قصصهم عبرة وقد قص علينا قصص الانبياء وما جرى عليهم وعلى اقوامهم وقصص اقوام اخرى ، وأهل البيت عليهم السلام قد استخدموا القصة في التبليغ وغيره لتقريب الناس للواقع اللهم صلّْ على محمد وىله الطيبين الطاهرين
ولهذا انالقصص بطبيعتها محبّبة لدى الناس ومؤثرة فيهم حيث يتوجهون إليها بعقولهم وقلوبهم ووجدانهم ، يتابعون أحداثها وفصولها ، ويتأثرون بابطالها وشخصياتها ، والقصص تبقى فاعلة في الذهن أكثر من غيرها ؛ لسهولة حفظها وتذكرها ونقلها.
وحول دور القصة في التربية ورد في وصية أمير المؤمنين عليهالسلام للإمام الحسن عليهالسلام : « أحي قلبك بالموعظة ... وأعرض عليه أخبار الماضين ، وذكّره بما أصاب من كان قبلك من الأولين ... انّي وإن لم أكن عمّرت عمر من كان قبلي ، فقد نظرت في أعمالهم ، وفكّرت في أخبارهم ، وسرت في آثارهم ؛ حتّى عدت كأحدهم ؛ بل كأنّي بما انتهى إليّ من اُمورهم قد عُمِّرت معأوّلهم إلى آخرهم ... » (١).
وللقصة دور في تحريك العقول للتفكر ، والوصول إلى الحقيقة وتجسيدها في ممارسات ومواقف عملية ، وقد حفلت سيرة أهل البيت عليهمالسلام بتربية أصحابهم عن طريق القصص لما فيها من مفاهيم وقيم متنوعة في مجالات النفس الإنسانية وفي مجالات المجتمع الإنساني ، وقد ذكروا عليهمالسلام قصصاً عديدة عن تاريخ ومسيرة الأنبياء والأولياء والصالحين ودورهم في الحياة الإنسانية وخصائصهم الحميدة ومواقفهم من الأفراد ومن الوجودات ، وقصصاً عن ايمانهم وعباداتهم وعن أخلاقهم وعلاقاتهم مع الناس ، وعن زهدهم وإيثارهم وصبرهم واحسانهم إلى غير ذلك من الصفات النبيلة.
كما ذكر أهل البيت عليهمالسلام قصصاً عن الصالحين وعن التائبين وعن مواقف شريفة ونبيلة لكي تؤدي دورها في تربية النفوس والقلوب ، ومن هذه القصص : قصة نقلها الإمام زين العابدين عن امرأة نجت من سفينة فواجهها رجل يقطع الطريق وينتهك الحرمات ، فلم يكلمها حتّى جلس منها مجلس الرجل من المرأة فلما أن همّ بها اضطربت ، فقال لها : ما لك تضطربين ، قالت : أفرق من هذا وأومأت بيدها إلى السماء ، قال : فصنعت من هذا شيئاً ؟ قالت : لا وعزته ، قال : فأنت تفرقين منه هذا الفرق ولم تصنعي من هذا شيئاً وإنّما استكرهتك استكراهاً ، فأنا والله أولى بهذا الفرق والخوف وأحقّ منك ، فقام ولم يحدث شيئاً ورجع إلى أهله وليست له همّة إلاّ التوبة والمراجعة. (٢)
وهناك قصص عديدة في جميع أصناف وألوان السلوك والممارسات ذكرهاأهل البيت عليهمالسلام في أجواء التربية والاصلاح والارشاد للموالين وللمخالفين. ولهذا انقل لكم
قصة وعبرة.......فأقرؤوها بعين المعتبر المنتفع
يحكى أن امرأةً رأت في الرؤيا أثناء نومها أن رجلا من أقاربها قد لدغته أفعى سامة فقتلته ومات على الفور،وقد أفزعتها هذه الرؤيا وأخافتها جداً، وفي صبيحة اليوم التالي توجهت إلى بيت ذلك الرجل وقصّت عليه رؤياها وعَبَّرَت له عن مخاوفها ، وطلبت منه أن ينتبه لما يدور حوله ، ويأخذ لنفسه الحيطة والحذر، فنذر الرجلُ على نفسه أن يذبح كبشين كبيرين من الضأن نذراً لوجه الله تعالى عسى أن ينقذه ويكتب له السلامة من هذه الرؤيا المفزعة ، وهكذا فعل ، ففي مساء ذلك اليوم ذبح رأسين كبيرين من الضأن ، ودعا أقاربه والناس المجاورين له ، وقدم لهم عشاءً دسماً ، ووزَّعَ باقي اللحم حتى لم يبقَ منه إلا ساقاً واحدة . وكان صاحب البيت لم يذق طعم الأكل ولا اللحم ، بسبب القلق الذي يساوره ويملأ نفسه ، والهموم التي تنغّص عليه عيشه وتقضّ مضجعه ، فهو وإن كان يبتسم ويبشّ في وجوه الحاضرين ، إلا أنه كان يعيش في دوامة من القلق والخوف من المجهول ، لَفَّ الرجلُ الساقَ في رغيفٍ من الخبز ورفعها نحو فمه ليأكل منها ، ولكنه تذكّر عجوزاً من جيرانه لا تستطيع القدوم بسبب ضعفها وهرمها ، فلام نفسه قائلاً : لقد نسيت تلك العجوز وستكون الساق من نصيبها ، فذهب إليها بنفسه وقدّم لها تلك الساق واعتذر لها لأنه لم يبقَ عنده شيء من اللحم غير هذه القطعة ، سُرَّت المرأةُ العجوز بذلك وأكلت اللحم ورمت عظمة الساق ، وفي ساعات الليل جاءت حيّة تدبّ على رائحة اللحم والزَّفَر، وأخذت تُقَضْقِضُ ما تبقى من الدهنيات وبقايا اللحم عن تلك العظمة ، فدخل شَنْكَل عظم الساق في حلقها ولم تستطع الحيّة التخلّص منه ، فأخذت ترفع رأسها وتخبط العظمة على الأرض وتجرّ نفسها إلى الوراء وتزحف محاولة تخليص نفسها ، ولكنها عبثاً حاولت ذلـك ، فلم تُجْدِ محاولاتها شيئاً ولم تستطع تخليص نفسها ، وفي ساعات الصباح الباكر سمع أبناء الرجل المذكور حركة وخَبْطاً وراء بيتهم فأخبروا أباهم بذلك ، وعندما خرج ليستجلي حقيقة الأمر وجد الحيّة على تلك الحال وقد التصقت عظمة الساق في فكِّها وأوصلها زحفها إلى بيته ، فقتلها وحمد الله على خلاصه ونجاته منها ، وأخبر أهله بالحادثة فتحدث الناس بالقصة زمناً ، وانتشر خبرها في كلّ مكان ،
وهم يرددون المثل القائل : كثرة اللُّقَم تطرد النِّقَم. أي كثرة التصدق بالطعام تدفع عنك البلايا . عن أبي مالك الأشعري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم الطعام وافشئ السلام وصلى بالليل والناس نيام .
وقد أكد اهل البيت عليهم السلام على الصدقة وإستحبابها والندب لا حتى كان يتصدق متصدقهم بكل ما يملك ويروى عن مولاي الإمام الحسن بن علي عليه السلام انع خرج من ماله اكثر من مرة وكان يتصدق بكل ما يكون بيده وانه قاسم الله تعالى في أمواله ووووهذا ديدن اهل البيت عليهم السلام ولا كلام في أن الإسرار في الصدقة المندوبة افضل من إظهارها للمعطي في إعطائها، ويدل عليه قول الصادق (ع): " الصدقة في السر والله افضل من الصدقة في العلانية وقوله (ع): " كلما فرض الله عليك فإعلانه افضل من إسراره، وكلما كان تطوعاً، فإسراره افضل من إعلانه ".
ودمتم سالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته,
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته,
__________________
(١) نهج البلاغة : ٣٩٣.
(٢) الكافي / الكليني : ٢ / ٧٠.
تعليق