
للإجابة على هذا السؤال لابد من مقدمة :
رسالة اليوم الموعود هي رسالة الدين والانبياء والائمة وتحتوي اصول الدين وفروع الدين ( عقيدة ونظام )
وهذا ما بُيّن في الموضوع السابق ، والنقطة الهامة هي العقيدة التي هي اصل الفروع والنظام .
ولان سعادة الانسان في عالم الاخرة تتوقف على اصول الدين فنسأل :
ما هو موقع اصول الدين في خارطة السير الانساني للوصول الى الهدف اي الوصول الى الله ؟
المسيرة الانسانية حتى تتقدم تحتاج الى :
1- رؤية وهدف .
2- طاقة ووقود يحركها نحو الهدف .
3- الدليل والمرشد للوصول الى الهدف عبر استثمار تلك الطاقة .
ولوصول الانسانية الى الهدف يكون بتوقفها على ايمانها بالله تبارك وتعالى لان التوحيد يشكل الهدف الذي
ينبغي ان تسير الانسانية اليه فأهم منبع من منابع القدرة في دولة الامام (عجل الله فرجه ) هو طبيعة الهدف
الذي يدعو اليه وهو الله تبارك وتعالى
فالواجب وترك الحرام والمستحب والمباح وكل عمل يقوم به الانسان
يكون قربة الى الله تعالى .
وهنا قد تحقق الاصل الاول وهو التوحيد .
والاصل الثاني هو المعاد فأنه يوفر الطاقة والوقود اللازم للمسيرة ولان الطريق الى الله يحتاج الى طاقة كبيرة
وعملية كدح
(( يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ )) (6) الانشقاق .
فالصعود الى الاعلى ( الكمال ) يحتاج الى طاقة والهبوط الى الاسفل الى الدنيا والشهوات لا يحتاج الى طاقة .
والاصل الثالث والرابع ( النبوة والامامة ) تمثل الدليل والمرشد لأنهما يمثلان الصلة بين السماء والارض بين
الله والانسان ، فالنبي هو بشر يستطيع ان يرتبط مع الانسان من ناحية وايضا هو يملك من الطاقات الروحية
والسمو الروحي والصفاء النفسي ما يُمكّنه من الارتباط بالله تبارك وتعالى من ناحية اخرى .
والامامة مُتممة لدور النبوة وتعمل المزيد المزيد لربط الانسان بالله تعالى .
الاصل الخامس هو العدل وهو جانب من جوانب التوحيد ، والامام ( عجل الله فرجه ) هو الذي يقوم بتجسيد العدل
وبقية الاصول في ساحة المجتمع الانساني .
اذن العدل هو يمثل مؤشرات الطريق للوصول الى الهدف ويمثل اساس البناء الاجتماعي العلوي فمتى ما توفر
العدل في الساحة الاجتماعية فسوف تتقدم الحياة الاجتماعية .
وبالتالي بعد هذه المقدمة نأتي الى سؤالنا :
كيف تكون البشرية مستعدة للاستقبال رسالة اليوم الموعود ؟
الانسانية عبر التاريخ الطويل لم تكن متفاعلة ومنسجمة مع خط الانبياء ، ويحصل ذلك التغير الكبير في عهد
اليوم الموعود والسبب هو ان الانسانية قد ركنت عبر التاريخ الى الحس والى الدنيا .
فالإنسان له جانبان :
1- جانب حسي 2- جانب عقلي
فالإنسان عندما يركن الى الجانب الحسي والغرائزي فأنه يهمل الجانب العقلي لان الله يدعو
الى التوحيد والمعاد والنبوة والامامة والعدل الالهي وجميعها معقولات وليست محسوسات .
وهذا الكلام ليس معناه الغاء الحس وانما المقصود من هو الحاكم ومن هو المحكوم .
ونسأل :
كيف تنتقل الانسانية من الحس الى العقل ( الايمان الروحي ) ؟
هناك ثلاث اطروحات في هذا المجال :
1- الالجاء والجبر اي ان الله تبارك وتعالى يجبر الانسانية جبرا على الانتقال من الجانب الحسي
الى الجانب العقلي بطريقة من طرق الاجبار ، وهذا غير مقبول لان الانسان له ميزة حرية الاختيار
وليس مجبر وهذا ما يميزه عن بقية الكائنات ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾
(3) / الانسان
2- المعجزة بأن تظهر معاجز خارقة بحيث تضطر البشرية لتقبُل هذه الرسالة وهذا غير مقبول ايضا
لأنه لو كان الانتصار بالمعجزة لأمد الله الامام الحسين ( عليه السلام ) بالمعجزة ولأنتصر واقام القسط
والعدل ، فأذن دور المعجزة هي من اجل اثبات النبي وليست تحقيق الانتصار والذي يحقق الانتصار
هو الانسان عبر التسديد الالهي .
3- الحل يكون في هذه الاطروحة وهو غير الاطروحتين الاوليتين وهو ان يصل الانسان الى الهدف
بما فيه من توحيد ومعاد ونبوة وامامة وعدل ومع ما يترتب على هذه الاصول من نظام اسلامي شامل
وكامل في الالتزام والضوابط الاسلامية في مجال الفكر والثقافة والاقتصاد وغيرهن من مجالات المجتمع .
وحتى نتعرف على الطريق الذي يُمكّننا من استقبال الرسالة بكامل حجمها يكون عن طريق :
1- السير العملي
2- السير المعرفي
السير العملي : عند التتبع لهذا السير الذي تسير من خلاله الانسانية لتصل بالنتيجة الى الاستقبال التام ،
فنلاحظ ان المدينة هي الوحيدة التي استقبلت النبي ( صلوات الله عليه ) وليس مكة ولا الطائف ولا اي ارض
اخرى بينما ستكون الارض جميعها ستكون مستعدة لاستقبال الامام (عجل الله فرجه )
مثال على ذلك : فلاح لديه ارض قاحلة يزرعها عدة مرات ولا تستجيب فيقول بشق عدة مبازل ويزرعها
بعد ذلك يرى النتيجة بزيادة خصوبة الارض واعطاءها محصول اكثر.
فالمجتمع الانساني كان كالأرض القاحلة طوال التاريخ واي ارض قاحلة اشد من التي كانت في زمن الامام الحسين
( عليه السلام ) وهذه الملوحة تتحول الى خصوبة تدريجيا بشق المبازل التي تصفي البشرية في زمن الامام
( عجل الله فرجه ) وخلاصة هذا السير ان المجتمع الانساني بسبب بعده عن الله سيقع في نكسات وكوارث
ويظهر الفساد .
((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)) [الروم: 41]
وبالتالي سيجر علىية الانسان الدمار والخراب بفعل هذا البعد وبالتالي سوف تلجأ الانسانية الى الله
وتبني الطرح الديني .
2- السير المعرفي سياتي الكلام عنه في الموضوع القادم انشاء الله تعالى.
تعليق