بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة على محمد وآله الطاهرين
استدل الوهابية على منع الشفاعة
فدعوى المتكلّف: أنّ الاستشفاع بغير الله شرك، مستدلاّ:
تارة بقوله: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلاَّ بِإذْنِهِ).
وأخرى بقوله تعالى: (وَلاَ يَشْفَعُونَ إلاَّ لِمَن اِرْتَضَى).
ومرّة بقوله تعالى في سورة سبأ:
(وَلاَ تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ).
وتارة بقوله تعالى في سورة طه: (يَوْمَئِذ لاَ تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً).
وأُخرى بقوله تعالى: (مَا نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى).
إلى آخر ما استشهد به لدعواه.
[الردّ على ذلك]
فقد يردّها: أنّ الشفاعة من المعاني النسبيّة القائمة بالطرفين، نظير العقود والمعاملات القائمة بالموجب والقابل، فمتى لم يرضَ المُشفِّع، كما لو لم يشفع الشفيع، تقع الشفاعة لغواً.
فعدم الشفاعة تارة لفقد المقتضي، أعني قابليّة الشفيع للشفاعة، أو المشفَّع له.
أو لوجود مانع هناك ; أعني بلوغ المعصية إلى حدّ تمنع عنها حسبما نراه في المتعارفات الخارجية.
[الادلة على جواز الشفاعة]
مضافاً إلى دلالة غير واحدة من الايات عليه، مثل قوله: (إنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِح)الاية، حيث نهى الله نبيّه من الشفاعة في ولده ; لانّه قد بلغ في المعصية والمخالفة مالا تصحّ معها الشفاعة له.
ومثله قوله تعالى: أمّا في المنافقين ففي موضعين من القرآن:
أحدهما: في سورة براءة (التوبة): (إنْ تَسْتَغفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ).
والاُخرى: في سورة المنافقين قوله تعالى: (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ).
وأمّا في المشركين فقوله تعالى في سورة براءة (التوبة): (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالّذِينَ آمَنُوا أن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِمَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)
، فتأمّل في قوله (مِنْ بعْدِ مَا تَبَيَّن) ولا تغفل.
وقال بعض المفسّرين في قوله تعالى في سورة المدثّر: (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ): إنّ معناه لا شافع ولا شفاعة، فالنفي راجع إلى الموصوف والصفة معاً، والاية من باب (لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً) من حيث إنّها سالبة بانتفاء الموضوع.
بل، وإذا اشتدّ المانع تجافى الشفيع عن الشفاعة.
وربّما ينقلب الشفيع خصيماً، كما في سورة نوح قوله تعالى: (رَبِّ إنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً)، وهذا معنى قوله: (وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى) وقوله: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ)، فمتى صحّ الاذن صحّت الشفاعة، ومتى لم يأتِ الاذن تقع الشفاعة لغواً، والطلب من المشفَّع له باطلاً.
وهذا لا دخل له بحديث الشرك وتضمّن بعض الايات غايتها الدالة على أنّ العبادة للشفيع بإزاء شفاعته يكون شركاً باطلاً، لا أنّ جعل الشفيع يكون كفراً وارتداداً.
بل يكون أمراً راجحاً يحكم به ضرورة العقل، فضلاً عن الشرع
والصلاة على محمد وآله الطاهرين
استدل الوهابية على منع الشفاعة
فدعوى المتكلّف: أنّ الاستشفاع بغير الله شرك، مستدلاّ:
تارة بقوله: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلاَّ بِإذْنِهِ).
وأخرى بقوله تعالى: (وَلاَ يَشْفَعُونَ إلاَّ لِمَن اِرْتَضَى).
ومرّة بقوله تعالى في سورة سبأ:
(وَلاَ تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ).
وتارة بقوله تعالى في سورة طه: (يَوْمَئِذ لاَ تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً).
وأُخرى بقوله تعالى: (مَا نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى).
إلى آخر ما استشهد به لدعواه.
[الردّ على ذلك]
فقد يردّها: أنّ الشفاعة من المعاني النسبيّة القائمة بالطرفين، نظير العقود والمعاملات القائمة بالموجب والقابل، فمتى لم يرضَ المُشفِّع، كما لو لم يشفع الشفيع، تقع الشفاعة لغواً.
فعدم الشفاعة تارة لفقد المقتضي، أعني قابليّة الشفيع للشفاعة، أو المشفَّع له.
أو لوجود مانع هناك ; أعني بلوغ المعصية إلى حدّ تمنع عنها حسبما نراه في المتعارفات الخارجية.
[الادلة على جواز الشفاعة]
مضافاً إلى دلالة غير واحدة من الايات عليه، مثل قوله: (إنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِح)الاية، حيث نهى الله نبيّه من الشفاعة في ولده ; لانّه قد بلغ في المعصية والمخالفة مالا تصحّ معها الشفاعة له.
ومثله قوله تعالى: أمّا في المنافقين ففي موضعين من القرآن:
أحدهما: في سورة براءة (التوبة): (إنْ تَسْتَغفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ).
والاُخرى: في سورة المنافقين قوله تعالى: (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ).
وأمّا في المشركين فقوله تعالى في سورة براءة (التوبة): (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالّذِينَ آمَنُوا أن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِمَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)
، فتأمّل في قوله (مِنْ بعْدِ مَا تَبَيَّن) ولا تغفل.
وقال بعض المفسّرين في قوله تعالى في سورة المدثّر: (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ): إنّ معناه لا شافع ولا شفاعة، فالنفي راجع إلى الموصوف والصفة معاً، والاية من باب (لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً) من حيث إنّها سالبة بانتفاء الموضوع.
بل، وإذا اشتدّ المانع تجافى الشفيع عن الشفاعة.
وربّما ينقلب الشفيع خصيماً، كما في سورة نوح قوله تعالى: (رَبِّ إنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً)، وهذا معنى قوله: (وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى) وقوله: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ)، فمتى صحّ الاذن صحّت الشفاعة، ومتى لم يأتِ الاذن تقع الشفاعة لغواً، والطلب من المشفَّع له باطلاً.
وهذا لا دخل له بحديث الشرك وتضمّن بعض الايات غايتها الدالة على أنّ العبادة للشفيع بإزاء شفاعته يكون شركاً باطلاً، لا أنّ جعل الشفيع يكون كفراً وارتداداً.
بل يكون أمراً راجحاً يحكم به ضرورة العقل، فضلاً عن الشرع
تعليق