

أمير المؤمنين علي إبن أبي طالب عليهما السلام يحذر من الدنيا لإنها حلوة خضرة !
قال عليه السلام : أما بعد فإني أحذركم الدنيا فإنها حلوة خضرة حفت بالشهوات ، وتحببت بالعاجلة ، وراقت بالقليل ، وتحللت بالأمال ، وتزينت بالغرور.
وجاء في الحديث عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله
(( الدنيا حلوة خضرة ، وإن الله مستخلفكم فيها ، فناظرٌ كيف تعملون )
أستعار الإمام عليه السلام الحلاوة والخضرة لأنهما متعلقان بحاستي الذوق والبصر ولما يروق لهما وتلتذ النفس عن طريقها بكل ماتحب ، فالحلاوة تدرك بالذوق والبصر والخضرة تدرك بالبصر ،
أما أختياره عبارة خضرة:
فالقرآن الكريم ذكر كلمة الخضرة أو اللون الأخضر في قوله تعالى﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾
سورة الرحمن
أي إن للون الأخضر ميزة وتأثير على الانسان وورد الروايات الشريفة لآل البيت عليهم السلام قول (( النظر الى الخضرة عبادة )) حيث أثبت ان اللون الذي يبعث السرور داخل النفس البشرية، ويثير بواعث البهجة فيها، هو اللون الأخضر ، لذلك جعل الله تعالى النبات أخضر اللون، فهذه المساحات الخضراء في الأرض تبعث في النفس البهجة, وعلمياً اختيرت ثياب الجرَّاحين من اللون الأخضر، لأن المريض وهو على وشك أن تجرى له العملية ونفسيته متعبة بسبب الخوف والقلق والتفكير، قالوا هذا الثوب الأخضر، يبعث فيه البهجة فمعنى قوله عليه السلام.
إنها خضرة حلوة : أي طعمها حلو طيب ترغب فيه النفس وتستلذه ، وكذلك خضرة نضرة تسر الناظرين .
- حفت بالشهوات : أي الشهوات الخاصة بالدنيا مثل شهوة المال ، والجاه والسلطان والأولاد وغيرها ، والقوي هو الذي يكسر هذا الستار المضروب ويطيع الله تبارك وتعالى فيما امره.
- تحببت بالعاجلة :اي اللذات الحاضرة التي مالت القلوب الى الحياة الدنيا بسببها ، وجعلت الناس يحبونها بما فيها من ملذات عاجلة فيها النفس من مأكل ومشرب وزواج فهي كالمرأة المتحببة بمالها وجمالها .
- وراقت بالقليل :اي أعجبت الناس بزينتها القليلة الحقيرة بالنسبة الى نعيم ومتاع الآخرة كميةً وكيفية ، فما قيمة المآكل والمشرب والقصور مقابل طعام وقصور الاخرة .
- وتحللت بالأمال : الكاذبة المنقطعة الباطلة الغير مستقرة ، يحسب الإنسان انه سيخلد ، وإذا بالموت يأتيه فيرديه .
- وتزينت : عند الناس ، " بالغرور " : الذي لاحقيقة له ، فهي كالظل يختفي بسرعة .
ومن خطبة له عليه السلام قال فيها :
إنها دار قلعة ، لادار نجعة "
، وعرفها علماء اللغة بـ "القَلْعَةُ ما يُجتَثُّ من أَصله كالنخلة تُقلَعُ من جذورها ." أي دارُ تحوُّلٍ وارتحال وأنها دار لايستقر فيها ولاتصلح للأستيطان ، فلا يستقر فيها المقيم، دائماً يكون على جناح السفر ، وهذه قائمة الأجداد ولأحباب فلم يبقى فيها أحد قد خرجوا منها ، وسنخرج نحن أيضاً كما خرجوا ،
لادار نجعة :عرف علماء اللغة النجعة : طلبُ الكلإ ومَساقطِ الغيث .
و النُّجْعَةُ قَصْدُ ذي المعروف لمعروفه .
ويقال : هو نُجْعَتي : موضعُ أملي . أي أنهاغير صَالحة للتحوّل إِليها .فهي ليست دار أقامة وأستقرار وكلإ ومرعى وأكل ومشرب ولذةً وسرور بل هي محطة نعمل بها وبعد انتهاء العمل سوف نرحل عنها راجعين إلى مستقرنا ومثوانا للحصول على اتعابنا وقوتنا الذي أكتسبناه في الدار الدنيا .
________________
الموضوع مؤلف
تعليق