إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الله بين الدين و الفلسفة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الله بين الدين و الفلسفة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    عندما يتم اطلاق اسم الجلالة ( الله ) في الفلسفة فان المراد منه هو الموجود الواجب بالذات ولا نجد في اي نص من نصوص الوحي اية اشارة الى وصف الله عز وجل بصفة ( الواجب بالذات) او الاوصاف الفلسفية المعادلة لها بل عبر في النصوص الاسلامية اي في القران الكريم والروايات المعتبرة باسم الجلالة (الله ) والذي هو اسم خاص ولكن على الرغم من ذلك يمكننا ان نثبت من وجهة نظر دينية ان الوصف الفلسفي اي ( الواجب بالذات ) يحكي عن نفس الموجود الذي يدل عليه اسم الجلالة ( الله ) اي ان الله في الفلسفة هو نفس الله في الدين من هذه الجهة لابد لنا من اثبات امرين :
    1. اثبات ان الموجود الواجب بالذات موصوف بصفة – كحد اقل – من الصفات التي تنحصر بالله عز وجل في الرؤية القرانية .
    2. اثبات ان الصفات التي تطلق في الفلسفة على الواجب بالذات لا تتنافى اطلاقا مع الصفات الاخرى التي وصف القران بها الله عزوجل .

    ان اثبات الامر الاول سهل فملاك الوجوب الذاتي مثلا هو الاستغناء عن العلة ولذا فان الواجب بالذات مستغن عن العلة اي هو غير معلول وبلغة دينية هو غير مخلوق وهذا الوصف اي وصف ( غير مخلوق ) هو من الصفات التي يختص بها الله اذاً للواجب بالذات صفة منحصرة بالله عز وجل من وجهة النظر الدينية وكذلك االحال في سائر الاوصاف .
    واما فيما يرجع الى الامر الثاني فلا شك في اننا نجد - في الجملة - في القران وفي الروايات صفات لله عز جل تتناافى بحسب ظاهرها مع الصفات والخصوصيات التي يثبتها الفلاسفة للواجب بالذات . فالفلاسفة مثلا يقررون ان الله عز وجل غير زماني وانه ثابت ومطلق لا يطرأ عليه تغيير فيتغير في حال الى حال فعندما نصف الله عز جل بانه يغضب فانه ليس بمعنى عروض تلك الحال التي تعرض لنا عند الغضب ، مع ان الظاهر من بعض الايات والروايات ولو ظهورا بدويا ان الله عز وجل مثل هه الحالات : { فلما اسفونا انتقمنا منهم فاغرقناهم اجمعين } الزخرف 55 .
    التعديل الأخير تم بواسطة مقداد الربيعي ; الساعة 07-07-2013, 10:42 AM. سبب آخر:

  • #2
    لكن هل هذا التنافي المذكرور اعلاه يعني عدم امكان اثبات الامر الثاني ؟ الجواب بالنفي لان الظهور المذكور اعلاه هو ظهور بدوي وليس حقيقيا اذ في النصوص الدينية عبارات كثيرة تصف الله عز وجل بالنحو الذي يصف به الفلاسفة واجب الوجود . ومقتضى هذه النصوص ان لا شبه اطلاقا بين الله عز وجل ومخلوقاته فهو غير محدود بسيط محض لا تركيب فيه سواء كان التركيب في داخل الذات او بين الذات والصفات وهو واحد لا شريك له بنحو يكون فرض الشريك له غير ممكن الثابت المطلق الذي ليس محلا للتغيير غير جسماني على الاطلاق وراء الزمان والمكان وهكذا وعليه فلابد لنا وقبل ان نصدر حكما بالتنافي او عدمه بين صفات الواجب بالذات وبين صفات الله من التحقق من وجود التنافي وعدمه بين صفات الله في النصوص الدينية .
    فهل ثمة تعارض بين الطائفتين من الصفات المذكورة اعلاه بنحو يقتضي ان تقدم طائفة على اخرى او ان يتم تأويلها ؟

    والجواب عن ذلك هو ان في القران الكريم قرائن تشهد على الانسجام وعدم التنافي بين هاتين الطائفتين اذ نجد في الاية التي تتحدث عن قتل الكفار بايدي المؤمنين نفيا لقتل المؤمنين ان الله ينسب الفعل الى نفسه وينفيه عن المؤمنين { فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم }الانفال 17 .
    وفي تتمة الاية الكريمة نجد انها في الوقت الذي تنسب فيه الى النبي صلى الله عليه واله الرمي حيث تقول {اذ رميت } تنفي الرمي حيث تقول الاية {وما رميت } تنسبه الى الله { ولكن الله رمى } وذلك بمعنى ان نسبة الفعل الى النبي صلى الله عليه واله وكذلك نجد في اية اخرى وصف قتال المسلمين للذين ينقضون عهد الله بانه عذاب من الله عز وجل { قاتلوهم يعذبهم الله بايديكم } التوبة 14 ، وهو بمعنى ان هذا العذاب هو نفس العذاب الالهي وهو فعل الله نفسه ولكنه فعل الله الذي يتحقق على يد المخلوق ويصدر منه في مرتبة المخلوق لا في مرتبة ذاته عز وجل .
    التعديل الأخير تم بواسطة مقداد الربيعي ; الساعة 07-07-2013, 10:45 AM. سبب آخر:

    تعليق


    • #3
      ويمكننا ان نستنتج من هذه القرائن ومن قرائن اخرى – وهي ليست قليلة – بان فعل كل مخلوق ليس فعلا لمخلوق الله فقط بل هو فعل الله ايضا ولكنه ليس فعلا صادرا منه في مرتبة الذات بل هو فعل صادر منه في مرتبة الخلق .
      ويمكننا ان نجد شواهد من القران ومن الروايات على ان الاساس في هذا النوع من العلاقة بين فعل المخلوق وفعل الله هو نفس تلك الاحاطة الوجودية منه بمخلوقاته .
      ويذكر الله عز وجل هذه الاحاطة بافعال المخلوقات بقوله : { والله بما يعملون محيط } ال عمران47 .فكما ان المخلوق نفسه فعل الله فكذلك فعل المخلوق هو فعل الله لكنه ليس فعلا صادرا منه في مرتبة الذات والا لن يكون توسط المخلوق صحيحا بل هو فعل صادر من الله عز وجل في مرتبة المخلوق { والله خلقكم وما تعملون } الصافات 96 .
      ويظهرمن ملاحظة مضمون الايات والروايات ان هذه الاحاطة تستوعب كافة جهات المخلوق ولا تختص بفعله وتستوعب جملة شؤونه الوجودية {الا انه بكل شئ محيط } فصلت 54 .
      وبناء عليه فكافة الشؤون الوجودية للمخلوق هي شؤون وجودية لله لكنها ليست في مرتبة ذاته بل هي في مرتبة فعله ، اذاً غضب مخلوق على مخلوق اخر هو من غضب الله في مرتبة فعل الله وكذلك الحال في المحبة وغيرها والنتيجة ان هذه الصفات من وجهة نظر دينية سواء كانت من الطائفة الاولى او من الطائفة الثانية فان الله موصوف بها ولكن الطائفة الاولى يوصف بها الله في مرتبة الذات والطائفة الثانية في مرتبة الفعل .
      واما من وجهة نظر فلسفية فلاشك في ان الواجب بالذات يتصف بالاوصاف المذكورة في المجموعة الاولى ولذا لا وجود لاي تنافِ بين صفات الله وصفات الواجب بالذات .
      ولكن هل يتصف بالاوصاف المذكورة في المجموعة الثانية حتى يثبت الانسجام التام الكامل ؟
      ولتصح ان دعوى الله في الفلسفة هو نفسه في الدين او لا ؟
      واقع الحال يشهد على ان المباني الفلسفية في النظم السابقة على صدر المتالهين عاجزة عن اثبات ذلك بخلاف مباني الحكمة المتعالية .
      اذاً من الصحيح القول بان الموجود الواجب بالذات هو عينه الموجود الذي يطلق عليه في الدين ( الله ) وبعبارة مختصرة الله عز وجل هو نفسه الواجب بالذات .

      التعديل الأخير تم بواسطة مقداد الربيعي ; الساعة 07-07-2013, 10:50 AM. سبب آخر:

      تعليق

      يعمل...
      X