دروس فــي العـــقيدة الاســـــلامـــية
الــــمحاضرة الـــثالثة
((ما هو الدين))
بـسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين ربّ
اشرح لي صدري ويسر لي امري واحلل عقدة من لساني يفقه قولي اللهم
اكـرمنا بنـور الـعلم والعـمل الصالح يا ارحم الراحمين
((مفــــهوم الـــــــــدين))
لازال الحديث في موضوع (ما هو مفهوم الدين ) وكان الكلام في ما هو المراد من الدين
والكلام يقع في امور ثلاث تعريف العلم موضوعه وغايته والاول قد تقد
الموضوع
ما هو المحور الذي يبحث عنه علم العقائد قلنا ان علم الكلام يبحث في الحكمة
النظرية ولكن ليس في مطلق الحكمة النظرية بل في خصوص الالهيات
وأيضاً ليس في مطلق الالهيات بل في الالهيات
بالمعنى الاخص اي يبحث فيها عن وجود الخالق وصفاته وافعاله
إذاً موضوع علم الكلام : هو العلم الذي يبحث عن وجود المطلق والوجود الذي لم يحد بحد وهو
وجود الله الحق تبارك وتعالى
المحور الثالث
الغاية
ما هي الغاية المترتبة من علم الكلام : ان الطالب لو لم يعلم تلك الغاية
لم يطلب ذلك العلم ودراسته بشوق وإرادة وجد ومثابرة
المهم عند الإنسان ان يعرف الغاية المترتبة من علم الكلام
لعل قائل يقول ما هي العلاقة بين الحركة -اي طلب ذلك العلم- والغاية
العلاقة هي : علاقة طردية بمعنى كلما اشتدّت الغاية اشتدت
الحركة وكلما وقف الإنسان عند الغاية كلما اشدّت وتضاعفة وزادت الحركة
ان اشتداد الغاية يوجب اشتداد الحركة فمن عرف غاية علم الكلام اشتدّت حركته واشتدّت
دراسة وتعلم علم الكلام
وكلما جهل الإنسان الغاية ضعفة هذه الحركة .
ومن هنا نشرع في بيان الغاية المترتبة على دراسة علم الكلام
يوجد هنا اتجاهان وقفا موقف متضاداً من ناحية اهمية علم العقائد وعدم اهميته
الاول هو : الذي وقف موقف سلبي اتجاه تعلم ودراسة علم الكلام
الثاني هو : الذي وقف موقف ايجابي وراء اهمية ترتبط بتعلم ودراسة علم الكلام
كلامنا اولا يقع في الاتجاه الاول وهذا الاتجاه قلل من اهمية ودراسة علم الكلام بل احياناً
اهمل اهمية دراسة علم الكلام البتة وهذا انطلق من اربع مبررات
اولاً : ماورائي علم الكلام بمعنى ان علم الكلام خارج عن حسالإنسان وصلت الإنسان المباشرة معه
ويقول ان علم الكلام يبحث عن الغيبيات يبحث عن وجود الله تعالى
ومحوره هو العلم الغيبي أي ما وراء الحس وما وراء الطبيعة
والإنسان يريد ان يبحث عن ما يساهم في بنائه حياته ونظامها
فاذا كان علم الكلام علم يبحث عن الامور الغيبة وهذه الابحاث لا تدخل في نظام
وحركة الإنسان ومن الواضح ان هذه الامور لا تخضع للمادة
والعقل السليم يدرك ان الذي لا يساهم في بناء الإنسان فيكون البحث عنه لغو
ومن هذا تولد عندهم فصل الدين عن الحياة
لان الحياة هي التي تقدم الانسان وتطوره
والبحث العقائدي لا يساهم في بناء الإنسان فلا بد ان ينفصل الدين عن العقائد
ويكون الدين مجرد اصطلاحات وعناوين يؤمن بها الإنسان ولا تنعكس على واقع الانسان
وعليه ان علم العقائد بما انه بحث غيبي والغيب لا يساهم في بناء الانسان ان العقل يدرك بان الخوض في
علم العقيدة يكون
الرد ويكون بثلاثة اوجه
اولاً : لو سلمنا ان البحث عن الامور الغيبية لا ثمرة فيه بل يكون من الامور
العبثية من قال لكم ان جميع ما يبحث عنه هو من الامور الغيبية فالبحث في العقائد عن النبي
وشخصه والإمامة وشخص الامام وهذا البحث ليس غيبي فهو من صميم الاتصال
بالإنسان وكذلك البحث عن العدل لان العدل
هو الذي يبعث في الإنسان الاطمئنان لانه لولا العدل لنهزم الانسان إذاً البحث ليس في مطلق الامور الغيبية
ثانياً: ان الذي يقلل من اهمية البحث هو ليس الامور الغيبي ليس المدار هوالامور
الغيبية وعدمها أو المدارالاهمية وعدم الاهمية التي تنعكس على واقع
الانسان لا بل هو يدور مدار الواقعية وعدمها متى
ما كان الحديث عن امور واقعية العقل يذعن ان هذا الامر الواقعي له اهمية ومتى ما كان الحديث
عن امراً غير واقعي العقل يدرك ان هذا الامر لا اهمية له فالحديث عن الله عز وجل مطلق
الواقعية بل هو مبدأ الواقعية
ثالثاً : روح الاشكال هو ما كان ينصب في ان الحديث العقائدي لا يساهم بنظام الإنسان
ولا يتصل بواقع الإنسان ....
الرد: من قال ان الحديث العقائدي لا يساهم في نظام الإنسان ولا يتصل بواقعه
نقول معطيات العقيدة ماهي ؟
العقيدة لها معطيات
الاولى: ان العقيدة لها دور مهم في تشخيص المبادئ الواقعية التي يجب
ان يؤمن بها الإنسان وهذه الواقعيات اولا : مبدأ الوجود لابد ان يؤمن الإنسان بان هناك خالق
لهذا الوجود
وهو الله سبحانه وتعالى
ثانياً : مبدأ الإنسان لابد ان يؤمن الإنسان بنفسه
ثالثاً مبدأ السبيل لابد ان يؤمن الإنسان ان هناك غاية
هذه المحاور الثلاث التي تتركز عليها الواقعية أي تقوم عليها واقعية الحياة لو لم يضع الإنسان
يده على هذه الواقعية لضل الطريق
الثانية : ان العقيدة تقدم تفسيراً لأعمق واصعب اسئلة يواجهها الفكر البشري
الإنسان إذا خرج من بطن امه يواجه ثلاث اسئلة من اين انا ولماذا جئت
والى اين فالذي يتكفل بالإجابة الصحيحة على هذه الاسئلة
هو علم العقيدة
قال الامام عليّ (عليه السلام) : ((رحم الله امرأ علم من اين وفي اين والى اين))
والاول اشارة الى مبدأ الوجود والثاني اشارة الى المعلم والمرشد وهو النبيّ (صلوات الله عليه)
والثالث هو المعاد والمصير الذي يعود اليه الإنسان
إذاً لو لا علم العقيدة لبقيّ الذهن البشري يواجه مشكلة في الاجابة على تلك الاسئلة
لأن الجهل بهذه الطرق يكون عائقاً من وصول الإنسان
الى الغاية التي من اجلها خلق
الثالثة: علم العقيدة يولد الاطمئنان بالنسبة الى الإنسان لان كل انسان عنده حالة الخوف
وهذه الحالة ملازمة له لان الخوف حلة وجدانية عند الإنسان والخوف له مراتب ويختلف
من شخص لآخر وجاء في الرواية (من خاف من الله اخاف الله منه كل شيء)
ولهذا كرسي الجبابرة والطواغيت يهتز خوفاً فيزيد (لعنه الله)
خاف من الحسين بن عليّ (عليه السلام) وكان الحسين يمثل له مصدر قلقاً وهاجساً لزواله
الحسين (عليه السلام ) خاف من الله عز وجل فلذلك يوم عاشوراء كان مطمئناً
في غاية الاطمئنان لما يحدث في عرصات كربلاء وكان كلما ازداد البلاء ازداد تألقاً ونوراً
(من خاف الله خاف منه كل شيء)
إذاً الدين هو الذي يرفع حالة الخوف فالمؤمن مهما واجه من صعوبات يجد انها تنحل بخلاف
الذي لا يؤمن لان الايمان بالعقيدة هو الذي يبعث حالة الاطمئنان الا بذكر الله تطمئن القلوب
الرابعة : العقيدة تمثل الرؤية الايدلوجيةللإنسان فهي منبثقة عن الرؤية الاعتقادي كيف ؟
لو لحظنا هذا الفعل البسيط للإنسان كشرب الماء مثلاً فهو
يمثل فعل من الافعال وهذا الفعل لو وضعناه
تحت المجهر لوجدناه يمر بأربع مراحل 1 - العلم بالماء
2 – العلم بالفائدة وبالغاية 3 – التصديق والاعتقاد بتلك الغاية 4 – حالة الشوق عند الإنسان
اذا حصل العطش عند الإنسان فلا بد ان يمر بهذه المراحل
بعد ذلك يقدم على شرب الماء
شرب الماء هذا الفعل مسبوق بأربع مراحل وليس متقدم عليها
الخلاصة ان كل فعلاً يمارسه الإنسان فهو متولد من اعتقاده
ماهي العلاقة بين الرؤيةالايدلوجيةوالرؤية الاعتقادية ؟
العلاقة بين العمل وبين والاعتقاد هي علاقة طردية حركة الإنسان هي الرؤية العملي وقلنا
ان الرؤية الايدلوجية منبثقة من الرؤية الاعتقادية كلما اشدّ معتقد الإنسان كلما قوية الحركة لديه
وجاء في قوله تعالى : (أرءيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم )
التكذيب بالدين يمثل جانب اعتقادياً تولد منه الحركة العملية وهي اكل مال اليتيم .
سوء معاملة الإنسان يمثل الجانب العملي ...
الخامسة : ان العقيدة تمثل ضمان حفظ الحقوق بمعنى ان الإنسان له حقوق في دار الدنيا قد سلبت منه ..
لولم يكن الإنسان مؤمن بمبدأ العدالة فلا يعتقد بضمان الحقوق فينحرف عن الطريق
ويهلك نفسه وهذا تكون الدنيا عنده غابة يفترس فيها القوي الضعيف بخلاف من
كان يؤمن بمبدأ العدالة فهو يطمئن بان ذلك الحق المسلوب مضمون له في الدار الآخرة
السادسة : ان العقيدة هي الكفيلة باحتياجات الإنسان والمراد من الاحتياجات
الضرورية منها واهمها انه يريد ان يصل إلى السعادة والكمال ولو
بحث في جميع مسائل المادة والعلوم الحسية لما وجد ما يطلب والعلم الوحيد المتكفل بذلك هو علم العقيدة
السابعة : ان العقيدة تقوم عبادة الإنسان وذلك ببيان التالي كل
عبادة تمثل كمالاً للإنسان والعبادة المتقومة
بالحس على نحوين : الفاعلي وهو الذي يصدر الفعل عن نية وتقرب وهذا يمثل الايمان
والنحو الثاني : الفعلي وهو ان يكون الفعل بحد ذاته من الامور الحسية
قد يأتي الإنسان بفعل حسي لكنه لم يتضمن
الفاعلية أي لم يسند الفعل الى الفاعلية أي يكون الفعل خالي من نية التقرب الى الله تعالى
وهذه الامور جميعها لهاعلاقة وارتباطه بالله تعالى فلا قيمة للإنسان
الا بمعتقداته لان الإنسان في هذه الحياة قيمته
هذه المجموعة من المعتقدات
واذا كان يعتقد بأمور فاسدة لا قيمة له لان معتقده لا قيمة له وهذا هو قول المصنف الرؤية الكونية
والرؤية الايديولوجيّة
بقية الكلام ياتي
والحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين