

يكون الجواب على خمس مستويات :
1- المستوى الاول :
لا معنى له لأنه متعلق بالله سبحانه وتعالى .2- المستوى الثاني :
مستوى يحاول ان يُجيب بإجابة محددة من حيث السنة والشهر واليوم اي التوقيت والاخبار الواردة
عن اهل البيت تنهى عن التوقيت .
3- المستوى الثالث :
تحدد مسألة الظهور بالعلامات اي ان الاخبار نقلت لنا مجموعة كبيرة من العلامات مثل ظهور الخُراساني
واليماني والصيحة والمذنب وغيرها من العلامات ويقال في هذا المستوى ان الظهور يُحدد بالعلامات .
4- المستوى الرابع :
يبحث في الشروط والفارق بين العلامات وما بين الشروط هو ان الشروط عِلل لظهور الامام متى ما توفرت
لابد ان يظهر الامام من قبيل وجود القاعدة الشعبية المناصرة والمُعدة إعدادا جيدا للظهور .
البحث في العلامات تجعل انتظار الانسان انتظارا سلبيا لأننا سوف ننتظر العلامة والعلامة ليست بأيدينا والشروط
هي اهم من العلامات لان البحث في الشروط تجعلنا نلتفت الى العلل والاسباب التي تجعل الامام يظهر .
الانتظار السلبي ليس معناه سيء وانما هو ينتظر الظهور بشكل متفرج ( متفرج لفريق الحق ولكن هناك الافضل
وهو ان تنزل مع فريق الحق من موقع اللاعب وليس من موقع المتفرج ) .
5- المستوى الخامس :
يبحث في السنن التاريخية التي تتحكم بمسألة تهيئة الارضية المناسبة للظهور .
فالله تبارك وتعالى يتحكم بالساحة الطبيعية عن طريق قوانين فيزيائية وكيميائية كذلك في الساحة الاجتماعية
عن طريق سُنن او قوانين ومن اهم احداث الساحة عبر التاريخ هو ظهور الامام (عجل الله فرجه) الذي يعني ظهور
شمس القسط والعدل بعد الظلم والجور .
وقد يُطرح سؤال : لماذا تأخر البحث عن قضية الامام (عجل الله فرجه) وارتباط قضية الامام بالسنن التاريخية ؟
ولهذا اسباب ومن هذه الاسباب ان بحث السنن التاريخية قد تأخر طرحه من الناحية القرآنية ولكون اكتشاف المسلمين
للسنن التاريخية في القران الكريم قد حصل متأخر وليس متقدم ففي الفترة الاخيرة عكفوا العلماء على اكتشاف السنن
التاريخية بالقران وبالتالي اكتشاف السنن جاء متأخر .
ونسأل : كيف مسالة العلاقة بين قضية الامام والسنن التاريخية ؟
1- السنن مشتقة من الروايات والاخبار ومن استقراء احداث التاريخ الانساني .
2- هذه السنن التي تحكم قضية تهيئة الارضية للظهور يمكن ان تطرح في مستويات مختلفة فيمكن ان تطرح
بصورة ساذجة او معمقة اي هناك تدرج في طرح هذه السنن ( فمثلا شرح بيت من الشعر في الابتدائية بمستوى بسيط
وفي المتوسطة بأسلوب اعمق واعمق بكثير في الجامعة وهكذا ) .
المستوى البسيط وهو المستوى الذي يصف لنا معالم ظهور الامام .
ويكون بعدة نقاط :
1- السنن التاريخية تستهدف اهداف محددة كما ان قانون الجاذبية اوجده الله لأهداف محددة
( الارض والكواكب تدور حول الشمس وفق هذا القانون ) ولم يوجد هذا القانون عبثا وانما اوجد
لأهداف محددة ، فكذلك السنن التاريخية اوجدت لأجل تحقيق اهداف يريدها الله ومن اهم الاهداف
مسألة ملأ الارض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا
((وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ )) الأنبياء 105
((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ
الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا ...)) النور 55
وهكذا جاءت آيات وروايات متعددة تعبر عن هذا الهدف وبِألسنة متعددة ومتنوعة ومنه يملأها قسطا
وعدلا كما ملئت ظلما وجورا .
فهناك حتمية تاريخية واختيار انساني ولكن كيف نوفق بينهما ، للوهلة الاولى قد يتصور البعض بما ان الانسان
مختار فلا وجود للحتمية التاريخية وقد يتصور البعض الاخر ان وجود الحتميات تلغي اختيار الانسان .
ولكن نستطيع ان نوفق بينهما من خلال هذا التصور بان الانسان اذا اختار طريق الضلال طريق الطواغيت
فان مساره طويل واذا اختار طريق الهدى فأن مساره قصير.
والسنن التاريخية لها مستويات :
المستوى البسيط : ان الانسان مخير بين طريقين طريق العناد وطريق الطاعة وهو طريق الانبياء والائمة
والمراجع وهما طريقان لا ثالث لهما فإذا اختار طريق الاتصال بالله فأنه تلقائيا سوف يظهر القسط والعدل
واما اذا اختار الطريق المضاد طرق الانقطاع فانه على المدى الطويل سيضطر ويجبر الى طريق القسط والعدل .
فمثلا الانسان اذا اختار عدم التنفس داخل الماء فانه يمكن ان يبدأ بالغوص داخل الماء على المدى القصير
ولكنه على المدى الطويل يكون مخير بين خيارين اما ان يبقى في الماء ويموت واما يضطر الى الخروج
وتنفس الهواء ( حقيقة حاجة الهواء لا يمكن الانسانية التجرد عنها وعنادها لا يلغي هذه الحقيقة )
وكذلك الحال لعلاقة الانسان بالدين
وبذلك تكون لدينا هذه المعادلة :
اختارت البشرية الانقطاع ____ صراع ___ نكسة ___ فراغ ____ الشعور بالحاجة الى التغير
_____ تلجأ الى الانقطاع ______تعود الى نفس البداية
_____ تلجأ الى الاتصال _____ فأنها تمر في معادلة جديدة.
ولتوضيح اكثر للمعادلة نأخذ مفرداتها :
1- الانقطاع عن الاله في مقابل الاتصال : المجتمع المسلم لا يمكن ان نسميه دائما مجتمع مسلم فأنه مسلم
بالظاهر ولكنه منقطع وبالتالي تقسم المجتمعات الى قسمين :
1- حركة تاريخية مرتبطة بالله تأخذ وقودها من الله .
2- حركة تاريخية منقطعة عن الله تأخذ وقودها من مكان اخر غير الله .
البشرية عند اختيارها الانقطاع فأن اوراق الانقطاع محدودة وليس لا نهائية ،
فمثلا البشرية اختارت العهد الاموي ( دخلت في المعادلة ) تحترق الورقة الاموية ،
ترجع البشرية الى الانقطاع فتختار الورقة العباسية تدخل في نفس مسار المعادلة تحترق
وهكذا باختيارها مثلا الورقة العثمانية ايضا تحترق ، فهذه المعادلة يمكن ان نطبقها من عهد النبي آدم
والى يومنا هذا وبملاحظة الحضارات ( السومرية ، البابلية ، الاشورية ، السندية ... الخ ) اكثر
من 20 حضارة يعددها الفيلسوف التاريخي الانكليزي ارنولد توينبي بانها احترقت .
وهكذا البشرية تبقى في دوامة ما لم تختار الاتصال بالله تعالى ، والملفت للنظر ان البشرية في اخر الزمان
تصل الى مرحلة عندما تصل الى مفترق الطرق ومنها الانقطاع وتذهب الى الخزانة لتختار نظرية او فكرة
لا تجد شيئا لأنها جميعا دخلت في التاريخ واحترقت .
كما نجد ان الصخور الضعيفة على الشاطئ تأخذها الامواج وتبقى الصخور القوية وفي كل موج تعطي
هذه الصخور القوة والمتانة كذلك الحال للبشرية .
ونعود لمفردات المعادلة ،
2- الصراع وهو اول وليد شرعي ونتاج طبيعي للانقطاع فهل يمكن تصور ذئبا تخلى عن طبعه الافتراس
وتحول الى حمل وديع ؟؟؟ كذلك لا يمكن تصور المجتمع او الحضارة او التاريخ المنقطع عن الله يعطي
الوئام والوداد بل تكون اسوأ من الذئب وهذه المجتمعات وان انتجت السلام في موقع وانما على حساب
اشعال الصراع من موقع اخر .
ولكن كيف الانقطاع يولد الصراع ؟
الانقطاع عن الله ( الشعور الانفصالي عن الله تبارك وتعالى ولا يشعر بانه مراقب من قبله ) هذا الانسان
سوف يتغلب الجانب الترابي على الجانب الروحي فالإنسان مكون كما بينا سابقا من
قبضة طينية ترابية + نفحة من روح من الله تبارك وتعالى .
فإذا صدر السلام من نفس الانسان فانه يصدر الى الساحة الخارجية لان الصراع في الساحة الخارجية
ان هو الا انعكاس الصراع في الساحة النفسية وبالتالي تنتج هذه المعادلة :
الانقطاع ____ فاقد للشعور بالمسؤولية ____ يقوي الجانب الترابي ___فائض من الشهوة _____
الواقع الخارجي _____ فساد وسفك الدماء .
وبإلقاء نظرة سريعة الى التاريخ الانساني نجد ان الصراع جزء من كينونة الانسان ، اما بقية مفردات المعادلة
من ( نكسة ، فراغ ، والشعور بالحاجة الى التغير ) فقد بُينت بشكل تفصيلي بالمواضيع السابقة .
تعليق