بســـــــم الله الرحمن الرحيـــــــــــــم
اللهم صل على خير خلقك محمد وعلى آل محمــد
إن هناك العديد من المميزات التي تميز ايام شهر رمضان عن غيرها من الايام ، وتميز لياليه عن سائر الليالي ، وبالتالي تميز شهر رمضان عن غيره من الأشهر قاطبة ، بحيث صار هذا الشهر سيد الشهور ، فمن مميزاته :
الاولى : شهر أنزل فيه القرآن :
من المعروف تأريخيا أن أول آية نزلت على النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله هي "آية قرأ" وهي أول آية من سورة العلق، ونصها : (إقرأ باسم ربك الذي خلق) ، فلو تمعنا أحبتي قليلا بأي كلمة أفتتح الله كتابه ؟
لنتصور معا لو لم يعرف الانسان القراءة ، ثم المجتمع ، إذن كيف سيكون حاله ؟!، وكيف ستكون تصرفاته ؟؟، لاشك أن إنسانا مثل هذا ، ومجتمعا مثل ذاك ، أغلب شؤنه فوضى ، بل قد تنعدم عنده القيم ، وتنمحي المثل، وتضطرب عنه المبادىء ، وتضمحل سجايا الخير.
ولولا القراءة لما وصل العالم إلى ماتوصل إليه اليوم ، بل كيف سيكون المستقبل؟؟؟!، من تطورات هائلة ، وإختراعات هائجة ، وإكتشافات فادحة، بل وطموحات كالقشاعم ، نعم ، إن كل ذلك بفضل شيء إسمه " القراءة" .
إذن خير دليل على هذه المزية لهي قوله تعالى : ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)).
الثانية : إنه شهر الصيام :
فإن الصيام هو إمتناع الانسان عن المفطرات ، من أول الفجر إلى دخول الليل ، وهذه الميزة لو تمعنا النظر اليها لما وجدناها في أي شهر من الشهور إلا شهر رمضان ، نعم غير موجودة على نحو الصيام الواجب ، أما على نحو الصيام المستحب فهي موجودة ، كما هو الحال في صيام شهر رجب الاصب ، وشهر شعبان الخير، وغيرها من الشهور ، نعم قد يكون احيانا الصيام حراما كصيام يوم العيد.
وبغض البصرعن الثمار اليانعة لهذه الميزة ، ميزة الصيام ،فيكفي أنه إقتراب منزلة الانسان من الخالق ، إن عشق الصيام ، وإلتزم بآدابه التي رسمها له الاسلام , كغض البصر ، وكف الأذى عن الناس, والإحسان إليهم .
الثالثة: إنه شهر الرحمة والمغفرة :
نعم ، روي عن الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وآله أنه قال : (( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه وما تأخر) ، فسيحصل الانسان الصائم الملتزم بآداب واحكام هذا الشهر العظيم على رحمة رب العالمين ،وعلى مغفرته ، إذ لابخل في ساحة جوده وكرمه، وهو الجواد الواسع ، ذو الفضل العظيم ، الذي سبقت حكمته غضبه ، والذي سمى نفسه بــ" التواب" فهو يقبل التوبة من عباده ويعفو عن كثير .
الرابعة : إنه شهر ضيافة الله تعالى:
نعم ، المؤمن الصائم هو ضيف عزيز عند الله تعالى ، ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وآله :
(( ايها الناس أنه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة ،............، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله ، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله))؟؟.
نعم أحبتي لو جاءك ضيف عزيز ، كم ستكون مسرورا بقدومه؟ ، وكم ستفرح بحلوله في ضيافتك؟؟، ألا توفر له كل مايحتاج إليه ، من مأكل ومشرب ، ومحل إستراحة ، وكل مؤنة هو يتطلبها منك؟؟؟
وكم ستكون عينك راعية له ؟؟ ، نعم ، هذا إذا كان صاحب الضيافة أنت وأنا ، فكيف لوكان صاحب الضيافة هو الله تعالى؟؟!! ، إنه نعم لاتوجد إية نسبة ولاتناسب بين الحالتين، والمقارنة بين الامرين باطلة منذ المبدأ.
الخامسة : إنه شهر البركة :
نلاحظ أن النبي صلى الله عليه وآله في خطبته المشهورة ، التي تبين مضامين هذا الشهر قدم كلمة " البركة " على كلمتي " الرحمة والمغفرة" فقال صلى الله عليه وآله : ((أنه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة_ثم قال_ والرحمة والمغفرة )) ، أي ذكر البركة قبل الرحمة والمغفرة ، والبركة لغة تعني الكثرة ، فنجد أن كل شيء في هذا الشهر بحد ذاته بركة ، فالاعمال الصالحة فيه كثيرة ، وثوابها أكثر، فنجد النبي صلى الله عليه وآله في خطبته يقول : (( أنفاسكم فيه تسبيح ، ونومكم فيه عبادة ، وعملكم فيه مقبول ، ودعائكم فيه مستجاب )) ، نعم أحبتي ، إذا كانت الحسنة في الايام الاعتيادية تضرب بعشرة فهي عشرة ، قال تعالى : (( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها)) ،فإذن كيف هو الحال في ايام هذا الشهر العظيم؟؟!!،فالحسنة الواحدة الى اي مقدار سيصل عددها؟؟!! .
واللطيف في الأمر ان حتى نوم الصائم في هذا الشهر المبارك يعد عند الله تعالى عبادة له عزّوجلّ ، فكم أنت كريم ياشهر رمضان؟؟! ، بل أن حتى مائدة الطعام تختلف في هذا الشهر عن غيره من الشهور ، فتتعدد أنوعه ، وتكثر اصنافه، بل أنك مهما كنت جائعا وعطشانا من أثر الصيام ، فحين ما يأتي وقت الافطار تجد أنك شبعت بقليل من الطعام، بينما قبل الإفطار كنت تقول متى يأذن أذان المغرب؟!، إذا جاء الافطار سأتناول الكثير من الطعام!، بينما أنك تشبع بلقمتين منه !!، نعم إنها البركة ، وما أدراك مابركة شهر رمضان.
السادسة: إنه شهر التكافل الإجتماعيّ:
ففي هذا الشهر الشريف ، الكل له حصة ، الفقير والمسكين، الكبير والصغير، وكذلك اليتيم ،
ويكفي في ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله ك ((وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم، ووقّروا كباركم ، وارحمو صغاركم ، وصلوا أرحامكم ، واحفظوا ألسنتكم، ................، وتحننوا على أيتام الناس يتُحننُ على أيتامكم)).
نعم ، هذه الخريطة الهندسية التكافلية الإجتماعية لو بنى عليها المجتمع بنيانه ، وجعل منه قوامه ، فاعطى فقرائه ومساكينه مما آتاه الله تعالى، ومنح كبيره التوقير، وأهدى إلى صغيره الرحمة والرفق ، ومد بين أرحامه جسر الصلة والتواصل، وتسابق إلى التحنن على أيتامه، لكان حقا مجتمعا قويما سليما ، ناهضا عزيزا، متكاملا فريدا ، متطورا مهيبا، كسفينة أخذت أهلها إلى شاطيء الخير والسلام.
فسلا عليك ياخير الشهور.........
سلام عليك ياشهر البركة..........
سلام عليك ياشهر المغفرة........
سلام عليك ياشهر الرحمة......
هذا وما التوفيق إلا من عند الله....
ولنكتف بهذا القدر أحبتي......
والحمد لله ربّ العالميـــــــــن...
**************
*مؤؤؤؤلف* بقلـــــم: المحـــــــــــقق . ( بتاريخ 13 / 7 / 2013م ، 4 / رمضان 1434هــ).
تعليق