إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أدلة الأمامة: 1-آية الولاية: أ- شأن النزول & ب-الأستدلال على الأمامة & جـ- الأعتراضات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أدلة الأمامة: 1-آية الولاية: أ- شأن النزول & ب-الأستدلال على الأمامة & جـ- الأعتراضات

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أن الأدلة على ولاية أهل البيت عليهم السلام وامامتهم ثابتةٌ في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة والنص عليهم من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
    وإن دعوى عدم وجود آيات محكمات في بيان أصل الولاية لآل محمد (صلوات الله عليهم) هي دعوى ساقطة عند أهل العلم والإنصاف والقلب السليم، ولعل هذه الدعوى ناشئة من الجهل بمعنى المحكم والمتشابه، إذ قد يظن بعضٌ أن المحكم هو ما لا يحتمل معنىً آخر مطلقاً، وأن المتشابه هو ما يحتمل معاني عدّة. وهذا في الحقيقة وهم فاسد لو أُخِذ به لما أمكن إثبات شيء من الأحكام، فحتى قوله تعالى: ”وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ“ يمكن لمن أراد التعسّف في المعاني والتأويلات أن يجعله من المتشابه بدعوى أن له معنىً آخر غير المتبادر، فالصلاة لغةً هي الدعاء، فيكون الأمر أمراً بالدعاء وحده لا أداء الصلاة بالهيئة والكيفية المخصوصة المشتملة على ركوع وسجود.

    إذن فليس الفارق بين المحكم والمتشابه هو احتمال المعاني الأُخَر وعدمه، إنما الفارق هو في الوضوح وعدمه، فالمحكم هو ما فيه وضوح في الدلالة والمعنى المتبادر، والمتشابه هو ما لا وضوح فيه فيُرَدّ إلى المحكم.
    إذا أدركتَ هذه الضابطة فسيتجلّى لك أن جميع ما يُستدلّ به لإثبات أصل إمامة وولاية آل محمد (عليهم السلام) من القرآن الحكيم هو من المحكم لا المتشابه، ومن ذلك قوله عزّ من قائل: ”إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ“، وهو واضح الدلالة متبادر المعنى في أن مَن له الولاية هو الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) والذي حمل صفة إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة حال ركوعه، والولاية ههنا بمعنى الأولى بالتصرّف الذي تجب طاعته.
    فإن قلتَ: ليست الآية من المحكم لأن للولي معاني منها الناصر والمحب وغيرهما.
    قلنا: هذا من التعسّف في التأويل وهو لا يجعل الآية من المتشابه كما سبق وأشرنا، لأن كل من تذوّق العربية يفهم أن المراد من لفظ (الولي) إذا كان مقروناً بالله ورسوله هو الولاية والهيمنة والأولوية بالتصرف، وهذا هو المعنى المتبادر الذي لا محيص عنه إلا بقرينة، وهي مفقودة.
    على أنّا لو سلّمنا جدلاً بأن الآية من المتشابه؛ لوجب ردّها إلى المحكم، وإذ ذاك يثبت هذا المعنى نفسه، حيث يقول الله تعالى في آية محكمة: ”النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ“ ويقول في آية محكمة أخرى: ”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ“، فثبت من الأولى أولوية التصرف، ومن الثانية وجوب الطاعة لكون الولاية لله ولرسوله ولأولي الأمر واحدة لا تفكيك فيها، ولا تكون إلا هذه هي الدلالة التي يحملها قوله تعالى: ”إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ.. الآية“ لذكر الرسول (صلى الله عليه وآله) فيها وهو الأولى بالتصرّف فيكون تاليه أولى بالتصرّف أيضاً لاتحاد الولاية، أي يكون إماماً وقائداً تجب طاعته كطاعة الله ورسوله وأولي الأمر كما نصّت عليه آية الطاعة، ولا سبيل إلا القول بأن معنى ”أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ“ الذين تجب طاعتهم هو المراد ممن تأخر في الولاية عن الله ورسوله في قوله تعالى: ”وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ“، إذن هم الأولياء المأمور بطاعتهم شرعاً، أي الأئمة، لا المحبّون أو المناصرون أو غير ذلك من معاني الولاية البعيدة التي يطرحها المتعسّفون المبطلون. ولو كان الأمر على ما يقولون لوقع التهافت في القرآن الحكيم! ذلك لأن الله تعالى يقول في آية أخرى: ”وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ“ وفيها تعميم الولاية على المؤمنين والمؤمنات فكلٌّ منهم ولي الآخر، بينما قد حصر سبحانه الولاية في قوله: ”إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا..“ ولم يعمّمها لمكان (إنما) التي تفيد الحصر، فلا محالة يكون معنى الولاية في هذه الآية مغايراً لمعناها في تلك، والأمر بيّن، فإن الولاية التي لجميع المؤمنين والمؤمنات هي بمعنى أنهم يناصرون بعضهم بعضاً كما الحال عند الكفار، فقد قال سبحانه: ”إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا ۚ وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ“. أما الولاية التي هي حصراً لله ولرسوله وللذين آمنوا الذين أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة حال ركوعهم؛ فهي بمعنى الهيمنة والأولوية بالتصرف وحق الطاعة.
    أولاً: معنى (الوليّ) :
    الولي: لفظ مشترك، جاء في اللغة على عدّة معانٍ، منها: الولي بمعنى المتصرف بالأمور. و الولي بمعنى الناصر. و الولي بمعنى الأولى. وبمعنى المعتق و الوارث و ابن العم و الحليف و غيرها من المعاني.
    و من تمعّن و تحقق في هذه المعاني كلها، وجد أن الحقيقة من معنى الولي و المولى هو الأولى بالشئ، و تختلف الأولوية بحسب الإستعمال.
    و قد ألف الشيخ أبو عبد الله المفيد رسالة في معنى (المولى) و أن المعنى الرئيسي لهذه المفردة هو الأولى، و كذلك العلامة الأكبر الشيخ الأميني في الغدير، و ننقل قوله للإفادة.
    قال الشيخ الأميني:
    - فالرب سبحانه هو أولى بخلقه من أي قاهر عليهم، خلق العالمين كما شاءت حكمته، و يتصرف بمشيئته.
    - و العم أولى الناس بكلاءة ابن اخيه و الحنان عليه، و هو القائم مقام والده الذي كان أولى به.
    - و ابن العم أولى بالاتحاد و المعاضدة مع ابن عمه لأنهما غصنا شجرة واحدة.
    - و الابن أولى الناس بالطاعة لأبيه و الخضوع له.
    - و ابن الأخت أيضا أولى الناس بالخضوع لخاله الذي هو شقيق أمه.
    - و المعتق بالكسر أولى بالتفضل على من أعتقه من غيره.
    - و المعتق بالفتح أولى بان يعرف جميل من أعتقه عليه، و يشكره بالخضوع بالطاعة.
    - و العبد أيضا أولى بالانقياد لمولاه من غيره، و هو واجبه الذي نيطت سعادته به.
    - و المالك أولى بكلاءة مماليكه و أمرهم و التصرف فيهم بما دون حد الظلم.
    - و التابع أولى بمناصرة متبوعه ممن لا يتبعه.
    - و المنعم عليه أولى بشكر منعمه من غيره.
    - و الشريك أولى برعاية حقوق الشركة و حفظ صاحبه عن الاضرار.
    - و الأمر في الحليف واضح، فهو أولى بالنهوض بحفظ من حالفه و دفع عادية الجور عنه.
    - و كذلك الصاحب أولى بأن يؤدي حقوق الصحبة من غيره.
    - كما أن الجار أولى بالقيام بحفظ حقوق الجوار كلها من البعداء.
    - و مثلها النـزيل، فهو أولى بتقدير من آوى إليهم و لجأ إلى ساحتهم و أمن في جوارهم.
    - و الصهر أولى بأن يرعى حقوق من صاهره، فشد بهم أزره، وقوى أمره، و في الحديث: ( الآباء ثلاثة: أب ولدك،و أب زوجك، و أب علمك‏ ).
    - و اعطف عليها القريب الذي هو أولى بأمر القريبين منه و الدفاع عنهم و السعي وراء صالحهم.
    - و المنعم أولى بالفضل على من أنعم عليه، و أن يتبع الحسنة بالحسنة.
    - و العقيد كالحليف في أولوية المناصرة له مع عاقده، و مثلهما.
    - المحب و الناصر، فإن كلا منهما أولى بالدفاع عمن أحبه، أو التزم ‏بنصرته.
    و هكذا يكون قد ثبت مبدئياً أن معنى الولاية الأساسي هو الأولوية بالشئ، و لو كان المراد في الآية أياً من تلك المعاني فإنه يرجع إلى المعنى الرئيسي و هو الأولوية.
    و مع ذلك سنثبت في النقطة الثانية أنها أولوية عامة و ولاية مطلقة - بغض النظر عما قلناه آنفاً - قد أثبتها الله لمن خصه في هذه الآية، كما أثبتها لنفسه و لرسوله.
    ثانياً: الولاية ولاية عامة:
    قلنا أن ( الولي ) مشترك لفظي، و المشترك اللفظي يحتاج إلى قرينة لإيضاح معناه، و لإثبات أن المراد من الولاية المذكورة في الآية هي الولاية المطلقة نستدل بعدة قرائن:
    الأولى: قرينة الحكمة، و هي أن المتكلم الحكيم في مقام بيان مراده، مع علمه بتعدد المعاني في مراده، إذا لم يقم قرينة على إرادة معنى مخصوص منها، كان الحكم بالإطلاق، فتكون الولاية المقصودة في هذه الآية هي الولاية العامة، و هي الأولوية.
    الثانية: أن لفظ ( وليكم ) لفظ مفرد، و هذا يدل على أن الولاية لله بالأصالة، و للرسول و للمؤمنين بالتبعية، و ولاية الله ولاية عامة، فكذلك هي ولاية الرسول و الإمام.
    الثالثة: لفظة ( إنما ) دالة على الحصر، و هو حصر الولاية بالله و الرسول و الذين آمنوا بالأوصاف المذكورة، و لا يتفق أي معنىً من المعاني المذكورة مع الحصر، عدا المعنى الأول. و لو كان المراد من الولي هو الناصر، فيكون المعنى أن نصرة علي بن أبي طالب للمؤمنين كنصرة الله و رسوله لهم، و ليست كنصرة غيره، و قطعاً فإن نصرة الله و رسوله أفضل و أعظم من نصرة جميع الخلق، و بالتالي يثبت أن الله عز و جل قد ميّز علياً و اختاره من بينهم، فتثبت أفضليته عليهم جميعاً.
    الرابعة: أن الولاية بمعنى المحبة و النصرة ثابتة لجميع المؤمنين (( و المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض )) فما الداعي لحصر الولاية المذكورة بالآية، إن كانت هذه الولاية عامة؟
    قد يجاب أن الحصر هو لإخراج غير المؤمنين من هذه الولاية المذكورة، فنقول أن الآية نفسها قد حدّدت فئة معينة و وصفتهم بأوصاف تخرج غيرهم منها، هذا بالأضافة إلى روايات أسباب النزول و أقوال العلماء، فإن الآية تكون خاصة بأمير المؤمنين كما تقدم.
    الخامسة: لو كان المراد بهذه الولاية هي النصرة أو المحبة أو غيرهما من المعاني، فإن الله قد أثبت هذه الولاية لنفسه و لرسوله و لعلي بن أبي طالب فقط، و أن هذه الولاية من سنخ واحد لهم، فيثبت امتياز علي بن أبي طالب على سائر الناس قاطبة، و الأفضل أحق بالإمامة.

    فالآن بعدما اتضح للمسلم بجلاء أن الآية تفيد هذا المعنى وهو بيان من له الولاية والقيادة الشرعية؛ فإنه يجب عليه أن يفحص عمّن عُنِيَ بها، وهذا ما يتكفّل به النقل المتواتر مثلاً الذي يفيد القطع واليقين، تماما كحال المسلم حين يقرأ قوله تعالى: ”وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ“، فإنه إذ يفهم منها معنى الوجوب؛ يفحص تالياً عن المراد بالصلاة وعمّا عُنِيَ بها، أي كيفيتها المخصوصة، فذلك لم يرد في القرآن الحكيم، أي لم يرد فيه بيان كيفية أداء الفرائض وكم ركعة في كلٍّ منها، فينتقل حينذاك إلى النقل المتواتر، فيعلم أن صلاة الفجر ركعتان، والظهر أربع، والعصر كذلك، والمغرب ثلاث، والعشاء أربع، وهكذا يجمع بين الآية والنقل المتواتر فيستخلص وجوب إقامة الصلاة خمس مرات في اليوم على الكيفيات المخصوصة المذكورة.
    وإذا ما انتقل المسلم بعد فراغه من قراءة قوله تعالى: ”إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ“ إلى الفحص عن المعني بهذه الآية؛ لوجد أن النقل المتواتر الذي يفيد القطع واليقين يقول بأن المعني هو أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليهما الصلاة والسلام، وذلك باتفاق المفسرين وإجماعهم كما أقر به أكابر علماء المخالفين، ومنهم التفتازاني في شرح المقاصد إذ قال: ”نزلت باتفاق المفسرين في علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين أعطى السائل خاتمه وهو راكع في صلاته“ (شرح المقاصد للتفتازاني ج5 ص170) والجرجاني في شرح المواقف إذ قال: ”قد أجمع أئمة التفسير على أن المراد بـ (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ) إلى قوله تعالى: (وَهُمْ رَاكِعُونَ) علي، فإنه كان في الصلاة راكعاً فسأله سائل فأعطاه خاتمه فنزلت الآية“ (شرح المواقف للجرجاني ج8 ص360) والقوشجي في شرح التجريد إذ قال: ”إنها نزلت باتفاق المفسرين في حق علي بن أبي طالب حين أعطى السائل خاتمه وهو راكع في صلاته“. (شرح التجريد للقوشجي ص368) وغيرهم ممن صرّح بالحقيقة في وجه المنكرين المتأخرين من أهل الخلاف الذين لا يخافون الله تعالى في إنكارهم نزولها في حق مولى الموحدين أمير المؤمنين صلوات الله عليه، كيف وقد بلغ خبر نزولها فيه (عليه السلام) أعلى درجات التواتر، فقد روى المخالفون ذلك عن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتابعيهم حتى بلغوا نحو أثنان عشرون نفساً نفساً هم:
    1- أمير المؤمنين عليه السلام.
    2- المقداد بن الأسود الكندي.
    3- عمار بن ياسر.
    4- عبد الله بن العباس.
    5- أبو ذر الغفاري.
    6- جابر بن عبد الله الأنصاري.
    7- أبو رافع.
    8- أنس بن مالك.
    9- عبد الله بن سلام.
    10- حسان بن ثابت.
    11- محمد بن الحنفية.
    12- عبد الملك ابن جريج المكي.
    13- سعيد بن جبير.
    14- عطاء بن السائب.
    15- مجاهد.
    16- أسماعيل السدي.
    17- مقاتل بن سايمان.
    18- الضحاك.
    19- سلمة بن كهيل.
    20- الإمام أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين الباقر.
    21- عتبة بن أبي حكيم
    22- عباية بن ربعي.


    وأخرجه من أئمتهم الحفاظ ومحدّثيهم الأثبات وأعلامهم المشاهير أكثر من ستين رجلاً منهم:
    1- سليمان بن مهران الأعمش.
    2- معمر بن راشد الأزدي.
    3- سفيان بن سعيد الثوري.
    4- محمد بن عمر الواقدي.
    5- أبو بكر الصنعاني.
    6- أبو نعيم الفضل بن دكين.
    7- عبد بن حميد.
    8- أحمد بن يحيى البلاذري.
    9- محمد بن عبد الله الحضرمي.
    10- أبو عبد الرحمن النسائي.
    11- محمد بن جرير الطبري.
    12- ابن أبي حاتم الرازي.
    13- أبو القاسم الطبراني.
    14- أبو الشيخ عبد الله بن محمد بن جعفر الأصبهاني.
    15- أبو بكر الجصاص الرازي.
    16- عمر بن أحمد بن شاهين البغدادي الواعظ.
    17- أبو عبد الله الحاكم النيسابوري.
    18- أبو بكر ابن مردويه.
    19- أبو إسحاق الثعلبي.
    20- أبو نعيم الأصفهاني.
    21- أبو ا لحسن الماوردي الشافعي.
    22- أبو بكر الخطيب البغدادي.
    23- أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي.
    24- ابن المغازلي الفقيه الشافعي.
    25- أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني.
    26- أبو القاسم الحاكم الحسكاني.
    27- أبو الحسن علي بن محمد الكيا الطبري.
    28- أبو محمد الفراء البغوي.
    29- أبو الحسن رزين العبدري الأندلسي.
    30- أبو القاسم جار الله الزمخشري.
    31- الموفق بن أحمد الخطيب الخوارزمي.
    32- أبو القاسم ابن عساكر الدمشقي.
    33- أبو الفرج ابن الجوزي الحنبلي.
    34- أبو عبد الله الفخر الرازي.
    35- أبو السعادات ابن الأثير.
    36- محمد بن محمود ابن النجار.
    37- أبو المظفر سبط ابن الجوزي الحنفي.
    38- أبو عبد الله الكنجي الشافعي.
    39- عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الدمشقي.
    40- أبو سالم محمد بن طلحة الشافعي.
    41- ناصر الدين البيضاوي الشافعي.
    42- أبو العباس محب الدين الطبري الشافعي.
    43- حافظ الدين النسفي.
    44- شيخ الإسلام الحموئي الجويني.
    45- علاء الدين الخازن البغدادي.
    46- شمس الدين الأصبهاني.
    47- جمالد الدين الزرندي.
    48- أبو حيان الأندلسي.
    49- عضد الدين الإيجي.
    50- محمد بن أحمد بن جزي الكلبي.
    51- نظام الدين القمي النيسابوري.
    52- سعد الدين التفتازاني.
    53- الشريف الجرجاني.
    54- شهاب الدين ابن حجر العسقلاني.
    55- نور الدين ابن الصباغ المالكي.
    56- علاء الدين القوشجي السمرقندي.
    57- جلال الدين السيوطي.
    58- أبو السعود محمد بن محمد العمادي.
    59- شهاب الدين ابن حجر الهيتمي المكي.
    60- قاضي القضاة الشوكاني.
    61- شهاب الدين الآلوسي.
    62- سليمان القندوزي الحنفي.
    63- محمد مؤمن الشبلنجي.

    وأليكم نموذج من روايات هؤلاء

    حديث أمير المؤمنين عليه السلام:
    ابن عساكر الدمشقي: في ترجمة عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام:
    روى عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من صنع إلى أحد من أهل بيتي يداً كافأته يوم القيامة". وعنه، قال: نزلت هذه الآية على النّبيّ صلى الله عليه وسلم في بيته" إنّما وليكم الله ورسوله" فخرج فدخل المسجد والنّاس يصلّون بين راكع وقائم، إذا سائل؛ فقال:" يا سائل أعطاك أحد شيئاً?"قال: لا، إلاّ الرّاكع لعليّ عليه السّلام أعطاني خاتمه.
    الحاكم أبو عبد الله النيسابوري، صاحب المستدرك في معرفة علوم الحديث:
    حدثنا أبو عبد الله الصفار، قال: ثنا أبو يحيى عبد الرحمن بن محمد بن سلام الرازي بإصبهان، قال: ثنا يحيى بن الضريس، قال: ثنا عيسى بن عبد الله بن عبيد الله بن عمر بي علي بن أبي طالب، قال: ثنا أبي عن أبيه عن جده، عن علي، قال: نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه (وآله) و سلم (( إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون )) فخرج رسول الله صلى الله عليه (وآله) و سلم و دخل المسجد و الناس بين راكع و قائم فصلّى؛ فإذا سائل، قال: يا سائل أعطاك أحد شيئاً؟ فقال: لا إلا هذا الراكع لعلي أعطاني خاتمه.
    الحافظ ابن كثير الدمشقي، في البداية و النهاية:
    قال الطبراني: ثنا عبد الرحمن بن مسلم الرازي، ثنا محمد بن يحيى، عن ضريس العبدي، ثنا عيسى بن عبد الله بن عبيد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب، قال: ثنا أبي عن أبيه عن جده، عن علي، قال: نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه (وآله) و سلم (( إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون )) فخرج رسول الله صلى الله عليه (وآله) و سلم و دخل المسجد و الناس بين راكع و قائم فصلّى؛ فإذا سائل، قال: يا سائل أعطاك أحد شيئاً؟ فقال: لا إلا هذا الراكع لعلي أعطاني خاتمه.
    الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل:
    أخبرنا أبو بكر القيسي بقراءتي عليه من أصله، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد، أخبرنا سعيد بن سلمة الثوري، عن محمد بن يحيى الفيدي، عن عيسى بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب، قال: حدثني أبي عن أبيه عن جده، عن علي، قال:
    نزلت هذه الآية على رسول الله في بيته: (( إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون )) فخرج رسول الله و دخل المسجد و جاء الناس يصلون بين راكع و ساجد و قائم، فإذا سائل، فقال: يا سائل، هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال: لا إلا ذاك الراكع – لعلي- أعطاني خاتمه.
    ملاحظة: هناك اشتباه في اسم عيسى بن عبد الله بن عبيد الله بن عمر بن علي، و الصحيح هو عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام.
    فإن والد عبد الله هو محمد بن عمر، و ليس عبيد الله بن عمر.
    العلامة الحمويني في فرائد السمطين:
    أخبرنا جعفر بن محمد العلوي، حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد البيع، أخبرني محمد بن علي دحيم السناني، حدثنا أحمد بن حازم، حدثنا عاصم بن يوسف اليربوعي، عن سفيان بن إبراهيم الحريري، عن أبيه، عن أبي صادق قال:
    قال علي عليه السلام: أصول الاسلام ثلاثة، لا ينفع واحدة منهن دون صاحبه: الصلاة و الزكاة و المولاة.
    قال الواحدي: و هذا منتزع من قوله تعالى: (( إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون )). و ذلك أن الله تعالى أثبت الموالاة بين المؤمنين ثم لم يصفهم إلا بإقامة الصلاة و إيتاء الزكاة، فقال: الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة. فمن والى علياً فقد والى الله و رسوله.
    الأمالي الشجرية لابن الشجري:
    "وبه" قال أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن أحمد الجورذاني المقرئ بقراءتي عليه بأصفهان، قال أخبرنا أبو مسلم عبد الرحمن بن شهدل المديني، قال أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي، قال أخبرنا أحمد بن الحسن بن سعيد أبو عبد الله، قال حدثنا أبي، قال حدثنا حصين بن مخارق، عن الحسن بن زيد ابن الحسن عن أبيه عن آبائه، عن علي عليهم السلام: أنه تصدق بخاتمه وهو راكع، فنزلت فيه هذه الآية: "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا".
    و روى بنفس الإسناد:
    "وبإسناده" قال حدثنا حصين بن مخارق عن عمرو بن خالد عن الإمام الشهيد أبي الحسين زيد بن علي، عن آبائه عن علي عليهم السلام مثل ذلك.



    حديث المقداد بن الأسود الكندي:
    الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل:
    أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد الحبري، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد المديني، عن الحسن بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن إبراهيم الفهري، قال: حدثني أبي، عن علي بن صدقة، عن هلال، عن المقداد بن الأسود الكندي، قال:
    كنا جلوساً بين يدي رسول الله، إذ جاء أعرابي بدوي متنكب على قوسه.
    و ساق الحديث بطوله حتى قال: و علي بن أبي طالب قائم يصلي في وسط المسجد ركعات بين الظهر و العصر، فناوله خاتمه، فقال النبي: بخٍ بخٍ بخٍ، وجبت الغرفات. فأنشأ الأعرابي يقول:
    يا ولي المؤمنين كلهم و سيد الأوصياء من آدم
    قد فزت بالنـفل يا أبا حسن إذ جادت الكف منك بالخاتم
    فالجود فرع و أنت مغرسه و أنتم سادة لذا العالم
    فعندها هبط جبريل بالآية: (( إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون )).


    حديث عمار بن ياسر:
    الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل:
    أخبرنا أبو بكر الحارثي، أخبرنا أبو الشيخ، أخبرنا الوليد بن أبان، عن سلمة بن محمد، عن خالد بن يزيد، عن إسحاق بن عبد الله بن محمد بن علي بن الحسين بن علي، عن الحسن بن زيد عن أبيه زيد بن الحسن، عن جده، قال: سمعت عمار بن ياسر يقول:
    وقف لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه سائل وهو راكع في صلاة التطوع فنزع خاتمه فأعطاه السائل فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلمه بذلك فنزل على النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية‏:‏ ‏(( ‏إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون‏ ))‏ فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏
    ‏‏من كنت مولاه فإن علياً مولاه‏.‏ اللهم وال من والاه وعاد من عاداه‏‏‏.‏
    الهيثمي في مجمع الزوائد، الجزء السابع، باب في سورة المائدة:
    عن عمار بن ياسر قال‏:‏ وقف على علي بن أبي طالب رضي الله عنه سائل وهو راكع في تطوع فنزع خاتمه فأعطاه السائل فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلمه بذلك فنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية‏:‏ ‏{‏إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون‏}‏ فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال‏:‏
    ‏"‏من كنت مولاه فعلي مولاه‏.‏ اللهم وال من والاه وعاد من عاداه‏"‏‏.‏


    حديث عبد الله بن العباس:
    الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في ما نزل من القرآن في علي:
    حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر المعروف بابن حبان، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن محمد بن أبي هريرة، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب، قال: حدثنا محمد بن الأسود، قال: حدثنا محمد بن مروان، عن محمد بن السائب، عن أبي صالح عن ابن عباس قال‏:‏ أقبل عبد الله بن سلام و معه نفر من قومه ممن آمنوا بالنبي صلى الله عليه و آله و سلم ‏حين نزلت: (( إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا ... )) الآية.
    ثم إن النبي صلى الله عليه و آله و سلم خرج إلى المسجد و الناس بين قائم و راكع فبصر بسائل فقال له النبي صلى الله عليه و آله و سلم: هل أعطاك أحد شيئاً؟ فقال: نعم خاتم. فقال له النبي صلى الله عليه و آله و سلم: من اعطاكه؟ قال: ذلك القائم – و أومى إلى علي عليه السلام – فقال النبي صلى الله عليه و آله و سلم: على أي حال أعطاكه؟ قال: أعطاني و هو راكع. فكبر النبي صلى الله عليه و آله و سلم ثم قرأ: (( و من يتول الله و رسوله و الذين آمنوا ... )) الآية.
    فاستأذن حسان بن ثابت النبي صلى الله عليه و آله و سلم أن يقول شيئا في ذلك فأذن له:
    أبا حسن تفديك نفسي و مهجتي *** و كل بطئ في الهوا و مسارع
    أيذهب مدحي و المحبر ضايع *** و مالمدح في جنب اإله بضائع
    فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعا *** فدتك نفوس القوم يا خير راكع
    فأنزل فيك الله خير ولاية *** وبينها في محكمات الشرائع
    الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل:
    أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد الفقيه، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر، أخبرنا الحسن بن محمد بن أبي هريرة،....
    و روى الحديث بعينه الذي رواه الحافظ أبو نعيم سنداً و متناً.
    و روى الحاكم أيضاً:
    أخبرنا أبو بكر الحارثي، قال: أخبرنا أبو الشيخ، أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير، و عبد الرحمن بن أحمد الزهري، قالا: حدثنا أحمد بن منصور، عن عبد الرزاق، عن عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله تعالى (( إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا )) قال: نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام.
    و روى أيضاً:
    أخبرنا السيد عقيل بن الحسين العلوي، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد بن الفضل الطبري من لفظه بسجستان، أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الله المزني، أخبرنا أبو بكر احمد بن محمد بن عبد الله، أخبرنا الفهم بن سعيد بن الفهم بن سعيد بن سليك بن عبد الله الغطفاني صاحب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، قال: حدثنا عبد الرزاق بن همام، عن معمر، عن أبي (ابن) طاووس عن أبيه، قال:
    كنت جالساً مع ابن عباس إذ دخل عليه رجل فقال: أخبرني عن هذه الآية: (( إنما وليكم الله و رسوله ... )) فقال ابن عباس: أنزلت في علي بن أبي طالب.
    ابن كثير في تفسيره:
    ورواه ابن مردويه عن طريق سفيان الثّوري عن أبي سنان عن الضحاك عن ابن عباس قال كان علي بن أَبي طالب قائمًا يصلي فمر سائل وهو راكع فأعطاه خاتَمه فنزلت " إنما وليكم اللَّه ورسوله " الآية .
    قال ابن كثير: الضحاك لم يلق ابن عباس.
    الأمالي الشجرية لابن الشجري:
    "وبإسناده" قال حدثنا حصين بن مخارق عن عبد الصمد عن أبيه عن ابن عباس: "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا" نزلت في علي بن أبي طالب عليهم السلام.
    ( بإسناده ) هو إسناد الرواية التي ذكرناها عن أمير المؤمنين من نفس الكتاب.


    حديث جابر بن عبد الله الأنصاري:
    الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل:
    حدثنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ غير مرة، أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر بن يزيد الآدمي الغارمي ببغداد، أخبرنا أحمد بن موسى بن يزيد الشطوي هو أبو اسحاق الكوفي، عن إبراهيم بن الحسن التغلبي، عن يحيى بن يعلى، عن عبد الله بن موسى، عن أبي الزبير: عن جابر قال:
    جاء عبد الله بن سلام و أناس معه يشكون إلى رسول الله مجانبة الناس إياهم منذ أسلموا، فقال النبي: ابتغوا إليّ سائلاً. فدخلنا المسجد فوجدنا فيه مسكيناً فأتينا به النبي صلى الله عليه و آله و سلم، فسأله هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال: نعم، مررت برجل يصلي فأعطاني خاتمه، قال اذهب فأرهم إياه.
    قال جابر: فانطلقنا و علي قائم يصلي، قال: هذا هو فرجعنا و قد نزلت هذه الآية: (( إنما وليكم الله و رسوله ... )).
    الحافظ أبو نعيم في كتاب ما نزل من القرآن في علي:
    حدثنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، قال: حدثنا ابراهيم بن عيسى البتنوخي، قال: حدثنا يحيى بن يعلى، عن عبيد الله بن موسى، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال:
    جاء عبد الله بن سلام و أناس معه فشكوا مجانبة الناس إياهم منذ أسلموا، فقال النبي: ابغوني سائلاً. فدخلنا المسجد فدنا سائل إليه، فقال له النبي: هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال: نعم، مررت برجل راكع فأعطاني خاتمه، قال فاذهب معي فأره هو لي.
    فذهبنا و إذا علي قائم يصلي، فقال السائل: هذا القائم أعطاني خاتمه و هو راكع، فنزلت: (( إنما وليكم الله و رسوله ... )).


    حديث أبي ذر الغفاري:
    الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل:
    حدثني أبو الحسن محمد بن القاسم الفقيه الصيدلاني، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد الشعراني، قال: حدثنا أبو علي أحمد بن علي بن رزين القاشاني، قال: حدثني المظفر بن الحسين الأنصاري، قال: حدثنا السندي بن علي الوراق، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن عباية بن ربعي، قال:
    بينما عبد الله بن عباس جالس على شفير زمزم يقول: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، إذ أقبل رجل متعمم بعمامة، فجعل ابن عباس لا يقول قال رسول الله، إلا قال الرجل قال رسول الله.
    فقال ابن عباس: سألتك بالله من أنت؟ فكشف العمامة عن وجهه و قال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة البدري، أبو ذر الغفاري، سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بهاتين و إلا صمتا، و رأيته بهاتين و إلا فعميتا و هو يقول: علي قائد البررة، و قاتل الكفرة، منصور من نصره، و مخذول من خذله.
    أما إني صليت مع رسول الله يوماً من الأيام صلاة الظهر، فسأل سائل في المسجد، فلم يعط أحد شيئاً، فرفع السائل يديه إلى السماء، قال: اللهم اشهد أني سألت في مسجد نبيك، فلم يعطني أحد شيئاً، و كان علي راكعاً، فأومى إليه خنصره اليمنى، و كان يتختم فيها، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره، و ذلك بعين النبي صلى الله عليه و آله و هو يصلي، فلما فرغ النبي من صلاته رفع رأسه إلى السماء، و قال: اللهم إن أخي موسى سألك فقال: رب اشرح لي صدري، و يسر لي أمري، و احلل عقدة من لساني، يفقهوا قولي، و اجعل لي وزيراً من أهلي، هارون أخي، اشدد به أزري و أشركه في أمري، فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً: سنشد عضدك بأخيك و نجعل لكما سلطاناً فلا يصلون إليكما.
    اللهم فأنا محمد نبيك و صفيك، اللهم فاشرح لي صدري و يسر لي أمري، و اجعل لي وزيراً من أهلي عليأ أخي، اشدد به أزري.
    قال أبو ذر: فما استتم رسول الله دعاءه إلا و نزل عليه جبريل من عند الله، فقال: يا محمد اقرأ، قال: (( إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون )).


    حديث أبي رافع مولى رسول الله:
    الحافظ أبو نعيم في كتاب ما نزل:
    حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني، قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا يحيى بن الحسن بن فرات، حدثنا علي بن هاشم، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، قال: حدثنا عون بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه عن جده أبي رافع، قال:
    دخلت على رسول الله صلى اله عليه و آله و سلم و هو نائم – أو يوحى إليه – و إذا حية في جانب البيت، فكرهت أن أقتلها فأوقظه، فاضطجعت بينه و بين الحية و قلت: إن كان منها شئ يكون بي لا برسول الله، فاستيقظ رسول الله و هو يتلو هذه الآية: (( إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا )) الآية.
    ثم قال: الحمد لله. قال: فرآني إلى جانبه فقال: ما أضطجعك ها هنا؟ قلت: لمكان هذه الحية. قال: قم إليها فاقتلها. فقتلتها، فحمد الله ثم أخذ بيدي و قال: يا أبا رافع سيكون بعدي قوم يقاتلون علياً حق على الله جهادهم، فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه، فمن لم يستطع بلسانه فبقلبه، ليس وراء ذلك شئ.
    قال أبو نعيم: و رواه مخوّل عن عبد الرحمن بن الأسود، عن محمد بن عبيد الله و قال: الحمد لله الذي أتم لعلي نعمه و هنيئاً لعلي بتفضيل الله إياه.
    كنز العمال للمتقي الهندي:
    وعن أبي رافع قال‏:‏ دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نائم أو يوحى إليه، وإذا حية في جانب البيت، فكرهت أن أقتلها فأوقظه، فاضطجعت بينه وبين الحية، فإن كان شيء كان بي دونه، فاستيقظ وهو يتلو هذه الآية‏:‏ (( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا‏ )) الآية‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏الحمد لله‏"‏‏.‏ فرآني إلى جانبه قال‏:‏ ‏"‏ما أضجعك ههنا‏؟‏‏"‏‏.‏ قلت‏:‏ لمكان هذه الحية، قال‏:‏ ‏"‏قم إليها فاقتلها‏"‏‏.‏ فقتلتها، فحمد الله ثم أخذ بيدي فقال‏:‏ ‏"‏يا أبا رافع سيكون بعدي قوم يقاتلون علياً، حق على الله تعالى جهادهم، فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه، فمن لم يستطع بلسانه فبقلبه ليس وراء ذلك شيء‏"‏‏.‏
    الأمالي الشجرية لابن الشجري:
    "وبه" قال أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن ريذة قراءة عليه بأصفهان، قال أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، قال حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قال حدثنا يحيى بن الحسن بن فرات القزاز، قال حدثنا علي بن هاشم، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، قال حدثنا عون بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده أبي رافع قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو نائم -أو يوحى إليه- وإذا حية في جانب البيت فكرهت أن أقتلها فأوقظه، فاضطجعت بينه وبين الحية، فإن كان شيء كان بي دونه، فاستيقظ وهو يتلو هذه الآية: "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا" الآية، قال الحمد الله، فرآني إلى جانبه، فقال ما أضجعك هاهنا? فقلت لمكان هذه الحية، قال ثم إليها فاقتلها، فقتلتها، فأخذ بيدي فقال يا أبا رافع: سيكون بعدي قوم يقاتلون علياً، حق على الله جهادهم، فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه، فمن لم يستطع بلسانه فبقلبه، ليس وراء ذلك شيء".


    حديث أنس بن مالك:
    الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل:
    أخبرنا عبد الله بن يوسف إملاءً و قراءةً في الفوائد، أخبرنا علي بن محمد بن عقبة، عن الخضر بن أبان، عن إبراهيم بن هدبة، عن أنس أن سائلاً أتى المسجد و هو يقول: من يقرض الوفيّ المليّ؟ و علي عليه السلام راكع يقول بيده خلفه للسائل أي اخلع الخاتم من يدي.
    فقال رسول الله: يا عمر وجبت. قال: بأبي و أمي يا رسول الله، ما وجبت؟ قال: وجبت له الجنة، و الله ما خلعه من يده حتى خلعه من كل ذنب و من كل خطيئة. قال: هذا لهذا؟ قال: هذا لمن فعل هذا من أمتي.
    و رواه الحاكم أيضاً بسنده:
    أخبرني الحاكم الوالد و محمد بن القاسم، ان عمر بن أحمد بن عثمان الواعظ أخبرهم: أن محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت المقري حدثهم عن أحمد بن إسحاق – و كان ثقة – قال: أخبرنا أبو أحمد زكريا بن دويد بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي، عن حميد الطويل عن أنس قال: خرج النبي إلى صلاة الظهر فإذا هو بعلي يركع و يسجد، و إذا بسائل يسأل فأوجع قلب علي كلام السائل فأومأ بيده اليمنى إلى خلف ظهره فدنا السائل منه فسلّ خاتمه عن إصبعه فأنزل الله فيه آية من القرآن و انصرف علي إلى المنزل فبعث النبي إليه فأحضره فقال: أي شئ عملت يومك هذا بينك و بين الله تعالى؟ فأخبره، فقال له: هنيئاً لك يا أبا الحسن قد أنزل الله فيك آية من القرآن: (( إنما وليكم الله و رسوله )) الآية. و الحديث اختصرته.


    حديث عبد الله بن سلام:
    محب الدين الطبري في الرياض النظرة :
    روي عن عبد الله بن سلام قال: أذّن بلال بصلاة الظهر فقام الناس يصلون فمن بين راكع و ساجد و سائل يسأل فأعطاه علي خاتمه و هو راكع فأخبر السائل رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقرأ علينا رسول الله: (( إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا ... ))
    أخرجه الواحدي و أبو الفرج و الفضائلي.
    كما تقدم أيضاً في حديث جابر.


    شعر حسان بن ثابت في الحادثة:
    الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في ما نزل من القرآن في علي:
    حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر المعروف بابن حبان، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن محمد بن أبي هريرة، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب، قال: حدثنا محمد بن الأسود، قال: حدثنا محمد بن مروان، عن محمد بن السائب، عن أبي صالح عن ابن عباس قال‏:‏ أقبل عبد الله بن سلام و معه نفر من قومه ممن آمنوا بالنبي صلى الله عليه و آله و سلم ‏حين نزلت: (( إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا ... )) الآية.
    ثم إن النبي صلى الله عليه و آله و سلم خرج إلى المسجد و الناس بين قائم و راكع فبصر بسائل فقال له النبي صلى الله عليه و آله و سلم: هل أعطاك أحد شيئاً؟ فقال: نعم خاتم. فقال له النبي صلى الله عليه و آله و سلم: من اعطاكه؟ قال: ذلك القائم – و أومى إلى علي عليه السلام – فقال النبي صلى الله عليه و آله و سلم: على أي حال أعطاكه؟ قال: أعطاني و هو راكع. فكبر النبي صلى الله عليه و آله و سلم ثم قرأ: (( و من يتول الله و رسوله و الذين آمنوا ... )) الآية.
    فاستأذن حسان بن ثابت النبي صلى الله عليه و آله و سلم أن يقول شيئا في ذلك فأذن له:
    أبا حسن تفديك نفسي و مهجتي *** و كل بطئ في الهوا و مسارع
    أيذهب مدحي و المحبر ضايع *** و مالمدح في جنب الإله بضائع
    فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعا *** فدتك نفوس القوم يا خير راكع
    فأنزل فيك الله خير ولاية *** و بينها في محكمات الشرائع



    قول سلمة بن كهيل:
    ابن أبي حاتم في تفسيره:
    حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا الفضل بن دكين أبو نعيم الأحول، ثنا موسى بن قيس الحضرمي، عن سلمة بن كهيل، قال: تصدق علي بخاتمه و هو راكع فنزلت: (( إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون )).
    الحافظ أبو نعيم في كتاب ما نزل:
    نفس الرواية السابقة بالإسناد التالي: حدثنا أبو محمد بن حيان، قال: حدثنا محمد بن العباس بن أيوب، قال: حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا موسى بن قيس الحضرمي، عن سلمة بن كهيل...
    الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق:
    نفس الرواية بالإسناد التالي: أنا خالي أبو المعالي القاضي، أنا أبو الحسن الخلعي، أنا أبو العباس أحمد بن محمد الشاهد، ثنا أبو الفضل محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحارث الرملي، ثنا القاضي جملة بن محمد، ثنا أبو سعيد الأشج، ثنا أبو نعيم الأحول، ثنا موسى بن قيس عن سلمة...


    قول محمد بن الحنفية:

    الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل:
    أخبرنا أبو عبد الله النيسابوري السفياني قراءة، أخبرنا ظفوان بن الحسين، أخبرنا أبو الحسن علي بن عثمان، عن تارخ المعمري، عن يحيى بن عبدك القزويني، عن حسان بن حسان، عن موسى بن فطر الكوفي، عن الحكم بن عيينه، عن المنهال بن عمرو، عن محمد بن الحنفية أن سائلاً سأل في مسجد رسول الله فلم يعطه غير علي أحد شيئاً. فخرج رسول الله صلى الله عليه و آله و قال: هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال: لا إلا رجل مررت به و هو راكع فناولني خاتمه. فقال النبي: و تعرفه؟ قال: لا. فنزلت هذه الآية: (( إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون )) فكان علي بن أبي طالب.
    و روى أيضاً:
    و أخبرنا أيضاً قراءة قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان بن عبد الله، حدثنا محمد بن إسحاق المسوجي، عن ابن أحمد، عن علي بن أبي بكر، عن موسى مولى آل طلحة، عن الحكم، عن المنهال عن محمد بن الحنفية قال: جاء سائل فلم يعطه أحد، فمر بعلي و هو راكع في الصلاة فناوله خاتمه فأنزل الله: (( إنما وليكم الله و رسوله ... )) الآية.


    قول الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام:

    الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل:
    أخبرنا أبو نصر محمد بن عبد الواحد ابن حمويه، اخبرنا أبو سعيد محمد بن الفضل المذكر إملاءً، أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، عن علي بن حجر، عن عيسى بن يونس، عن عبد الملك بن أبي سليمان قال: سألت أبا جعفر عن قوله: (( إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا )). قال: أصحاب النبي صلى الله عليه و آله. قلت: تقولون علي. قال: علي منهم.
    و روى أيضاً:
    و أخبرناه أبو عبد الله بن فتحويه، عن أحمد بن محمد بن إسحاق السني، عن حامد بن شعيب، عن شريح بن يونس، عن هشيم، عن عبد الملك، قال: سألت أبا جعفر عن قوله: (( إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا )). قال: هم المؤمنون. قلت: فإن ناساً يقولون هو علي بن أبي طالب. قال: فعلي من الذين آمنوا.
    ابن جرير الطبري في تفسيره:
    حدثنا هناد بن السري، قال: ثنا عبدة، عن عبد الملك، عن أبي جعفر، قال: سألته عن هذه الآية: (( إنما وليكم الله ورسولا والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون )) قلنا: من الذين آمنوا؟ قال : الذين آمنوا ! قلنا: بلغنا أنها نزلت في علي بن أبي طالب، قال: علي من الذين آمنوا.
    وروى أيضاً:
    حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا المحاربي، عن عبد الملك، قال: سألت أبا جعفر، عن قول الله: (( إنما وليكم الله ورسوله ))، وذكر نحو حديث هناد عن عبدة.
    الأمالي الشجري لابن الشجري:
    "وبإسناده" عن حصين بن مخارق، عن أبي الجارود، عن محمد وزيد ابني علي عن آبائهما أنها نزلت في علي عليه السلام.
    ( و بإسناده ) هو إسناد الرواية التي ذكرناها عن أمير المؤمنين من نفس الكتاب.


    قول عتبة بن أبي حكيم:

    ابن كثير في تفسيره:
    و قال ابن أبي حاتم: حدثنا الربيع بن سليمان المرادي، حدثنا أيوب بن سويد، عن عتبة بن أبي حكيم في قوله: ((إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا )). قال: هم المؤمنون و علي بن أبي طالب.
    ابن جرير الطبري في تفسيره:
    حدثنا إسماعيل بن إسرائيل الرملي، قال: ثنا أيوب بن سويد، قال: ثنا عتبة بن أبي حكيم في هذه الآية: (( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا )). قال: علي بن أبي طالب.
    الخامس: قول عباية بن ربعي:
    الثعلبي في تفسيره:
    روى حديثاً عن عباية بن ربعي، و فيه:
    سأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئاً و كان علي راكعاً فأومى إليه بخنصره اليمنى و كان يتختم فيها فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم.


    قول عبد الملك بن جريج:

    الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل:
    أخبرنا الحسين بن محمد بن الحسين الجبلي، عن علي بن محمد بن لؤلؤ، عن الهيثم بن خلف الدوري، عن أحمد بن إبراهيم الدورقي، عن حجاج، عن ابن جريج قال: لما نزلت: (( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا )) الآية. خرج النبي صلى الله عليه و آله و إذا سائل قد خرج من المسجد، فقال له: هل أعطاك أحد شيئاً و هو راكع؟ قال: نعم، رجل لا أدري من هو. قال: ماذا أعطاك؟ قال: هذا الخاتم. فإذا الرجل علي بن أبي طالب، و الخاتم خاتمه عرفه النبي.


    قول مجاهد:

    ابن جرير الطبري في تفسيره:
    حدثني الحارث، قال: ثنا عبد العزيز قال: ثنا غالب بن عبيد الله، قال: سمعت مجاهدا يقول في قوله: (( إنما وليكم الله ورسوله )) الآية، قال: نزلت في علي بن أبي طالب، تصدق وهو راكع.
    الثامن: قول عطاء بن السائب:
    الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل:
    حدثني الحاكم أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي، حدثنا أبو عبد الله محمد بن خفيف بشيراز، قال: حدثنا أبو الطيب النعمان بن أحمد بن يعمر الواسطي، قال: حدثنا عبد الله بن عمر القرشي، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن حميد الصفار، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن عطاء بن السائب في قوله تعالى: (( إنما وليكم الله و رسوله )) الآية، قال: نزلت في علي، مرّ به سائل و هو راكع فناوله خاتمه.


    قول إسماعيل السدي:

    ابن جرير الطبري في تفسيره:
    حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: ثم أخبرهم بمن يتولاهم، فقال: (( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون )) هؤلاء جميع المؤمنين، ولكن علي بن أبي طالب مر به سائل وهو راكع في المسجد، فأعطاه خاتمه.


    قول مقاتل بن سليمان:

    تفسير مقاتل بن سليمان:
    وقوله سبحانه: { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } [آية: 55]، وذلك أن عبدالله بن سلام وأصحابه قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم عند صلاة الأولى: إن اليهود أظهروا لنا العداوة من أجل الإسلام، ولا يكلموننا، ولا يخالطوننا فى شئ، ومنازلنا فيهم، ولا نجد متحدثاً دون هذا المسجد، فنزلت هذه الآية، فقرأها النبى صلى الله عليه وسلم، فقالوا: قد رضينا بالله ورسوله وبالمؤمنين أولياء، وجعل الناس يصلون تطوعاً بعد المكتوبة، وذلك فى صلاة الأولى.
    وخرج النبى صلى الله عليه وسلم إلى باب المسجد، فإذا هو بمسكين قد خرج من المسجد، وهو يحمد الله عز وجل، فدعاه النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: " هل أعطاك أحد شيئاً؟ " ، قال: نعم يا نبى الله، قال: " من أعطاك؟ " ، قال: الرجل القائم أعطانى خاتمه، يعنى على بن أبى طالب، رضوان الله عليه، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: " على أى حال أعطاكه؟ " ، قال: أعطانى وهو راكع، فكبر النبى صلى الله عليه وسلم، وقال: " الحمد لله الذى خص عليّاً بهذه الكرامة ، فأنزل الله عز وجل: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } { وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } ، يعنى على بن أبى طالب، رضى الله عنه، { فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَالِبُونَ } [آية: 56]، يعنى شيعة الله ورسوله والذين آمنوا هم الغالبون، فبدأ بعلى بن أبى طالب، رضى الله عنه، قبل المسلمين، ثم جعل المسلمين وأهل الكتاب المؤمنين، فيهم عبدالله بن سلام وغيره هم الغالبون لليهود، حين قتلوهم وأجلوهم من المدينة إلى الشام وأذرعات وأريحا.
    زاد المسير في علم التفسير:
    نقل قوله ابن الجوزي في كتاب زاد المسير عند تفسيره لهذه الآية.
    شواهد التنزيل:
    نقل الحاكم الحسكاني حديثاً له في سبب النزول.
    تـبكيك عينـي لا لأجل مثوبة *** لـكنــما عـيـنـي لأجـلـك بـاكـيه
    تـبتل مـنكـم كــربـلا بـدم ولا *** تـبـتـل مـني بـالـدمـوع الجاريه
    أنـست رزيـتكم رزايـانا التي *** سـلـفـت وهـونت الرزايا الآتيه
    وفـجـائـع الأيــام تـبـقـى مــدة *** وتـزول وهـي إلى القيامة باقيه

    للتواصل معنا عبر صفحتنا في الفيس بوك بالضغط على
    الحسيني

  • #2


    الأسانيد المعتبرة:
    1 ـ رواية الطبراني عن أمير المؤمنين عليه السلام:
    * الطبراني، سليمان بن أحمد، و لا حاجة إلى توثيقه.
    * عبد الرحمن بن مسلم الرازي:
    قال أبو نعيم: سكن إصبهان، إمام جامعها، توفي سنة 291، مقبول القول، ... ، صاحب التفسير و المسند.
    قال الذهبي: الحافظ المجود العلامة المفسر ... و كان من أوعية العلم.
    * محمد بن يحيى بن الضريس:
    قال ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه فقال: صدوق.
    * عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن الإمام علي:
    ذكره ابن حبان في كتاب الثقات، و استنكر عليه آخرون.
    * عبد الله بن محمد بن عمر بن علي:
    ذكره ابن حبان في كتاب الثقات.
    و قال يعقوب بن شيبة عن ابن المديني: هو وسط.
    و قال ابن سعد: كان قليل الحديث.
    * محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب:
    محمد و أبوه من رجال الكتب الستة.
    2 ـ رواية ابن عساكر عن أمير المؤمنين:
    بسنده عن الطبراني بنفس إسناده المتقدم.
    * أبو علي الحداد، الحسن بن أحمد بن الحسن الإصفهاني:
    قال السمعاني: كان عالماً ثقة صدوقاً من أهل العلم و القرآن و الدين.
    قال الذهبي: الشيخ الإمام المقرئ المجوّد المحدث المعمر، مسند العصر.
    * الحافظ أبو نعيم اللإصفهاني المشهور، صاحب كتاب حلية الأولياء، و غيرها من الكتب المعتبرة، و لا حاجة إلى توثيقه.
    3 ـ رواية الحاكم عن أمير المؤمنين:
    عن محمد بن عبد الله الصفار، عن عبد الرحمن بن مسلم الرازي ... ، و باقي سلسلة إسناد الطبراني.
    * محمد بن عبد الله الصفار:
    قال الحاكم: هو محدث عصره، كان مجاب الدعوة، لم يرفع رأسه إلى السماء كما بلغنا نيّفاً و أربعين سنة.
    قال الذهبي: الشيخ الإمام المحدث القدوة.
    قال السمعاني: و كان زاهداً حسن السيرة، ورعاً كثير الخير.
    4 ـ رواية ابن مردويه عن ابن عباس التي ذكرها ابن كثير:
    قال العلامة السيد علي الميلاني في كتابه نفحات الأزهار، الجزء العشرون، في تعليقه على هذه الرواية و على تضعيف ابن كثير لها:
    تعقّبها ابن كثير بقوله: (( الضحاك لم يلق ابن عباس )) بقصد تضعيف الرواية، و لو كان هناك ما يضعفها غير هذه الحجة لأوردها.
    ـ إن الترمذي و النسائي و ابن ماجه قد أوردا حديثه عن ابن عباس في كتبهم.
    ـ إن روايات الضحاك في التفسير عن ابن عباس ليست مرسلة، لأنه أخذ التفسير عن سعيد بن جبير بالري. و مما يعضد هذا القول أن الرواي عن الضحاك هو سعيد بن سنان البرجمي، من رجال مسلم و الأربعة، هو من نزلاء الري...
    ـ إن إسقاط اسم سعيد بن جبير كان للتحفظ عليه، لكونه كان مطارداً من الحجاج.
    و بهذا نخلص إلى أن إسناد الرواية إسناد معتبر، لا إرسال فيه.
    5 ـ رواية ابن أبي حاتم في تفسيره عن سلمة بن كهيل:
    * أبو سعيد الأشج:
    عبد الله بن سعيد الكندي، من رجال الستة.
    * الفضل بن دكين:
    من رجال الستة، و من كبار شيوخ البخاري.
    * موسى بن قيس الحضرمي:
    من رجال أبي داود و النسائي، يلقب بعصفور الجنة.
    وثقه ابن معين، و أثنى عليه ابن حنبل و أبو حاتم و أبو نعيم.
    * سلمة بن كهيل:
    من رجال الستة.
    6 ـ رواية ابن أبي حاتم في تفسيره عن عتبة بن أبي حكيم:
    * الربيع بن سليمان المرادي:
    من رجال أبي داود و النسائي و ابن ماجه. وثّقه ابن حجر في التقريب.
    * أيوب بن سويد الرملي:
    من رجال أبي داود و النسائي و ابن ماجه. قال ابن حجر في التقريب: صدوق يخطئ.
    * عتبة بن أبي حكيم:
    من رجال البخاري و مسلم. قال ابن حجر في التقريب: صدوق يخطئ كثيراً.
    7 ـ رواية ابن جرير عن عتبة بن أبي حكيم:
    * إسماعيل بن إسرائيل الرملي:
    قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه و هو ثقة صدوق.
    عن أيوب بن سويد عن عتبة، و قد ذكرناهما.
    8 ـ رواية ابن جرير عن الإمام أبي جعفر الباقر:
    * هناد بن السري:
    من رجال الستة، وثقه أحمد بن حنبل.
    * عبدة بن سليمان:
    وثقه ابن حبان و ابن معين و ابن سعد و أبو حاتم و أبو زرعة و عثمان بن أبي شيبة و الدارقطني.
    * عبد الملك بن أبي سليمان:
    وثقه ابن معين و أبو نعيم و ابن حنبل و النسائي و ابن سعد و الساجي و الترمذي و ابن حبان و غيرهم.
    * الإمام أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين، الباقر عليه السلام:
    ثقة لا نحتاج إلى بيان ذلك.

    تواتر سبب النزول:
    النقطة الأولى: ما هو الحديث المتواتر:
    قال العثيمين في كتابه ( مصطلح الحديث ) :
    المتواتر: ما رواه جماعة يستحيل في العادة أن يتواطؤوا على الكذب، وأسندوه إلى شيء محسوس‏.‏
    و نشير إلى أن التواتر ينبغي أن يكون في جميع طبقات سند الحديث. و هو ينقسم إلى:
    * متواتر لفظاً: ما اتفق الرواة فيه على لفظه ومعناه‏.
    * متواتر معنىً: ما اتفق فيه الرواة على معنىً كلي، وانفرد كل حديث بلفظه الخاص‏.‏


    عدد الرواة الذي يصح به إطلاق لفظ التواتر على الحديث:
    من كتاب ( نظم المتناثر من الحديث المتواتر ) :
    هذا الكتاب جمع فيه مؤلفه ( الكتّاني ) الأحاديث المتواترة، و التي صرّح بتواترها العلماء، و قام بتعداد رواتها من الطبقة الأولى ( طبقة الصحابة ) ، و سنعرض منه نماذج لبعض الأحاديث من هذا الكتاب.
    قال الكتاني في المقدّمة من كتابه المذكور أعلاه:
    إفراده بالتأليف بعد السخاوي جماعة منهم الشيخ الإمام الحافظ جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمان بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة إحدى عشرة وتسعمائة وسماه الفوائد المتكاثرة في الأخبار المتواترة رتبه على الأبواب وجمع فيه ما رواه من الصحابة عشرة فصاعداً.
    (( قلت: عدد التواتر عند السيوطي عشرة فأكثر )).
    1 ـ كتاب الإيمان، حديث ( لا يزني الزاني حين يزني و هو مؤمن ).
    عدّ رواته من الصحابة عشرة فقط.
    2 ـ كتاب الإيمان، حديث ( الحياء من الإيمان ).
    عدّ رواته من الصحابة عشرة فقط، و قال: وممن صرح بتواتره أيضاً المناوي في الفيض وفي التيسير‏.‏
    3 ـ كتاب الإيمان، حديث ‏( ‏سؤال جبريل النبي عن الإيمان والإسلام والإحسان ‏)‏.
    عدّ ثمانية فقط من الصحابة الذين رووه.
    4 ـ كتاب المعجزات و الخصائص، حديث ( أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة‏)‏.
    أورده من طرق عشرة من الصحابة، و قال: ونقل في فيض القدير أيضاً عن السيوطي أنه متواتر.
    5 ـ كتاب الأذان و الصلاة، حديث ( يغفر للمؤذن مدى صوته ).
    من وراية 8 من الصحابة فقط.
    6 ـ كتاب المعجزات و الخصائص، حديث (الجمل الذي شكى إليه مالكه ).
    أورده من طرق ثمانية فقط من الصحابة.
    7 ـ كتاب المناقب، حديث إمامة أبي بكر للمسلمين في الصلاة في مرض النبي:
    أورده من طرق تسعة من الصحابة، و قال عنه السيوطي أنه متواتر.
    8 ـ كتاب المناقب، حديث ( أمره بسد الخوخ إلا خوخة أبي بكر ).
    عدد الصحابة الذين رووه 4 فقط!!!
    9 ـ كتاب القرآن و فضائله، حديث ( قول الرسول عن أبي موسى الأشعري:  لقد أوتي مزماراً من مزامير آل داود).
    رواه سبعة أنفس من الصحابة فقط.
    10 ـ كتاب الصيام، حديث ( أنه عليه الصلاة والسلام كان يقبل وهو صائم ).
    رواه عن 4 من الصحابة فقط!!!


    تواتر سبب نزول آية الولاية:
    قد ثبت أن القوم قد أقرّوا بتواتر الأحاديث التي رواها من الصحابة 10 أنفس فأكثر، بل أنهم اعتبروا بعضها - مما لم يصل عدد رواته إلى 10 - متواتراً، و قد رأينا النماذج السالفة الذكر.
    فمن هذا المنطلق يكون سبب نزول هذه الآية متواتراً، حيث رواه 10 من كبار الصحابة، كما أن 10 من التابعين قد اعترفوا بسبب النزول و أرسلوه إرسال المسلمات، كما أن الكثير من العلماء أيضاً قد اعترفوا به و بأن الآية نـازلـة في الإمام، بل أن بعضهم إدّعى الإجماع على ذلك.
    فإذا عرفنا أن الحديث المتواتر لا يبحث في إسناده، إضافة إلى ما تحقق في مطلب سابق من صحة بعض الأسانيد، نخلص إلى نتيجة و هي أن الحديث فوق شبهات الإسناد، و اتهامات الوضع.


    أقوال العلماء و تسليمهم بأن الآية نازلة في الإمام علي:

    نورد في هذا المبحث أقوال العلماء في سبب نزول الآية، و اعترافهم بنزولها في علي بن أبي طالب، بل أن بعضهم قد استدل بها على بعض أحكام الصلاة وجواز العمل اليسير في الصلاة.
    1 ـ قول الحافظ أبي نعيم الإصفهاني:
    كتاب ما نزل من القرآن في علي:
    قال: و مما نزل في علي كرم الله وجهه الآية 55 من سورة المائدة: و هو قوله سبحانه و تعالى: ((إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون )).
    2 ـ قول الحافظ الحاكم الحسكاني:
    شواهد التنزيل لقواعد التفضيل:
    قال الحاكم: و فيهم ( أهل البيت ) نزل أيضاً قوله سبحانه: (( إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون )).
    3 ـ قول الجصاص:
    أحكام القرآن للجصاص: باب العمل اليسير في الصلاة:
    قال تعالى: ((إنما وليكم الله ... )). روي عن مجاهد و السدي و أبي جعفر و عتبة بن أبي حكيم أنها نزلت في علي بن أبي طالب حين تصدق بخاتمه و هو راكع.
    و قد اختلف في معنى قوله (( و هم راكعون )) فإن كان المراد فعل الصدقة في حال الركوع فإنه يدل عل إباحة العمل اليسير في الصلاة ... فإن قال قائل: فالمراد أنهم يتصدقون و يصلون و لم يرد به فعل الصدقة في الصلاة، قيل له: هذا تأويل ساقط من قبل أن قوله تعالى: (( و هو راكعون )) إخبار عن الحال التي تقع فيها الصدقة، كقولك: تكلم فلان و هو قائم، و أعطى فلان و هو قاعد، إنما هو إخبار عن حال الفعل ...
    فثبت أن المعنى ما ذكرناه من مدح الصدقة في حال الركوع أو في حال الصلاة.
    و قوله تعالى: (( و يؤتون الزكاة و هو راكعون ))يدل على أن صدقة التطوع تسمى زكاة، لأن علياً تصدّق بخاتمه تطوعاً، وهو نظير قوله تعالى: (( و ما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون )) قد انتظم صدقة الفرض و النفل، فصار اسم الزكاة يتناول الفرض و النفل، كاسم الصدقة و كاسم الصلاة، ينتظم الأمرين.
    4 ـ قول جلال الدين السيوطي:
    لباب النقول في أسباب النزول:
    بعد أن خرّج الأحاديث الواردة في سبب النزول، قال: (( فهذه شواهد يقوي بعضها بعضاً )).
    5 ـ قول الكيا الطبري:
    نقل قوله القرطبي في تفسيره، عند تفسير هذه الآية:
    قال الكيا الطبري‏:‏ وهذا يدل على أن العمل القليل لا يبطل الصلاة؛ فإن التصدق بالخاتم في الركوع عمل جاء به في الصلاة ولم تبطل به الصلاة‏.‏ وقوله‏: (( ويؤتون الزكاة وهم راكعون‏ ))‏ يدل على أن صدقة التطوع تسمى زكاة‏.‏؛ فإن عليا تصدق بخاتمه في الركوع، وهو نظير قوله تعالى: (( و ما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون )) و قد انتظم الفرض والنفل، فصار اسم الزكاة شاملا للفرض والنفل، كاسم الصدقة وكاسم الصلاة ينتظم الأمرين‏.‏
    6 ـ قول ابن خويز منداد:
    نقل قوله القرطبي أيضاً في تفسيره:
    وقال ابن خويز منداد: قوله تعالى‏: (( ‏ويؤتون الزكاة وهم راكعون‏ )) تضمنت جواز العمل اليسير في الصلاة؛ وذلك أن هذا خرج مخرج المدح، وأقل ما في باب المدح أن يكون مباحا؛ وقد روي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أعطى السائل شيئا وهو في الصلاة، وقد يجوز أن يكون هذه صلاة تطوع، وذلك أنه مكروه في الفرض‏.‏ ويحتمل أن يكون المدح متوجها على اجتماع حالتين؛ كأنه وصف من يعتقد وجوب الصلاة والزكاة؛ فعبر عن الصلاة بالركوع، وعن الاعتقاد للوجوب بالفعل؛ كما تقول‏:‏ المسلمون هم المصلون، ولا تريد أنهم في تلك الحال مصلون ولا وجه المدح حال الصلاة؛ فإنما يريد من يفعل هذا الفعل ويعتقده‏.‏
    7 ـ قول الواحدي:
    الحمويني في فرائد السمطين:
    قال الواحدي: و هذا منتزع من قوله تعالى: (( إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون )). و ذلك أن الله تعالى أثبت الموالاة بين المؤمنين ثم لم يصفهم إلا بإقامة الصلاة و إيتاء الزكاة، فقال: الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة. فمن والى علياً فقد والى الله و رسوله.
    8 ـ قول الزمخشري:
    تفسير الكشاف:
    (( وهم راكعون ‏)) الواو فيه للحال أي يعملون ذلك في حال الركوع وهو الخشوع والإخبات والتواضع لله إذا صلوا وإذا زكوا‏.‏ وقيل‏:‏ هو حال من يؤتون الزكاة بمعنى يؤتونها في حال ركوعهم في الصلاة و أنها نزلت في علي كرم الله وجهه حين سأله سائل وهو راكع في صلاته فطرح له خاتمه‏.‏
    كأنه كان مرجاً في خنصره فلم يتكلف لخلعه كثير عما تفسد بمثله صلاته فإن قلت‏:‏ كيف صح أن يكون لعلي رضي الله عنه واللفظ لفظ جماعة ؟. قلت‏:‏ جيء به على لفظ الجمع وإن كان السبب فيه رجلاً واحداً ليرغب الناس في مثل فعله فينالوا مثل ثوابه ولينبه على أن سجية المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البر والإحسان وتفقد الفقراء حتى إن لزهم أمر لا يقبل التأخير وهم في الصلاة لم يؤخروه إلى الفراغ منها‏.‏
    9 ـ قول القاضي الأيجي:
    القاضي عضد الدين الأيجي المتوفي سنة 756، في كتاب المواقف في علم الكلام:
    قال: (( و أجمع أئمة التفسير أن المراد علي )).
    10 ـ قول الشريف الجرجاني:
    قال في شرحه على كتاب المواقف:
    و قد أجمع أئمة التفسير أن المراد بـ: (( الذين يقيمون الصلاة )) إلى قوله تعالى: (( و هم راكعون )) علي، فإنه كان في الصلاة راكعاً، فسأله سائل فأعطاه خاتمه، فنزلت الآية.
    11 ـ قول سعد الدين التفتازاني:
    قال في شرحه لكتاب المقاصد في علم الكلام:
    نزلت باتفاق المفسرين في علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين أعطى السائل خاتمه و هو راكع في صلاته.
    12 ـ قول القوشجي السمرقندي:
    قال في كتابه شرح تجريد الإعتقاد:
    إنها نزلت باتفاق المفسرين في حق علي بن أبي طالب حين أعطى السائل خاتمه و هو راكع في صلاته ...
    13 ـ قول القاضي البيضاوي:
    تفسير البيضاوي:
    (( وهم راكعون )) متخشعون في صلاتهم و زكاتهم، و قيل هو حال مخصوصة بـ (( يؤتون ))، أو يؤتون الزكاة حال ركوعهم في الصلاة حرصاً على الإحسان و مسارعة إليه، و أنها نزلت في علي رضي الله عنه حين سأله سائل و هو راكع في صلاته، فطرح له خاتمه.
    ... و إن صح أنه نول فيه، فلعله جئ بلفظ الجمع لترغيب الناس في مثل فعله فيندرجوا فيه، و على هذا يكون دليلاً على أن الفعل القليل في الصلاة لا يبطلها، و أن صدقة التطوع تسمى زكاة.
    14 ـ قول الشهاب القاضي:
    كتاب عناية القاضي و كفاية الراضي على تفسير البيضاوي:
    و قيل: إنه كان قبل تحريم الكلام في الصلاة، فإنه كان جائزاً ثم نسخ، و بأنه أشار إليه فأخذه من إصبعه بلا فعل له.
    15 ـ قول الكازروني:
    حاشية الكازروني على تفسير البيضاوي:
    قولـه: ( و إن صحّ أنه نزل فيه فلعله ... ) فيه أنه يلزم أن يكون من شـرط الولي إيـتاء الزكاة حال الركوع، إن أريد بـ ( الذين آمنوا ) علي رضي الله عنه وغيره، و إن أريد علي رضي الله عنه فقط بقي السؤال الوارد على إيراد لفظ الجمع.
    قوله: ( وإن صدقة التطوع تسمى زكاة ) فيه يحتمل أن يكون طرح الخاتم لأداء صدقة الفرض بأن يكون خاتم فضة يؤدي به زكاة الفضية.
    16 ـ قول إسماعيل القنوي الحنفي:
    الحاشية على تفسير البيضاوي:
    ( و على هذا ): أي و على كون المراد الركوع ( يكون دليلاً على أن الفعل القليل في الصلاة لا يبطلها ) و هو ما لا يظن الرائي أنه ليس في الصلاة، أو ما يستكثره المصلي.
    17 ـ قول شهاب الدين الآلوسي:
    تفسير روح المعاني:
    و غالب الأخباريين على أنها نزلت في علي كرم الله وجهه، فقد أخرج الحاكم و ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بإسناد متصل... و روى الحديث عن ابن عباس الذي ذكرناه من كتاب أبي نعيم.
    وقال أيضاً:
    بلغني أنه قيل لابن الجوزي: كيف تصدق علي بالخاتم و هو في الصلاة؟ فأنشأ يقول:
    يسقي و يشرب لا تلهيه سكرته عن النديم و لا يلهو عن الناس
    أطاعه سكره حتى تمكن من فعل الصحاة فهذا أوحد الناس
    18 ـ قول أبو الفرج ابن الجوزي:
    زاد المسير في علم التفسير:
    قوله تعالى: (( إنما وليكم الله و رسوله )) اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال:
    أحدها: أن عبد الله بن سلام بن سلام و أصحابه جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم و قالوا: إن قوماً قد أظهروا لنا العداوة، و لا نستطيع أن نجالس أصحابك لبعد منازلنا، فنزلت هذه الآية، فقالوا: رضينا بالله و برسوله و بالمؤمنين، و أذّن بلال بالصلاة، فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم فإذا مسكين يسأل الناس، فقال رسول الله: هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال: نعم. قال: ماذا؟ قال: خاتم فضة. قال: من أعطاكه؟ قال ذاك القائم، فإذا هو علي بن أبي طالب، أعطانيه و هو راكع، فقرأ رسول الله هذه الآية.
    رواه أبو صالح عن ابن عباس، و به قال مقاتل.
    وقال مجاهد: نزلت في علي بن أبي طالب، تصدق و هو راكع.
    19 ـ قول أبي السعود محمد بن محمد العمادي الحنفي:
    تفسير أبي السعود، إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم:
    و روي أنها نزلت في علي رضي الله عنه حين سأله سائل و هو راكع، فطرح إليه خاتمه كأن كان مرخىً في خنصره غير محتاج في إخراجه إلى كثير عمل يؤدي إلى فساد الصلاة.
    20 ـ قول الإمام النسفي:
    تفسير النسفي:
    الواو في ( و هم راكعون ) للحال، أي يؤتونها في حال ركوعهم في الصلاة. قيل: أنها نزلت في علي رضي الله عنه حين سأله سائل و هو راكع في صلاته فطرح له خاتمه كأنه كان مرحاً في خنصره فلم يتكلف لخلعه كثير عمل يفسد صلاته. و ورد الجمع و إن كان السبب فيه واحداً ترغيباً للناس في مثل فعله لينالوا مثل ثوابه. و الآية تدل على جواز الصدقة في الصلاة، و على أن الفعل القليل لا يفسد الصلاة.
    21 ـ قول ابن عجيبة الحسني:
    تفسير البحر المديد:
    قيل: نزلت في علي كرم الله وجهه، سأله سائل و هو راكع في صلاة فطرح له خاتمه، و قيل: عامة، وذكر الركوع بعد الصلاة لأنه أشرف أعمالها.
    22 ـ قول السمرقندي:
    تفسير بحر العلوم:
    { وَهُمْ رَاكِعُونَ } " يعني يتصدقون في حال ركوعهم حيث أشار (علي) بخاتمه إلى المسكين حتى نزع من أصبعه وهو في ركوعه.
    23 ـ قول العز بن عبد السلام (المتوفي سنة 660 هـ) في تفسيره:
    { وَهُمْ رَاكِعُونَ } نزلت في علي ـ رضي الله تعالى عنه ـ تصدّق، وهو راكع
    24 ـ قول الخازن، أبي الحسن علي بن محمد بن إبراهيم بن عمر الشيحي:
    تفسير الخازن، لباب التأويل في معاني التنزيل:
    أما قوله تعالى وهم راكعون فعلى هذا التفسير فيه وجوه:
    الوجه الثالث: قيل إن هذه الآية نزلت وهم ركوع. وقيل: نزلت في شخص معين وهو علي بن أبي طالب. قال السدي: مر بعلي سائل وهو راكع في المسجد فأعطاه خاتمه، فعلى هذا قال العلماء: العمل القليل في الصلاة لا يفسدها.
    25 ـ قول أبو حيان، محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان:
    تفسير البحر المحيط:
    { إنما وليكم الله ورسوله } لما نهاهم عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، بيّن هنا من هو وليهم، وهو الله ورسوله. وفسر الولي هنا بالناصر، أو المتولي الأمر، أو المحب. ثلاثة أقوال، والمعنى: لا وليّ لكم إلا الله. وقال: وليكم بالأفراد، ولم يقل أولياؤكم وإن كان المخبر به متعدداً، لأن ولياً اسم جنس. أو لأنّ الولاية حقيقة هي لله تعالى على سبيل التأصل، ثم نظم في سلكه من ذكر على سبيل التبع، ولو جاء جمعاً لم يتبين هذا المعنى من الأصالة والتبعية.
    26 ـ قول السمين الحلبي:
    تفسير الدر المصون في علم الكتاب المكنون:
    ويجوز أَنْ يُرادَ به الركوع حقيقةً؛ كما رُوي عن علي أميرِ المؤمنين أنه تصدَّقَ بخاتَمِة وهو راكعٌ.




    فإن قال قائل: كيف جاءت الآية بصيغة الجمع والمعني واحد ؟؟
    قلنا: ذلك غير عزيز في كتاب الله تعالى، فقد جاء قوله تعالى: ”فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ“ والمعني بها واحد، هو المنافق عبد الله بن أبي بن سلول. وعليه فأي عجب أن تأتي صيغة الجمع تعظيماً لأمير المؤمنين عليه السلام؟ فإنه إذا كان القرآن قد استعمل هذه الصيغة في منافق من المنافقين؛ أَهَلْ يكون من العجب استعمالها في رجل هو أمير المؤمنين وإمام المتقين صلوات الله وسلامه عليه؟!
    وطبعاً هذا الإشكال له وجه ، ولا يختصّ هذا الإشكال والاعتراض بهذه الآية ، عندنا آيات أُخرىٰ أيضاً ، وآية المباهلة نفسها التي قرأناها أيضاً بصيغة الجمع ، إلاّ أنّ رسول الله جاء بعلي ، مع أنّ اللفظ لفظ جمع ( وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ) وجاء بفاطمة والحال أنّ اللفظ لفظ جمع « النساء » ، هذا الإعتراض يأتي في كثير من الموارد التي تقع مورد الإستدلال ، وفي سائر البحوث العلمية المختلفة لا في بحث الإمامة فقط.
    الزمخشري الذي هو من كبار علماء العامّة ، وليس من أصحابنا الإماميّة ، صاحب الكشّاف وغير الكشّاف من الكتب الكثيرة في العلوم المختلفة ، يجيب عن هذا الإشكال ، وتعلمون أنّ الزمخشري تفسيره تفسير للقرآن من الناحيّة الأدبيّة والبلاغيّة ، هذه ميزة تفسير الكشّاف للزمخشري ، وهذا شيء معروف عن تفسير الزمخشري ، وأهل الخبرة يعلمون بهذا.
    يجيب الزمخشري عن هذا ما ملخّصه : بأنّ الفائدة في مجيء اللفظ بصيغة الجمع في مثل هذه الموارد هو ترغيب الناس في مثل فعل أمير المؤمنين ، لينبّه أنّ سجيّة المؤمنين يجب أن تكون علىٰ هذا الحد من الحرص علىٰ الإحسان إلىٰ الفقراء والمساكين ، يكونون حريصين علىٰ مساعدة الفقراء وإعانة المساكين ، حتّىٰ في أثناء الصلاة ، وهذا شيء مطلوب من عموم المؤمنين ، ولذا جاءت الآية بصيغة الجمع. هذا جواب الزمخشري (تفسير الكشّاف 1 / 649).
    فإذن ، لا يوافق الزمخشري علىٰ هذا الاعتراض ، بل يجيب عنه بوجه يرتضيه هو ويرتضيه كثير من العلماء الآخرين.

    ولكن لو لم نرتض هذا الوجه ولم نوافق عليه ، فقد وجدنا في القرآن الكريم وفي السنّة النبويّة الثابتة الصحيحة ، وفي الاستعمالات العربيّة الصحيحة الفصيحة : أنّ اللفظ يأتي بصيغة الجمع والمقصود شخص واحد ، كثير من هذا الإستعمال موجود في القرآن وفي السنّة وفي الموارد الأُخرىٰ ، وهذا شيء موجود.
    مضافاً إلىٰ جواب يجيب به بعض علمائنا وعلمائهم : أنّه في مثل هذا المورد أراد الله سبحانه وتعالىٰ أن يعظّم هذه الفضيلة أو هذا الفعل من علي ، وجاء بلفظ الجمع إكراماً لعلي ولما فعله في هذه القضيّة.
    وتبقىٰ نظرية أُخرىٰ ، أتذكّر أنّ السيّد شرف الدين رحمة الله عليه يذكر هذه النظرية وهذا الجواب ويقول : لو أنّ الآية جاءت بصيغة المفرد ، لبادر أعداء أمير المؤمنين من المنافقين إلىٰ التصرّف في القرآن الكريم وتحريف آياته المباركات عداءً لأمير المؤمنين ، إذ ليست هذه الآية وحدها بل هناك آيات أُخرىٰ أيضاً جاءت بصيغة الجمع ، والمراد فيها علي فقط ، فلو أنّه جاء بصيغة المفرد لبادر أُولئك وانبروا إلىٰ التصرّف في القرآن الكريم.
    إنّه في مثل هذه الحالة يكون الكناية ، صيغة الجمع ، أبلغ من التصريح ـ بأن يأتي اللفظ بصيغة المفرد ، والذي آمن وصلّىٰ وتصدّق بخاتمه في الصلاة في الركوع أو آتىٰ الزكاة وهو راكع ـ والروايات تقول هو علي ، فيكون اللفظ وإن لم يكن صريحاً باسمه إلاّ أنّه أدل علىٰ التصريح ، أدل علىٰ المطلب من التصريح ، من باب الكناية أبلغ من التصريح. يختار السيد شرف الدين هذا الوجه (المراجعات : 263).
    ويؤيّد هذا الوجه رواية واردة عن إمامنا الصادق عليه‌السلام بسند معتبر ، يقول الراوي للإمام : لماذا لم يأت اسم علي في القرآن بصراحة بتعبيري أنا ، لماذا لم يصرّح الله سبحانه وتعالىٰ باسم علي في القرآن الكريم ؟ فأجاب الإمام عليه‌السلام : لو جاء اسمه بصراحة وبكلّ وضوح في القرآن الكريم لحذف المنافقون اسمه ووقع التصرّف في القرآن ، وقد شاء الله سبحانه وتعالىٰ أن يحفظ القرآن ( وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ).
    وهذه وجوه تذكر جواباً عن السؤال : لماذا جاءت الكلمة أو الكلمات بصيغة الجمع ؟
    ولعلّ أوفق الوجوه في أنظار عموم الناس وأقربها إلىٰ الفهم : أنّ هذا الإستعمال له نظائر كثيرة في القرآن الكريم ، وفي السنّة النبويّة ، وفي الإستعمالات الصحيحة الفصيحة ، ثم إن الروايات المعتبرة المتّفق عليها دلّت علىٰ أنّ المراد هنا خصوص علي عليه‌السلام.
    إذن ، مجيء اللفظ بصيغة الجمع لا بدّ وأن يكون لنكتة ، تلك النكتة ذكرها الزمخشري بشكل ، والطبرسي بنحو آخر ، والسيد شرف الدين بنحو ثالث ، وهكذا.
    وإذا راجعتم كتاب الغدير لوجدتم الشيخ الأميني رحمة الله عليه يذكر قسماً من الايات التي جاءت بصيغة الجمع وأُريد منها الشخص الواحد ، ويذكر الروايات والمصادر التي يُستند إليها في شأن نزول تلك الآيات الواردة بصيغة الجمع والمراد منها المفرد.
    فإذن ، لا غرابة في هذه الجهة.



    وإن قال قائل: كيف يصحّ أن يزكّي علي (عليه السلام) أثناء الصلاة وذلك ناقض لخشوعه بل منافٍ للصلاة ؟
    قلنا: بعد الفراغ من أن الآية جاءت في مقام المدح، وعاضدتها الأحاديث المعتبرة، فلا وجه لهذا الإشكال، ثم إنه قد ثبت أن الصلاة كانت من التطوّع وفيها يصحّ مثل هذا الفعل، بل لو كانت من الواجب لصحّ أيضاً ولما كان منافياً لأنه من الفعل القليل اليسير، فإنه (عليه السلام) قد أشار للسائل بإصبعه فنزع منه الخاتم لا أكثر، فهي إذن طاعة في طاعة، وقد تحرّك رسول الله (صلى الله عليه وآله) - كما في حديث ابن طاب - من مكانه أثناء الصلاة وحكّ نخامة رآها في المسجد ثم رجع القهقرى وبنى على صلاته كما هي، بل كان يصلي وهو يحمل أمامة بنت العاص بن الربيع على عاتقه كما رواه البخاري في صحيحه، وقتل ذات مرة عقرباً أثناء الصلاة كما رواه ابن ماجة في سننه، أفهل يقول جاهل بأن نبي الله (صلى الله عليه وآله) لم يكن خاشعاً في صلاته أو أتى بمنافٍ لها؟!
    فأذن لقد عُدّت هذه القضيّة عند الله ورسوله وسائر المؤمنين من مناقب أمير المؤمنين ، فلو كان لهذا الإشكال أدنىٰ مجال لمّا عدّ فعله من مناقبه.
    وثانياً : هذا الإلتفات لم يكن من أمير المؤمنين إلىٰ أمر دنيوي ، وإنّما كانت عبادة في ضمن عبادة.
    ولعلّ الأفضل والأولىٰ أنْ نرجع إلىٰ أهل السنّة أنفسهم ، الذين لهم ذوق عرفاني ، في نفس الوقت الذي هم من أهل السنّة ، ومن كبار أهل السنّة :
    يقول الآلوسي (روح المعاني 6 / 169) : قد سئل ابن الجوزي (1) هذا السؤال ، فأجاب بشعر ، وقد سجّلت الشعر ، والجواب أيضاً جواب عرفاني في نفس ذلك العالم ، يقول :
    يسقي ويشربُ لا تلهيه سكرتــهُ * عن النديم ولا يلهو عن الناسِ
    أطاعَهُ سُكــرُهُ حتّىٰ تمكّـن مــن * فعلِ الصحاةِ فهذا واحــدُ الناسِ
    هذا شعر ابن الجوزي الحنبلي ، الذي نعتقد بأنّه متعصّب ، لأنّه في كثير من الموارد نرىٰ أمثال ابن تيميّة والفضل ابن روزبهان وأمثالهما يعتمدون علىٰ كتب هذا الشخص في ردّ فضائل أمير المؤمنين ومناقبه ، أمّا في مثل هذا المورد يجيب عن السؤال بالشعر المذكور.
    أمير المؤمنين عليه‌السلام جمع في صفاته الاضداد ، هذا موجود في حال أمير المؤمنين ، وإلاّ لم يكن واحد الناس ، وإلاّ لم يكن متفرّداً بفضائله ومناقبه ، وإلاّ لم يكن وصيّاً لرسول الله ، وإلاّ لم يكن كفواً للزهراء البتول بضعة رسول الله ، وإلىٰ آخره.
    فحينئذ هذا الاشكال أيضاً ممّا لا يرتضيه أحدٌ في حقّ أمير المؤمنين ، بأن يقال : إنّ عليّاً انصرف في أثناء صلاته إلىٰ الدنيا ، انصرف إلىٰ أمر دنيوي.
    نعم وجدت في كتب أصحابنا ـ ولم أجد حتّىٰ الآن هذه الرواية في كتب غير أصحابنا ـ : عن عمر بن الخطّاب أنّه قال : تصدّقت بخاتمي أربعين مرّة ولم تنزل في حقّي آية.
    إذن هذا الاعتراض أيضاً لا مجال له.


    وأن قال قائل: أن الزمن مضارع فكيف تدل على حادثة في الماضي ؟
    قلنا:نجمع الجواب على شكل نقاط:

    الأول: إنّ الآية جاءت بصيغة الجملة الخبرية لا الإنشائية، وما يقرّب ذلك: إثبات الولاية لله ورسوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثمّ للذين آمنوا، ولا يصحّ إنشاء الولاية لله؛ فإنّها ثابتة وإنّما يُخبر عنها، بل إثباتها لرسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أيضاً؛ لأنّه من المفروض أنّ ولايته قد ثبتت قبل هذه الآية بثبوت الرسالة، فليكن إثباتها للذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون كذلك.
    وبعبارة أُخرى: إنّ الآية إرشادية بالنسبة لولاية الله ورسوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وإرشاد إلى علامة يعرف ويُميز بها الوليّ من الذين آمنوا، وهي: التصدّق أثناء الركوع، وهذه الميزة والعلامة فارقة للوليّ عن غيره من الذين ثبت لهم الإيمان المنصوص عليه في الآية. فتكون الآية على نحو القضية الخارجية المحقّقة الموضوع، لا القضية الحقيقية المقدّرة الموضوع الغالبة في الأحكام الشرعية.
    فليس كلّ المؤمنين أولياء، وإنّما الوليّ يكون من المؤمنين حصراً، وبالتالي فلا وجود لإنشاء حكم شرعي يثبت الولاية لكلّ من يتصدّق وهو راكع في الآية، فضلاً عن كونه غير معقول!

    الثاني: إنّ الآية أخبرت بثبوت الولاية لمن هو متأخّر في المرتبة عن الله ورسوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) طولاً، عن طريق ذكر صفات على شكل قيود بصيغة الجمع، فإنّ (( الَّذِينَ آمَنُوا )) جمع، ولكنّه يخرج غير المؤمن عن الولاية، و((الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ )) قيد آخر يخرج من ليس فيه هذه الصفة، ولكنّه بصيغة الجمع أيضاً.
    وبعبارة أُخرى: إنّ صيغ الجمع في الآية الدالّة على العموم غير مخصّصة، ولكنّها من جهة كونها قيود يترتّب أحدها على الآخر مقيّدة لإطلاق الموضوع، أو لنقل: إنّ إطلاق جمل القيود الواردة بصيغة الجمع مقيّد، فكلّ جملة يقيّد إطلاقها بالجملة التي تأتي بعدها وإن كانت بصيغة الجمع. وهو يرجع بالحقيقة إلى التخصّص في الموضوع لا التخصيص حتى يلزم على القول به تخصيص الأكثر، وهو قبيح.
    إذ قبح تخصيص الأكثر مسلّم عندما يكون مصبّ التخصيص، الأفراد الخارجية الداخلة تحت العموم فرداً فرداً، كما لو قال: كُل جميع الرمّان، وكان هناك مئة رمانة، ثم استثنى منها رمانة رمانة حتى تبقى واحدة، لا فيما إذا كانت القيود واقعة على المفهوم الكلّي حتى تضيّق نطاقه بمصداق خارجي واحد، كما لو قال: أكرم العالم العادل الفقير الزاهد الورع حتى لا يبقى إلاّ واحد.
    وقد قرّر العلاّمة المظفّر الإشكال بما يأتي: إنّ (( الَّذِينَ آمَنُوا )) صيغة جمع فلا تصرف إلى الواحد إلاّ بدليل، وقول المفسّرين: (( نزلت في عليّ )) لا يقتضي الاختصاص، ودعوى انحصار الأوصاف فيه مبنية على جعل (( وَهُم رَاكِعُونَ )) حالاً من ضمير (( وَيُؤتُونَ ))، وليس بلازم، بل يحتمل العطف؛ بمعنى: أنّهم يركعون في صلاتهم لا كصلاة اليهود خالية من الركوع، أو بمعنى: أنّهم خاضعون(شرح المقاصد 2: 289، شرح تجريد العقائد: 369).
    وأجاب: وفيه أنّ (الحالية) متعينة لوجهين:
    الوجه الأوّل: بُعد الاحتمالين المذكورين؛ لاستلزام أوّلهما التأكيد المخالف للأصل، لأنّ لفظ (( الصَّلاةَ )) مغن عن بيان أنّهم يركعون في صلاتهم؛ لتبادر ذات الركوع منها، كما يتبادر من الركوع ما هو المعروف، فيبطل الاحتمال الثاني أيضاً.
    الوجه الثاني: إنّ روايات النزول صريحة بـ(الحالية)، وإرادة الركوع المعروف... ثمّ ذكر عدّة روايات، إلى أنّ قال: إلى غير ذلك من الأخبار التي لا تحصى، الصريحة في الحالية وإرادة الركوع المعروف الدالّة على أنّ المراد تعيين أمير المؤمنين(عليه السلام) لهذه الأوصاف، كما لا ريب بإرادة المفسّرين اختصاص الآية بأمير المؤمنين(عليه السلام)؛ لأنّ تفسيرهم مأخوذ من هذه الروايات ونحوها(دلائل الصدق 4: 308 تعيين إمامة عليّ(عليه السلام) بالقرآن).
    وأنت تلاحظ تصريحه بالاختصاص دون التخصيص.

    الثالث: وبملاحظة أنّ المراد من الولاية في الآية هي: ولاية الأمر، بمعنى منصب الحكومة (وإثبات ذلك في محلّه)، وأنّ العقل لا يجوّز ثبوتها لأكثر من واحد في وقت واحد عرضاً، مع تجويزه لذلك طولاً (وهو مفاد آخر للآية)، وملاحظة ورود الآية بصيغة الخبر، وذكر عدّة قيود متراتبة تضيّق الموضوع، خاصّة مع ورود لفظة (( وَلِيُّكُمُ )) مفردة في الآية، ودخولها على لفظين مفردين (الله ورسوله)، ثمّ العطف بالجمع (( الَّذِينَ آمَنُوا )) وما فيه من المقابلة بين الإفراد والجمع، يؤدّي إلى أن يفهم المخاطبين اختصاص الآية بواحد متعيّن، وأنّه لا بدّ من وجود قيد أو قيود تشخّصه في الخارج ولم تذكر اسمه لحكمة، وهو ما فهمه الصحابة على ما ورد في بعض الروايات وطلبوا من النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذكر هذه القيود المشخّصة، وذلك بأن سألوه تعيين هذا الشخص الذي تثبت له الولاية من الآية في الخارج، وهو ما فعله النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم).
    فقد نقل صاحب (تفسير البرهان) عن الصدوق بإسناده: (( عن أبي الجارود، عن أبي جعفر(عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا )), قال: إنّ رهطاً من اليهود أسلموا منهم عبد الله بن سلام وأسد وثعلبة وابن ياسين وابن صوريا، فأتوا النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقالوا: يا نبيّ الله! إنّ موسى أوصى إلى يوشع بن نون، فمن وصيّك يا رسول الله؟ ومن وليّنا بعدك؟ (لاحظ سؤالهم عن شخص معيّن).
    فنزلت هذه الآية: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ )), قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (قوموا). فقاموا وأتوا المسجد، فإذا سائل خارج، فقال(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (يا سائل! هل أعطاك أحد شيئاً؟) (لاحظ فهم أهل اللغة من إرادة واحد معيّن في الآية).
    قال: نعم، هذا الخاتم.
    قال: (من أعطاكه؟).
    قال: أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلّي.
    قال: (على أيّ حال أعطاك؟) (لاحظ السؤال عن الحال المفهم من أنّ الواو في (ويؤتون) حالية).
    قال: كان راكعاً. فكبّر النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكبّر أهل المسجد، فقال النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (عليّ وليّكم بعدي). (وهذا تصريح بالاختصاص).
    قالوا: رضينا بالله ربّاً وبمحمد نبيّاً وبعليّ بن أبي طالب وليّاً.
    فأنزل الله عزّ وجلّ: (( وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزبَ اللّهِ هُمُ الغَالِبُونَ )) (المائدة:56) ))( تفسير البرهان 3: 423 سورة المائدة، قوله تعالى: ((إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ... )) ).
    ومن الواضح فهم الصحابة للاختصاص من هذه الآية بعد معايشتهم الحال وسماع اللفظ، حتى أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) احتجّ عليهم بهذا في حديث المناشدة المشهور عن أبي ذرّ في يوم الشورى، كما أورده الشيخ في المجالس(أمالي الطوسي: 545 حديث (1168) مجلس يوم الجمعة السادس والعشرين من محرّم سنة سبع وخمسين وأربعمئة)!
    ومع أنّا لا نحصر بيان هذا القيد المشخّص للمعنيّ في الخارج عن طريق النقل؛ إذ لا يمنع معرفته عن طريق العقل، وذلك بعد إدراك أنّ الولاية لا تثبت إلاّ للمعصوم، فلا بدّ أن يكون هو المعنيّ بالآية، ولكن ذلك قد يكون لازم غير بيّن من الآية، ومن البعيد أن يتعبد الشارع جمهور المكلفين به وحده؛ فإنّ إدراك ذلك قد يقصتر على القليل منهم ويخفى على جمهور المكلّفين، فتمسّ الحاجة إلى البيان النقلي الصريح وعدم الاكتفاء بدلالة العقل، وهو ما فعله النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالتصريح باسم عليّ(عليه السلام)، وتشخيصه في الخارج وأمام الناس في المسجد، حسب ما ورد في الروايات، بحيث لم يبق مجال للمنكر إلاّ الجحود والمكابرة.

    الرابع: ونستطيع أن نقول: أنّه لو كان كلامنا في الآية بلحاظ عالم الثبوت، فإنّ العقل، بل حكم العقلاء، لا يجوّز ثبوتها لأكثر من واحد في وقت واحد عرضاً، وإن جوّزه طولاً، إنّ هذا الواحد لا بدّ أن يتّصف بالعصمة مع أنّ العصمة ملكة باطنية لا تُعلم إلاّ بالإخبار، فإدراك هذا المعنى من قبل بعض ذوي الفطنة أو عن طريق الفطرة يؤدّي بهؤلاء إلى البحث عنه والمطالبة بالدلالة والنص عليه، ويكفيهم في هذا انطباق الصفة والعلامة الواردة على شكل معرف جمعي في الآية، أي: (( الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ )).
    وأمّا لو كان كلامنا بلحاظ عالم الإثبات، الذي هو الطريق الأقرب إلى أكثر الناس، فإنّ النصّ من رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) على انطباق الآية على عليّ(عليه السلام) يكون القيد الأخير المشخّص والمعيّن من سلسلة القيود المذكورة في الآية، والتي تعالج ناحية الإطلاق وإن بقي العموم على عمومه في هذه القيود لنكتة سوف نشير إليها، فيكون الدليل مقيّداً بقيدين: قيد من نصّ القرآن، وقيد من السُنّة، وهو ما ورد من أحاديث اختصاص عليّ(عليه السلام) بهذه الآية.


    وورود أخبار أو إنشاء (تشريع) في آيات القرآن على شكل معرّف جمعي، أو قيد جمعي، ولا يكون له إلاّ مصداق واحد في الخارج ليس بعزيز في الكتاب الكريم.
    وقد ذكر بعضهم أنّ النكتة في ورود اللفظ بصيغة الجمع، هي: لبيان أنّ مثل هذه المقامات العالية لا يمكن الحصول عليها إلاّ بالمجاهدة والإخلاص في العمل، أو: للترغيب في مثل هذا العمل.
    ولعلّنا نستقرب نكتة أُخرى، وهي: إدخال بقية الأئمّة(عليهم السلام) في الآية، كما ورد في بعض الروايات من أنّهم كلّهم تصدّقوا في أثناء الصلاة، ويكون النصّ عليهم هنا أيضاً مقيّداً للإطلاق في الآية بهم(عليهم السلام)، فالإطلاق الشامل للبعض، وهو: المؤمنين المتصدّقين ورد في القرآن، وتقييده لبيان الأشخاص المستحقّين للولاية يكون من السُنّة؛ فتأمّل!
    والكلام نفس الكلام في حديث الدار من ورود قيود عديدة ثمّ ذكر القيد الأخير لها على لسان النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعد أن قام عليّ(عليه السلام) وقبل النصرة له، مع وضوح الأمر أكثر فيه؛ لأنّه لم يرد المعرّف فيه على صفة الجمع، إذ قال النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (من يؤازرني...) الحديث..
    ومع ملاحظة معقولية كون القيود المذكورة فيه علّة تامّة لتسنّم منصب الإمامة، بخلافه في الآية: إذ أقصى ما يمكن تعقّله كون التصدّق في أثناء الركوع جزء العلّة .

    فالمتحصّل إذن مما تقدّم، أن آية الولاية من المحكم، وهي نصّ على ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) ووجوب طاعته، وهذا هو معنى الإمامة، وهي أصل من أصول الدين، لأنه بعد الفراغ من كون الولاية واحدة، فإن رفض ولاية الإمام يكون رفضاً لولاية الرسول ويكون تالياً لرفضاً لولاية الله تبارك وتعالى، ثم إن آية إكمال الدين تفيد ذلك أيضاً، إلى غيرها من الآيات والروايات.



    وحتى لو تنزّلنا عن كون الإمامة من أصول الدين بدواً، فإن المسلم بعدما يمتثل إلى الأوامر الإلهية والنبوية في القرآن والسنة بالرجوع إلى أهل البيت (عليهم السلام) وأخذ الدين منهم؛ سيجدهم قد نصّوا في أحاديثهم وتعاليمهم على أن الإمامة أصل من أصول الدين، فيلزمه إثر ذلك التسليم حتى ولو كان بناؤه أولاً على أن الإمامة فرع لا أصل، فالمهم هو النتيجة.

    __________________________________________________ ___________________________

    (1) ابن الجوزي هذا جدّ سبط ابن الجوزي ، وإنّما نبّهنا على هذا ، لأنّه قد يقع اشتباه بين ابن الجوزي وسبط ابن الجوزي ، فالمراد هنا : أبو الفرج ابن الجوزي الحنبلي الحافظ ، صاحب المؤلّفات الكثيرة ، المتوفى سنة 597 هـ‍
    __________________________________________________ ___
    الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين .
    ودمتم في رعاية الله
    تـبكيك عينـي لا لأجل مثوبة *** لـكنــما عـيـنـي لأجـلـك بـاكـيه
    تـبتل مـنكـم كــربـلا بـدم ولا *** تـبـتـل مـني بـالـدمـوع الجاريه
    أنـست رزيـتكم رزايـانا التي *** سـلـفـت وهـونت الرزايا الآتيه
    وفـجـائـع الأيــام تـبـقـى مــدة *** وتـزول وهـي إلى القيامة باقيه

    للتواصل معنا عبر صفحتنا في الفيس بوك بالضغط على
    الحسيني

    تعليق


    • #3
      احسنت جهد مشكور جعله الله في ميزان حسناتك

      تعليق


      • #4
        أحسن الله لكم أستاذنا المكرم نورتم موضوعنا شاكراً مروركم الكريم وردكم على الموضوع
        تـبكيك عينـي لا لأجل مثوبة *** لـكنــما عـيـنـي لأجـلـك بـاكـيه
        تـبتل مـنكـم كــربـلا بـدم ولا *** تـبـتـل مـني بـالـدمـوع الجاريه
        أنـست رزيـتكم رزايـانا التي *** سـلـفـت وهـونت الرزايا الآتيه
        وفـجـائـع الأيــام تـبـقـى مــدة *** وتـزول وهـي إلى القيامة باقيه

        للتواصل معنا عبر صفحتنا في الفيس بوك بالضغط على
        الحسيني

        تعليق

        يعمل...
        X