النفس المطمئنة
اللهم صل على محمد وال محمد
ذكر علماء الأخلاق، درجات و مراتب مختلفة للتّوبة و التّائبين
منها
اُولئك التّائِبون الذين لا يقلعون عن الذنوب ولا يتأسفون على ما فعلوا حيث وقفوا عند مرحلة النّفس الأمّارة
وهذا ما تحدثنا عنه في الفصل الاول وهؤلاء عاقبتهم غير معلومة أصلاً فَمِن المُمكن أن
يعيش حالةَ التّوبة في آخر أيّام حياته و تكون عاقبته الحُسنى ولكنّ الطامّة الكبرى عندما يتفق موتهم مع
معاودتهم للذنب وهناك ستكون عاقبتهم السّوآى و فيها الخُسران الأبدي
التّائبون بحق الّذين يستمرون في طريق الحقّ و الطّاعة و يتحرّكون في خطّ الإستقامة ولكن الشّهوات
تغلبهم أحياناً فيكسرون طوق التّوبة و يرتكبون بعض الذّنوب من موقع الشّعور بالضّعف أمامها ولكنّهم لا يقعون في
هذا الخطأ من موقع الّتمرد و الجُحود و العِناد على وعي الموقف بل من موقع الغفلة
و الإندفاع العفوي في حالات الضّعف الّتي تفرزها حالات الصّراع مع النّفس الأمّارة وهذا ماتحدثنا
عنه في الفصل الثاني وهؤلاء يحدثون أنفسهم بالتّوبة من قريب وهم قد وصلوا إلى مرحلة
النّفس اللّوامة و الأمل بنجاتهم أقوى.1
يجب على المرء طي هذه المقدمات حتى يصل الى أعلى درجات الكمال ويبلغ النفس المطمئنة
وعليه لابد ان تكون مسلكيته صحيحة وفق موازين الشريعة فلا يرتكب
الحرام ولا يهمل الواجبات ويكون صاحب ارادة قوية لان البدن تابع لتك الارادة والا يكون بدنك
ضعيف فقوي الايمان لا يشعر بالمشقة اما ضعيف الايمان
يشعر بالتعب والمشقة وتقوى الارادة بالتوكل على الله تعالى دون غيره من الخلق والاسباب فهو مسبب الاسباب
ومن اجمل صور التوكل ما روي عن ابراهيم الخليل
(عليه السلام )
ولما غلب قومه أزمعوا على إهلاكه فجمعوا الحطب حتى إن الرجل ليمرض فيوصي
بماله يشترى به حطب لإبراهيم ثم أشعلوا نارا عظيما كادت الطير تحترق في الجو من وهجها ثم وضعوه
في المنجنيق مقيدا مغلولا فرموا به فيها وذكر أن جبرائيل ( عليه السلام ) قال له حين رمي به : هل لك
حاجة قال : أما إليك فلا قال : فاسأل ربك قال : حسبي من
سؤالي علمه بحالي .فحسرت النار
عنه وإنه لمختبئ ومعه جبرائيل ( عليه السلام ) وهما يتحدثان في روضة خضراء 2
( كونى بردا وسلما ) 3
وبعد التوكل نصل الى
التوّابون الذين يجتنبون كَبائِر الإثم و يتمسّكون باُصول الطّاعات ولكنهم قد يقعون
في حبائل المعصية لا عن قصد و عمد ولذلك يتوبون مباشرةً عن الذّنب فيلومون أنفسهم و يعزمون على التّوبة
والعودة إلى خطّ الإستقامة بإستمرار و يعيشون حالة الإبتعاد عن الذّنب دائماً
وهنا نطرح سؤلنا هل هؤلاء يصلون الى النفس المطمئنة
اولاً
لابد ان نعرف ماهي النفس المطمئنة
هي
آخر مراتب الكمال البشري والتي يصل اليها البشر من خلال تهذيب الروح لاخراجها
من عالم الامارية الى عالم الوامية ومن ثم السعي للتشبه بتلك النفوس المطمئنة والتي وصل اليها الانسان
بعد التصفية والتهذيب الكامل الى ان يسيطر على غرائزه
ويروضونها فلا يجد القدرة للمواجهة مع العقل والايمان لان العقل والايمان بلغا درجة من القوة بحيث لا تقف امامهما الغرائز
الحيوانية
ونتائج الاطمئنان
هو السكنية اي سكينة النفس وهدوئها فليس هناك اضطراب ابداً هناك عبادة لله تعالى بحيث اذا ملكوا الدنيا
بما فيها ثم زال عنهم دفعة واحدة فكأنه مثل ريشة كانت معلقة بهم وازالتها عنهم الرياح
فليس لذلك اي اثر في نفوسهم
بعد ان وصلنا الى اخر المطاف نقول ان كل انسان يمني النفس بان تصل الى هذه المرحلة
والذي
ارجوه ان اكون قد وفقة بما طرحته بين يدي القارئ الكريم
وقبل المغادرة اقول لك ايها القارئ الكريم ان لهذه النفس
مصاديق وجدناهم مثل لنا في الحياة
فابحث عنهم في طيات ذهنك
او في طيات الكتب التي
عندك
وارجو ان لااثقل عليك بسؤالي ايها الكريم
من هم مصايق النفس المطمئنة اذكرها مع ذكر الاية الشريفة الناطقة بها
وآخر دعونا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام
على محمد وآله الطيبين اطاهرين
اعداد امة الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الاخلاق في القرآن ج1
2 - تفسير جوامع الجامع ج2
3 - سورة اية 69
تعليق