إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

العجز عن ذكر فضائل أمير المؤمنين علي سلام الله عليه / القسم الثاني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العجز عن ذكر فضائل أمير المؤمنين علي سلام الله عليه / القسم الثاني




    الإمام علي عليه السلام شبيه الأنبياء ( على نبينا وآله وعليهم السلام )
    ما رواه البيهقي في كتابه باسناده عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب فأثبت له ما تفرّق فيهم من الفضل والكمال، الذي هو المراد من كلّ واحد منهم، إذ تخصيص الشيء بالذكر وإن لم يدلّ على نفيه عمّا عداه، لكن يدلّ على أنّه المراد دون غيره، وإلاّ لما كان في ذكره فائدة، فجلّ من أنعم عليه بالعلم، والخلق، والعُلى، وجمع فيه ما تشتّت في الخلق والورى.
    وليس لله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد
    كماله عليه السلام
    دلّ العقل وأطبق النقل أنّ الكمال قسمان: علميّ وعمليّ، والكمال العلميّ أفضل وأكمل، لما تقرّر في موضعه، ولأنّه الأصل، ولقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: فكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة.
    وأمير المؤمنين عليه أفضل الصلوات وأكمل التحيّات، بلغ الغاية في الكمالين، وتجاوز النهاية في القوّتين.
    1- الكمال العلمي له عليه السلام:
    قوله عليه السّلام: لقد اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوى البعيدة.
    وذلك يدلّ على اختصاصه بعلوم ليس في قوى غيره من الصحابة الوصول إليها.
    وقوله عليه السّلام: انّ هاهنا لعلماً جمّاً لا أجد له حملة ـ وأشار إلى صدره ـ.
    وهو يدلّ على وصوله في العلم إلى مرتبة لا يمكن لأحد من جميع المخلوقات من الملائكة والبشر الوصول إليها، سوى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم; لكونه نفسه بآية المباهلة.

    و الحديث الشريف « أقضاكم عليّ » هو دليل قاطع على أعلميّته عليه السلام لانّ القضاء يستلزم العلم ولا ينفك عنه

    2- كماله العملي عليه السلام:
    وأما الكمال العمليّ، وهو العبادات الخمس: الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد، فقد أتى بها جميعها، وبلغ الغاية في كلّ واحدة منها، فمن جملتها حينئذ الجهاد، وقد نقل المؤرخون أنّ مبارزاته عليه السّلام كانت اثنتين وسبعين مبارزة، واحدة منها قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في حقّها: "لمبارزة عليّ عمرو بن [عبد] ود العامري، أفضل من عمل أُمّتي إلى يوم القيامة".

    قسماً، من أصل خمسة أقسام، من أصل قسمين، أفضل من عمل الأمة، والعمل يدخل فيه العلم أيضاً; لأنّه عمل نفساني، فيكون هذا القسم بحكم قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم، أفضل من علوم جميع أُمّته وأعمالهم إلى يوم القيامة.


    إن لأمير المؤمنين عليه السلام قسم فضائله أربعة أقسام

    إمّا أن تكون ثابتة له قبل وجوده وخلقته،

    أو حال حصوله وولادته،

    أو من بعد ذلك إلى وقت وفاته،

    أو بعد مُضيّه وحياته، فالأقسام حينئذ أربعة.




    الأول: الفضائل الثابتة له قبل وجوده وخلقته


    وهي كثيرة، ومن كتاب المناقب، قال:

    قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: كنت أنا وعليّ نوراً بين يدي الله عزّ وجلّ من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف سنة، فلمّا خلق الله تعالى آدم، سلك ذلك النور في صلبه، فلم يزل الله تعالى ينقله من صلب إلى صلب حتّى أقرّه [فيصلب عبد المطلب ثم أخرجه من صلب عبد المطلب، فقسّمه قسمين، قسماً في صلب عبد الله، وقسماً في صلب أبي طالب.

    فعليّ منّي وأنا منه، لحمه لحمي، ودمه دمي، فمن أحبّه فبحبّي أحبّه، ومن أبغضه فببغضي أبغضه.

    ومنها ما رواه أخطب خوارزم، عن عبد الله بن مسعود، قال:
    قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: لما أن خلق الله تعالى آدم عليه السّلام، ونفخ فيه من روحه، عطس آدم
    فقال: الحمد لله.
    فأوحى الله تعالى إليهحمدني عبدي، وعزّتي وجلالي لولا عبدان أُريد أن أخلقهما في دار الدنيا ما خلقتك.
    قال: إلهي فيكونان منّي؟
    قال: نعم يا آدم، إرفع رأسك وانظر، فرفع رأسه فاذا مكتوب على العرش: "لا إله إلاّ الله، محمّد نبيّ الرحمة، وعليّ مقيم الحجّة، ومن عرف حق عليّ زكى وطاب، ومن أنكر حقّه لُعن وخاب، أقسمت بعزّتي أن أُدخل الجنّة من أطاعه وإن عصاني، وأقسمت بعزّتي أن أُدخل النار من عصاه وإن أطاعني
    الثاني: ما ثبت له من الفضائل حال وجوده وولادته
    ولد أمير المؤمنين عليه السّلام يوم الجمعة، الثالث عشر من رجب، سنة ثلاثين من عام الفيل، ولم يولد قبله ولابعده مولودٌ في بيت الله الحرام سواه، إكراماً له من الله عزّ اسمه، واجلالا لمحلّه في التعظيم.والقصة مذكورة في جميع كتب حياته عليه السلام تفصيلاً
    ونوله عليه السلام الفضل من الله تبارك وتعالى في أشتقاقه أسماً له عليه السلام من أسمائه تعالى فضيلة أخرى له عليه السلام
    قالت مولاتنا فاطمة بنت أسد عليها السلام فلمّا أردت أن أخرج هتف بي هاتف: يا فاطمة سمّيه عليّاً، فهو عليّ، والله العليّ الأعلى يقول: [انّي] شققت اسمه من اسمي، وأدّبته بأدبي، وأوقفته على غامض علمي، وهو الذي يكسر الأصنام في بيتي، ويؤذّن فوق ظهر بيتي، ويقدّسني، ويمجّدني، فطوبى لمن أحبّه وأطاعه، وويلٌ لمن أبغضه وعصاه".
    [قالت: فولدت عليّاً ولرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثلاثون سنة، فأحبّه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حبّاً شديداً، وقال لها: اجعلي مهده بقرب فراشي.
    وكان صلّى الله عليه وآله وسلّم يلي أكثر تربيته، وكان يطهّر عليّاً في وقت غَسله، ويُوجره اللبن عند شربه- أي يجعل اللبن في فيه ، ويحرّك مهده عند نومه، ويناغيه في يقظته، ويحمله على صدره، ويقول: هذا أخي، ووليّي، وناصري، وصفيّي، وخليفتي، وكهفي، وصهري وزوج كريمتي، وأميني على وصيّتي.
    وكان يحمله على كتفه دائماً، ويطوف به جبال مكّة وشعابها وأوديتها
    الثالث: الفضائل الثابتة له إلى حين وفاته عليه السّلام
    وهي شيئان، لأنّ الفضائل إمّا أن تكون حاصلة للشخص باعتبار آثاره وأفعاله، وإمّا أن لا تكون حاصلة له بهذا الاعتبار، بل بأسباب خارجة عنه، فهاهنا بابان:

    الباب الأول: في الفضائل المكتسبة من الفعل والأثر
    وتقريرها أن نقول: أصول الفضائل كلّها، نفسانيّةً كانت أو بدنيّةً، كما تقرّر في موضعه أربعة: العلم والعفّة والشجاعة والعدالة، وأمير المؤمنين عليه السّلام بلغ في هذه الأصول الغاية، وتجاوز النهاية.
    وأن مطالعة كتاب نهج البلاغة والتدبر في كلامه عليه السلام يجد القمة والأخلاق الرفيعة والكامله للقائد والأب المثالي لهذه الأمة
    فمثلاً التدبر في كلامة عليه السلام في كتابه لعثمان بن حنيف أو لمالك الأشتر أو وصف صبره في الخطبة الشقشقية وكيفية تصرفه بحكمة وحنان مع جميع عناصر مجتمعه ، وغيرها وغيرها
    فعن عفته عليه السلام
    جاء في نحو كتابه إلى عثمان بن حنيف الأنصاري وقد كان عامله بالبصرة، وقد بلغه أنّه دُعي إلى وليمة قوم فأجاب إليها، وقوله فيه:
    "... فانظر يا ابن حنيف إلى ما تقضمه من هذا المقضم، فما اشتبه عليك علمه فالفظه، وما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه.
    ألا وإنّ لكلّ مأموم إماماً يقتدي به، ويُستضاء بنور علمه، ألا وإنّ أمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه، ألا وإنّكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد، وعفّة وسداد
    شجاعته عليه السلام]

    وكان جهاده عليه‏ السلام وشجاعته وعظيم بلائه في الحروب والغزوات اكثر من جميع المسلمين ، ولم يصل أحد الى درجته ومرتبته: فالخوض في إثباتها يجري مجرى ايضاح الواضحات، وتقرير البديهيات فانّه لا خلاف بين جميع المسلمين وغيرهم أنّ علياً عليه السّلام كان أشجع الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأعظمهم بلاءً في الحروب، وتعجّبت من حملاته ملائكة السماء،، فقد قتل في غزوة بدر الكبرى ـ وهي اول غزوة امتحن اللّه‏ تعالى بها المؤمنين ـ الوليد وشيبة والعاص وحنظلة وطعمة ونوفل وغيرهم من صناديد العرب وشجعان المشركين وفرسانهم ، حتى قَتَلَ نصف المشركين في تلك المعركة بيده عليه‏السلام ، والنصف الاخر بيد المسلمين والملائكة التي نزلت لنصرتهم
    وثبت في غزوة احد ولم يفرّ ، وبقي محاميا عن الرسول صلى‏ الله‏ عليه ‏و‏آله يردّ عنه الاعداء حتى أُثخن بالجراح ، وقتل أبطال المشركين وصناديدهم ، فنادى جبرئيل عليه‏ السلام بين الارض والسماء ( لا فتى ألا علي ولاسيف ألا ذو الفقار)
    وقال رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ عليه‏ و‏آله في حقّه يوم الاحزاب الذي قتل عليه‏ السلام فيه عمرو بن عبد ود فوقع الفتح والظفر للمسلمين : ضربة عليّ يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين
    وفي غزوة خيبر قتل مرحبا اليهودي ، وأخذ باب الحصن فقلعها بيده الشريفة وقذفها مسافة اربعين ذراعا ، فلم يقدر على رفعها اربعون نفرا
    وفي غزوة حنين خرج رسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه ‏و‏آله في عشرة الاف مقاتل ، فتعجب أبوبكر من كثرتهم فحسدهم ، فانهزموا كلّهم ولم يبق مع الرسول صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏آله الا نفر كان على رأسهم عليّ بن أبي طالب عليه‏ السلام ، فقتل أبو جرول فانهزم المشركون ، ورجع المسلمون المنهزمون
    وقس على هذا باقي الغزوات والحروب التي ضبطها أرباب السير والتاريخ ، فالمتتبع لها يعلم كثرة جهاده عليه‏ السلام في اللّه‏ وشجاعته وعظيم بلائه في تلك الغزوات
    .وبالجملة فشجاعته مشهورة عند جميع الناس، حتّى صارت تُضرب بها الأمثال


    عدالته عليه السلام]
    وأما العدالة: فقد بلغ عليه السّلام فيها الغاية القصوى، ويكفيك في التنبيه عليها كلامه في نهج البلاغة أيضاً لأخيه عقيل الذي لم يكن عنده أحدٌ أحبّ إليه منه، وهو قوله:
    "والله لئن أبيت على حَسَك السعدان أي :كأنّه يريد من الحسك ، الشوك ، والسعدان : نبت ترعاه الابل له شوك تشبه به حلمة الثدي، مسهّداً والمسهّد ـ من سهّده ـ : إذا أسهره.
    ، وأُجَرّ في الأغلال مصفّداً المصفّد: المقيّد.، أحبّ إليّ من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد، أو غاصباً لشيء من الحطام، وكيف أظلم أحداً لنفس يُسرع إلى البلى قُفُولها رجوعها، ويطول في الثرى :أي التراب .
    حلولها.
    في كثرة جوده وسخائه سلام الله عليه
    وهذا المطلب أشهر من أن يذكر ، كان عليه‏ السلام يصوم نهاره ويقوم ليله ويبيت جائعا ويتصدق بقوته على المساكين ، فنزلت سورة هل أتى في حقه ، ونزلت أيضا هذه الآية الكريمة في شأنه :
    « الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَلَهُم بَالَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ » .
    كان عليه‏ السلام يعمل ويستأجر نفسه ثم يتصدق بأجرته للمساكين والفقراء ، ويشدّ هو الحجر على بطنه من شدة الجوع ، ويكفينا ما شهد به معاوية ـ ألدّ أعدائه ، والفضل ما شهدت به الاعداء ـ قال : لو كان لعليّ بيتان بيت من تبر وبيت من تبن لتصدق بتبره قبل تبنه .
    حلمه وعفوه وعلمه حتى بعد أستشهاده عليه السلام
    عنّ أحد نقباء أهل السنة رأى أمير المؤمنين عليه‏ السلام في المنام ، فقال له : يا أمير المؤمنين لقد أعطيتم الأمان للناس يوم الفتح ، وقلتم من دخل دار ابي سفيان فهو آمن فقد أحسنتم إليه هذا الإحسان العظيم ، لكن تعامل إبنه معكم بأسوء المعاملة ، حيث قتل إبنك الحسين في كربلاء وفعل ما فعل .
    فقال له أمير المؤمنين عليه‏ السلام : ألا سمعت أشعار إبن الصيفي ؟
    قلت : لا ،
    قال : خذ جوابك منه .
    قال : فلمّا انتبهت من نومي ذهبت الى دار ابن الصيفي المعروف بالحيص وبيص فذكرت له رؤياي ، فلمّا سمعها شهق وبكى بكاءا شديدا
    ثم قال : أما واللّه‏ قد نظمت هذه الاشعار التي أشار إليها أمير المؤمنين عليه‏ السلام هذه الليلة ، ولم يسمعها أحد منّي ولم أكتبها لأحد ، ثم أنشدها وهي :
    ملكنا فكان العفو منّا سجيّة
    ولما ملكتم سال بالدم أبطح
    وحلّلتم قتل الأسارى وطالما
    غدونا على الأسرى فنعفو ونصفح
    وحسبكم هذا التفاوت بيننا
    وكل اناء بالذي فيه يرشح

    وهذا المطلب أوضح من الشمس حتى انّ أعداءه عابوا عليه كثرة دعابته ، وكان عمرو بن العاص يقول : انّ عليّا كان كثير الدعابة والمزاح ، وقد أخذ عمرو هذا الكلام
    من عمر ، فقد جعلها عمر عيبا على أمير المؤمنين عليه ‏السلام كي لا يسلّم إليه الخلافة .
    قال صعصعة بن صوحان وغيره في وصفه عليه ‏السلام : كان فينا كأحدنا لينُ جانبٍ ، وشدّةُ تواضعٍ ، وسهولةُ قيادٍ ، وكنّا نهابه مهابة الاسير المربوط للسيّاف الواقف على رأسه .وقال معاوية لقيس بن سعد : رحم اللّه‏ أبا حسن فلقد كان هشّا بشّا ذا فكاهة ، قال قيس : نعم كان رسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏آله يمزح ويبتسم
    الى أصحابه وأراك تسرّ حسوا في ارتغاءٍ وتعيبه بذلك ، أما واللّه‏ لقد كان مع تلك الفكاهة والطلاقة ، أهيب من ذي لبدتين قد مسّه الطوى ، تلك هيبة التقوى وليس كما يهابك طغام أهل الشام

    « فصاحته وبلاغته عليه السلام»
    كان عليه‏ السلام امام الفصحاء وسيد البلغاء ، وقد ظهر هذا الأمر حتى ان معاوية قال في حقه : فو اللّه‏ ما سنّ الفصاحة لقريش غيره .
    وقد وصف كلامه الفصحاء والبلغاء بانّه دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق ، وكتابه نهج البلاغة أقوى حجة على هذا المطلب ، ولا يدرك أحد مغزى بلاغته ودقائق حكمته الا اللّه‏ ورسوله ..
    وأما علمه وحكمته
    فلا يدركهما احد سوى اللّه‏ ورسوله ، وليس بالامكان شرحهما مفصلاً ، وقد ذكرنا نبذا منها ، فعروجه عليه ‏السلام الى معارج العلم والحكمة من
    دون معلّم ومدرس ـ بحيث لا يتمنّى أحد نيل تلك الدرجة ـ من المعاجز الظاهرة الجليّة .

    أما جوده وسخاؤه عليه‏ السلام
    فانّه انفق كل ما حصل عليه ، وبات ثلاث ليال مع زوجته فاطمة وإبنيه الحسن والحسين عليهما السلام دون ان يفطروا على شيء ، وتصدقوا بطعامهم للمسكين واليتيم والأسير .
    وانفق عليه‏ السلام في ركوعه خاتما ثمينا ، وقد انزل اللّه‏ تعالى في شأنه وشأن أهل بيته سورة هل أتى وآية « انما » ، وذكرنا فيما سبق عتقه ألف مملوك بكدّ يمينه ورشح جبينه

    أما عبادته وزهده عليه‏ السلام
    فباتفاق العلماء انّه سيد العابدين ، وقد قنع طوال عمره بخبز الشعير ، ولم يتجاوز ادامه الخل والملح الجريش ، وكانت له تلك القوة مع هذا
    القوت القليل وقد أشرنا اليها ، فهذه معجزة اخرى له لأنها خارجة عن حد البشر ، وقس على هذا عفوه وحلمه ورحمته وشدّته ونقمته وشرفه
    وتواضعه التي يقال فيها « جمع بين الأضداد وتأليف بين الأشتات » .

    « في معجزاته الباهرة »

    إعلم انّ المعجزة هي اظهار أمر من شخص خارج عن قدرة البشر ، ويكون خارقا للعادة ، بحيث يعجز الناس عن الإتيان بمثله ، لكن لا يجب
    على ذي المعجزة ان تكون معاجزه ظاهرة دائما ، وكذا لا يجب انّه كلّما رُئي صاحب المعجزة رُئيت المعجزة منه ، بل يُظهر معجزته اذا تحدّاه
    أحد أو طُلب منه اظهارها .

    أما أمير المؤمنين عليه‏ السلام فقد لازمته الكثير من معاجزه ولم تكن منفكة عنه ، وكان يراها الصديق والعدو ، ولم يتمكن أحد من إنكارها ، وهي أكثر من أن تحصى ، منها شجاعته وقوته عليه‏ السلام وقد اتفق على انّه كرّار غير فرّار وغالب غير مغلوب ، وهذا الأمر منجلٍ لمن نظر
    الى حروبه وغزواته من قبيل بدر ، وأحد ، وحروب البصرة وصفين وغيرها .
    وقد قتل عليه‏ السلام من الأعداء ليلة الهرير أكثر من خمسمائة نفر وقيل تسعمائة نفر ، وكان يكبّر في كل ضربة يضربها ، ومن المعلوم انّ
    سيفه عليه‏ السلام ينزل على الدروع والخوذ الحديدية فيقدّها قدّا ويقتل صاحبها . فهل يقدر أحد على هذا ؟ مضافا الى انّ أمير المؤمنين عليه‏
    السلام لم يكن في صدد اظهار معجزة أو خرق عادة في هذه الغزوات والحروب ، بل هذه الشجاعة والقوة كانت ملازمة لوجوده الشريف غير منفكة عنه .
    وقد ذكر إبن شهر آشوب قضايا كثيرة في قوته عليه‏ السلام ، كنتره للقماط في طفولته ، وقتله الحية بيده وهو في المهد ، وأخذه عنقها وادخال
    أصابعه فيه حتى ماتت ، فسمّته امّه حيدرة ، وكان منه عليه‏ السلام في ضرب يده في الأسطوانة حتى دخل ابهامه في الحجر وهو باق في الكوفة ، وكذلك مشهد الكف في تكريت والموصل ، وأثر سيفه في صخرة جبل ثور عند غار النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و‏آله وأثر رمحه في جبل من
    جبال البادية وفي صخرة عند قلعة خيبر.


    وحكاية قوته عليه‏ السلام وأخذه قطب الرحى وجعله في عنق خالد بن الوليد ، وأخذه أيضا خالدا باصبعه السبابة والوسطى وعصره له بهما حتى كاد ان يموت ، فصاح صيحة منكرة وأحدث في ثيابه ، معلومة لكل أحد .
    ومن عجائبه عليه ‏السلام
    ومنها رفعه الصخرة العظيمة التي كانت على عين ماء في طريق صفين ، ورميها عن العين أربعين ذراعا ، وقد عجز عن رفعها الرجال،
    وحكاية قلعه لباب خيبر وقتله مرحبا أشهر من أن تذكر ، وقد أشرنا اليها في باب تاريخ النبي صلى‏ الله‏ عليه ‏و‏آله .
    قال إبن شهر آشوب : ومن عجائبه طول ما لقي من الحروب لم ينهزم قط ، ولم ينله فيها شين ولا جراح سوء ، ولم يبارز أحدا الاّ ظفر به ، ولا نجا من ضربته أحد فصلح منها ، ولم يفلت منه قرن ، ولم يخرج في حروبه الاّ وهو ماش يهرول طوال الدهر بغير جند الى العدو . وما قدمت راية قوتل تحتها عليّ عليه ‏السلام الاّ انقلبوا (اعداؤها)صاغرين ، ويروى وثبته أربعون ذراعا الى عمرو ورجوعه الى خلف عشرون ذراعا ، وذلك خارج عن العادة ، وروى ضربته على رجليه وقطعهما بضربة واحدة مع ما كان عليه من الثياب والسلاح ، وروي انّه ضرب مرحب الكافر يوم خيبر على رأسه فقطع العمامة والخوذة
    التي انفرد بها وأمن المشاركة فيها ، انّ كلامه الوارد في الزهد والمواعظ والتذكير والزواجر اذا تأمله المتأمل ، وفكّر فيه المتفكر ، وخلع من قلبه انّه كلام مثله ممن عظم قدره ونفذ أمره وأحاط بالرقاب ملكه ، لم يعترضه الشك في انّه كلام من لا حظّ له في غير الزهادة ولا شغل له بغير العبادة ، قد قبع في كسر بيت أو انقطع الى سَفْح جبل لا يسمع الا حسّه ولا يرى الا نفسه .
    ولا يكاد يوقن بأنّه كلام من ينغمس في الحرب مصلتا سيفه ، فيقطّ الرقاب ويُجدّلُ الابطال ويعود به ينطف دما ويقطر مُهَجا وهو مع تلك الحال
    زاهد الزهاد وبدل الابدال . وهذه من فضائله العجيبة وخصائصه اللطيفة التي جمع بها بين الأضداد وألّف بين الأشتات .

    ولنعم ما قال الصفي الحلّي في مدح أمير المؤمنين عليه‏ السلام :
    جُمِعَتْ في صِفاتِكَ الأَضْدادُ فلِهذا عَزّتْ لك الأَندادُ
    زاهدٌ حاكمٌ حَليمٌ شُجاعٌ فاتكٌ ناسكٌ فَقيرٌ جَوادٌ
    شِيَمٌ ما جُمِعْنَ في بَشَرٍ قَطْ ولا حازَ مثلَهُنّ العبادُ
    خُلُقٌ يخجل النَسيم مِن اللطفِ وبأس يذوب منه الجماد


    وبالجملة حوى عليه‏ السلام جميع الصفات وكان فيها أعلى من كل أحد ، سوى إبن عمه محمد رسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه ‏و‏آله ، فوجوده الشريف
    في الكون محيط بالممكنات ومن أظهر المعجزات ، ولن يتمكن أحد من إنكاره (بأبي أنت وأمي يا آية اللّه‏ العظمى والنبأ العظيم) .

    أما المعجزات التي كانت تصدر عنه في بعض الأحيان فهي اكثر من ان تُحد أو تُعد ، وأشير هنا الى مجمل منها لنكوّن فهرسا لأهل الخبرة
    والاطلاع ، منها المعاجز التي تتعلق بانقياد الحيوانات والجنّ اليه
    ، كما ينجلي هذا الأمر
    من حديث الاسد مع جويرية إبن مسهر ،
    وتكلمه عليه‏ السلام مع الثعبان من فوق المنبر بالكوفة ،
    وتكلّم الطيور والذئب والجريّ معه عليه‏ السلام ، وتسليم سمك الفرات عليه بأمرة المؤمنين ، ورفع الغراب خفّه وسقوط حية منه ،
    وقصة الرجل الآذربيجاني وبعيره الهائج ، وحكاية الرجل اليهودي
    وفقده لماله واتيان الجن بماله بأمر أمير المؤمنين ،
    وكيفية أخذه البيعة مع الجنّ في وادي عقيق وغيره .





    وأما معاجزه التي تتعلق بالجمادات والنباتات
    كردّ الشمس له في زمن رسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏آله وبعد وفاته في أرض بابل ، وقد ألّف بعض العلماء كتبا في جواز ردّ الشمس وذكروا ردّ الشمس له في مواضع عديدة .
    ومنها تكلّم الشمس معه في مواضع عديدة ،
    ومنها أمره عليه‏ السلام بسكون الارض حينما حدثت زلزلة في المدينة في زمن أبي بكر وكانت دائمة الحركة ، فسكنت بأمر أمير المؤمنين عليه ‏السلام .
    ومنها تكلّم الحصى في كفّه ومنها حضوره على جنازة سلمان في المدائن بطيّ الارض وتجهيزه .
    ومنها إيصال أبي هريرة الى بيته وأهله بطيّ الاض حينما شكى الى عليّ عليه‏السلام كثرة شوقه الى اهله وحب لقائه لهم ،
    ومنها حديث البساط وسيره به في الهواء مع بعض الصحابة وذهابهم الى الكهف والى اصحاب الكهف وتسليمهم عليهم وعدم ردّهم للسلام الاّ لعليّ عليه‏ السلام وتكلّمهم معه .
    ومنها انقلاب الحجر ذهبا للمديون ببركة دعائه ،
    وأمره للجدار الذي كان عليه‏ السلام متكئا عليه بعدم السقوط ، ومنها سرده لحلقات درعه بيده كما قال خالد بن الوليد : رأيت عليا يسرد حلقات درعه بيده ويصلحها ،
    فقال عليّ عليه‏ السلام له : يا خالد بِنا لانَ الحديد لداود .
    ومنها شهادة نخيل المدينة بفضله وفضل إبن عمه وأخيه رسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏آله ،
    فقال النبي صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏آله : يا عليّ سمّ نخل المدينة صيحانيّا فقد صاحت بفضلي وفضلك ،
    ومنها اعادته شجرة العرموط اليابسة الى الحياة
    وانقلاب قوسه ثعبانا بأمره ، ومن قبيل هذه المعاجز الشيء الكثير الذي لا يمكن احصاءه .

    وأما معاجزه التي تتعلق بالمرضى والموتى ،
    كالتئام يد هاشم بن عدي الهمداني التي قطعت في معركة صفين ،
    والتئام يد الرجل الأسود التي قطعت بأمره عليه‏ السلام لسرقته وكان من محبّي أمير المؤمنين عليه‏ السلام .
    ومنها تكلم الجمجمة البالية معه في أراضي بابل ، فبني هناك مسجد ، ومكانه قرب مسجد ردّ الشمس في نواحي الحلّة ،
    ومنها إحياؤه سام بن نوح ، وإحياؤه أصحاب الكهف (كما مرّ) ،
    وقد روي عن الباقر عليه‏ السلام انّه قال : مرض رسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه ‏و‏آله مرضةً فدخل عليّ عليه‏ السلام المسجد فاذا جماعة من الأنصار ،
    فقال لهم : أيسركم أن تدخلوا على رسول اللّه‏ صلى‏ الله ‏عليه‏ و‏آله ؟
    قالوا : نعم ، فاستأذن لهم فدخلوا ، فجاء عليّ وجلس عند رأس رسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏آله فأخرج يده من اللّحاف وبيّن صدر رسول اللّه‏
    صلى‏ الله‏ عليه ‏و‏آله فاذا الحمّى تنفضه نفضا شديدا ،
    فقال عليه السلام : أم ملدم أخرجي عن رسول اللّه‏ وانتهرها .
    فجلس رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ عليه‏ و‏آله وليس به بأس ، فقال : يا بن أبي طالب لقد أعطيت من خصال الخير حتى أنّ الحمّى لتفزع منك.



    *******************
    الموضوع : مؤلف

    المصادر
    1- منهج الشيعة في فضائل وصي الشريعة

    2- منتهى الأمال في تواريخ النبي والآل



    التعديل الأخير تم بواسطة الموالية للزهراء عليها السلام ; الساعة 08-08-2013, 05:04 PM. سبب آخر:
















  • #2
    بارك الله بكم

    وفقكم الله لكل خير

    وشكرا لكم

    حشركم الله مع امير المؤمنين
    ان كان رفضا حب ال محمد
    فاليشهد الثقلان اني رافضي

    تعليق


    • #3
      الأخ الشاكر رزقكم الله زيارة المولى أمير المؤمنين في الدنيا وشفاعته في الأخرة






















      تعليق


      • #4
        بسمه تعالى وبه نستعين

        أحسنتم أختي المحدثة على هذا الموضوع القيم جعله في ميزان اعمالكم .

        قال المغازلي في المناقب، ص 240، ط طهران، الرقم 287: حدثنا أحمد بن صبيح قال: حدثنا يحيى بن يعلى، عن عمران بن عمارعن ابي ادريس مؤذن بني قصي،قال: أخبرني مجاهد عن ابن عمر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): من فارق عليا فارقني ومن فارقني فارق الله .
        قال الحافظ سليمان بن داود الفارسي البصري الشهير بابي داود الطيالسي المتوفى (204) في مسنده، ص 360، الرقم: 2725: حدثنا يونس، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا أبو عوانة، عن ابي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي: أنت ولي كل مؤمن بعدي.
        وقال الحافظ أحمد بن حنبل المتوفى (241) في مسنده ج 4 ص 165: حدثنا عبد الله حدثني أبي، حدثنا أسود بن عامر، أنبأنا شريك، عن ابي إسحق، عن حبشي بن جنادة، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: علي مني وأنا منه ولا يؤدي عني الا انا أو علي.
        قل للمغيب تحت أطباق الثرى إن كنت تسمع صرختي و ندائيا
        صبت علي مصائب لو أنها صبت على الأيام صرن لياليا
        ************
        السلام عليكِ يا أم أبيها

        تعليق


        • #5














          في كل يوم للحشاشة مصدع






          أرقٌ يلم وظا عن لا يرجع




          وإلى أمير المؤمنين تجملّي



          وإلى علاه معاذنا والمفزع

          ملك تصور كيف شاء إلى الورى



          يعطي به هذا وهذا يمنع

          وتحلّقت عذباته بمعاقد



          يهوي لاخمصها المحل الأرفع

          كم تستمد السحب منه سماحة



          فتلثّ منها ديمة ما تقشع

          ولكم يمرّ به الغمام فينثني




          وطفا يسحّ ركامه يتدفع

          سل عند يوم الخندقين ومصرع




          العمرين ذا عانٍ وذاك مصرّع
          ****************



          سيدنا الجليل العوادي حفظكم الله تعالى و

















          تعليق

          يعمل...
          X