بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى
إن الكلمة المنطوقة تمر بأربعة مراحل في الجهاز الصوتي وبين أن تخرج في شكلها المفهوم للسامع ولابد من وجود الحافز عند المتكلم لإخراج الكلمة وقد يكون الحافز نتيجة إصدار أمر فعل ما لرد فعل لذلك الأمر من قبل المأمور به أو لغرض فكرة ما على شخص أو أشخاص أو لفرضها من قبله ويسلسل الحافز حتى يفهم كما في المراحل الآتية.
1. مرحلة التحريك: وفيها يتم اهتزاز الحبلين الصوتين بواسطة الزفير الخارج من صدر الإنسان بسرعة ما فيتمثل بصوت(وبطبقة نغمية محددة)يتجسد من خلال مد احد حروف العلة الثلاثة وهي (أ- و-ي) أو يمد مقطع يمثله مد حرف صامت ما مثل (ن- ل- س- م....) بأخذ حروف العلة كقولنا (نا – نو- سي- ما...)
فالزفير إذا هو الذي يندفع من الرئتين بسرعة محسوبة يحرك الحبلين الصوتين داخل غرفة الحنجرة.
2- مرحلة التصويت: تتم مرحلة التصويت عند استمرارية اهتزاز الحبلين الصوتين أو الوترين الصوتين الموجودين داخل الحنجرة فيحدثان تخلخلا في هواء الزير المار في مجرى ضيق أو بين عضوين أو أكثر من الأعضاء التي تكون الحروف داخل الفم فيحدث آنذاك التويت.
3- مرحلة التقوية: يحتاج في مرحلة التصويت السابقة إلى تقوية وتضخيم ليصل إلى أوسع مدى ممكن وتحدث التقوية في المرحلة الثالثة بزيادة كمية الصوت ومقدار دفعه إلى الخارج وتتم التقوية داخل التجاويف الأنفية والفمية والبلعومية والتي تتحقق من خلال التمرينات المنتظمة ومثل هذه التجاويف المختلفة في الفم والأنف والبلعوم تمثل الصندوق الصوتي بالنسبة للصوت مقارنة بصوت الآلة الصوتية أو الوترية.فتتم المقارنة بينهما وبين الصوت البشري الخارج من الإنسان حيث التجاويف الموجودة في الدماغ والأنف والفم لها الدور الكبير في إظهار الرنين وبريق الصوت وكما دّربت هذه التجاويف أكثر كان البريق واللمعان في حالة استخدام طرائق التمرين لهذه التجاويف من حيث الضغط (القوة) مايسمى بال( Accent ( والاسترخاء و(اللين) أي تبعا للتعبير عنها .
4- مرحلة التشكيل:إن الجهد الذي يؤدي إلى تحريك الحبلين الصوتين بواسطة الزفير ثم التصويت من خلال التخلخل الذي يحدث في الهواء ثم تقويته كما وصفت يتطلب تشكيل الصوت وتركيبه من خلال إعطائه أشكالا مختلفة ثم تركب تلك الأشكال لتكون رموزاً صوتية أو نغمية عبر حروفها لتعبر بالتالي عن معاني يقصدها المتكلم ويفهمها السامع بهذه اللغة أو تلك . ويقوم اللسان والأسنان والشفتان والأعضاء الأخرى ذات العلاقة بمهمة التشكيل والتكوين بما نسميه بالحروف أو (المقاطع) التي تجتمع لتكون الكلمة وفي الغالب تتكون الكلمة من مقطعين أو أكثر من المقاطع اللغوية الخمسة ويعتبر اللسان هو العضو الأهم في تكوين مقاطع الكلمة ,وفي تمارين تربية الصوت تنطق الكلمة ملائمة للمنشد أو قارئ القران الكريم ليميزها عما سبقها وتلاها كإنشاد المقطع اللغوي (ماما ماما)مع نغمات الجنس الكبير (سلم مقام العجم )المسمى بسلم ( (Major في التسمية الغربية ,صعودا وبسرعة بطيئة مع زفير جديد في كل مرة أو إنشاد المقطع نفسه مرة واحدة مع النغمات الأربعة للجنس نفسه بزفير واحد (أي مربوطة) وبسرعة متوسطة ويمكن إعادة الإنشاديين مع مقاطع لغوية أخرى ويراد من التدوين الآتي توضيح ذلك مع الشرح(1).
ثانياً: أقسام جهاز النطق:
يمكن تقسم جهاز النطق الإنساني إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي :
1- أعضاء التنفس : التي تأخذ الهواء وتصرفه في نفس الوقت
2- الحنجرة :التي ينتج فيه معظم الطاقة الصوتية التي تتشكل إلى مقاطع وكلمات ذات تنغيمات مختلفة تصل بالتالي بالنسبة لنا لحن ينشد ويرتل أو يلقى القاًءأً.
3- التجاويف فوق المزمارية: التي هي عبارة عن تجاويف صغيرة في الرأس وظيفتها تقوية الصوت والحصول على الرنين المطلوب .ويراد من الصورة أدناه توضيح أجزاء جهاز التنفسي من فجوة الأنف مرورا بالبلعوم والحنجرة والقصبة الهوائية والرئتين وتفرعات القصيبات الهوائية في إحداها وحتى الحجاب الحاجز أسفل القفص الصدري.
ثالثاً:عرض أعضاء وأجهزة النطق ودورها الفعلي:
1- الحجاب الحاجز:وهو عضلة قبية الشكل يفصل الصدر عن البطن كما انه يساهم في عملية التنفس وله أهمية كبيرة عند النطق وعندما تأمر الأعصاب الواصلة إلى عضلات التنفس بالشهيق فان الحجاب الحاجز يسحب ليصبح مسطحا وفي الوقت نفسه تتقلص العضلات الموجودة بين الضلوع وتسحب القفص الصدري للأعلى والى الخارج وذلك يكفل للرئتين أكبر حيز ممكن لكي تتمددان وتسحبان الهواء إلى داخلهما وفي عملية عكسية أي عودة الحجاب الحاجز لحالة الاسترخاء وكذلك العضلات الموجودة بين الضلوع يتم دفع الهواء للخارج وعودة الرئتان إلى حجمهما الأصلي في نهاية عملية الزفير. ومن خلال التمارين العضلية اليومية يسيطر المتدرب في فنون (الإنشاد الحسيني أو العمل المسرحي آو التجويد القرآني أو الإلقاء الصوتي) على عضلات الحجاب الحاجز في الانبساط والارتخاء في نفس الوقت .ويعتمد الرجل على حجابه الحاجز في عمليتي الشهيق والزفير أكثر من المرأة التي تعتمد على القفص الصدري أولا ثم الحجاب الحاجز ثانياً والرجل يعتمد على عكس ذلك وقد يكون السبب هذا لاختلاف البايلوجية بين الرجل والمرأة وان المرأة عندما تحمل في أحشائها جنيناً فلابد من المحافظة عليه من ضغط الحاجب الحاجز على الجنين عندما يصبح مسطحاً في حركته اللاإرادية في الشهيق وانسحاب القفص الصدري للأعلى عندما تتقلص العضلات الموجودة بين الضلوع مما يكفل للرئتين اكبر حيز ممكن لكي تتمددان وتسحبان الهواء إلى داخلهما .والصورة الثانية توضح عملية الزفير التي هي مجرد استرخاء للحجاب الحاجز والعضلات الموجودة بين الضلوع بحيث يتم دفع الهواء للخارج وعودة الرئتان إلى حجمهما الأصلي.
2- الرئتان : موجودتان على جانبي القلب تشغلان الحيز الداخل من الصدر والرئة اليمنى اكبر بقليل من اليسرى التي تتقاسم الحيز مع القلب ويغطي كل رئة نسيج من طبقتين رقيقتين ويدعى الغشاء الجانبي .عند التنفس.تنزل هاتان الطبقتان أو الغشاءان للأمام وللخلف فوق بعضها البعض ليسمح بتمدد وانقباض الرئتين .ويحمل القفص الصدري الرئتين وتوجد بين الضلوع عضلات أساسية تساهم في عملية التنفس لكونها توسع القفص الصدري عند سحب الأوكسجين وتنقبض في عملية دفع ثاني أوكسيد الكربون خارج الجسم .إن الوظيفة الثانية لهذا الجهاز المهم الحيوي في عملية النطق البشري فهناك جدلية بين الرئتين وفن الإلقاء (خاصة في التعزية الحسينية أو الندب) فكلما كانت الرئتان متمكنتان من استيعاب اكبر كمية من الهواء بدون توتر وتفريغهما للهواء بأطول وقت ممكن وبدون توتر أيضا كلما أعطت الرئتان المتدربتان الفرصة الجيدة للمرتل أو المجود أو قارئ التعزية الحسينية .أن يسيطر على تنفسه وينظمه بشكل دقيق حسب الجمل والمقاطع الصوتية الإنشادية أو النص القرآني .وقد تكفي الطاقة التنفسية أن تعطي وتمد الجمل (اللحنية أو المنشدة أو المرتلة)
بالهواء الخارج من الرئتين أي الزفير ولكن عندما تكون الجملة المغناة جملة لحنية طويلة ومعقدة التراكيب في إبعادها ومسافاتها الصوتية وخاصة في التجويد القرآني أو المسارات الانكشارية في عملية ذكر مصائب أهل البيت (عليهم السلام) عند التدرج في إبداء أعلى حالات الحزن .لأنها تحتاج إلى زفير طويل وليس في الرئتين الهواء الكافي لذلك ونفس الأمر فان المقرئ القرآني يفشل في أدائها بالطبع عند هذه النقطة يظهر العجز الفني .إذ يضطر المقرئ القرآني أو قارئ التعزية أن يقطع الجمل الطويلة تقطيعا غير مستساغ. وهكذا سيصرف (المرتل أو المنشد أو الخطيب و المذيع...)واللحن المرتل غير متكامل فيقف عند هذه الكلمة أو تلك حسب طاقته التنفسية المحدودة. وبالطبع إن السبب الأول في ذلك هو قلة الهواء في الرئتين لعدم السيطرة على إخراج هواء الزفير. ولمعرفة أماكن الوقف مع وجود الطاقة التنفسية أهمية كبيرة عند الإلقاء أو الإنشاد أو الترتيل أو قراءة التعزية على تفهم معنى النص الديني والدنيوي عن قراءة النشرة الإخبارية أو إلقاء القصيدة أو الحوار المسرحي أو تجويد الآية القرآنية الطويلة وماشبه ذلك فالشاعر والممثل والخطيب الحسيني وقارئ القران الكريم يجب أن يكون على علم بالمواقع التي يصح عندها وقوفه وانتهائه وتنقله ..ليحقق الملائمة بين المعنى المعنى عنه فان لم يكن كذلك أعياه أن يتبن مواقع الوقوف ومنازل الابتداء والحركة وسيخفى عليه كيف ينطق الألفاظ في حالة الاستفهام والزجر والرفق الشدة واللين والبدء والانتهاء والطبيعة المناسبة والمواقع الملائمة .ولتحسين الطاقة التنفسية علينا استيعاب كبيرة من الهواء في حالة لشهيق وان نوازن بين طرفي المعادلة الآتية
(كمية الهواء المطلوب للرئتين + تنظيم العمل في التصريف)
ويمكن تحقيق هذه المعادلة ببساطة وذلك من خلال التمارين العضلية المنتظمة يوميا والتي قد تتطلب وقتا طويلا فسنحصل على قدرات عضلية بيولوجية يمكن أن تستخدم بشكل تام ودقيق وبنتائج باهرة ممتازة (2).
3- القصبة الهوائية: وهي قناة عضلية تقع الحنجرة في أعلاها مباشرة والرئتان في نهايتها السفلى ويمر الهواء منها في حالتي الشهيق والزفير وتتفرع القصبة الهوائية إلى أنبوبين هوائيين اصغر منهما يسميان بالقصبتين تتجه إحداهما إلى الرئة اليسرى والأخرى إلى الرئة اليمنى ويمر الهواء خلال القصبتين اللتين تنقسمان مرة أخرى من (15- 25) مرة إلى آلاف المسالك الهوائية الأصغر فالأصغر التي تسمى بالقصيبات حتى يصل الهواء إلى الحويصلات الرئوية حيث تتم عملية انتقال الأوكسجين إلى الأوعية الدموية الدقيقة وإخراج الفضلات من الجسم على شكل غاز سام (ثاني أكسيد الكربون). وأكدت بحوث حديثة من أن القصبة الهوائية يمكن أن تشغل في بعض الأحيان كفراغ رنان ذو اثر بين في تقييد درجة الصوت وخاصة إذا كان الصوت عميقاً أو واطئاً .إن هذه البحوث الحديثة فندت رأي الأقدمين من أن القصبة الهوائية لا اثر لها في الصوت اللغوي والطابع اللوني للإنشاد أو الترتيل .
4- الحنجرة: ظن البعض من إن الحنجرة هي المصدر الأساسي في إنتاج الصوت البشري بمختلف أنواعه عند الحوارات اليومية أو الأداء الفني ,غير إن العلم قد برهن على أن هناك عدة أعضاء وأجهزة تشترك معها في إنتاج الصوت البشري. ويمكننا من الناحية التشريحية أن نوصف الحنجرة بأنها أشبه بحجرة تقع أسفل الفراغ الحلقي وفي اعلي القصبة الهوائية .تتكون هذه الحجرة الصغيرة من ثلاث غضاريف العلوي منها وهو الجزء الأمامي البارز يسمى بتفاحة آدام وقد تكون بينة عند بعض الأشخاص والغضروف الأدنى يتشكل دائريا فيكون قاعدة إرتكازية لهذه الحجرة ,أم الغضروف الثالث يتكون من قطعتين موضوعيتين بشكل مناسب فوق القاعدة الارتكازية لهذه الحجرة .أم الغضروف الثالث يتكون من قطعتين ويمكن لهذين النسيجين الهرميين أو القطعتين من الحركة بمرونة كبيرة بأشكال مختلفة وتشكل نقطة الدعم أي نقطة الدعم للعضلات التي تحركها وتتحكم في غلق وفتح فتحة المزمار التي هي الفراغ المثلث المحصور بين الوترين الصوتين للشفتين المرئيتين اللتين تمتدان أفقيا من الخلف إلى الأمام ويلتصقان بالجزء البارز الأمامي .إن طول الوتر الصوتي في الإنسان البالغ حوالي 22ملم ويمتد أحيانا إلى 27 ملم .كما إن عدد الذبذبات في الحنجرة يتراوح بين (60-1200) ذبذبة في الثانية .أي اقل من نغمة (دو الكبير)- أي مقام العجم بار بذبذبات وأكثر من نغمة دو ثلاثة بــ (176) ذبذبة وهو مايعادل اقل من نغمة (مي بيمول1)ثلاثة تقريباً ويوضح التدوين الآتي المدرج الصوتي (الموسيقي) المدى النغمي التقريبي للحنجرة .إن متوسط الذبذبات للرجل عند الحوار الطبيعي مع الآخرين يتراوح بين(100- 150)ذبذبة في الثانية وعند المرأة بين(200- 300) ذبذبة في الثانية ومن المعروف إن كلما كان عدد الذبذبات أكثر كان الصوت أعلى مثل صوت النساء العالي (السوبرانو) قد يصل إلى 1200 ذبذبة في الثانية .والوتر الصوتي عند الرجل أطول وأغلظ مما هو عند المرأة ولهذا تكون الطبقة الصوتية عند الرجل اخفض من المرأة وبالتالي تكون النغمات المستخرجة اقل ذبذبة بشكل عام .ويوجد فراغ بين الوترين الصوتيين يسمى بالمزمار وهذا الفراغ غير ثابت من حيث الانفتاح والانغلاق وإنما يكون تحديد درجة الفتح أو الغلق بحسب نتيجة النغمات أو الأصوات المنتجة .إن للسان المزمار وظيفة ثانية حيث انه بمثابة صمام يحمي طريق التنفس أثناء تناول الإنسان للطعام أو لشرب الماء. كما إن للحنجرة القدرة الكافية من التحرك باتجاهات مختلفة ولكن حركتها إلى الأعلى وأسفل تكون هامة في أساليب النطق والإنتاج الفني للصوت عند الترتيل أو الإنشاد أو قراءة التعزية أو تجويد القران الكريم , لأنها في مثل هذه الحركة تؤثر في تغير حجم حجرة الرنين والذي يسمى عادة بالرنين الحنجري وهو متوفر بنسب مختلفة من إنسان لأخر كما وتساعد التمارين العضلية المتدرب من أن يحصل على هذا الرنين الحنجري ويطوره .إن حركة الوترين الصوتيين باهتزازهما وابتعادهما واقترابهما هو الذي يعطينا الطبقات الصوتية المختلفة فيما تحدد سعته اهتزاز الوترين شدة الصوت أو قوته كما ان طول الوترين وكثافتهما يقرران نوعية الصوت ولونه ( ويقال طابعه الصوتي ويمكن أن نلخص تأثير حركة الوترين على الصوت بما يلي:
1- عندما ينطبق الوتران تمام الانطباق وتمد الفوهة العليا للقبة الهوائية ثم ينفرجان فجأة ويهتزان ويخرج صوت معين نتيجة هذا الانفراج يسمى (الهمزة).
2- عندما يقترب الوتران الصوتيان مع بعضهما يجد الزفير صعوبة في الخروج فيهزهما ويخرج صوت يسمى (اللين).
3- عندما يقترب الوتران الصوتيان مع بعضهما لبعض ولا يجد الزفير صعوبة في الخروج من بينهما فلا يهزهما فيخرج الصوت أشبه بالهمس (الهاء).وعلى العموم فلحركة الوترين الصوتيين كل التأثير في إنتاج أصوات الأحرف ومقاطع الكلمات بالعلو النغمي المطلوب في مختلف أساليب الإنتاج الصوتي.
5- لسان المزمار: ليس لهذا الغضروف الذي هو على شكل إصبع والمتصل قاعدته بمؤخرة اللسان والذي مقدمته إلى الأعلى اثر مباشر في تكوين الصوت وتكمن أهميته في عملية النطق في انه يؤثر على اتساع الفراغ البلعومي الذي يقع أسفله حيث يتحرك مع مؤخرة اللسان .
6- البلعوم: وهو الفراغ الموجود خلف اللسان ويمكن أن يستغل كفراغ رنان يقوي الأصوات ويعطيها رنة عميقة وجميلة .
( مخارج الحروف عند السكاكي)*
7- اللهاة: لهذه العضلة المتصلة بنهاية سقف الفم اثر في النطق حيث تكون عندها بعض الحروف وتفسح المجال لإنتاج حروف أخرى.
8- التجويف الأنفي: وساعد هذا الفراغ على تقوية الصوت ورنينه عند تكوين الحروف الأنفية ( النون والميم).
9- التجويف الفمي: ويعتبر هذا الفراغ أهم أعضاء النطق التي تساعد على تقوية جميع الأصوات وذلك لسعته وقابليته للاتساع والضيق وفيه تتكون عدة حروف ويمكن من خلال التمرين تكبير وتوسيع هذا التجويف وتنشيط عضلاته وأنسجته وصولاً إلى تجويف واسع مرن يشكل في هيئته بوقاً بالمقلوب قاعدته نهاية التجويف ومقدمته الشفتان (4).
ويتم ذلك من خلال أداء تمارين عدة لتوسيع فتحة الفم إلى أقصى مدى ممكن كإخراج الأصوات (المقاطع اللغوية)بعد وضع فلينة أو قطعة نقود تحشر بين الفك العلوي والسفلي أو وضع السبابة والوسطى من خلال وضعهما والضغط على الخد الأيسر أو الأيمن وذلك كما موضح في المخطط رقم (10).كما يساعد التثاؤب المصطنع المتكرر عدة مرات يوميا ولعدة دقائق على توسيع الفم أيضا والصورة أدناه توضح عملية التثاؤب بأخذ الشهيق ودفع الزفير . كما إن التجويف الفموي يتسع بشتى أنواع التعبير الصوتي وهو ذو قابلية على ابتداع تصويتات لاحد لها مما يصلح للتعبير عن الانفعالات الكثيرة .وإما الصفير والضحك والبكاء وضروب التصاريح المختلفة والتهامس بين المتهامسين إلا ذو حروف ومخارج صوتية تخضع بعد للكتابة وهناك العديد من التصويتات التي يبتدعها قراء المجالس الحسينية في مراسيم التعزية والتواشيح الدينية .
10- اللسان: لقد نسب القدماء إلى هذا العضو النطق بأكمله وسميت اللغات به واللسان ينتج كثيرا من الحروف ويمكن تقسيمه إلى ثلاثة مناطق.
1-مقدمة اللسان: وتساهم في تكوين بعض الحروف مثل (التاء والذال والدال)كما في مخطط السكاكي .
2- وسط اللسان:وتساهم في تكوين بعض الحروف مثل (الشين).
3- مؤخرة اللسان:وتساهم في تكوين بعض الحروف مثل(الخاء والكاف).
11- الأسنان: تشارك الأسنان مع الأعضاء الأخرى وخاصة مع اللسان في إنتاج قسم من الحروف مثل(الصاد والفاء والراء).
12- الشفتان: هما من أعضاء النطق المهمة وفي مجال التطبيق العملي في إنتاج الحروف.وبقدرهما على الحركة بمرونة نستطيع بسهولة أن ننتج كثيراً من الحروف.فعند الانطباق الكامل ننتج حرف الباء وفي الانفراج الكامل للشفتين تتكون الأصوات التي تسمى بالحركات وهي ثلاثة باللغة العربية (الفتحة والضمة والكسرة).
13- المراكز المخية اللغوية: لم يكن معروفا لدى الباحثين والدارسين على نطاق واسع من أن هناك مراكز مخية تعمل وتساهم في عملية النطق والكلام وقد قيل اعتماداً على بعض المصادر العلمية الرصينة بأن لدى الإنسان ثلاثة مراكز مخية تساعد في عملية النطق والكلام. ومن العلماء التي اعتمدت عليه هذه الدراسات للمراكز المخية اللغوية هم (الفسيولوجي الروسي باف لوف Pavlov (I.P) 1849-1936) و(الفرنسي بروسكا 1824-1880) و(الألماني فيرنكا 1848-1905) وثَبُت علمياً وجود ثلاثة مراكز مخية لغوية في القسم الأمامي الأعلى من المخ أحدهما يختص بالنطق والكلمات ويتألف من اللسان والشفتين والحبال الصوتية وآخر يختص بسماع الكلمات ويرتبط بالأذنين ومركز مخي ثالث يرتبط بحاسة البصر أي الكلام المرئي أو المقروء وثبت أن هذه المراكز الثلاثة لا تنمو جميعاً بشكل متناسق ودفعة واحدة عند الطفل بعد الميلاد وتبعاً لمستوى نموها تتبلور المهارات والقابليات عند الناس.
-----------------------------------
1-تدريب الصوت البشري ج1,البوفسور الدكتور طارق حسون فريد, إصدارات المركز العراقي للدراسات الموسيقية المقارنة, 2008م.
2-دراسة في البرنامج الصوتي, لتطوير قابليات مجودي القران الكريم ومجالس التعزية والندب, الشيخ مهدي الخزاعي, إصدارات شعبة الطباعة ,العتبة الحسينية المقدسة,2009م.
3-تدريب الصوت البشري, الجزء الأول, الأستاذ المتمرس الدكتور طارق حسون فريد ,من إصدارات المركز العراقي للدراسات الموسيقية المقارنة,بغداد.2008م.
4-السكاكي:احد علماء اللغة العربية من القرن الرابع الهجري.
إن الكلمة المنطوقة تمر بأربعة مراحل في الجهاز الصوتي وبين أن تخرج في شكلها المفهوم للسامع ولابد من وجود الحافز عند المتكلم لإخراج الكلمة وقد يكون الحافز نتيجة إصدار أمر فعل ما لرد فعل لذلك الأمر من قبل المأمور به أو لغرض فكرة ما على شخص أو أشخاص أو لفرضها من قبله ويسلسل الحافز حتى يفهم كما في المراحل الآتية.
1. مرحلة التحريك: وفيها يتم اهتزاز الحبلين الصوتين بواسطة الزفير الخارج من صدر الإنسان بسرعة ما فيتمثل بصوت(وبطبقة نغمية محددة)يتجسد من خلال مد احد حروف العلة الثلاثة وهي (أ- و-ي) أو يمد مقطع يمثله مد حرف صامت ما مثل (ن- ل- س- م....) بأخذ حروف العلة كقولنا (نا – نو- سي- ما...)
فالزفير إذا هو الذي يندفع من الرئتين بسرعة محسوبة يحرك الحبلين الصوتين داخل غرفة الحنجرة.
2- مرحلة التصويت: تتم مرحلة التصويت عند استمرارية اهتزاز الحبلين الصوتين أو الوترين الصوتين الموجودين داخل الحنجرة فيحدثان تخلخلا في هواء الزير المار في مجرى ضيق أو بين عضوين أو أكثر من الأعضاء التي تكون الحروف داخل الفم فيحدث آنذاك التويت.
3- مرحلة التقوية: يحتاج في مرحلة التصويت السابقة إلى تقوية وتضخيم ليصل إلى أوسع مدى ممكن وتحدث التقوية في المرحلة الثالثة بزيادة كمية الصوت ومقدار دفعه إلى الخارج وتتم التقوية داخل التجاويف الأنفية والفمية والبلعومية والتي تتحقق من خلال التمرينات المنتظمة ومثل هذه التجاويف المختلفة في الفم والأنف والبلعوم تمثل الصندوق الصوتي بالنسبة للصوت مقارنة بصوت الآلة الصوتية أو الوترية.فتتم المقارنة بينهما وبين الصوت البشري الخارج من الإنسان حيث التجاويف الموجودة في الدماغ والأنف والفم لها الدور الكبير في إظهار الرنين وبريق الصوت وكما دّربت هذه التجاويف أكثر كان البريق واللمعان في حالة استخدام طرائق التمرين لهذه التجاويف من حيث الضغط (القوة) مايسمى بال( Accent ( والاسترخاء و(اللين) أي تبعا للتعبير عنها .
4- مرحلة التشكيل:إن الجهد الذي يؤدي إلى تحريك الحبلين الصوتين بواسطة الزفير ثم التصويت من خلال التخلخل الذي يحدث في الهواء ثم تقويته كما وصفت يتطلب تشكيل الصوت وتركيبه من خلال إعطائه أشكالا مختلفة ثم تركب تلك الأشكال لتكون رموزاً صوتية أو نغمية عبر حروفها لتعبر بالتالي عن معاني يقصدها المتكلم ويفهمها السامع بهذه اللغة أو تلك . ويقوم اللسان والأسنان والشفتان والأعضاء الأخرى ذات العلاقة بمهمة التشكيل والتكوين بما نسميه بالحروف أو (المقاطع) التي تجتمع لتكون الكلمة وفي الغالب تتكون الكلمة من مقطعين أو أكثر من المقاطع اللغوية الخمسة ويعتبر اللسان هو العضو الأهم في تكوين مقاطع الكلمة ,وفي تمارين تربية الصوت تنطق الكلمة ملائمة للمنشد أو قارئ القران الكريم ليميزها عما سبقها وتلاها كإنشاد المقطع اللغوي (ماما ماما)مع نغمات الجنس الكبير (سلم مقام العجم )المسمى بسلم ( (Major في التسمية الغربية ,صعودا وبسرعة بطيئة مع زفير جديد في كل مرة أو إنشاد المقطع نفسه مرة واحدة مع النغمات الأربعة للجنس نفسه بزفير واحد (أي مربوطة) وبسرعة متوسطة ويمكن إعادة الإنشاديين مع مقاطع لغوية أخرى ويراد من التدوين الآتي توضيح ذلك مع الشرح(1).
ثانياً: أقسام جهاز النطق:
يمكن تقسم جهاز النطق الإنساني إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي :
1- أعضاء التنفس : التي تأخذ الهواء وتصرفه في نفس الوقت
2- الحنجرة :التي ينتج فيه معظم الطاقة الصوتية التي تتشكل إلى مقاطع وكلمات ذات تنغيمات مختلفة تصل بالتالي بالنسبة لنا لحن ينشد ويرتل أو يلقى القاًءأً.
3- التجاويف فوق المزمارية: التي هي عبارة عن تجاويف صغيرة في الرأس وظيفتها تقوية الصوت والحصول على الرنين المطلوب .ويراد من الصورة أدناه توضيح أجزاء جهاز التنفسي من فجوة الأنف مرورا بالبلعوم والحنجرة والقصبة الهوائية والرئتين وتفرعات القصيبات الهوائية في إحداها وحتى الحجاب الحاجز أسفل القفص الصدري.
ثالثاً:عرض أعضاء وأجهزة النطق ودورها الفعلي:
1- الحجاب الحاجز:وهو عضلة قبية الشكل يفصل الصدر عن البطن كما انه يساهم في عملية التنفس وله أهمية كبيرة عند النطق وعندما تأمر الأعصاب الواصلة إلى عضلات التنفس بالشهيق فان الحجاب الحاجز يسحب ليصبح مسطحا وفي الوقت نفسه تتقلص العضلات الموجودة بين الضلوع وتسحب القفص الصدري للأعلى والى الخارج وذلك يكفل للرئتين أكبر حيز ممكن لكي تتمددان وتسحبان الهواء إلى داخلهما وفي عملية عكسية أي عودة الحجاب الحاجز لحالة الاسترخاء وكذلك العضلات الموجودة بين الضلوع يتم دفع الهواء للخارج وعودة الرئتان إلى حجمهما الأصلي في نهاية عملية الزفير. ومن خلال التمارين العضلية اليومية يسيطر المتدرب في فنون (الإنشاد الحسيني أو العمل المسرحي آو التجويد القرآني أو الإلقاء الصوتي) على عضلات الحجاب الحاجز في الانبساط والارتخاء في نفس الوقت .ويعتمد الرجل على حجابه الحاجز في عمليتي الشهيق والزفير أكثر من المرأة التي تعتمد على القفص الصدري أولا ثم الحجاب الحاجز ثانياً والرجل يعتمد على عكس ذلك وقد يكون السبب هذا لاختلاف البايلوجية بين الرجل والمرأة وان المرأة عندما تحمل في أحشائها جنيناً فلابد من المحافظة عليه من ضغط الحاجب الحاجز على الجنين عندما يصبح مسطحاً في حركته اللاإرادية في الشهيق وانسحاب القفص الصدري للأعلى عندما تتقلص العضلات الموجودة بين الضلوع مما يكفل للرئتين اكبر حيز ممكن لكي تتمددان وتسحبان الهواء إلى داخلهما .والصورة الثانية توضح عملية الزفير التي هي مجرد استرخاء للحجاب الحاجز والعضلات الموجودة بين الضلوع بحيث يتم دفع الهواء للخارج وعودة الرئتان إلى حجمهما الأصلي.
2- الرئتان : موجودتان على جانبي القلب تشغلان الحيز الداخل من الصدر والرئة اليمنى اكبر بقليل من اليسرى التي تتقاسم الحيز مع القلب ويغطي كل رئة نسيج من طبقتين رقيقتين ويدعى الغشاء الجانبي .عند التنفس.تنزل هاتان الطبقتان أو الغشاءان للأمام وللخلف فوق بعضها البعض ليسمح بتمدد وانقباض الرئتين .ويحمل القفص الصدري الرئتين وتوجد بين الضلوع عضلات أساسية تساهم في عملية التنفس لكونها توسع القفص الصدري عند سحب الأوكسجين وتنقبض في عملية دفع ثاني أوكسيد الكربون خارج الجسم .إن الوظيفة الثانية لهذا الجهاز المهم الحيوي في عملية النطق البشري فهناك جدلية بين الرئتين وفن الإلقاء (خاصة في التعزية الحسينية أو الندب) فكلما كانت الرئتان متمكنتان من استيعاب اكبر كمية من الهواء بدون توتر وتفريغهما للهواء بأطول وقت ممكن وبدون توتر أيضا كلما أعطت الرئتان المتدربتان الفرصة الجيدة للمرتل أو المجود أو قارئ التعزية الحسينية .أن يسيطر على تنفسه وينظمه بشكل دقيق حسب الجمل والمقاطع الصوتية الإنشادية أو النص القرآني .وقد تكفي الطاقة التنفسية أن تعطي وتمد الجمل (اللحنية أو المنشدة أو المرتلة)
بالهواء الخارج من الرئتين أي الزفير ولكن عندما تكون الجملة المغناة جملة لحنية طويلة ومعقدة التراكيب في إبعادها ومسافاتها الصوتية وخاصة في التجويد القرآني أو المسارات الانكشارية في عملية ذكر مصائب أهل البيت (عليهم السلام) عند التدرج في إبداء أعلى حالات الحزن .لأنها تحتاج إلى زفير طويل وليس في الرئتين الهواء الكافي لذلك ونفس الأمر فان المقرئ القرآني يفشل في أدائها بالطبع عند هذه النقطة يظهر العجز الفني .إذ يضطر المقرئ القرآني أو قارئ التعزية أن يقطع الجمل الطويلة تقطيعا غير مستساغ. وهكذا سيصرف (المرتل أو المنشد أو الخطيب و المذيع...)واللحن المرتل غير متكامل فيقف عند هذه الكلمة أو تلك حسب طاقته التنفسية المحدودة. وبالطبع إن السبب الأول في ذلك هو قلة الهواء في الرئتين لعدم السيطرة على إخراج هواء الزفير. ولمعرفة أماكن الوقف مع وجود الطاقة التنفسية أهمية كبيرة عند الإلقاء أو الإنشاد أو الترتيل أو قراءة التعزية على تفهم معنى النص الديني والدنيوي عن قراءة النشرة الإخبارية أو إلقاء القصيدة أو الحوار المسرحي أو تجويد الآية القرآنية الطويلة وماشبه ذلك فالشاعر والممثل والخطيب الحسيني وقارئ القران الكريم يجب أن يكون على علم بالمواقع التي يصح عندها وقوفه وانتهائه وتنقله ..ليحقق الملائمة بين المعنى المعنى عنه فان لم يكن كذلك أعياه أن يتبن مواقع الوقوف ومنازل الابتداء والحركة وسيخفى عليه كيف ينطق الألفاظ في حالة الاستفهام والزجر والرفق الشدة واللين والبدء والانتهاء والطبيعة المناسبة والمواقع الملائمة .ولتحسين الطاقة التنفسية علينا استيعاب كبيرة من الهواء في حالة لشهيق وان نوازن بين طرفي المعادلة الآتية
(كمية الهواء المطلوب للرئتين + تنظيم العمل في التصريف)
ويمكن تحقيق هذه المعادلة ببساطة وذلك من خلال التمارين العضلية المنتظمة يوميا والتي قد تتطلب وقتا طويلا فسنحصل على قدرات عضلية بيولوجية يمكن أن تستخدم بشكل تام ودقيق وبنتائج باهرة ممتازة (2).
3- القصبة الهوائية: وهي قناة عضلية تقع الحنجرة في أعلاها مباشرة والرئتان في نهايتها السفلى ويمر الهواء منها في حالتي الشهيق والزفير وتتفرع القصبة الهوائية إلى أنبوبين هوائيين اصغر منهما يسميان بالقصبتين تتجه إحداهما إلى الرئة اليسرى والأخرى إلى الرئة اليمنى ويمر الهواء خلال القصبتين اللتين تنقسمان مرة أخرى من (15- 25) مرة إلى آلاف المسالك الهوائية الأصغر فالأصغر التي تسمى بالقصيبات حتى يصل الهواء إلى الحويصلات الرئوية حيث تتم عملية انتقال الأوكسجين إلى الأوعية الدموية الدقيقة وإخراج الفضلات من الجسم على شكل غاز سام (ثاني أكسيد الكربون). وأكدت بحوث حديثة من أن القصبة الهوائية يمكن أن تشغل في بعض الأحيان كفراغ رنان ذو اثر بين في تقييد درجة الصوت وخاصة إذا كان الصوت عميقاً أو واطئاً .إن هذه البحوث الحديثة فندت رأي الأقدمين من أن القصبة الهوائية لا اثر لها في الصوت اللغوي والطابع اللوني للإنشاد أو الترتيل .
4- الحنجرة: ظن البعض من إن الحنجرة هي المصدر الأساسي في إنتاج الصوت البشري بمختلف أنواعه عند الحوارات اليومية أو الأداء الفني ,غير إن العلم قد برهن على أن هناك عدة أعضاء وأجهزة تشترك معها في إنتاج الصوت البشري. ويمكننا من الناحية التشريحية أن نوصف الحنجرة بأنها أشبه بحجرة تقع أسفل الفراغ الحلقي وفي اعلي القصبة الهوائية .تتكون هذه الحجرة الصغيرة من ثلاث غضاريف العلوي منها وهو الجزء الأمامي البارز يسمى بتفاحة آدام وقد تكون بينة عند بعض الأشخاص والغضروف الأدنى يتشكل دائريا فيكون قاعدة إرتكازية لهذه الحجرة ,أم الغضروف الثالث يتكون من قطعتين موضوعيتين بشكل مناسب فوق القاعدة الارتكازية لهذه الحجرة .أم الغضروف الثالث يتكون من قطعتين ويمكن لهذين النسيجين الهرميين أو القطعتين من الحركة بمرونة كبيرة بأشكال مختلفة وتشكل نقطة الدعم أي نقطة الدعم للعضلات التي تحركها وتتحكم في غلق وفتح فتحة المزمار التي هي الفراغ المثلث المحصور بين الوترين الصوتين للشفتين المرئيتين اللتين تمتدان أفقيا من الخلف إلى الأمام ويلتصقان بالجزء البارز الأمامي .إن طول الوتر الصوتي في الإنسان البالغ حوالي 22ملم ويمتد أحيانا إلى 27 ملم .كما إن عدد الذبذبات في الحنجرة يتراوح بين (60-1200) ذبذبة في الثانية .أي اقل من نغمة (دو الكبير)- أي مقام العجم بار بذبذبات وأكثر من نغمة دو ثلاثة بــ (176) ذبذبة وهو مايعادل اقل من نغمة (مي بيمول1)ثلاثة تقريباً ويوضح التدوين الآتي المدرج الصوتي (الموسيقي) المدى النغمي التقريبي للحنجرة .إن متوسط الذبذبات للرجل عند الحوار الطبيعي مع الآخرين يتراوح بين(100- 150)ذبذبة في الثانية وعند المرأة بين(200- 300) ذبذبة في الثانية ومن المعروف إن كلما كان عدد الذبذبات أكثر كان الصوت أعلى مثل صوت النساء العالي (السوبرانو) قد يصل إلى 1200 ذبذبة في الثانية .والوتر الصوتي عند الرجل أطول وأغلظ مما هو عند المرأة ولهذا تكون الطبقة الصوتية عند الرجل اخفض من المرأة وبالتالي تكون النغمات المستخرجة اقل ذبذبة بشكل عام .ويوجد فراغ بين الوترين الصوتيين يسمى بالمزمار وهذا الفراغ غير ثابت من حيث الانفتاح والانغلاق وإنما يكون تحديد درجة الفتح أو الغلق بحسب نتيجة النغمات أو الأصوات المنتجة .إن للسان المزمار وظيفة ثانية حيث انه بمثابة صمام يحمي طريق التنفس أثناء تناول الإنسان للطعام أو لشرب الماء. كما إن للحنجرة القدرة الكافية من التحرك باتجاهات مختلفة ولكن حركتها إلى الأعلى وأسفل تكون هامة في أساليب النطق والإنتاج الفني للصوت عند الترتيل أو الإنشاد أو قراءة التعزية أو تجويد القران الكريم , لأنها في مثل هذه الحركة تؤثر في تغير حجم حجرة الرنين والذي يسمى عادة بالرنين الحنجري وهو متوفر بنسب مختلفة من إنسان لأخر كما وتساعد التمارين العضلية المتدرب من أن يحصل على هذا الرنين الحنجري ويطوره .إن حركة الوترين الصوتيين باهتزازهما وابتعادهما واقترابهما هو الذي يعطينا الطبقات الصوتية المختلفة فيما تحدد سعته اهتزاز الوترين شدة الصوت أو قوته كما ان طول الوترين وكثافتهما يقرران نوعية الصوت ولونه ( ويقال طابعه الصوتي ويمكن أن نلخص تأثير حركة الوترين على الصوت بما يلي:
1- عندما ينطبق الوتران تمام الانطباق وتمد الفوهة العليا للقبة الهوائية ثم ينفرجان فجأة ويهتزان ويخرج صوت معين نتيجة هذا الانفراج يسمى (الهمزة).
2- عندما يقترب الوتران الصوتيان مع بعضهما يجد الزفير صعوبة في الخروج فيهزهما ويخرج صوت يسمى (اللين).
3- عندما يقترب الوتران الصوتيان مع بعضهما لبعض ولا يجد الزفير صعوبة في الخروج من بينهما فلا يهزهما فيخرج الصوت أشبه بالهمس (الهاء).وعلى العموم فلحركة الوترين الصوتيين كل التأثير في إنتاج أصوات الأحرف ومقاطع الكلمات بالعلو النغمي المطلوب في مختلف أساليب الإنتاج الصوتي.
5- لسان المزمار: ليس لهذا الغضروف الذي هو على شكل إصبع والمتصل قاعدته بمؤخرة اللسان والذي مقدمته إلى الأعلى اثر مباشر في تكوين الصوت وتكمن أهميته في عملية النطق في انه يؤثر على اتساع الفراغ البلعومي الذي يقع أسفله حيث يتحرك مع مؤخرة اللسان .
6- البلعوم: وهو الفراغ الموجود خلف اللسان ويمكن أن يستغل كفراغ رنان يقوي الأصوات ويعطيها رنة عميقة وجميلة .
( مخارج الحروف عند السكاكي)*
7- اللهاة: لهذه العضلة المتصلة بنهاية سقف الفم اثر في النطق حيث تكون عندها بعض الحروف وتفسح المجال لإنتاج حروف أخرى.
8- التجويف الأنفي: وساعد هذا الفراغ على تقوية الصوت ورنينه عند تكوين الحروف الأنفية ( النون والميم).
9- التجويف الفمي: ويعتبر هذا الفراغ أهم أعضاء النطق التي تساعد على تقوية جميع الأصوات وذلك لسعته وقابليته للاتساع والضيق وفيه تتكون عدة حروف ويمكن من خلال التمرين تكبير وتوسيع هذا التجويف وتنشيط عضلاته وأنسجته وصولاً إلى تجويف واسع مرن يشكل في هيئته بوقاً بالمقلوب قاعدته نهاية التجويف ومقدمته الشفتان (4).
ويتم ذلك من خلال أداء تمارين عدة لتوسيع فتحة الفم إلى أقصى مدى ممكن كإخراج الأصوات (المقاطع اللغوية)بعد وضع فلينة أو قطعة نقود تحشر بين الفك العلوي والسفلي أو وضع السبابة والوسطى من خلال وضعهما والضغط على الخد الأيسر أو الأيمن وذلك كما موضح في المخطط رقم (10).كما يساعد التثاؤب المصطنع المتكرر عدة مرات يوميا ولعدة دقائق على توسيع الفم أيضا والصورة أدناه توضح عملية التثاؤب بأخذ الشهيق ودفع الزفير . كما إن التجويف الفموي يتسع بشتى أنواع التعبير الصوتي وهو ذو قابلية على ابتداع تصويتات لاحد لها مما يصلح للتعبير عن الانفعالات الكثيرة .وإما الصفير والضحك والبكاء وضروب التصاريح المختلفة والتهامس بين المتهامسين إلا ذو حروف ومخارج صوتية تخضع بعد للكتابة وهناك العديد من التصويتات التي يبتدعها قراء المجالس الحسينية في مراسيم التعزية والتواشيح الدينية .
10- اللسان: لقد نسب القدماء إلى هذا العضو النطق بأكمله وسميت اللغات به واللسان ينتج كثيرا من الحروف ويمكن تقسيمه إلى ثلاثة مناطق.
1-مقدمة اللسان: وتساهم في تكوين بعض الحروف مثل (التاء والذال والدال)كما في مخطط السكاكي .
2- وسط اللسان:وتساهم في تكوين بعض الحروف مثل (الشين).
3- مؤخرة اللسان:وتساهم في تكوين بعض الحروف مثل(الخاء والكاف).
11- الأسنان: تشارك الأسنان مع الأعضاء الأخرى وخاصة مع اللسان في إنتاج قسم من الحروف مثل(الصاد والفاء والراء).
12- الشفتان: هما من أعضاء النطق المهمة وفي مجال التطبيق العملي في إنتاج الحروف.وبقدرهما على الحركة بمرونة نستطيع بسهولة أن ننتج كثيراً من الحروف.فعند الانطباق الكامل ننتج حرف الباء وفي الانفراج الكامل للشفتين تتكون الأصوات التي تسمى بالحركات وهي ثلاثة باللغة العربية (الفتحة والضمة والكسرة).
13- المراكز المخية اللغوية: لم يكن معروفا لدى الباحثين والدارسين على نطاق واسع من أن هناك مراكز مخية تعمل وتساهم في عملية النطق والكلام وقد قيل اعتماداً على بعض المصادر العلمية الرصينة بأن لدى الإنسان ثلاثة مراكز مخية تساعد في عملية النطق والكلام. ومن العلماء التي اعتمدت عليه هذه الدراسات للمراكز المخية اللغوية هم (الفسيولوجي الروسي باف لوف Pavlov (I.P) 1849-1936) و(الفرنسي بروسكا 1824-1880) و(الألماني فيرنكا 1848-1905) وثَبُت علمياً وجود ثلاثة مراكز مخية لغوية في القسم الأمامي الأعلى من المخ أحدهما يختص بالنطق والكلمات ويتألف من اللسان والشفتين والحبال الصوتية وآخر يختص بسماع الكلمات ويرتبط بالأذنين ومركز مخي ثالث يرتبط بحاسة البصر أي الكلام المرئي أو المقروء وثبت أن هذه المراكز الثلاثة لا تنمو جميعاً بشكل متناسق ودفعة واحدة عند الطفل بعد الميلاد وتبعاً لمستوى نموها تتبلور المهارات والقابليات عند الناس.
-----------------------------------
1-تدريب الصوت البشري ج1,البوفسور الدكتور طارق حسون فريد, إصدارات المركز العراقي للدراسات الموسيقية المقارنة, 2008م.
2-دراسة في البرنامج الصوتي, لتطوير قابليات مجودي القران الكريم ومجالس التعزية والندب, الشيخ مهدي الخزاعي, إصدارات شعبة الطباعة ,العتبة الحسينية المقدسة,2009م.
3-تدريب الصوت البشري, الجزء الأول, الأستاذ المتمرس الدكتور طارق حسون فريد ,من إصدارات المركز العراقي للدراسات الموسيقية المقارنة,بغداد.2008م.
4-السكاكي:احد علماء اللغة العربية من القرن الرابع الهجري.
تعليق