بسم الله الرحمن الرحيم
الامامة الابراهيمية
قال : تعالى
(واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال اني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ) البقره 124
وفي هذه الايه اربع مباحث
الاول:شرح مفردات هذه الايه
الثاني:تقرير الايه على الامامه واستمراريه الامامه
الثالث : اثباث امامه اهل البيت ع من نفس الايه
الرابع: اشتراط العصمه للامام من نفس الايه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
مقدمه : التعريف بالايه في اعطاء لابراهيم على كبر سنه واواخر عمره الشريف
,طلب الامامه للذريه, وعهدها من الله تعالى, وليس من المهم ان يحكم لان ابراهيم لم يحكم بل هو حق من حقوقه ولهذا اعطاه الله الامامه .
ان الايه نصت على امامه ابراهيم ع وذلك من دون الرجوع الى فهارس اهل اللغه والنحو وبظهور الايه بذلك وانها امامه من الله تعالى بدليل قوله (عهدي) دون الناس في ذلك
ثانياً: لابد من اعراب الايه لكي يظهر المعنى لدلالات هذه الايه
الامامة الابراهيمية
قال : تعالى
(واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال اني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ) البقره 124
وفي هذه الايه اربع مباحث
الاول:شرح مفردات هذه الايه
الثاني:تقرير الايه على الامامه واستمراريه الامامه
الثالث : اثباث امامه اهل البيت ع من نفس الايه
الرابع: اشتراط العصمه للامام من نفس الايه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
مقدمه : التعريف بالايه في اعطاء لابراهيم على كبر سنه واواخر عمره الشريف
,طلب الامامه للذريه, وعهدها من الله تعالى, وليس من المهم ان يحكم لان ابراهيم لم يحكم بل هو حق من حقوقه ولهذا اعطاه الله الامامه .
ان الايه نصت على امامه ابراهيم ع وذلك من دون الرجوع الى فهارس اهل اللغه والنحو وبظهور الايه بذلك وانها امامه من الله تعالى بدليل قوله (عهدي) دون الناس في ذلك
ثانياً: لابد من اعراب الايه لكي يظهر المعنى لدلالات هذه الايه
اذ:ظرف لما مضى من الزمان بخلاف (اذا) المستقبله للزمان ابتلى:فعل ماض مبني على الفتح |
ربه: فاعل ابتلى وهو مظاف والهاء مظاف اليه ابراهيم:مفعول به |
بكلمات:جار ومجرورمتعلق بابتلى فاتمهن:وهنا ضميران ضمير اتم (هو) والضمير (هنّ) الضمير هو اما ان يعود على الله تعالى وما ان يعود على ابراهيم ع لاحتمال هو الذي اتم الكلمات قال :فعل ماض مبني على الفتح |
اني: الياء اسم ان |
جاعلك:اسم فاعل والتحقيق ان اسم الفاعل اذا كان فيه الاف والام يعمل مطلقاً للماضي والحاضر والاستقبال , وان كان مجرد عنها فان كان للمضي لا يعمل وان كان للحال او الاستقبال يعمل وعليه ان (جاعلك) عامل لان اسم الفاعل يحل محل الفعل المضارع واخذ مفعولين الاول الضمير( الكاف) والثاني (اماماً) وهو يفيد الاستمراريه واهذا الامامه ساريه ومستمره الى الان |
لاينال :النافيه ,وفعل مضارع مرفوع بالظمه |
عهدي :فعل مضارع مرفوع بالظمه المقدره على الياء للثقل |
|
المبحث الاول شرح مفردات الايه
المطلب الاول : (ابتلى)
الفرق بين البلاء والابتلاء من كتاب (لابي البقاء في كتاب الكليات)
1الابتلاء في الأصل التكليف بالأمر الشاق من البلاء لكنه لما استلزم الاختبار بالنسبة إلى من يجهل العواقب ظن ترادفهما وقال بعضهم الابتلاء يكون في الخير والشر معا يقال في الخير أبليته وفي الشر بلوته بلاء الأبطال إفساد الشيء وإزالته حقا كان ذلك الشيء أو باطلا
والاختبار يكون بذلك وبفعل المحبوب .
2قال الراغب في المفردات كتاب الباء
وإذا قيل: ابتلى فلان كذا وأبلاه فذلك يتضمن أمرين: أحدهما تعرف حاله والوقوف على ما يجهل من أمره، والثاني ظهور جودته ورداءته، وربما قصد به الأمران، وربما يقصد به أحدهما، فإذا قيل في الله تعالى: بلاء كذا وأبلاه فليس المراد منه إلا ظهور جودته ورداءته، دون التعرف لحاله، والوقوف على ما يجهل من أمره إذ كان الله علام الغيوب، وعلى هذا قوله عز وجل: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن} [البقرة/124].
المطلب الثاني(بكلمات)
كلمات جمع كلمه وله عدة اطلاقات في اللغه شيء وعند المتكلمين شيء وعند الفلاسفه شيء
فتعني القول المفرد وقد تعني الكلام النفسي وقد تعني الوجود بالخلق والاثار
قال العلامه الطبطبائي( في الميزان)ج1 ص155
واما الكلمات في القران الكريم ,فهي بمعنى الفعل واللايجاد كقوله تعالى (وكلمه منه اسمه المسيح عيسى بن مريم ) آل عمران - 45، إلا أن ذلك بعناية إطلاق القول كما قال تعالى: "إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم، خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون": آل عمران
و جميع ما نسب إليه تعالى من الكلمة في القرآن أريد بها القول كقوله تعالى: "و لا مبدل لكلمات الله":، الأنعام - 34، و قوله: "لا تبديل لكلمات الله": يونس - 64، و قوله: "يحق الحق بكلماته": الأنفال - 7، و قوله: "إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون": يونس - 96، و قوله: "و لكن حقت كلمة العذاب": الزمر - 71، و قوله "و كذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار": المؤمن - 6، و قوله: "و لو لا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم": الشورى - 14، و قوله: "و كلمة الله هي العليا": التوبة - 41، و قوله: "قال فالحق، و الحق أقول": ص - 84، و قوله: "إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون": النحل - 40، فهذه و نظائرها أريد بها القول بعناية أن القول توجيه ما يريد المتكلم إعلامه المخاطب ما عنده كما في الأخبار أو لغرض تحميله عليه كما في الإنشاء و لذلك ربما تتصف في كلامه تعالى بالتمام كقوله تعالى: "و تمت كلمة ربك صدقا و عدلا لا مبدل لكلماته": الأنعام - 115، و قوله تعالى: "و تمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل": الأعراف - 136،كأن الكلمة إذا صدرت عن قائلها فهي ناقصة بعد، لم تتم، حتى تلبس لباس العمل و تعود صدقا.
و هذا لا ينافي كون قوله تعالى فعله، فإن الحقائق الواقعية لها حكم، و للعنايات الكلامية اللفظية حكم آخر، فما يريد الله سبحانه إظهاره لواحد من أنبيائه، أو غيرهم بعد خفائه، أو يريد تحميله على أحد قول و كلام له لاشتماله على غرض القول و الكلام و تضمنه غاية الخبر و النبإ، و الأمر و النهي، و إطلاق القول و الكلمة على مثل ذلك شائع في الاستعمال إذا اشتمل على ما يؤديه القول و الكلمة، تقول: لأفعلن كذا و كذا، لقول قلته و كلمة قدمتها، و لم تقل قولا، و لا قدمت كلمةإذا عرفت ذلك ظهر لك أن المراد بقوله تعالى: بكلمات، قضايا ابتلي بها و عهود إلهية أريدت منه، كابتلائه بالكواكب و الأصنام، و النار و الهجرة و تضحيته بابنه و غير ذلك و لم يبين في الكلام ما هي الكلمات لأن الغرض غير متعلق بذلك، نعم قوله: قال إني جاعلك للناس إماما، من حيث ترتبه على الكلمات تدل على أنها كانت أمورا تثبت بها لياقته، (عليه السلام) لمقام الإمامة.
فهذه هي الكلمات و أما إتمامهن فإن كان الضمير في قوله تعالى: أتمهن راجعا إلى إبراهيم كان معنى إتمامهن إتيانه (عليه السلام) ما أريد منه، و امتثاله لما أمر به، و إن كان الضمير راجعا إليه تعالى كما هو الظاهر كان المراد توفيقه لما أريد منه، و مساعدته على ذلك،
اما بالنسبه الى الروايات:
كمال الدين وتمام النعمه للصدوق
1حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي(3) قال: حدثنا جعفربن محمد بن مالك الكوفي الفزاري قال: حدثنا محمدبن الحسين بن زيد الزيات قال: حدثنا محمد بن زياد الازدي، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفربن محمد عليهما السلام قال: سألته عن قول الله عزوجل: " وإذاابتلي إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن "(4) ماهذه الكلمات
قال: هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب الله عليه وهو أنه قا ل: " أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت على " فتاب الله عليه إنه هو التواب الرحيم.
فقلت له: ياابن رسول الله فما يعني عزوجل بقوله " فأتمهن "؟ قال: يعني فأتمهن إلى القائم اثني عشر إماما تعسة من ولد الحسين عليهم السلام.(هذه الجمله تاتي في الطلب الثالث)
وقال العياشي
2رواه باسانيد عن صفوان الجمال قال : كنا بمكة فجرى الحديث في
قول الله " واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فأتمهن " قال : اتمهن بمحمد وعلى والائمه
من ولد على صلى الله عليهم ، في قول الله " ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم
وقال صاحب كتاب النكت والعيون
قوله تعالى : { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلماتٍ فأتمهن } فيه محذوف وتقديره : واذكر إذا ابتلى يعني اختبر ، وإبراهيم بالسريانية أب رحيم ، وفي الكلمات التي ابتلاه الله عز وجل بها ، ثمانية أقاويل :
أحدها : هي شرائع الإِسلام ، قال ابن عباس : ما ابتلى الله أحداً بهن ، فقام بها كلها ، غير إبراهيم ، ابتلي بالإِسلام فأتمه ، فكتب الله له البراءة فقال : { وإبراهيم الذي وَفَّى } [ النجم : 37 ] قال : وهي ثلاثون سهماً :
عشرة منها في سورة براءة : { التائبون ، العابدون ، الحامدون ، السائحون ، الراكعون ، الساجدون } [ التوبة : 112 ] .
وعشرة في الأحزاب : { إنَّ المُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ، وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ ، وَالصَادِقينَ والصَادِقَاتِ ، وَالصَابِرِينَ وَالصَابِرَاتِ ، وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ ، وَالْمُتَصَدِّقِينَ ، واَلْمُتَصَدِّقَاتِ ، وَالصَائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ ، وَالْحَافِظِينَ فروجَهُم وَالْحافِظَاتِ ، وَالذَاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالْذَّاكِرَاتِ ، أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغَفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } [ الأحزاب : 35 ] .
وعشرة في سورة المؤمنين : { قَدْ أفْلَحَ الْمُؤمِنُونَ ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِم خَاشِعُونَ ، وَالَّذِينَ هُم عَنِ اللَّغُوِ مُعْرِضُونَ ، وَالَّذيِنَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ، إلاَّ عَلَى أزْوَاجِهِم أوْ مَا مَلَكَتْ أيمَانُهُم فَإِنَّهُم غَيرُ مَلُومِينَ ، فَمن ابتغى وَرَاءَ ذلِكَ فَأولئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ، وَالَّذِينَ هُمُ لأَمَانَاتِهِم وَعَهْدِهِم رَاعُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ، أُولئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ، الَّذِينَ يَرِثُونِ الْفِرْدَوسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ المؤمنون : 1 - 11 ] وفي سورة سأل سائل من { إلا المُصَلِّينَ ، الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ } [ المعارج : 23 ] ، إلى { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِم يُحَافظُون } [ المعارج : 34 ] .
والقول الثاني : إنها خصال من سُنَنِ الإسلام ، خمس في الرأس ، وخمس في الجسد ، فروى ابن عباس في الرأس : قص الشارب ، والمضمضة ، والاستنشاق ، والسواك ، وفرق الرأس . وفي الجسد تقليم الأظفار ، وحلق العانة ، والختان ، ونتف الإبط ، وغسل أثر البول والغائط بالماء . وهذا قول قتادة .
والقول الثالث : إنها عشر خصال ، ست في الإنسان وأربع في المشاعر ، فالتي في الإنسان : حَلْقُ العانة ، والختان ، ونَتْفُ الإبط ، وتقليم الأظفار ، وقص الشارب ، والغُسل يوم الجمعة . والتي في المشاعر : الطواف ، والسعي بين الصفا والمروة ، ورمي الجمار ، والإفاضة . روى ذلك الحسن عن ابن عباس .
والقول الرابع : إن الله تعالى قال لإبراهيم : إني مبتليك يا إبراهيم ، قال : تجعلني للناس إماماً؟ قال نعم ، قال : ومن ذريتي؟ قال : لا ينال عهدي الظالمين ، قال : تجعل البيت مثابة للناس؟ قال : نعم ، قال : وأمناً؟ قال : نعم ، قال : وتجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك؟ قال : نعم ، قال : وأرنا مناسكنا وتب علينا؟ قال : نعم ، قال : وتجعل هذا البلد آمناً؟ قال : نعم ، قال : وترزق أهله من الثمرات من آمن؟ قال : نعم ، فهذه الكلمات التي ابتلى الله بها إبراهيم ، وهذا قول مجاهد .
والخامس : أنها مناسك الحج خاصة ، وهذا قول قتادة .
والقول السادس : أنها الخلال الست : الكواكب ، والقمر ، والشمس ، والنار ، والهجرة ، والختان ، التي ابتلي بهن فصبر عليهن ، وهذا قول الحسن .
والقول السابع : ما رواه سهل بن معاذ بن أنس عن أمه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله الذي وفّى؟ لأنه كان يقول كلما أصبح وكلما أمسى : سبحان الله حين تُمْسُونَ وحينَ تُصْبِحُونَ ، وله الحمْدُ في السّموَاتِ والأرْضِ وعَشِيّاً وحين تُظْهِرُونَ » .
والقول الثامن ، ما رواه القاسم بن محمد ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « وَإبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى } قَالَ : أتَدْرُونَ مَا وَفَّى؟ قَالُوا : اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ ، قَالَ : وَفّى عَمَلَ يَوْمٍ بِأرْبَعِ رَكْعَاتٍ فِي النَّهَارِ »
__________
{ قَالَ إنَّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إمَاماً } أي مقصوداً متبوعاً ، ومنه إمام المصلين ، وهو المتبوع في الصلاة .
{ قال ومن ذريتي } فاحتمل ذلك وجهين :
أحدهما : أنه طمع في الإمامة لذريته ، فسأل الله تعالى ذلك لهم .
والثاني : أنه قال ذلك استخباراً عن حالهم ، هل يكونون أهل طاعة فيصيروا أئمة؟ فأخبره الله تعالى أن فيهم عاصياً وظالماً ، لا يستحق الإمامة ، فقال : { لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } .
وفي هذا العهد ، سبعة تأويلات :
أحدها : أنه النبوة ، وهو قول السدي .
والثاني : أنه الإمامة ، وهو قول مجاهد .
والثالث : أنه الإيمان ، وهو قول قتادة .
والرابع : أنه الرحمة ، وهو قول عطاء .
والخامس : أنه دين الله وهو قول الضحاك .
والسادس : أنه الجزاء والثواب .
والسابع : أنه لا عهد عليك لظالم أنه تطيعه في ظلمة ، وهو قول ابن عباس .
المطلب الثالث: فاتمهنّ
فأتمهنّ الاتمام في الغه :هو القيام بالامر اي يوجد آمر ومأمور والعمل الذي يقوم به المأمور يسمى اتمام
والإتمام القيام بالأمر( كما في مجمع البحرين ج1 ص 283)
وفي كتاب الفروق للعسكري قال:
الفرق بين الاتمام والاكمال: قد فرق بينهما بأن الاتمام: لازالة نقصان الاصل.والاكمال: لازالة نقصان العوارض بعد تمام الاصل. قيل: ولذا كان قوله تعالى: " تلك عشرة كاملة " أحسن من (تامة). ج1ص7
اما الاتمام في الروايات (راجع الروايه التي في المطلب الثاني (كمال الدين) في اللون الاصفر)
المطلب الرابع: جاعلك
والجعل إذا تعدى إلى المفعولين يكون بمعنى التصيير وإذا تعدى إلى مفعول واحد يكون بمعنى الخلق والإيجاد (كليات ابو البقاء) ج1 ص 20
والتصيير هو التحويل وجاعلك للناس اماملا هو من هذا الباب لان جاعلك عمل بمعمولين الاول الكاف والثاني اماما .
المطلب الخامس(اماما)
قال الفيروز ابادي
والا مامُ : ما ائْتُمَّ به من رئيسٍ أو غيرِهِ ج : إمامٌ بِلَفْظِ الواحِدِ وليسَ على حَدِّ عَدْلٍ لأَنَّهُم قالوا : إمامانِ بَلْ جَمْعٌ مُكَسَّرٌ وأيِمَّةٌ وأئِمَّةٌ
وقال الراغب بالمفردات
والامام المؤتم به إنسانا كأن أو يقتدي
بقوله أو فعله ، أو كتابا أو غير ذلكم حقا كان أو مبطلا وجمعه أئمة . وقوله تعالى
(: يوم ندعو كل أناس بإماماهم ) أي بالذي يقتدون به
وقال ابو البقاء في الكليات ...
لأنهم قالوا إمامان بل جمع مكسر وأيمة وآمة شاذ كذا في القاموس قال بعضهم والجمع { أئمة } بهمزة بعدها همزة بين بين أي بين مخرج الهمزة والياء وتخفيف الهمزتين قراءة مشهورة وإن لم تكن مقبولة عند البصريين ولا يجوز التصريح بالياء والإمامة مصدر { أممت الرجل } أي جعلته أمامي أي قدامي ثم جعلت عبارة عن رياسة عامة تتضمن حفظ مصالح العباد في الدارين يقال { هذا أيم منه وأوم } أي أحسن إمامة كما في الراموز وقال بعضهم الإمام من يؤتم به أي يقتدى سواء كان إنسانا يقتدى بقوله وفعله ذكرا كان أو أنثى أو كاتبا أو غيرهما
اقول :ان الذي استفيد من الامامه امرين
1 المقتدى به دينياً
2 المقتدى به دنيوياً (سياسيا واقتصادياً والخ)
فعلى الوجه الاول كل الانبياء هم ائمه وعلى الوجه الثاني لا يجب ذلك اذ يجوز ان يكون مامورا بتادب الناس ومحاربة العداة والدفاع
فائده تكررت كلمه امام في القران اثنا عشر مره ,خمس مرات بلفظ المفرد وهي
1 البقره 124 هود17 الحجر 794 الاسراء 715 الفرقان 74 الاحقاف 127 يس12 //// وست مرات بلفظ الجمع التوبه129الانبياء 73 القصص القصص41 السجده 24
تعريف الامام في الروايات
ماجاء في كتاب عيون اخبار الرضا
باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في وصف الامامه والامام وذكر فضل الامام ورتبته حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن اسحاق الطالقاني رضى الله عنه قال: حدثنا أبو أحمد القاسم بن محمد بن على الهاروني قال: حدثني أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم عن الحسن بن القاسم الرقام قال: حدثني القاسم بن مسلم عن اخيه عبد العزيز بن مسلم قال: كنا في ايام على بن موسى الرضا عليهم السلام بمرو فاجتمعنا في مسجد جامعها في يوم الجمعه في بدء مقدمنا فإذا راى الناس أمر الامامه وذكروا كثره اختلاف الناس فيها فدخلت على سيدى ومولاي الرضا عليه السلام فاعلمته ما خاض الناس فيه فتبسم عليه السلام ثم قال: يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن اديانهم ان الله تبارك وتعالى لم يقبض نبيه (ص) حتى اكمل له الدين وانزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شئ بين فيه الحلال والحرام والحدود والاحكام وجميع ما يحتاج إليه كملا فقال عز وجل: (ما فرطنا في الكتاب من شئ) (1) وانزل في حجه الوداع وفي آخر عمره (ص) (اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) (2) وأمر الامامه في تمام الدين ولميمض (ص) حتى بين لامته معالم دينهم واوضح لهم سبيلهم وتركهم على قصد الحق واقام لهم عليا عليه السلام علما واماما وما ترك شيئا يحتاج إليه الامه إلا بينه فمن زعم ان الله عز وجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله عز وجل ومن رد كتاب الله فهو كافر هل يعرفون قدر الامامه ومحلها من الامه فيجوز فيها اختيارهم؟! ان الامامه اجل قدرا واعظم شانا واعلى مكانا وامنع جانبا وابعد غورا من ان يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بارائهم أو يقيموا اماما باختيارهم ان الامامه خص الله بها إبراهيم الخليل عليه السلام بعد النبوه والخله مرتبه ثالثه وفضيلة شرفه بها واشاد بها ذكره فقال عز وجل: (انى جاعلك للناس اماما) (1) فقال الخليل عليه السلام: سرورا بها (ومن ذريتي) قال الله عز وجل: (لا ينال عهدي الظالمين) فابطلت هذه الايه امامه كل ظالم الى يوم القيامة وصارت في الصفوه ثم اكرمه الله عز وجل بان جعلها ذريته أهل الصفوه والطهارة فقال عز وجل: (ووهبنا له اسحاق ويعقوب نافله وكلا جعلنا صالحين وجعلناهم ائمه يهدون بامرنا واوحينا إليهم فعل الخيرات واقام الصلاه وايتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين) فلم يزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورثها النبي (ص) فقال الله عز وجل: (ان اولى بابراهيم (عليه السلام) للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولى المؤمنين) (3) فكانت له خاصه فقلدها (ص) عليا بامر الله عز وجل على رسم ما فرضها الله عز وجل فصارت في ذريته الاصفياء الذين آتاهم الله العلم والايمان بقوله عز وجل: (فقال الذين اوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتاب الله الى يوم البعث) فهى في ولد على عليه السلام خاصه الى يوم القيامة إذ لا نبى بعد محمد (ص) فمن اين يختار هؤلاء الجهال؟! ان الامامه هي منزله الانبياء وارث الاوصياء ان الامامه خلافه الله عز وجل وخلافه الرسول ومقام أمير المؤمنين وميراث الحسن والحسين عليهما السلام انبالامامه زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين ان الامامه اس الاسلام النامى وفرعه السامى بالامام تمام الصلاه والزكاه والصيام والحج والجهاد وتوفير الفئ والصدقات وامضاء الحدود والاحكام ومنع الثغور والاطراف والامام يحل حلال الله ويحرم حرام الله ويقيم حدود الله ويذب عن دين الله ويدعو الى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنه والحجه البالغه الامام كالشمس الطالعة للعالم وهي بالافق بحيث لا تنالها الايدى والابصار الامام البدر المنير والسراج الزاهر والنور الساطع والنجم الهادى في غياهب الدجى والبيد القفار ولجج البحار الامام الماء العذب على الظماء والدال على الهدى والمنجى من الردى والامام النار على اليفاع الحار لمن اصطلى به والدليل في المهالك من فارقه فهالك الامام السحاب الماطر والغيث الهاطل والشمس المضيئة والارض البسيطه والعين الغزيره والغدير والروضه الامام الامين الرفيق والوالد الرفيق والاخ الشفيق ومفزع العباد في الداهيه الامام امين الله في ارضه وحجته على عباده وخليفته في بلاده الداعي الى الله والذاب عن حرم الله الامام المطهر الذنوب المبرأ من العيوب مخصوص بالعلم مرسوم بالحلم نظام الدين وعز المسلمين وغيظ المنافقين وبوار الكافرين الامام واحد دهره لا يدانيه أحد ولا يعادله عالم ولا يوجد منه بدل وله مثل ولا نظير مخصوص بالفعل كله من غير طلب منه له ولا اكتساب بل اختصاص من المفضل الوهاب فمن ذا الذي يبلغ معرفه الامام ويمكنه اختياره؟! هيهات هيهات! ضلت العقول وتاهت الحلوم وحارت الالباب وحسرت العيون وتصاغرت العظماء وتحيرت الحكماء وتقاصرت الحلماء وحصرت الخطباء وجهلت الالباء وكلتالشعراء وعجزت الادباء وعييت البلغاء عن وصف شان من شانه أو فضيله من فضائله فاقرت بالعجز والتقصير وكيف يوصف له أو ينعت بكنهه يفهم شئ من امره أو يوجد من يقام مقامه ويغنى غناه لا كيف وانى وهو بحيت النجم من ايدى المتناولين ووصف الواصفين فاين الاختيار من هذا؟ واين العقول عن هذا؟ واين يوجد مثل هذا؟ اظنوا ان يوجد ذلك في غير آل الرسول (ص)؟ كذبتهم والله انفسهم ومنتهم الباطل فارتقوا مرتقى صعبا دحضا تزل عنه الى الحضيض اقدامهم راموا اقامه الامام بقول جائرة بائرة ناقصه وآراء مضله فلم يزدادوا منه إلا بعدا (قاتلهم الله انى يؤفكون) لقد راموا صعبا وقالوا افكا (وضلوا ضلالا بعيدا) ووقعوا في الحيره إذ تركوا الامام عن بصيره (وزين لهم الشيطان اعمالهم فصدهم عن السبيل وما كانوا مستبصرين) ورغبوا عن اختيار الله واختيار رسوله الى اختيارهم والقرآن يناديهم (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيره سبحان الله وتعالى عما يشركون) وقال الله عز وجل: (وما كان لمؤمن ومؤمنه إذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيره من امرهم) وقال عز وجل: (ما لكم كيف تحكمون ام لكم كتاب فيه تدرسون ان لكم فيه لما تخيرون ام لكم ايمان علينا بالغه الى يوم القيامة ان لكم لما تحكمون سلهم ايهم بذلك زعيم ام لهم شركاء فليأتوا بشركائهم ان كانوا صادقين) وقال عز وجل: (افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها) ام طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون ام (قالوا سمعنا ولا يسمعون ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم ولو اسمعهم لتولوا وهم معرضون) و (قالوا سمعنا وعصينا) بل هو (فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) (11) فكيف لهم باختيار الامام؟! والامام عالم لا يجهل راع لا ينكل معدن القدس والطهارة والنسك والزهاده والعلم والعبادةمخصوص بدعوه الرسول وهو نسل المطهرة البتول لا مغمز فيه في نسب ولا يدانيه ذو حسب فالنسب من قريش والذروه من هاشم والعترة من آل الرسول (ص) والرضا من الله شرف الاشراف والفرع من عبد مناف نامى العلم كامل الحلم. مضطلع بالامامه عالم بالسياسه مفروض الطاعه قائم بامر الله عز وجل ناصح لعباد الله حافظ لدين ان الانبياء والائمه صلوات الله عليهم يوفقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه وحكمه ما لا يؤتيه غيرهم فيكون علمهم فوق كل علم أهل زمانهم في قوله تعالى (افمن يهدى الحق احق ان يتبع امن لا يهدى إلا ان يهدى فما لكم كيف تحكمون) ؟! وقوله عز وجل: (ومن يؤت الحكمه فقد اوتى خيرا كثيرا) وقوله عز وجل في طالوت: (ان الله اصطفاه عليكم وزاده بسطه في العلم والجسم والله يؤتى ملكه من يشاء والله واسع عليم) وقال عز وجل لنبيه (ص): (وكان فضل الله عليك عظيما) وقال عز وجل في الائمه من أهل بيته وعترته وذريته: (ام يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل ابراهيم الكتاب والحكمه وآتيناهم ملكا عظيما فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا) وان العبد إذا اختاره الله عز وجل لامور عباده شرح الله صدره لذلك واودع قلبه ينابيع الحكمه والهمه العلم الهاما فلم يعى بعده بجواب ولا يحيد فيه عن الصواب وهو معصوم مؤيد موفق مسدد قد امن الخطايا والزلل والعثار يخصه الله بذلك ليكون حجته على عباده وشاهده على خلقه (وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) فهل يقدرون على مثل هذا؟! فيختاروه أو يكون مختارهم بهذه الصفه فيقدموه؟ تعدوا وبيت الله الحق ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون وفي كتاب الله مخصوص بدعوه الرسول وهو نسل المطهرة البتول لا مغمز فيه في نسب ولا يدانيه ذو حسب فالنسب من قريش والذروه من هاشم والعترة من آل الرسول (ص) والرضا من الله شرف الاشراف والفرع من عبد مناف نامى العلم كامل الحلم. مضطلع بالامامه عالم بالسياسه مفروض الطاعات قائم بامر الله عز وجل ناصح لعباد الله حافظ لدين ان الانبياء والائمه صلوات الله عليهم يوفقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه وحكمه ما لا يؤتيه غيرهم فيكون علمهم فوق كل علم أهل زمانهم في قوله تعالى (افمن يهدى الحق احق ان يتبع امن لا يهدى إلا ان يهدى فما لكم كيف تحكمون) ؟! وقوله عز وجل: (ومن يؤت الحكمه فقد اوتى خيرا كثيرا) وقوله عز وجل في طالوت: (ان الله اصطفاه عليكم وزاده بسطه في العلم والجسم والله يؤتى ملكه من يشاء والله واسع عليم) وقال عز وجل لنبيه (ص): (وكان فضل الله عليك عظيما) وقال عز وجل في الائمه من أهل بيته وعترته وذريته: (ام يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل ابراهيم الكتاب والحكمه وآتيناهم ملكا عظيما فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا) وان العبد إذا اختاره الله عز وجل لامور عباده شرح الله صدره لذلك واودع قلبه ينابيع الحكمه والهمه العلم الهاما فلم يعى بعده بجواب ولا يحيد فيه عن الصواب وهو معصوم مؤيد موفق مسدد قد امن الخطايا والزلل والعثار يخصه الله بذلك ليكون حجته على عباده وشاهده على خلقه (وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) فهل يقدرون على مثل هذا؟! فيختاروه أو يكون مختارهم بهذه الصفه فيقدموه؟ تعدوا وبيت الله الحق ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون وفي كتاب
الهدى والشفاء فنبذوه واتبعوا اهوائهم فذمهم الله ومقتهم واتعسهم فقال عز وجل: (ومن اضل ممن اتبع هويه بغير هدى من الله ان الله لا يهدى القوم الظالمين) وقال عز وجل: (فتعسا لهم واضل اعمالهم) وقال عز وجل: (كبر مقتا عند وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار)
وايضا ماجاء في كتاب الكافي
محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن غالب، عن أبي عبدالله عليه السلام في خطبة له يذكر فيها حال الائمة عليه السلام و صفاتهم: أن الله عزوجل أوضح بأئمة الهدى من أهل بيت نبينا عن دينه، وأبلج بهم عن سبيل منهاجه، وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه، فمن عرف من امة محمد صلى الله عليه وآله واجب حق إمامه، وجد طعم حلاوة إيمانه، وعلم فضل طلاوة إسلامه، لان الله تبارك وتعالى نصب الامام علما لخلقه، وجعله حجة على أهل مواده وعالمه، وألبسه الله تاج الوقار، وغشاه من نور الجبار، يمد بسبب إلى السماء، ولا ينقطع عنه مواده، ولا ينال ما عند الله إلا بجهة أسبابه، ولا يقبل الله أعمال العباد إلا بمعرفته، فهو عالم بما يرد عليه من متلبسات الدجى، ومعميات السنن، ومشبهات الفتن، فلم يزل الله تبارك وتعالى يختارهم لخلقه من ولد الحسين عليه السلام من عقب كل إمام، يصطفيهم لذلك ويجتبيهم، ويرضي بهم لخلقه ويرتضيهم، كل ما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماما، علما بينا، وهاديا نيرا، وإماما قيما، وحجة عالما، أئمة من الله، يهدون بالحق وبه يعدلون، حجج الله ودعاته ورعاته على خلقه، يدين بهديهم
العباد وتستهل بنورهم البلاد، وينمو ببركتهم التلاد، جعلهم الله حياة للانام، ومصابيح للظلام، ومفاتيح للكلام، ودعائم للاسلام، جرت بذلك فيهم مقادير الله على محتومها.
فالامام هو المنتجب المرتضى، والهادي المنتجى ، والقائم المترجى، اصطفاه الله بذلك واصطنعه على عينه في الذر حين ذرأه، وفي البرية حين برأه، ظلا قبل خلق نسمة عن يمين عرشه، محبوا بالحكمة في علم الغيب عنده، اختاره بعلمه، وانتجبه لطهره، بقية من آدم عليه السلام وخيرة من ذرية نوح، ومصطفى من آل إبراهيم، وسلالة من إسماعيل، وصفوة من عترة محمد صلى الله عليه وآله لم يزل مرعيا بعين الله، يحفظه ويكلؤه بستره، مطرودا عنه حبائل إبليس وجنوده، مدفوعا عنه وقوب الغواسق ونفوث كل فاسق، مصروفا عنه قوارف السوء، مبرءا من العاهات، محجوبا عن الآفات، معصوما من الزلات، مصونا عن الفواحش كلها، معروفا بالحلم والبر في يفاعه ، منسوبا إلى العفاف والعلم والفضل عند انتهائه، مسندا إليه أمر والده، صامتا عن المنطق في حياته.
فإذا انقضت مدة والده، إلى أن انتهت به مقادير الله إلى مشيئته، وجاء ت الارادة من الله فيه إلى محبته، وبلغ منتهى مدة والده عليه السلام فمضى وصار أمر الله إليه من بعده، وقلده دينه، وجعله الحجة على عباده، وقيمه في بلاده، وأيده بروحه، وآتاه علمه، وأنبأه فصل بيانه، واستودعه سره، وانتدبه لعظيم أمره، وأنبأه فضل بيان علمه، ونصبه علما لخلقه، وجعله حجة على أهل عالمه، وضياء لاهل دينه، والقيم على عباده، رضي الله به إماما لهم، استودعه سره، واستحفظه علمه، واستخبأه حكمته واسترعاه لدينه وانتدبه لعظيم أمره، وأحيا به مناهج سبيله وفرائضه وحدوده، فقام بالعدل عند تحير أهل الجهل، وتحيير أهل الجدل، بالنور الساطع،والشفاء النافع، بالحق الابلج، والبيان اللائح من كل مخرج، على طريق المنهج، الذي مضى عليه الصادقون من آبائه عليهم السلام، فليس يجهل حق هذا العالم إلا شقي، ولا يجهده إلا غوي، ولا يصد عنه إلا جري على الله جل وعلا.
المطلب السادس :
الظالمين
قال صاحب لسان العرب:
( ظلم ) الظُّلْمُ وَضْع الشيء في غير موضِعه ومن أمثال العرب في الشَّبه مَنْ أَشْبَهَ أَباه فما ظَلَم قال الأصمعي ما ظَلَم أي ما وضع الشَّبَه في غير مَوْضعه وفي المثل من اسْترْعَى الذِّئْبَ فقد ظلمَ وفي حديث ابن زِمْلٍ لَزِموا الطَّرِيق فلم يَظْلِمُوه أي لم يَعْدِلوا عنه يقال أَخَذَ في طريقٍ فما ظَلَم يَمِيناً ولا شِمالاً ومنه حديث أُمِّ سَلمَة أن أبا بكرٍ وعُمَرَ ثَكَما الأَمْر فما ظَلَماه أي لم يَعْدِلا عنه وأصل الظُّلم الجَوْرُ ومُجاوَزَة الحدِّ ومنه حديث الوُضُوء فمن زاد أو نَقَصَ فقد أساء وظَلَمَ أي أَساءَ الأدبَ بتَرْكِه السُّنَّةَ والتَّأَدُّبَ بأَدَبِ الشَّرْعِ وظَلمَ نفْسه بما نَقَصَها من الثواب بتَرْدادِ المَرّات في الوُضوء وفي التنزيل العزيز الذين آمَنُوا ولم يَلْبِسُوا إيمانَهم بِظُلْمٍ قال ابن عباس وجماعةُ أهل التفسير لم يَخْلِطوا إيمانهم بِشِرْكٍ ورُوِي ذلك عن حُذَيْفة وابنِ مَسْعود وسَلمانَ وتأَوّلوا فيه قولَ الله عز وجل إن الشِّرْك لَظُلْمٌ عَظِيم والظُّلْم المَيْلُ عن القَصد والعرب تَقُول الْزَمْ هذا الصَّوْبَ ولا تَظْلِمْ عنه أي لا تَجُرْ عنه وقوله عزَّ وجل إنَّ الشِّرْكَ لَظُلم عَظِيم يعني أن الله تعالى هو المُحْيي المُمِيتُ الرزّاقُ المُنْعِم وَحْده لا شريك له فإذا أُشْرِك به غيره فذلك أَعْظَمُ الظُّلْمِ لأنه جَعل النعمةَ لغير ربِّها يقال ظَلَمَه يَظْلِمُهُ ظَلْماً وظُلْماً ومَظْلِمةً فالظَّلْمُ مَصْدرٌ حقيقيٌّ والظُّلمُ الاسمُ يقوم مَقام المصدر وهو ظالمٌ وظَلوم قال ضَيْغَمٌ الأَسدِيُّ إذا هُوَ لمْ يَخَفْني في ابن عَمِّي وإنْ لم أَلْقَهُ الرجُلُ الظَّلُومُ وقوله عز وجل إن الله لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ أرادَ لا يَظْلِمُهُم مِثْقالَ ذَرَّةٍ وعَدَّاه إلى مفعولين لأنه في معنى يَسْلُبُهم وقد يكون مِثْقالَ ذرّة في موضع المصدر أي ظُلْماً حقيراً كمِثْقال الذرّة وقوله عز وجل فَظَلَمُوا بها أي بالآيات التي جاءَتهم وعدّاه بالباء لأنه في معنى كَفَرُوا بها والظُّلمُ الاسمُ وظَلَمه حقَّه وتَظَلَّمه إياه قال أبو زُبَيْد الطائيّ وأُعْطِيَ فَوْقَ النِّصْفِ ذُو الحَقِّ مِنْهمُ وأَظْلِمُ بَعْضاً أو جَمِيعاً مُؤَرِّبا وقال تَظَلَّمَ مَالي هَكَذَا ولَوَى يَدِي لَوَى يَدَه اللهُ الذي هو غالِبُهْ وتَظَلَّم منه شَكا مِنْ ظُلْمِه وتَظَلَّم الرجلُ أحالَ الظُّلْمَ على نَفْسِه حكاه ابن الأعرابي وأنشد كانَتْ إذا غَضِبَتْ عَلَيَّ تَظَلَّمَتْ وإذا طَلَبْتُ كَلامَها لم تَقْبَلِ قال ابن سيده هذا قولُ ابن الأعرابي قال ولا أَدْري كيف ذلك إنما التَّظَلُّمُ ههنا تَشَكِّي الظُّلْم منه لأنها إذا غَضِبَت عليه لم يَجُزْ أن تَنْسُبَ الظُّلْمَ إلى ذاتِها والمُتَظَلِّمُ الذي يَشْكو رَجُلاً ظَلَمَهُ والمُتَظَلِّمُ أيضاً الظالِمُ ومنه قول الشاعر نَقِرُّ ونَأْبَى نَخْوَةَ المُتَظَلِّمِ أي نَأْبَى كِبْرَ الظالم وتَظَلَّمَني فلانٌ أي ظَلَمَني مالي قال ابن بري شاهده قول الجعدي وما يَشْعُرُ الرُّمْحُ الأَصَمُّ كُعوبُه بثَرْوَةِ رَهْطِ الأَعْيَطِ المُتَظَلِّمِ قال وقال رافِعُ بن هُرَيْم وقيل هُرَيْمُ بنُ رافع والأول أَصح فهَلاَّ غَيْرَ عَمِّكُمُ ظَلَمْتُمْ إذا ما كُنْتُمُ مُتَظَلِّمِينا أي ظالِمِينَ ويقال تَظَلَّمَ فُلانٌ إلى الحاكم مِنْ فُلانٍ فظَلَّمَه تَظْليماً أي أنْصَفَه مِنْ ظالِمه وأَعانَه عليه ثعلب عن ابن الأعرابي أنه أنشد عنه إذا نَفَحاتُ الجُودِ أَفْنَيْنَ مالَه تَظَلَّمَ حَتَّى يُخْذَلَ المُتَظَلِّمُ قال أي أغارَ على الناس حتى يَكْثُرَ مالُه قال أبو منصور جَعَل التَّظلُّمَ ظُلْماً لأنه إذا أغارَ على الناس فقد ظَلَمَهم قال وأَنْشَدَنا لجابر الثعلبيّ وعَمْروُ بنُ هَمَّام صَقَعْنا جَبِينَه بِشَنْعاءَ تَنْهَى نَخْوةَ المُتَظَلِّمِ قال أبو منصور يريد نَخْوةَ الظالم والظَّلَمةُ المانِعونَ أهْلَ الحُقوقِ حُقُوقَهم يقال ما ظَلَمَك عن كذا أي ما مَنَعك وقيل الظَّلَمةُ في المُعامَلة قال المُؤَرِّجُ سمعت أَعرابيّاً يقول لصاحبه أَظْلَمي وأَظْلَمُكَ فَعَلَ اللهُ به أَي الأَظْلَمُ مِنَّا ويقال ظَلَمْتُه فتَظَلَّمَ أي صبَر على الظُّلْم قال كُثَيْر مَسائِلُ إنْ تُوجَدْ لَدَيْكَ تَجُدْ بِها يَدَاكَ وإنْ تُظْلَمْ بها تَتَظلَّمِ واظَّلَمَ وانْظَلَم احْتَملَ الظُّلْمَ وظَلَّمه أَنْبأَهُ أنه ظالمٌ أو نسبه إلى الظُّلْم قال أَمْسَتْ تُظَلِّمُني ولَسْتُ بِظالمٍ وتُنْبِهُني نَبْهاً ولَسْتُ بِنائمِ والظُّلامةُ ما تُظْلَمُهُ وهي المَظْلِمَةُ
قال الراغب في المفردات
الاول:ظلم بين الانسان وبين الله تعالى وأعظمه الكفر والشرك والنفاق، ولذلك قال
( :إن الشرك لظلم عظيم ) وإياه قصد بقوله( : ألا لعنة الله على الظالمين
ـوالظالمين أعد لهم عذابا أليما )في آي كثيرة وقال (:فمن أظلم ممن كذب على الله
ـ ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا . )والثاني : ظلم بينه وبين الناس وإياه
قصد بقوله( : وجزاء سيئة سيئة ) إلى قوله( : إنه لا يحب الظالمين )وبقوله(:إنما
السبيل على الذين يظلمون الناس )وبقوله(:ومن قتل مظلوما .)والثالث:ظلم بينه
وبين نفسه وإياه قصد بقوله(: فمنهم ظالم لنفسه ) وقوله( :ظلمت نفسيـ إذ ظلموا
أنفسهم ـ فتكونا من الظالمين ) أي من الظالمين أنفسهم( : ومن يفعل ذلك فقد ظلم
نفسه ) وكل هذه الثلاثة في الحقيقة ظلم للنفس فإن الانسان في أول ما يهم بالظلم
فقد ظلم نفسه ، فإذا الظالم أبدا مبتدي ء في الظلم ولهذا قال تعالى في غير موضع
(:وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ـ وما ظلموناولكن كانوا أنفسهم
يظلمون )وقوله(:ولم يلبسوا إيمانهم بظلم )فقد قيل هوالشرك بدلالة أنه لما نزلت
هذه الاية شق ذلك على أصحاب النبي عليه السلام وقال لهم ألم تروا إلى قوله(:إن
الشرك لظلم عظيم ) وقوله(:ولم تظلم منه شيئا)أي لم تنقص وقوله(:ولو أن للذين
ظلمواما في الارض جميعا )فإنه يتناول الانواع الثلاثة من الظلم ، فما أحد كان منه
ظلم ما في الدنيا إلا ولو حصل له ما في الارض ومثله معه لكان يفتدي به، وقوله :
(هم أظلم وأطغى )تنبيها أنالظلم لا يغني ولا يجدي ولا يخلص بل يردي بدلالة قوم نوح.
وقوله( وما الله يريدظلما للعباد )وفي موضع( وما أنا بظلام للعبيد )وتخصيص
أحدهما بالارادة مع لفظ العباد والاخر بلفظ الظلام للعبيد يختص بما بعد هذاالكتاب . والظليم ذكرالنعام ، وقيل إنما سمي بذلك لاعتقادهم أنه مظلوم للمعنى
الذي أشار إليه الشاعر :فصرت كالهيق عدا يبتغي قرنا فلم يرجع بأذنين والظلم
ماء الاسنان،قال الخليل :لقيته أدنى ظلم أو ذي ظلمة، أي أول شيء سد بصرك، قال :
ولا يشتق منه فعل ، ولقيته أدنى ظلم كذلك .ظمأ :الظمء ما بين الشربتين، والظمأ
العطش الذي يعرض من ذلك، يقال ظمىء يظمأ فهو ظمآن، قال( لا تظمأ فيها ولاتضحى )
وقال(: يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا . )
تعليق