بسم الله الرحمن الرحيم
(وأوفوا بالعهدِ إن العهدَ كان مسؤولاً)صدق الله العلي العظيم. سورة الإسراء/34
الوفاء هو أن الإنسان يفي بما وعد به بصورة كاملة وصحيحة وهو من الأخلاق الحميدة التي تكسب الإنسان ثقة معاشريه و ميلهم إلى معاملته ومعاونته وينال من الناس حسن الذكر في حياته ومماته، حيث قال الإمام الصادق(عليه السلام):ثلاثة لم يجعل الله لأحد من الناس فيهن رخصة بر الوالدين برين كانا أو فاجرين، و وفاء بالعهد بالبر والفاجر، وأداء الأمانة إلى البر والفاجر.
رب سائل يسأل ما هو العهد ؟
الجواب: هو وجود معنوي إن صح التعبير وهو يعتني بالإمور ويحفظها.
مثال على ذلك شخص معين يقول أعاهد الله أن أحضر مجالس الحسين أينما أذهب إذا دعيت إليها والعهد هذا كان سواء مع النفس أو مع الآخرين.
أما الأمانة فهي أداء الحقوق والمحافظة عليها وخير شاهد على ذلك أمانة الإمام زين العابدين(عليه السلام)لعائلة مروان إبن الحكم الفاجر في واقعة الحرة في المدينة ولهذا كان النبي(صلى الله عليه وآله)في زمن الجاهلية قبل البعثة كان يسمى بـ(الصادق الأمين)فكان البر والفاجر يودعون أماناتهم عنده، قال النبي(صلى الله عليه وآله):عليكم بصدق الحديث و وفاء العهد و حفظ الأمانة فإنها وصية الأنبياء، إذن أيها الإنسان لا تكذب حتى وإن كان مزاحاً، فإذا إعتاد على هذا أصبح عنده ملكة الكذب مثل شربة الماء، فإذا كنا نريد معرفة منزلتنا من النبي وقربنا يقول(صلى الله عليه وآله):أقربكم مني في الموقف أصدقكم للحديث وأداكم للأمانة وأوفاكم بالعهد وأحسنكم خلقاً وأقربكم من الناس.
ولتسليط الضوء أكثر نأخذ مثال من قصص الوفاء ليلة العاشر من شهر محرم الحرام عندما جمع الإمام الحسين(عليه السلام)أصحابه مخاطباً إياهم قائلاً: أثني على الله أحسن الثناء وأحمده على السراء والضراء اللهم إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة وعلمتنا القرآن وفقهتنا في الدين وجعلت لنا أسماعاً وأبصاراً وأفئدة ولم تجعلنا من المشركين، أما بعد فإني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خير من أصحابي ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي فجزاكم الله عني جميعاً.. ألا وإني أظن يومنا من هؤلاء الأعداء غدا وإني قد أذنت لكم فإنطلقوا جميعاً في حل ليس عليكم مني ذمام وهذا الليل قد غشيكم فإتخذوه جملاً وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي، فرفض الجميع وعلى رأسهم قمر العشيرة أبي الفضل العباس(عليه السلام)من بني هاشم ومسلم إبن عوسجة من الأنصار، حيث قال له مسلم ما مضمون كلامه: حتى لو لم يكن عندي سلاح أقاتلهم بالحجارة حتى أموت معك، وقال سعيد الحنفي الذي حمى الإمام الحسين(عليه السلام)من سهام جيش الأعداء أثناء صلاة الظهر: لو إحرق سبعين وأذر سبعين ما تركتك يا سيدي وغيرها من ألوان الوفاء التي كان يمتلكها أصحابه(عليه السلام)لا يسع المقام من ذكرها.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.