إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كيف نبرمج عقولنا؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف نبرمج عقولنا؟

    الحلقة الثانية
    كيف نبرمج عقلنا ؟
    عنوان الحلقة / القوى الغريزية
    اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
    بسم الله الرحمن الرحيم
    قلنا في حلقتنا السابقة الى ان غرضنا من هذا البرنامج وهو كيف نبرمج عقولنا ان نتعرف على القوى التي تحكم مملكة الانسان وعالم الانسان، وقد اشرنا الى ان هناك ثلاث قوى ، القوة الاولى هي القوة الغريزية والقوة الثانية هي القوة الادراكية والقوة الثالثة هي القوة الروحية واليوم باذن الله سندخل في اول قوة تحكم عالم الانسان ومملكته وهي القوة الغريزية فنقول :
    الانسان سيد هذا العالم
    من المتفق عليه ولايوجد خلاف عند اي احد، في ان الانسان هو سيد هذا العالم بل الكون، ولم يكتشف لحد الان من ان هناك وجود في هذا الكون الفسيح، يمتلك امكانات وقابليات وقدرات تفوق قدرات الانسان وقابلياته، فهو مازال هذا الانسان يسخر كل ما في هذا العالم ويوظفه لصالحه، وهنا توجد اشارة للسيد الطباطبائي في تفسير الاية الكريمة (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ) صدق الله العلي العظيم، يقول معنى تسخيرها للانسان، ان اجزاء العالم المشهود، تجري على نظام واحد، ويرتبط بعضها ببعض، ويرتبط الجميع بالانسان فينتفع من علويها وسفليها، ولايزال المجتمع البشري يتوسع في الانتفاع بها، والاستفادة من توسيطها، والتوسل بشتاتها في الحصول على مزايا الحياة فالكل مسخر له. انتهى كلام السيد الطباطبائي.

    وايضا مما يجب ان يعلم، في ان هذه السيادة، هي ليست سيادة في القوة والهيمنة فقط، بل السيادة على جميع المستويات الفكرية والعلمية والثقافية والاقتصادية، فالانسان اشرف المخلوقات، بحيث ان الانسان يمتلك جميع هذه القوى الموجودة في هذا العالم وزيادة، حيث ان الانسان يمتلك القوى الجسدية والمادية والتي تمثل عالم الطبيعة او المادة، وايضا يمتلك القوى الحيوانية والغريزية، والتي يشترك في هذه القوة مع الحيوان الذي يمتلك حرية الحركة والارادة، وان كانت هذه الارادة عند الحيوان هي ضعيفة جدا، ولكن مع ذلك نجد ان هناك نفس حيوانية تبحث عن اشباع غرائزها، وهي اي الحيوانات تمتلك مجموعة كبيرة من الغرائز،
    غرائز الانسان لاتقف عند حد
    وان كان الانسان مجموع غرائزه وشهواته يفوق بكثير الغرائز التي يمتلكها الحيوان، بما لايمكن ان نحصي مجموع غرائز الانسان، باعتبار ان المجتمع الذي يعيشه الانسان، هو اوسع بكثير من المجتمع الذي يعيشه الحيوان، فاذا جئنا الى مفردات حياة الحيوان فلا نكاد نجد لهذا الكائن حياة اوسع من الغابة، فهو مازال يسعى في وجوده الى ان يشبع نهمه الغريزي من الهيمنة والسيطرة والافتراس والجماع، وقد يكون للحيوان مفردات اخرى لحياته يسعى اليها، ولكنها ايضا سوف لن تصل الى عشر غرائز الانسان التي قد ابالغ واقول انها غرائز ليس لها حد وسوف لن تقف، و ذلك باعتبار ان المجمتع الانساني، هو مجتمع واسع جدا،
    الانسان متعلق بجميع مفردات العالم
    فهو متصل بالدين ومتصل ايضا بالعلاقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والاخلاقية والقيمية والعلمية والمهنية والحرفية وغير ذلك الى ماشاء الله، وايضا متصل بالطبيعة والارض والمكان والماء والتراب والسماء واليوم اصبح المجتمع الانساني متصلا بالكواكب التي تبعد عنه الاف السنين الضوئية، وهذا الاتصال ليس اتصالا اختياريا، بل هو اتصال تكويني، فالانسان هو متعشق بكل ماحوله، بمعنى ان الانسان محتاج للمكان الذي يوجد فيه، ولايمكن ان ينفصل عنه، كما انه محتاج للماء ووجوده متوقف عليه ، وكذلك هو محتاج ان يقيم علاقات اجتماعية ومن المستحيل ان يتخلا عن علاقاته لانه محتاج لها، وان اي خلل يحصل في ارتباطه بهذه الاشياء فانه سيفنى ويهلك ولاييقى له اي وجود، فاذن غرائز الانسان هي متعلقة بكل مفردات هذا العالم، وهي اعظم وهي اكبر بكثير من غرائز الحيوان البسيطة والمحصورة في بيئته الصغير الذي يعجز عن تطويرها وتغيرها، بخلاف الانسان الذي يضطر الى اقامة علاقات اجتماعية واقتصادية وثقافية ودينية وغير ذلك، واذا شهدنا اليوم بعض التغيرات في بيئة الحيوان فهو بفضل الانسان الذي مازال يزيد من طاقاته وقابلياته، والا فهو عاجز بنفسه عن ذلك، والتاريخ شاهد على ذلك.
    تاثير الوراثة على الانسان
    اذن الانسان يمتلك مجموعة كبيرة من الغرائز، ولا اعتقد انه يمكن حصرها، فان الانسان سواء كانت الوراثة التي تحدد الكثير من رغباته وتوجهاته الغريزية، فيولد وهو منجذب الى الجنس الاخر مثلا، او انه على العكس ينفر من الجنس الاخر، ونحن عندما نقول الانسان، فمرادنا بني البشر من الانثى والذكر، او نجد شخص يرغب الى العزلة، واخر يميل الى الاجتماع والاختلاط مع المجتمع لدرجة يعود عليه هذا الاختلاط بالسلب، او نجد طفلا مغامرا لحد التهور، او اننا على العكس نجد طفلا اخر جبان يتجنب اي نوع من انواع الاصطدام، رغم ان الطفل في هذه المرحلة من العمر، هو لايمتلك العقل الذي يجعله قادرا، على ان يختار هذه الطبائع الذي نجده يتصف بها، لان العقل في هذه المرحلة، بعد لم يصل الى حد النضوج، وليس الوراثة فقط نجد لها هذا التاثير على الانسان،
    تاثير البيئة على الانسان
    بل البيئة الاجتماعية والتربية والوالدين لهم الاثر ايضا في توجيه طبائع وغرائز الطفل بالاتجاه الذي يريدوه، لكن الفرق بين الوراثة والبيئة هي ان الوراثة هي من تهبه هذه الطبائع والغرائز، فهي لاتزيد ولاتنقص عليه، لكن بخلاف البيئة من التربية والعادات الاجتماعية قد تصطدم بعض العادات او الالتزامات مع غرائز الطفل، ومن هنا يبدأ الانسان بتهذيب غرائزه .
    فاذن احدى القوى، واول القوى، التي تظهر لدى الانسان، هي القوة الغريزية والشهوية والتي سترافقه طوال حياته، وهذه القوة كما اشرنا هي ليست متعلقة بغريزة الجنس او الاكل والشرب فقط، وانما هي واسعة جدا تكاد تكون متعلقة بجميع مفردات الحياة، فنحن نجد ان هناك من الناس والاشخاص تكون عبادتهم لله او تعلقهم بالصلاة او حتى بحثهم عن الله او مساعدتهم للناس او تعلقهم باعمالهم الدينية، هي ليست اكثر من غرائز شهوية واطماع دنيوية، تهيمن على وجود هذا الانسان، وتدفعه هذه الغرائز الى فعل الامور الدينية والخيرة، كما سنبين هذا الامر في الابحاث الاتية، فهو يصلي من اجل ان تراه الناس يصلي، او لاجل الحصول على بعض الاموال مثلا، او المصالح الدنيوية، او يريد ان تقول الناس عنه انه عبد صالح مثلا الخ، وبالتالي هذه الغرائز تتعارض مع مايريده الله منه، وستقف هذه الغرائز، والانجذاب الى العالم السفلي، حجر عثرة امام تكامل النفس الانسانية وسموها وتكاملها، وان يخلص الانسان عمله لله، والعمل لوجهه، وبعبارة اخرى ان الانسان في بداية مسيرته الانسانية، اي بعد ولادته في هذا العالم، يولد وهو متعلق بهذه الغريزة، ثم ينطلق بعد ذلك لتهذيب هذه الغرائز والشهوات، ليحدد المطلوب منه، وعندها سيقوم مثل هذا الانسان بافعاله بداعي العقل والحب القلبي، والقرب لله، اذا كان من اهل السعادة والحضوة عند الله كما سيتضح بعد ذلك.
    اهمية الغريزية في حياة الانسان
    ولكن مع ذلك ان للغريزة اهمية كبرى في حياة الانسان ولها الفضل في دفع الانسان في ممارسة الكثير من الفعاليات والاعمال والنشاطات في هذه الحياة، فهي جزء مهم ولايمكن اغفاله او التفريط به ، ولكن المراد هو تهذيبه، ولذا الاسلام لم يمنع من ممارسة الشهوات، فلم يحرم الانسان من كل متع الحياة ولكن ايضا لم يجعل الباب مفتوحا للانسان في ان يمارس الغرائز كما يحلو له، بل ارشد الانسان للعمل على تنظيم هذه الغرائز ، ولم يعمل الاسلام دستورا خاصا يلتزم به جميع البشر بل ارجع تنظيم الغرائز الى كل فرد فرد من افراد المجتمع، لان افراد المجتمع ليسوا متساوون في جنسهم وفي اعمارهم وفي ثقافاتهم وفي ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، فلذا لم يحدد الاسلام عمل القوى الغريزية وانما ارجعها الى الفرد وما تحيط به من ظروف صحية ومادية واجتماعية ونفسية ليقوم هو بنفسه بتنظيم غرائزه وقضاياه على وفق ما يناسبه ويحتاج اليه.
    الى هنا انتهت حلقتنا وسنكون معكم في الحلقة القادمة من اجل ان نكمل الحديث عن هذه القوة المهمة والسلام عليكم ورحمة الله
    التعديل الأخير تم بواسطة احمد محفوظ; الساعة 22-11-2021, 10:28 PM.
يعمل...
X