إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كيف نبرمج عقولنا الحلقة 6

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف نبرمج عقولنا الحلقة 6

    الحلقة السادسة
    كيف نبرمج عقولنا
    العنوان / تكملة بحث القوة الادراكية
    اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    مازال الحديث عن القوة الادراكية، وقد ذكرنا مجموعة من المفاهيم التي تعطينا تصورا ولو مجملا عن عمل هذه القوة المهمة واليوم نريد الاشارة الى حقيقة يقرها الاكابر من علماء الاسلام، وهي ان هناك صراع عظيم وكبير بين القوة الغريزية والقوة الادراكية، فان الغرائز الانسانية، تكون لا متناهية ومن المحال ان تقف عند حد من حيث مطلوباتها ومتعلقاتها بكل مفردات هذا العالم الذي نعيشه، فكل شيء في هذا العالم، اما ان تكون الغريزة منقادة له او نافرة منه، سواء كان ذلك الانقياد نحو العبادة والزهد والعلم والمعرفة، او كان ذلك الانقياد هو نحو حب الاكل والشرب والجماع والفسوق والفجور وغير ذلك.

    العقل يهذب الغرائز وينظمها
    ولذا ان وظيفة القوة الادراكية انها تقف بوجه الغريزة الجامحة التي تحاول ان تجير كل مافي هذا العالم لصالحها، حتى اسم الله سبحانه هي تحاول ان تهيمن عليه وتجعله يصب في مصالحها، ولذا القوة الادراكية هي من تجعل النفس قادرة على معرفة مايجب عليها فعله لاجل تنظيم غرائز الانسان، لان الغريزة الانسانية هي عمياء لاترى الا نفسها والا مطلوبها، كما ان النفس تستنير بالقوة الادراكية في مسيرتها في هذا العالم، لتتعرف النفس عن ما هو المطلوب منها، وهل يجب عليها ان تكون في موضع جهاد الاعداء، او في موضع الصلاة، او في موضع العمل، او في موضع اقامة العدل اوفي موضوع التعلم او في موضع النصح والارشاد، وبعبارة اخرى العقل هو واحد من الطرق الذي يكشف عن ارادة الله ، وماذا يريد الله من هذا الانسان، فيجب على الانسان ان يجعل عقله هو المهيمن والمسيطر على الغريزة، او النفس الغريزية، وان يعرف دائما ماذا يجب عليه فعله لان ما يجب عليه فعله في جميع مفاصل حياته سواء كانت الاسرية او في ميدان العلم او العمل او غيرها ، وكيف يتعامل مع الامور على وفق العقل وارادة الله التي شاءها في هذا العالم، وان كانت تلك الارادة تخالف غرائزه وشهواته .

    ارادة الله في هذا العالم
    ولابد من الاشارة هنا الى ان العقل، او القوة الادراكية هي اضعف الطرق للكشف عن ارادة الله، وعن مايريده الله سبحانه، لان الانسان في هذا العالم ممكن ان يتحرك بحركات مختلفة، يعني ممكن ان يتحرك بحركة الحادية فيكون الانسان ملحدا وعندها يفقد العالم هدفيته ويصبح فوضوي أي لاغاية له ، ولذا كل الحركات فوضوية الا حركة واحدة وهي حركة الانسان على وفق ارادة الله او حركة الانسان المؤمن بالله سبحانه التي هي تمتلك الهدفية وتكون بعيدة عن الفوضوية والعبثية، سواء كان ذلك الشخص عالما، او عابدا، او زاهدا، او شخص فاسقا يسعى للعودة لطريق الله ، ولكن القوة الادراكية مع ذلك هي بداية الطريق الذي يستطيع الانسان من خلالها ان يكشف عن ارادة الله، ومايريده الله ، من اجل تاديب غرائزه وشهواته ومايجب عليه فعله.

    ومعلوم ان المسيحية قد تعاملت مع الغريزة الانسانية، وشهوات الانسان ولذاءذه تعاملا صارما، وهي مخالفة تماما للحضارة الغربية اليوم التي فتحت المجال على وسعه لغرائز الانسان وشهواته، بل عملت الحضارة الغربية اليوم على تحفيز الشهوات وتطويرها، والانغماس فيها، من دون ان تكون هناك ضوابط وقيود تقف امامها، وهذا الانغماس ناتج عن الفكر الفلسفي المادي الذي اصبح طاغيا على جميع نواحي الحياة، وعلى جميع المجتمعات الانسانية اليوم، فاصبحت اللذة والغريزة هي لها الاولوية بالنسبة للانسان.
    كما ان الحضارة الغربية هي ليست الا نتاج العالم المسيحي، ومفكريهم وفلاسفتهم، وهي ردت فعل عن المعاناة التي عانتها اوربا في العصور الوسطى، لذا نجد ان الحضارة اليوم تختلف تمام الاختلاف في الغرائز الانسانية عن جميع الحضارات الانسانية السابقة، فقد فتحت الباب امام الغرائز بعد ان كان مؤصدا ومغلقا.

    بخلاف الاسلام الذي لديه رؤية مختلفة للغريزة الانسانية، حيث انه نظر اليها في انها حق مشروع للانسان ممارستها، وقد منع ونهى رسول الله صلى الله عليه واله بعض الاصحاب عندما قرروا حرمان انفسهم من الاكل الطيب، او مقاربة النساء، او الملبس الجميل، تقربا لله تعالى، في تلك الرواية الواردة، ولكن رسول الله نهاهم وقال لهم اني اكل الطيب والبس الملبس الحسن واتزوج النساء، فرسول الله منع الترهبن وحرمان النفس من الملذات، ولكن الاسلام الكريم جعل المعيار في ذلك هو خير الامور اوسطها، وكل شخص من افراد الامة الاسلامية، يتعامل مع الغرائز، بحرية تامة أي بما يناسبه، ولكن ضمن حدود الشريعة المطهرة.

    تنظيم الغرائز تصب في صالح الانسان
    واما المحرمات والمكروهات والمستحبات، تصب في صالح الانسان ، فمثلا الشارع المقدس امر بعدم شرب الخمر، لان الخمر يذهب بالعقل، واراد الاسلام ان يكرم الانسان، وان يكون هذا الانسان مسؤولا عن تصرفاته وافعاله وحركته مع اسرته او مع زملائه، فاذا ما شرب الانسان الخمر فانه بالنتيجة سوف لن يكون مسؤولا عن تصرفاته وسلوكياته، لانه سيفقد العقل الذي هو المركز المسؤول عن العقلانية، والرقيب عن تهذيب الغرائز والشهوات، وانه في النتيجة سيؤدي الى اذية الغير بتصرفاته او سلوكياته التي سوف لن يكون هناك من هو مسؤولا عنها، اذن شارب الخمر هو لايكون غافلا عن صلاته فقط، بل سيكون ايضا غافلا عن تربية غرائزه وتنظيمها.
    الى هنا انتهت حلقتنا لهذا اليوم والتي تحدثنا فيها عن ان هناك صراع مرير قائم بين القوة الادراكية والغريزة ، نلتقيكم في حلقة قادمة لاتمام الحديث عن هذه القوة المهمة والعظيمة والسلام عليكم ورحمة الله




يعمل...
X