إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كيف نبرمج عقولنا الحلقة 12

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف نبرمج عقولنا الحلقة 12

    الحلقة الثانية عشر
    كيف نبرمج عقولنا
    تكملة البحث القوة الروحية
    اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    ولادة القوة الروحية
    قلنا في الحلقة السابقة بان القوة الروحية عند الانسان، هي ليست الا نتاج التزاوج والصراع بين القوة الغريزية والقوة العقلية الادراكية، واشرنا بان الانسان ينطوي في وجوده عالم الجماد والنبات والذي يمثلهما الجسد وايضا يمتلك الانسان الغرائز الموجدة عند الحيوان، واشرنا بان هذه العوالم هي تسير بحركة جبرية قسرية وليست بحركة اختيارية وذاتية، ولكننا عندما ناتي الى الانسان نجد اضافة الى مايمتلكه من الجسد والغرائز التي تمثل عالم المادة باجمعه، فانه يمتلك عملية هي اكثر تعقيدا من كل ما هو موجود في هذا العالم المادي الذي نراه امامنا وهي القوة الادراكية.

    كيف يتحرك العقل الانساني
    كما لايستطيع اي احد ان ينكر وجود العقل الانساني و كذلك ينكرعظمته وهيمنته على جميع موجودات عالم الطبيعة والمادة، كما ان الحركة التي يتمتع بها العقل الانساني هي حركة كبيرة وواسعة جدا، فالعقل يختار حركته على وفق المصالح والمفاسد، وعلى وفق الاغراض والاهداف، وعلى وفق التجارب والخبرات، التي يخزنها العقل الانساني، وكذلك يستطيع العقل ان يربط بين التجارب والخبرات لينتج سلوكا وفعلا، يتجنب به الاخطاء السابقة، كما ان العقل ينظر للمستقبل في اتخاذ قراراته، كما انه يبحث عن سبب وجوده في هذا العالم، ولما هو موجود وغير ذلك من الاسئلة التي ينتجها العقل الانساني.

    محدودية حركة العقل
    ولكن رغم كل ذلك تبقى حركة العقل هي حركة محدودة في هذا العالم، فالعقل الانساني لايقول احد من الفلاسفة والمفكرين بانه غير محدود ولامتناهي في حركته في هذا العالم، كيف وان العقل محكوم للتاريخ، ومحكوم للماضي، ومحكوم للمستقبل، ومحكوم لافكار زمانه، ومحكوم للتقاليد والعادات، ومحكوم للظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يعيشها، وبالنتيجة فان كل هذه تحد من حركة العقل وتجعله يدور في حدود معرفته.
    كما اننا هنا نريد ان نطرح هذا التساؤل، وهو ان العقل هل له حركتان حركة جبرية قسرية، وحركة اختيار، ومرادنا من الحركة الاختيارية هي الحركة التي يكون للانسان دخل في حركة العقل، وفي عملياته الفكرية، يعني بعبارة اخرى هل العمليات العقلية التي يجريها العقل الانساني ان تكون للانسان يد واختيار في هذه العمليات العقلية، وان يتلاعب الانسان في هذه العمليات الفكرية، ام ان العقل يجري عملياته العقلية بعيدا عن اختيار الانسان وتدخلاته، وتكون حركته مشابهة لحركة الجماد والنبات والغرائز.

    حركة العقل الانساني قسرية
    وهنا توجد نتيجة خطيرة ، وهي اننا لايمكن ان يكون لنا اي خيار في الاستدلالات العقلية والمعرفة العقلية، حيث ان العقل البشري ليس للانسان اي اختيار او خيار في توجيه حركته الفكرية ، لان العقل البشري يعتمد على مجموعة من القوانين، لينتج معرفة بشرية تنير الطريق للانسان، فالعقل يريد ان يتعرف على اسرار هذا الكون ، والقوانين التي تحكم عالمنا، وانه كيف يسير، واسباب نشأته، وهل انه سينتهي يوما ما، او انه باق للابد، ولنفرض ان العقل يريد التعرف على حقيقة الذرة، فانه في النتيجة ليس للانسان الحق في ان يكون له مدخلية في فرض حقائق وقوانين هي خارجة عن القوانين التي تحكم وجود الذرة في العالم الخارجي، فهذه القوانين اذا ماتعرف عليها العقل الانساني، فلابد ان نعلم بها كما هي، من غير اي تلاعب ، وبالنتيجة فلا يوجد اي اختيار او خيار في حركة العقل في هذا العالم، فالانسان يريد دائما ان يعرف الحقيقة، ويبحث عن الحقيقة الموجودة في هذا العالم، ليتبعها اويستفيد منها اويفك بها لغز وجوده وليس اكثر من ذلك ، فالعقل يجد المشكل امامه، وهو مثلا كيف لي ان ازرع هذه الشجرة ، فاعرف ان علي اولا ان اتي بالبذرة ، ومن ثم اضعها في التراب ومن ثم اسقيها بالماء، فهنا ليس للانسان اي خيار في هذه العملية ، فالعقل هو دليل لا اكثر ، ولذا ورد عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : اِستَرشِدُوا العَقلَ تَرشُدوا ، ولا تَعصوهُ فَتَندَموا) وهنا الكلام واضح جدا في انه يشير الى ان نطلب الرشد من العقل، اي معنى الحديث ان العقل لاتجعلوه خاضعا لخياراتكم فتندموا، فليس هناك اي خيار لنا في مسيرة العقل الانساني في حركته، فان العقل يجمع المعلومات عن طريق الحواس ويرى الظواهر سواء كانت الطبيعية او السياسية او الاجتماعية او الرياضية الحسابية ليعالجها، ويكتشف اسرارها، ويتعرف على قوانينها، ليحصل على قوانين تصب في صالحه.
    وعلى كل حال فنحن نريد ان نصل الى هذه النتيجة، وهي ان العقل الانساني ليس فيه اي اختيار في حركته الفكرية، فان العقل يسير على وفق قوانين كونية تحكمه، ولايستطيع الخروج عنها، وكذلك هناك رواية اخرى عن الإمام علي عليه السلام : كَفَاكَ مِنْ عَقْلِكَ مَا أَوْضَحَ لَكَ سُبُلَ غَيِّكَ مِنْ رُشْدِكَ ، فان الرواية واضحة جدا في ان العقل هو الذي يدلك الطريق الصالح من الطريق المعوج الباطل والغير صحيح ، فالعقل كل مايصل اليه من نتائج معرفية فعلى الانسان اتباعه والمشي وراءه والاخذ به.
    الى هنا انتهت حلقتنا لهذا اليوم والتي تساءلنا فيها عن ان العقل الانساني هل ان حركته هي حركة اجبارية قسرية تكوينية اي خاضعة لانظمة كونية بعيدة عن تدخلات الانسان واختيارته، ام ان حركة العقل هي حركة اختيارية يستطيع الانسان ان يفرض عليها ارائه وتدخلاته ، وقد استطعنا ان نثبت بان العقل هو بعيد عن تدخلات الانسان، وان حركة العقل هي حركة تكونية وجبرية وقسرية، ولكنها حركة اكثر تعقيدا من حركة الحيوان والنبات والجماد في عالمنا هذا، كما اننا سنتعرض في الحقلة القادمة الى تحليل القوة الغريزية ومعرفة النظام التي تعمل فيه، وكيف انها خاضعة لنظام كوني مبني على التجاذب او الجاذبية ، نلتقيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يعمل...
X